عطفاً على مقالة الآب المؤرخ البير
أبونا ، والذي طلب أن تكون تسميتنا القومية ( الآرامية ) ، وأعتبرها بعد
التحليل
التاريخي وشواهده ، الأقرب إلى الصحة من غيرها ، حيث إن التسمية
المركبة والتي برزت بعد مؤتمر عنكاوة سنة2007
، كانت مرحلية، لحين الإتفاق على
التسمية الموحدة ، ولما كانت التسمية المركبة مثار إنتقادات كثيرة ،
مفندين
أنه
لا توجد هكذا قومية عبر التاريخ، ولهم بذلك وجهة نظرهم المقبولة
والمنطقية
.
وبرر الآب المؤرخ أبونا ما جعله ينتقي الآرامية من بين بقية المقترحات ،
هو كثرة
الصراعات الدامية ، والإحتلالات
المتكررة لبلاد ما بين النهرين ، والتي تمتد إلى
أكثر من ستة الآف سنة ، حيث كانت الغزوات والحروب الطاحنة ، تجري
رحاها على أرض
الرافدين ، وكانت ساحة الصراعات بين القوى المتكالبة على خيرات وموارد
البلاد ،
والمحصلة
،
تداخل وتمازج الأقوام مع بعضها البعض ، مصحوباً بالمد القومي
والديني والمذهبي والعرقي ، وشريعة الغاب التي
سادت في تلك الحقب ، لذلك من غير
المنطق الإدعاء بالإنحدار القومي الأصيل من قومية معينة ، فمن غير
المعقول
أن
يدّعي الكلداني إنه من أحفاد الدولة البابلية ، ولا الآشوري هو من أحفاد
الدولة الآشورية ، وهذا ينطبق على السرياني أيضاً .
وما دامت شروط المقومات
القومية متوفرة فينا من اللغة المشتركة والدين والتقاليد والعادات
والفولكلور
والتاريخ
المشترك ، بالإضافة إلى التمازج والتصاهر الذي جرى ويجري على قدم وساق
حتى اللحظة بين أبناء شعبنا الكلداني
السرياني الآشوري ، فلا بأس أن تكون
قوميتنا ( آرامية ) جنباً إلى جنب القوميات الموجودة في العراق العربية
والكردية
والتركمانية ... فالتسمية بقدر أهميتها ، ولكن الأهم هو شعور الفرد
وإنتمائه ، سيما وإن الظروف الإقليمية والدولية
تحتّم علينا أن نكون حاذقين
وحصيفين ، لفرز الصالح من الطالح ، وصالحنا هو وحدتنا وتماسكنا تحت تسمية
موحدة
يتفق عليها الجميع وهي ( الآرامية ) كما جاء في مقالة الآب أبونا ، وهي
مقبولة من كوننا نتكلم ( ألآرامية السريانية
، السورث ) والذي تكلم بها السيد
المسيح له المجد ، فهي مثار فخر وإعتزاز، وكانت اللغة الرسمية في يوم من
الأيام
،
مع الأخذ بعين الإعتبار التطور التاريخي كأية لغة في العالم ، وجدير
بالذكر أن
نظام صدام كان قد أقر الحقوق الثقافية
للناطقين بالسريانية ، وإذا تكلمت مع
الكلداني بالسريانية (السورث ) يكلمك بها وكذلك الآشوري والسرياني أيضاً
،
وإذا قلت ما هي قوميتك
:
قال كلداني أو سرياني أو آشوري ، أي
قوميين بنفس اللغة
،
ومختلفين بتسميات متعددة لشعب
واحد
.
أيها الأخوة : لقد تركنا الأهم وهو
مصيرنا ، وتمسكنا بالقشور وهو التسمية ، إن ما يحدق بنا من مخاطر ، وما
شرذمتنا وتفككنا ، إلا نتيجة لهذا الجدل البيزنطي غير المجدي ، والذي لا
يخدم
أحداً.
وأنا شخصياً لا تهمني التسمية مهما كانت ، إذا كانت محصلتها ، جامعة
موحدِة لشعبنا ، وما ذهب إليه الآب البير
أبونا ، هو عين الصواب ، وهي تسمية
مقبولة ومنطقية وتاريخية ، فإذا كانت الجزائر والمغرب والصومال واريتيريا
تدعي
الإنتماء إلى القومية العربية ، ولا تربطهم بالعرب غير الدين ، والدين لا
يمكن
الركون إليه من الناحية القومية ،
فلا لغتهم ولا تقاليدهم شبيهة بالعرب ، فكم
بالأحرى نحن لدينا أمتن الروابط القومية المعروفة
.
يستشف مما تقدّم ، إن كل
من إشتمّ رائحة العقل والمنطق ، ويهمه مستقبل وجودنا في أرض الآباء
والأجداد ،
الإتفاق
على هذه التسمية الموحدة الجامعة المنطقية والتاريخية ، وهي الأقرب إلى
الواقع والتصديق من غيرها
ولهذا
أدعو إلى مؤتمر قومي يجتمع فيه أبناء
شعبنا بكل مسمياتهم ، وإقرار التسمية الموحدة ، وتثبيها لدى المركز
والإقليم ،
وإنهاء الجدل العقيم إلى الأبد ، فهل نتفق بروح الإخلاص والتجرد ، نأمل
ذلك بكل
جوارحنا ، ومستقبل
وجودنا ومستقبل أولادنا من وراء القصد ، سيما بعد التفجيرات
الأخيرة لكنائسنا وسقوط العشرات من القتلى والجرحى، ليكون درسا وعبرة لكل
من
إعتبر ، والله هادي الجميع إلى طريق الخير والفلاح والسؤدد ، إنه سميع
مجيب ،
فهل
نتعظ ؟ عسى ولعل ، والسلام والتحية وكل
الود ، لكل من يجمع ولا يفرّق. |