هل نغير
لنرضي غيرنا؟
المحامي والقاص
مارتن كورش
هل نغير أدياننا لنرضي أصدقاؤنا؟ أم نغير مذاهبنا لنرضي إخوتنا؟ أم
نغير مبادؤنا لنرضي منافسينا؟ أم نغير كناؤسنا؟ هكذا يعتقد معظم
الأفراد الذين ينتمون إلى أديان ومذاهب ومعتقدات مختلفة وفي مجتمع
واحد. هكذا أصبح المواطن يؤمن في الشرق. صرنا وكأننا حزبيون أو
متحزبون (فَهؤُلاَءِ عَنْ تَحَزُّبٍ يُنَادُونَ بِالْمَسِيحِ لاَ
عَنْ إِخْلاَصٍ، ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُضِيفُونَ إِلَى وُثُقِي
ضِيقًا.)"فليبي1: 16". هذه الظاهرة تتولد وتنمو في مجتمع متخلف،
أفراده لا يقبل الواحد منهم بالآخر حتى لو إختلف معه في نقاش بسيط،
على سبيل المثال لو إختلف إثنان من بينهم على قضية الدجاجة
والبيضة! أي منهما هي الأصل؟ ترى ينتهي نقاشهما بالخصام لا محالة!
لذلك ترى جارنا يغضب منا لأننا نؤمن بما لا يؤمن هو به؟ لكننا لا
نكرهه (بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ
يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ.)"لوقا6: 28". اذا لماذا هو الآخر لا
يبادلنا نفس المشاعر والأحاسيس؟ ما الذي يضره في إختلافنا معه؟ هل
ندخل الجنة وهو لا يدخلها؟ المسألة وما فيها هي سايكلوجية الشخص
الساذجة والتي إستقبلت أيدلوجية معينة عن وراثة أو. أو. وهو فيها
يعتقد بأن ما ورثه من آبائه وأجداده هو الأفضل والأقرب إلى فكر
الله، لذلك عليه مقاومة كل ما يغاير معتقده أو دينه أو مذهبه. فهو
لا يريد أن يرى في الساحة غير الفكرة التي يقبل بها! لماذا؟ سأضرب
مثلا بسيطا: يبتاع شخص ما قميصا من السوق معتقدا بأنه الأفضل،
ويرتديه ليجد زميلا له يرتدي قميصا من قماش الحرير. لكن الأول يصر
على أن قميصه هو الأفضل على الرغم من بساطة قماشه. بل ولا يسمح
بأية مقارنة بين قميصه البسيط وبين قميص الحرير، وقد يغضب بشأنه
مخاصما زميله.
والذي يزيد من إعتقاد ذلك الجار بأن معتقده هو الأفضل وعلى الكل
الإقتداد والأخذ به، هو المساومة على معتقدك أو مسايرته أو مدحه أو
تأييده. والضرر هنا هو أن الجار بعد أن يرى فيك كل هذا الرضوخ
والضعف، ينبري بإجبارك على ترك دينك أو معتقدك. لا نعرف لماذا
البعض لا يتحمل في نفس المكان أحد ما وهو يخالفه رأيه أو معتقده أو
دينه؟ وكأن المكان هو ملك له وعليه التخلص من مخالفه أو إجباره على
التخلص من معتقده. ألا يفكر هذا المتعنجه برأيه، بأن الكون فيه
العديد من الأديان والآلآف من المعتقدات والملايين من المبادئ وفوق
هذا وذاك أن سيد الأكوان هو الله الخالق. من منا لم يقرأ قصة
الشباب الثلاثة "حَنَنْيَا وَمِيشَائِيلَ وَعَزَرْيَا" (أَمَّا
دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ
بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ، فَطَلَبَ مِنْ
رَئِيسِ الْخِصْيَانِ أَنْ لاَ يَتَنَجَّسَ.)"دانيال1: 8". الذين
رفضوا الأكل من مائدة الملك، بكل هدوء وسلام دون عناد. لذلك يا أخي
المسيحي خذ من قصة هؤلاء درسا لك وتصرف مع جارك أو صديقك أو مديرك
بكل سلام وتأن ودون خوف، وأنت تتذكر قول الكتاب المقدس(إِنْ كَانَ
اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟)"رومية8: 31".(أَسْتَطِيعُ كُلَّ
شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي.)"فليبي4: 13". نعم من
غير الرب نحن ضعفاء وبه أقوياء. ويا أخي في الإنسانية الذي صرت
اليوم لا تطيقني أنا المسيحي معك في الوطن. لطفا أعلم بأن كلنا
مستأجرين ولسنا مؤجرين كلنا زوار ولسنا أهل الدار كلنا ماضون ولسنا
باقون كلنا ميتون ولسنا خالدون. آه يا أخي الذي تختلف معي لو تعلم
أن ربي يسوع المسيح"له كل المجد" قد فداك وفداني وفدى الكل وأعطانا
رجاء في القيامة، ووعدنا بأنه سيعود ثانية ليأخذنا إلى الملكوت(فِي
بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ
قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا،)"يوحنا14:
2". |