عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

ظاهرة هيثم المالح

درويش محمى

لم التق بالاستاذ هيثم المالح من قبل, ولم اقرأ له او عنه الا القليل, وكل ما كنت اعرفه عن الرجل انه محام وناشط في مجال حقوق الانسان و"ربيع دمشق", لكن وبعد مشاهدتي للمقابلة التلفونية ¯ التلفزيونية التي اجرتها معه قناة "بردى" الفضائية المعارضة, والتي يقال انها السبب في اختطاف المخابرات السورية له ومن ثم اعتقاله, اعرف اليوم هيثم المالح خير المعرفة وعزها, اعرف المالح واجله واكن له الكثير من الاحترام والكثير من المحبة, وكم اتمنى لو سنحت لي الفرصة والتقيته, لعبرت له عن محبتي وتقديري واحترامي لشخصه الكريم .
خمس وعشرون دقيقة هي المدة التي تحدث فيها المالح, وجدتها على"اليوتوب",استمعت اليها كلمة كلمة ومرة تلو المرة, وكل مرة كنت اشعر بالادرينالين ينتشر في جسدي, ويزداد معها شعوري بالفخر والكبرياء, وكم تمنيت واتمنى الان, لو التقي الاستاذ المالح, لاحييه واشد على يديه, واهمس في اذنه قائلا : اتشرف بمعرفتك يا استاذ المالح, وانه لشرف كبير انني اتقاسم معك يا سيدي, وربما للمرة الاولى في حياتي, الهوية السورية .
هيثم المالح هذا الاسم الكبير يعتبر ظاهرة بحد ذاتها, يشاركه فيها العديد من رواد الحرية في سورية, ومعظمهم يقبعون خلف القضبان, كالاستاذ انور البني, الدكتورة فداء الحوراني, الدكتور كمال اللبواني, الاستاذ علي العبد الله, واخرين لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين, جماعة نذرت حياتها ووضعت روحها على كفها في سبيل تحقيق حياة افضل لاهل سورية, ومكانة افضل تليق بالبلد السوري, اناس خرجوا على المعتاد, في بلد محتل من زمرة فاسدة مستبدة لا تعرف الرحمة, وفي بلد جمهوره مستسلم للامر الواقع, ومعارضته ضعيفة ضائعة مشتتة, هيثم المالح يعتبر حقاً ظاهرة فريدة من نوعها, لانه رجل وضع النقاط على الحروف, ووصف الوضع السوري على حقيقته, من دون خشية او خوف من ظلمات السجون ولا سياط الجلاد .
بعد مرور اكثر من اربعة اشهر على اعتقال المحامي الاستاذ هيثم المالح منذ منتصف اكتوبر الماضي, بدأت تظهر دعوات من هنا وهناك تدعو لانقاذ حياته, الجميع يخاف ان يصيبه مكروه لاسمح الله, الكل يخشى على الشيخ الجليل الذي يقارب عمره الثمانين حولاً, وحياة الاستاذ المالح حقاً في خطر, حاله كحال كل معتقلي الرأي والضمير في سورية, وما اكثرهم, لكن المالح ليس اسيرا عاديا, هو كبيرنا وكبير سورية, لكبر عمره وحكمته, ولضميره الحي اليقظ, واخيرا وليس اخراً لشجاعته, وكل ما نطق به استاذنا الفاضل هيثم المالح "لا يوهن نفسية الامة", بل على العكس تماماً, فحديثه يعيد الروح الى الامة وينعشها, ان كان في سورية امة تذكر, بعد ان نال منها النظام السوري وشتتها وعبث بها وحولها الى كتلة بشرية لاحراك فيها, الا من بضعة رجال أفذاذ سيذكرهم التاريخ, وعلى رأسهم الاستاذ هيثم المالح نفسه .

d.mehma@hotmail.com

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها