
العدالة الدولية
الكتائب اللبنانية الهيئة الإغيرابية مقاطعة البرازيل
- ٢٨/٦/٢٠١١ -
لأنّ العالم أصبح منذ مدّة ، قرية ً كونيّة ً واحدة ، يُخطئ من
يظنّ بأنّ عصر الجرائم ضدّ الإنسانية ، و الإبادات الجماعية و
جرائم الحرب و العدوان ، و التي اعتادت عليها و استمرّت بواسطتها
بعض الأنظمة من أجل التحكّم و التسلط برقاب مواطنيها أو جيرانها ،
لا يزال قائما ً دون رقيب أو حسيب ، و بأنّ سلطان تلك الأنظمة
الإستبدادية التي تعتمد أساليب القمع الدموية من قتل ٍ و تنكيل ٍ و
تفظيع ٍ و تعذيب ٍ و تدمير ، يعلو على أي سلطان كوني أو أمَمي
.فإضافة ً إلى الإيمان بعدالة الخالق ، ديّان الأرض و السماوات ،
يبقى هنالك سلطان العدالة الدولية ، و هي ربّما أفضل المُمكن ، في
ظلّ أجواء الإستبداد و التسلّط و القهر ، و جرائم الإبادة التي قد
تتعرّض إليها بعض الشعوب المقهورة من قِبل حكّامها ، أو من قبل
دول ٍ مجاورة .ومن أجهزة تلك العدالة الدولية ، و التي نسمع
تردادها كثيرا ً هذه الأيام ، في زمن جرائم الإرهاب الدولي و حروب
الإبادات الجماعية ، و النزاعات المسلّحة ، و الثورات الدائرة في
هذا المحيط ، ثلاث : أوّلها محكمة العدل الدولية ، و هي الجهاز
القضائي الأساسي للأمم المتحدة ، و إنّ نظام تلك المحكمة مُلحَق
بميثاق الأمم المتحدة و يُعتبَر جزءا ً لا يتجزّأ منه . تتكوّن هذه
المحكمة من خمسة عشر قاضيا ً يُنتخَبون لمدّة تسع سنوات ، و بغضّ
النظر عن جنسيّاتهم ، من بين الأشخاص ذوي الصّفات الخلقيّة الحميدة
و الحائزين على المؤهّلات المطلوبة للتعيين في أرفع المناصب
القضائية ، أو من بين المتشرّعين المشهود لهم في القانون الدولي ،
و يتمّ انتخابهم بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة و مجلس
الأمن ، شرط أن لا يكون من بينهم أكثر من عضو واحد من رعايا دولة
واحدة ، و مقرّ المحكمة في هولندا في مدينة لاهاي ، غير أنّها
تستطيع أن تعقد جلساتها في أي مكان آخر من العالم ، عندما ترى ذلك
مناسبا ً .تختصّ محكمة العدل الدولية بالفصل في المنازعات و
القضايا ذات الصفة القانونية و التي تكون فيها الدول وحدها أطرافا
ً فيها ، و ليس للأفراد ، أو المنظّمات الدولية على اختلاف أنواعها
،ولا للشعوب أوالجماعات ، حق
اللجوء إليها إلا ضمن إطار دولتها ، والتي تملك وحدها حق التقاضي
أمامها .فمهمّة المحكمة الرئيسيّة هي الفصل في المسائل و الخلافات
القانونية بين الدول ، و تحديد المسؤوليات و التعويضات المُحتمَلة
، نتيجة الفصل بالنزاعات المعروضة أمامها .تفصل هذه المحكمة في
جميع المسائل المعروضة أمامها برأي الأكثرية من القضاة الحاضرين ،
يكون حكمها نهائيا ً غير قابل للإستئناف . إلا أنّه و في بعض
الحالات التي تظهر فيها وقائع جديدة حاسمة ، يمكن التماس إعادة
النظر بالحكم .يكون للحكم الصادر عن تلك المحكمة قوّة الإلزام
بالنسبة لمن صدر فيما بينهم من المتقاضين في النزاع الذي فُصِل
بالذات . و إذا امتنع أحد المتقاضين عن القيام أو عن تنفيذ ما
يفرضه الحكم الصادر ، كان للطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن ، و
لهذا الأخير أن يقدِّم توصياته أو يُصدِر قرارا ً بالتدابير التي
يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم .أمّا ثاني تلك الأجهزة التابعة
للعدالة الدولية ، فهي المحكمة الجنائية الدولية ،والتي أنشأها
مجلس الأمن في العامين ١٩٩٣ و ١٩٩٤،وكانتا محكمتين جنائيّتين
منفصلتين لمحاكمة الأشخاص أو المسؤولين الذين ارتكبوا مجازر رهيبة
و جرائم حرب و إبادة جماعية و جرائم ضدّ الإنسانية ، خلال الأحداث
الدّامية التي وقعت في رواندا و يوغوسلافيا السابقة ، و نجاح هذه
المبادرة شجّع اللجنة القانونية في الأمم المتحدة على البحث في
إنشاء محكمة جزائية دولية دائمة تابعة للأمم المتحدة ، يكون من
صلاحياتها كل من ينتهك أحكام القانون الدولي و الإنساني ، و
يرتكب مخالفات و جرائم خطيرة بحق الإنسانية ، مثل أعمال الإبادة
الجماعية .و قد حدّدت المادة الخامسة من نظام هذه المحكمة اختصاصها
حصرا ً، في جرائم الإبادة الجماعية – الجرائم ضدّ الإنسانية –
جرائم الحرب و جريمة العدوان . لكنّ المشكلة الأساسية تكمن في أنّ
صلاحية المحكمة الجنائية الدولية لا تشمل الدول التي لم تصدّق
على نظامها .دخل نظام هذه المحكمة حيّز التطبيق في تموز سنة ٢٠٠٢ و
اتّخذت المحكمة الجنائية الدولية مقرّا ً لها أيضا ً في لاهاي –
هولندا ، و تمّ انتخاب ١٨ قاضيا ً ( ١١ رجلا ً و ٧ نساء ) ليشكّلوا
هيئتها ، و بذلك تشكّلت ثنائيّة في المحاكم الدولية الدائمة
متمثّلة بمحكمة العدل الدولية من جهة ، و المحكمة الجنائية الدولية
من جهة أخرى .لكن و رغم وجود هاتين المحكمتين الدوليّتين ، فإنّ
حالات عدّة لا تزال تتطلّب إنشاء محاكم دولية خاصّة بموجب قرارات
صادرة عن مجلس الأمن الدولي ، و ذلك في قضايا الإرهاب الدولي و
تهديد السلم العالمي و الجرائم ضد الإنسانية و الإبادات الجماعية .
ونأتي أخيرا ً على ذكر المحاكم الدولية الخاصّة المُنشَأة بموجب
قرارات صادرة عن مجلس الأمن كما هي حال المحكمة الدولية الخاصّة في
لبنان ، و التي ننتظر صدور القرار الإتّهامي فيها بين يوم ٍ و آخر
، و هذا هو النوع الثالث من المحاكم الدولية من آليّة العدالة
الدولية التي أشرنا إليها أعلاه .تجدر الإشارة إلى أنّه ، و في ١٣
كانون الأوّل ٢٠٠٥ ، طلبت الحكومة اللبنانية رسميّا ً من الأمم
المتحدة إنشاء محكمة دولية خاصّة لمحاكمة مسؤولي و منفذي اعتداء
١٤ شباط ٢٠٠٥ الذي قضى فيه رئيس حكومة لبنان و ٢٢ شخصا ً آخرين ،
و إنفاذا ً للقرار الصادر عن مجلس الأمن رقم ١٦٦٤ سنة ٢٠٠٦ ، تمّ
إنشاء تلك المحكمة بعد أن وقع لبنان على معاهدة خاصّة بإنشائها مع
الأمم المتحدة ، و قد تمّ وضع نظام خاص لهذه المحكمة الدولية
الخاصّة و لأصول المحاكمات فيها ، تبعا ً للقرار رقم ١٧٥٧ الصادر
عن مجلس الأمن في ٢٠ أيار ٢٠٠٧ ، و وضعت هذه المحكمة يدها على هذه
القضيّة بتاريخ ١٠ حزيران ٢٠٠٧ . إنّ صلاحية المحكمة المذكورة يمكن
أن تطال عمليات الإعتداء الإرهابية و الإغتيالات الواقعة بين
تاريخ ١ تشرين الأوّل ٢٠٠٤ و ١٢ كانون الأوّل ٢٠٠٥ إنطلاقا ً من
قاعدة تطبيق مبادئ و معايير العدالة الدولية الجزائية ، كذلك فإنّ
صلاحية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يمكن أن تتوسّع أيضا ً لتشمل
كل الإعتداءات الإرهابية و الإغتيالات السياسية التي حصلت بعد ١٢
كانون الأول ٢٠٠٥ ، و ذلك إنطلاقا ً من تطبيق نفس قواعد و
معايير العدالة الدولية الجزائية ، في حال طلبت الحكومة ذلك ، و
تمّ الإتفاق على ذلك مع الأمم المتحدة ، أو بناء ً على قرار من
مجلس الأمن في هذا الخصوص ، في حال تبيّن وجود ترابط و تلازم
و تشابك في طريقة حصول تلك الجرائم الإرهابية و الإغتيالات
السياسية ، مع الجرائم المعروضة أمامها
إنّ دماء الأبرياء من رجالات لبنان ، من القادة ، و أصحاب النبوغ و
حمَلة الأقلام و الكلمة و المواقف الوطنية ، كما و دماء شهدائنا
الأبرار لن تذهب هدرا ً ، و إنّ دماء الشيخ بيار أمين الجميل و
الشهيد الرفيق أنطوان غانم هي لدى حزب الكتائب اللبنانية ، خارج
أي مساومات أو تسويات أو مسايرات أو تنازلات ، مهما كانت الظروف ،
و إنّ حكم العدالة آت ٍ لا محالة ، مهما تكابر و تهدّد المجرمون ،
و مهما طال الزمن
União Cultural Kataeb Líbano Brasil
al-kataeb-brasil@uol.com.br |