عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

 هيثم الشاعر – إعلامي – رئيس جمعيّة بني قيومو(ابناء العهد)


الموارنة بحاجة الى بن يهودا آرامي

عاش الموارنة في هذا الشرق وتجذّروا، واستطاعوا بناء وطن لهم إسمه لبنان، تميّزوا عن اليهود بانفتاحهم على محيطهم العربي والمسلم، فقرّر الموارنة العيش في بلد تعدّدي مع شركائهم، في الوقت الذي عمل اليهود على الابتعاد عن أي اندماج مع طوائف أخرى خوفاً من الذوبان، وهم اليوم كوّنوا وطناً اسمه اسرائيل.

فالموارنة، اعتقدوا أنّهم بانفتاحهم على العرب وقيادة العروبة الى قيم الحرية والديموقراطية والانفتاح على الآخر، وتكلّمهم اللغة العربية وكتابتها والصلاة بها، سيجعلهم الشعب الأقوى في الشرق وسيكونون جسراً لا بد منه بين الشرق والغرب وسينشرون بذلك المسيحية التي هم ربما الشعب المختار بعد رفض اليهود لرسالة المسيح ونكرانه، وهم ابناء مارون، أو موران، اي الرب في السريانية، وبالتالي هم شعب الله اي الشعب المختار أي الربانيون.

هذه التجربة وبعد سنوات طوال على محاولة تطبيقها من قبل الموارنة، وعلى الرغم من قيمها الانسانية ومطابقتها والقيم المسيحية، لم تؤدّي الغرض المرجو منها، لا بل انحصر الموارنة في جبل لبنان واصبحوا أهل ذمة في عهود كثيرة، ومجرّد ايمانهم بقيم الحرية والديموقراطية والمسيحية، لم يكونوا إلاّ هدفاً لكل حكم ملكي، أم توتاليتاري عربي منذ بدء الفتح الاسلامي حتى يومنا.

إذاً، التجربة برهنت انّ محاولة الموارنة الانفتاح على العالم العربي والاسلامي، ووضع اليد مع شركائهم في الوطن، فشل، وإن نجح، فنجح على حسابهم واصبح الولاء للبنان ولاء ضائعاً بين ولاء ساعة لفلسطين، وساعة لمصر، وساعة لسوريا أم للسعودية أم لايران، فاضطر الموارنة في بعض الاحيان بمد اليد لتحالف الاقليات ففشلوا ايضاً لأنهم بكل بساطة اضاعوا الهوية التي من أجلها وجدوا.

إنّ مارون والشعب الماروني هو آرامي – سرياني بامتياز، ونجح الموارنة قديماً في البقاء في أرضهم إيماناً منهم بالقضية والهوية التي هم يدافعون من أجلها، وعندما تخلّوا عن هويتهم إمّا خوفاً وإمّا في اعتماد مبدأ التقيّة، خسروا وخسروا معهم الوطن والارض وتقرير المصير والعيش بسلام في هذا الشرق المضطرب ابداً.

إنّ بن يهودا ورغم محاربة اليهود له، عرف جيداً انّ اللغة العبرية هي لغة الشعب اليهودي التي ستقوم بتوحيده، امّا الموارنة، فهم تخلّوا عن التحدّث بهذه اللغة، وحتى يجري محاربتها في بعض الأبرشيات، ولن يستعيد الموارنة دورهم التاريخي كشعب له هويته وقوميته وميزته الخاصة، إلّا باستعادتهم هويتهم المارونية والاعتراف بها والبدء بتعليم اللغة السريانية في المدارس.

في الآونة الآخيرة، وعى بعض الموارنة أنهم لا يمتّون الى العروبة باي صلة، ولا شأن لهم بها، فعادوا الى تبنّي اللغة السريانية ولكن العمل بحاجة الى متابعة وعمل شاق، وهو بحاجة الى قرار من قبل بكركي ومن قبل المرجعيات السياسية المارونية التي ذهبت الى حد التحالف مع كل من يهدم تاريخهم وحضارتهم، إلّا قلّة لم تزل تؤمن بانتمائها السرياني وتعمل لنقل اللغة الى نشئها.

من هنا، لن ينجح الموارنة في حرب البقاء، ولن يستعيدوا دورهم التاريخي، إلّا بتمايزهم المحقّ عن الآخرين، وفي العودة الى الجذور وبما انّ أرض لبنان تصرخ بالسريانية حيث إنّ معظم قرى لبنان ذات تسمية سريانية، على الموارنة العمل الجماعي وإلّا لن يستفيق الموارنة من جهلهم إلّا بعد الفي سنة حيث سيكون لبنان أرض ميعادهم الجديدة، وسيعملون الى اختلاق بن يهودا من بينهم لحثهم على العودة من جديد والتكلم بلغة الاجداد، فلما انتظار تلك المرحلة ولا نبدأها الآن؟

سيغتاظ البعض وسيتهمنا بأمور لم نذكرها ولم ندع لها، ما نريده، هو فقط الاضاءة على تاريخ مارونتينا وإرثها الثقافي والحضاري. 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها