طور عبدين: أرض الآراميين الضائعة. “شلومو
أيتها الأرض الضائعة”، ألقصة البطولية لشعب تكلّم الآراميّة
هيثم الشاعر 22 يناير,2016
طور عبدين / أليتيا
(aleteia.org/ar) –
طور عبدين قصة بطولية لشعب مسيحي قديم تكلّم الآرامية، اللغة التي كانت
تتحدّث بها جميع مناطق الأراضي المقدسة في زمن يسوع.
صحافيان إيطاليان، ستيفانو رولياتي وماتيو سبيكوليا، أعدا وثائقياً يخبران
فيه عن بطولة تجلّت بأبهى درجات الرصانة لهذا العمل. “شلومو أيتها الأرض
الضائعة”، يخبر قصة بطولة شعب مسيحي قديم، الآراميون، الذين ما زالوا
يتكلمون السريانية، اللغة الأكثر انتشاراً في أيام يسوع. أناس يحاولون
الحفاظ على ما تبقّى من أرضهم. فالآراميون السريان، كانوا ضحيّة مجازر
الأتراك عام 1915 التي استمرّت لسنوات. ففي بداية عام 1900 كان هناك ما
يزيد عن 500 ألف آرامي في طور عبدين، في جنوب شرق تركيا على الحدود مع
سورية، منطقة يسكنها الأكراد بمعظمها. أليوم، هناك حوالي 2500 آرامي في
المدينة وما زالوا يتعرّضون للإضطهاد. هذا الاضطهاد يتحوّل عنفياً أحياناً
لكنه يأخذ شكلاً من اشكال الضغط المستمر والمرهق.
عرض أولي للفيلم بدأ عرضه في السابع عشر من الشهر الحالي في ايطاليا في عدد
من دور السينما. الصحافيان الايطاليان اللذين عملا على إعداد الفيلم سافرا
إلى تركيا وألمانيا للبحث عن ابطال هذا العمل الملحمي، ألشخصيات التي من
شأنها تصوير جراح الأمس واليوم. مأساة شائعة بين أقليات المنطقة. المعدان
زارا القرى المهجورة والأديار القديمة التي هي في خطر اليوم وقابلا عشرات
من مختلف الأعمار. واللوحة هي لوحة جدارية من الشهادات الأصلية للشعب
الأوروبي.
بعض هذه القصص مؤلمة جداً في الواقع. نورا أردين الثمانينية كانت تعيش في
مزرعة العائلة مع زوجها وأولادها. وفي إحدى ليالي حزيران 1986، داهمت
مجموعة من المتطرفين المنزل وقتلت ابنها البكر آهو. “ارادونا أن نترك
منازلنا والمغادرة كالآخرين، لكن ابني أعطى كلمته، لن نرحل من هنا فهذه
الأرض أرضنا. فقتل في تلك الليلة. أما عائلة أردين فهي تعيش خارج طور عبدين
من وقتها. هذا ما حصل لآلاف الآراميين، والمناطق المسيحية النائية والأديار
هي دليل على هذا.
عائلة أردين عانت من التطرف الديني. أما دير مارغبريال واحد من أقدم
الأديار المسيحية يعاني من أبشع أنواع استغلال التسلّط الإسلامي والعدائية
الرافض لأي تواجد أجنبي فيه حتى. الدير الذي كان وسط نزاع قانوني لسنوات في
انتظار صدور قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان. الأمل يبقى كما باقي
الأديار المسيحية في تركيا الإعتراف بحقوق المجتمعات الرهبانية. وقد اتهمت
الجماعات الرهبانية بالتبشير والاستيلاء غير المبرر على اراض شيّدت على
الجوامع في السابق. اسقف مار غبريال، صاموئيل أقطس، تحدث للكاميرا للمرة
الاولى مجيباً على جميع الاسئلة وعلى عملية القضاء على المجتمع المسيحي
الذي تواجد هناك لأكثر من 1600 سنة.
لقد جئنا إلى تركيا لجمع قصص الناس، قال كل من الايطاليين، قدمنا شهادات من
دون أي تعديل، تماماً كما قيلت لنا. “شلومو، أيتها الأرض الضائعة” نظرة
شاملة لحياة الآراميين: جذور طور عبدين، حياة أولئك الذين التجأوا إلى
الحواضر الكبيرة كاسطنبول، إنتظار شعب في الشتات يعيش في جميع أنحاء
العالم، من أوروبا الى الولايات المتحدة إلى استراليا. ويتناول الفيلم قضية
احتلال الأكراد للأراضي هناك، رغبة الهجرة، وواقع اللجوء إلى الخارج،
وهؤلاء الذين قرروا العودة إلى ديارهم ولماذا اختار بعض الشباب البقاء في
طور عبدين.
ذاكرين معاناة الشعب الآرامي، كان فرصة بالنسبة الى المعدين لإعطاء مسيحيي
الشرق من ايران، مصر، العراق والأراضي المقدسة صوتاً. النص يحاكي معاناة
الناس ونضالاتهم اليومية وهؤلاء الذين يتكلمون بعيداً عن الكاميرا. الهروب
في بعض الاحيان يبقى الخيار الوحيد.
http://ar.aleteia.org/2016/01/22/ |