عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
أيمن شحادة  

أيمن شحادة

 *كاتب من لبنان


ميشال عون .... ومشروع الرئاسة المستحيل

قبل أربع سنوات من الآن كان ميشال عون "كعادته المعهودة" يتوعّد ويهدّد الأكثريّة النيابيّة آنذاك بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا ما أقدمت على عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد حتّى لو وُجد المسوّغ الدّستوري الذي يجيز لنائب رئيس المجلس النيابي الدّعوة لعقد انعقاد الجلسة في حال امتنع رئيس المجلس عن الدعوة لهذا الإستحقاق الدّستوري الأهمّ، .... حيث تحجّج عون حينها بأنّ انتخاب رئيس الجمهوريّة هو استحقاق وطني جامع ومصيري للبلاد وبالتالي لا يمكن أن يتحقّق من خلال أصوات الأكثريّة النيابيّة العاديّة  بل بأصوات ثلثي أعضاء المجلس النيابي على الأقلّ ... إسوةً بباقي المسائل التي يرتبط بها مصير الوطن ... تماماً كما هو منصوص في الدّستور، ............. وكان محقّاً في هذا الشّأن.

الآن نسمع بين الحين والآخر أنّ ميشال عون تنازل عن حقّه في موقع رئاسة الجمهوريّة عام 2008، أو أنّه سمح للرئيس ميشال سليمان بإشغال هذا الموقع تماشياً مع روحيّة اتّفاق الدّوحة، .... أو أنّه آثر الإنكفاء مؤقّتاً استجابةً للمبادرات العربيّة والإقليميّة، أو أنّ موقع رئاسة الجمهوريّة هو حقّه الضائع ويجب أن يسترجعه ... أو إلى ما هنالك من كلام وأقاويل وتصاريح في هذا المنحى تصدر ليل نهار عن فعاليّات التيّار العوني وعنه هو بالذّات، ............. وهذا فعلاً أمر غير مفهوم وغير منطقي على الإطلاق.

يحقّ للنائب ميشال عون أن يترشّح ساعة يشاء إلى رئاسة الجمهوريّة، ... وهذا يُسمّى حقّ الترشّح، ولكنّه لا يستطيع الإدّعاء بأنّ الرّئاسة هي حقّ له، لأنّ هذا الأمر تحدّده نتيجة التصويت في المجلس النيابي، ...... ولو أخذنا كلام عون والظروف المحيطة في لبنان منذ أربع سنوات وحتّى هذه اللحظة لتوصّلنا إلى هذا الواقع الذي لا يقبل الشكّ:

//- عام 2008 كانت الأكثريّة النيابيّة مناهضة شرسة لميشال عون، ما يعني استحالة مطلقة لوصوله إلى موقع الرّئاسة، وهذا يعني أنّ أيّ كلام عن تفاوض أو مساومة مع الجنرال ميشال سليمان هو غير صحيح لأنّ عون لم يكن في موقع يسمح له بالتّفاوض أو فرض الشروط في هذا الإستحقاق وهو الذي ينتمي إلى كتلة الأقليّة النيابيّة (57 مقابل 71 للأكثريّة)

//- الآن، عام 2011 أصبحت الأكثريّة النيابيّة في مكان آخر تتواجد فيه كتلة ميشال عون النيابيّة، ولكن هذا لم يرفع رصيد فرصه في الوصول إلى سدّة رئاسة الجمهوريّة، فصحيح أنّ هذه الكتلة تفوق كتلة المعارضة بـ 8 أصوات (68 مقابل 60)، ولكنها تتضمّن ما لا يقلّ عن 8 أصوات لا يمكن لا بل ومن المستحيل أن تصوّت لمصلحة عون يوم يترشّح لرئاسة الجمهوريّة، ما يجعل الأكثريّة المعارضة لترشّحه في مكان آخر، ..... والإلتزام بنصوص الدّستور (حسب عون وآخرين كُثُر من أهل القانون والسياسة) أن انتخاب رئيس للجمهوريّة يحتاج إلى أصوات ما لا يقلّ عن 85 نائباً .... وهذا يعني في ظلّ هذه المعادلة القائمة وتحت أيّ ظرف كان، أنّه  بحاجة إلى أصوات الأكثريّة الحاليّة كاملةً بالإضافة إلى 17 صوتاً من أصوات نوّاب الأقليّة ................ وهذا ما يجعل الكلام عن حقّ عون المزعوم في موقع الرئاسة أو تفاوضه أو تنازله عن هذا الموقع ... هو مجرّد كلام من الخيال والأحلام، .... فميشال عون لم يكن يوماً قريباً من حدث إنتخابه رئيساً للجمهوريّة، ولم يكن يوماً في أيّ موقع يسمح له بالتّفاوض أو المساومة أو وضع الشروط ليقول للشعب اللبناني أنّه تنازل أو ضحّى أو أجّل ... أو أيّ تعبير آخر مشابه لا ماضياً ولا حاضراً، ... أمّا ما تحمله نتائج الإنتخابات القادمة فسيبقى سرّاً لحينه.

chehade@gmx.com

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها