عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

ويكيليكس: عون هاجم الدروز والسنة تعويضا عن خسارته شعبية بين المسيحيين

 كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في باريس بتاريخ 02/10/2006 ومنشورة في موقع "ويكيليكس" تحت الرقم 3176 أن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ميشال عون استغل مؤتمراً عن المهجرين تحت عنوان "حق العودة" لإثارة صراع طائفي ضد الطائفتين الدرزية والسنية.

 وخلال خطابه في هذا المؤتمر، زعم أن قادة السنّة في لبنان يسعون لتعزيز قوة اللاجئين الفلسطينيين لاستخدامهم ضد الشيعة والمسيحيين. كما ركّز في هجومه على رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وطالبه بالإعتذار عن المجازر التي ارتكبت بحق المسيحيين في الحرب الأهلية، وجاء ذلك تعقيباً على مطلب "حزب الله" من جنبلاط الإعتذار لوصفه أتباعه بـ "المجانين". كما دعا عون لمحكمة خاصة للتحقيق في مالية وزارة المهجرين.

 وأوضحت البرقية أن مسؤولاً سياسياً أميركياً تحدث إلى عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ابراهيم كنعان ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل اللذين اعترفا له أن "التيار" "فقد بعضاً من شعبيته، وبأن عون "يرغب في حشد الدعم المسيحي بسبب فقدانه شعبيته بين المسيحيين".

 ولفتت البرقية إلى أن عون دعا لمحاكمة جميع السجناء اللبنانيين في سوريا، وفسر المسؤول الأميركي ذلك بمحاولة من عون "ليتمركز خلف قضية شعبية للمسيحيين ويغطي على العلاقة الجيدة التي يتمتع بها مع دمشق".

وجاء في الترجمة الحرفية لنص البرقية بالإنكليزية، وتحمل الرقم "06Beirut3176" تحت عنوان: "لبنان: ميشال عون يستغل مؤتمراً عن المهجرين لتشويه منافسيه وتنشيط قاعدته"، كالآتي:

 "ألقى مؤتمر عقد في 30 أيلول حول أوضاع المهجرين المسيحيين من منطقة الشوف الضوء على الفساد وفشل الإدارة في وزارة المهجرين. وكان هدفه الأكثر أهمية توفير منبر لزعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون، الذي استغل المناسبة لكي يحفّز قاعدته الشعبية المسيحية وتشويه صورة منافسيه السياسيين واتهامهم بالفساد وتعزيز الشعور المناهض للسنّة الذي بدأ يزحف إلى الحياة السياسية خلال الأسابيع القليلة الماضية. إلا أن منافسي عون ردوا، حتى قبل انعقاد المؤتمر، واعدين بالتحرك حول ملف المهجرين ومتهمين عون بإثارة صراع طائفي. نهاية الموجز".

وأشارت البرقية إلى أن عون "عقد في 30 أيلول مؤتمراً تحت عنوان "حق العودة". وكان الهدف الأسمى للمؤتمر معالجة مسألة المهجرين المسيحيين اللبنانيين من الشوف، الذين فروا من هجمات الدروز الانتقامية عقب اغتيال كمال جنبلاط في العام 1977.

وخلال محادثات مع مسؤول سياسي في السفارة الأميركية، أصرّ مسؤولو "التيار الوطني الحر" على أن التحضيرات للمؤتمر كانت تجري منذ سنوات وأن تاريخ عقد المؤتمر تقرر قبل شهر فقط. غير أنه لم يعلن عن المؤتمر إلا في نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن ألقى (رئيس حزب "القوات اللبنانية") سمير جعجع خطاباً مؤثراً أمام حشد من 14 آذار في حريصا، رداً على الخطاب والتظاهرة التي دعا إليها "حزب الله" في 22 أيلول.

واستناداً لقراءة سريعة مع مصادرنا في "التيار"، فإن نحو 84 ألف مسيحي فروا من منازلهم في الشوف في العام 1977 لم يعد منهم لغاية اليوم سوى 17%. وفي هذه الأثناء، يزعم "التيار" أن وزارة المهجرين أنفقت حوالي 1.6 مليار دولار لتحقيق هذه النتيجة الهزيلة. (تعليق: استناداً للسجلات الرسمية فإن هذه هي المصاريف الرسمية في حين أن المصادر زعمت أن المبلغ الحقيقيّ يفوق هذا المبلغ). ووزارة المهجرين هي معقل درزي وكانت منذ تأسيسها تحت سيطرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط".

وبحسب البرقية فإن "المحفز الرئيسي للمؤتمر كان تشويه صورة وليد جنبلاط العضو الرئيسي في تحالف 14 آذار. ودعا عون لمحكمة خاصة (وليس دولية) للتحقيق في مالية وزارة المهجرين. (ملاحظة: اعتمد "التيار" و"حزب الله" مؤخراً سياسة محاربة الفساد لانتقاد منافسيهم في قوى 14 آذار والملف المالي لوزارة المهجرين يعتبر قضية بارزة بالنسبة للتيار). وأعطى عون أمثلة عن الفساد المزعوم في الوزارة، بما في ذلك عن قرية قبض سكانها الدروز مبالغ مقابل 144 منزلاً تبيّن لاحقاً أنها وهمية.

وركّز عون هجومه على جنبلاط قائلاً إنه عوضاً عن الاعتذار عن علاقته السابقة بسوريا، على جنبلاط الاعتذار عن المجازر التي ارتكبت بحق المسيحيين في الحرب الأهلية. وطلب الاعتذار كان الخطوة الأحدث في سلسلة الهجمات الكلامية تعقيباً على مطلب "حزب الله" من جنبلاط الاعتذار لوصفه أتباعه بـ "المجانين" ورد جنبلاط بأن ليس لديه ما يعتذر عنه باستثناء تحالفه الطويل الأمد مع دمشق".

وأوضحت البرقية أن عون "بدا بوضوح أنه يرغب في حشد الدعم المسيحي والذي كان أثار بعض القلق لدى مسؤولي "التيار" بسبب فقدان عون شعبيته بين المسيحيين. (ملاحظة: اعترف مسؤولا "التيار الوطني الحر" ابراهيم كنعان وجبران باسيل أمام المسؤول السياسي للسفارة الأميركية بأن التيار فقد بعضاً من شعبيته، لكنهما أصرا على أن "التيار" لا يزال الأكثر شعبية من دون منازع بين مسيحيين لبنان وأن الشعبية المفقودة ستستعاد). ودعا عون لمحكمة جميع السجناء اللبنانيين في سوريا. وقد يكون عون على الأرجح يريد من خلال هذه الدعوة أن يتمركز خلف القضية الشعبية للمسيحيين في الوقت الذي يغطي على العلاقة الجيدة التي يتمتع بها مع دمشق.

وفي مقاربة لموضوع مسيحي شعبي آخر، دعا عون إلى عودة جميع اللاجئين اللبنانيين الذين فروا إلى إسرائيل مع انسحاب الجيش الإسرائيلي في العام 2000. وهؤلاء اللاجئين فروا بسبب خوفهم من انتقام "حزب الله". وزعم عون أنه كان يعمل مع الحزب من أجل ضمان عودة آمنة وسلسة لهم إلى لبنان. (شوهد خلال المؤتمر أحد مندوبي "حزب الله" النائب علي عمار وهو يبتسم لدى تناول عون هذا الموضوع). ويتوقع أن توجه إلى جميع هؤلاء اللاجئين الاتهامات الجزائية وفقاً للقانون اللبناني بسبب "زيارتهم" لإسرائيل. وزعم عون أن محادثاته مع الحزب كانت بهدف تخفيف أو حتى إلغاء هذه الاتهامات غير أن محاولاته باءت بالفشل بسبب عناد فريق 14 آذار".

أضافت البرقية "لإذكاء المزيد من حرارة الشعور المناهض للسنّة، أثار عون في خطابه موضوع سلطان أبو العينين، قائد حركة "فتح" في لبنان والذي حكم عليه بالإعدام بسبب التهديدات التي وجهها إلى وزارة الدفاع قبل العام 2005، غير أنه سرعان ما بُرئ من التهمة بعد تحريض قوى الرابع عشر من آذار عقب الانسحاب السوري من لبنان. وألمح عون الى أن المسيحيين الذين فروا إلى إسرائيل يجب أن يبرأوا أيضاً. ولزيادة الشكوك بأن قادة السنّة في لبنان يسعون لتعزيز قوة اللاجئين الفلسطيين لاستخدامهم ضد الشيعة والمسيحيين، زعم أن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري سعى لإبرام اتفاق مع الدول العربية لمسامحة لبنان من ديونه مقابل تجنيس الفلسطينيين في لبنان.

وفي صفعة ضد منافسه المسيحي سمير جعجع، اتهم عون الحكومة اللبنانية بتهميش المسيحيين و"دفعهم نحو الفدرالية... لتقسيم البلد". وكان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وصف الدعوات إلى الفدرالية أو الكانتونات بأنها غير مقبولة وذلك في خطابه في 22 أيلول".

وتابعت: "وصف عون وزير الداخلية والبلديات آنذاك أحمد فتفت بأنه "غير شرعي" طالباً بمعرفة السبب الذي لم يدفع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لغاية اليوم الى تسمية وزير أصيل بعد تأخير دام ثلاثة أشهر. وجاء هجوم عون ضد فتفت بعد الخلاف الذي وقع الأسبوع الماضي بين وزير الداخلية والمدير العام للأمن العام المدعوم من "حزب الله" وفيق جزيني.

وأخيراَ، دعا عون لتظاهرة في 5 تشرين الأول لإحياء ذكرى 13 تشرين الأول (عندما أطاح به السوريون من قصر بعبدا) والتي قد تكون وسيلة لإثبات استقلاليته عن دمشق.

غير أن رد فريق 14 آذار كان سريعاً الى درجة أنه استبق عون. وأعلن السنيورة الخميس أنه سيعيد تفعيل موضوع المهجرين وتعزيز الجهود الآيلة إلى إعادتهم إلى قراهم. وفي خطوة مناهضة لمؤتمر "التيار الوطني الحر"، عقد وليد جنبلاط في قصر المختارة مؤتمراً للمصالحة بين الدروز والمسيحيين المهجرين من قرى منطقة الشحار الغربي. وأعلن جنبلاط ووزير المهجرين نعمة طعمة عن توفر الأموال الكاملة لعودة المهجرين في هذه المنطقة.

وبعد خطاب عون، وصف سعد الحريري ادعاءات زعيم "التيار الوطني الحر" حول صفقة لتوطين الفلسطينيين بأنها "مفبركة وتحريض عنصري". وانتقد وزير الاتصالات مروان حمادة خطاب عون وقال إنه يعيق المصالحة بين المسيحيين والدروز في الشوف والتي بدأت من خلال زيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير إلى الجبل في العام 2001".

وخلصت البرقية بتعليق جاء فيه: "من خلال دعوته إلى المؤتمر بعد أسبوع واحد على تظاهرتي "حزب الله" و"القوات اللبنانية"، سعى عون لتحقيق هدفين: الأول إضافة صوته إلى صوت "حزب الله" لمهاجمة وإضعاف قوى 14 آذار عموماً وجنبلاط خصوصاً، إذ أن جنبلاط وحلفاءه هيمنوا معظم الوقت على صندوق المهجرين العابق بالفساد. أما هدف عون الثاني فقد يكون قلقه من أن قاعدته الشعبية بحاجة إلى تحفيز. وهدفت ملاحظاته السبت إلى إحياء الشعور المسيحي وتشويه صورة منافسيه. وهدفت دعوته إلى محاكمة السجناء في سوريا وعودة المسيحيين من إسرائيل إلى تهدئة القلوب. قد يحدث ذلك فقط من خلال النتائج التي ستظهر في المناطق التي يسيطر عليها عون وتحقيق انتصار سياسي، ووقف الإنحدار الشعبي الذي كانت هذه المناطق بدأت تشهده خلال الأشهر القليلة الماضية.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها