المخابرات السورية تنصب فخاً لرجال الدين
المسيحي في مؤتمرهم بلبنان
طلال عبدالله الخوري
لقد فقد معظم رجال الدين المسيحي العرب مصداقيتقهم في الغرب, وذلك لأن
الغرب اصبح يعرف بأنهم صنيعة الأنظمة العربية واجهزتها الأمنية, وهو الذي
يتجسس على كل شئ بما فيها المكالمات الهاتفية للمواطنين العاديين, ويعرف كل
شاردة وواردة ولا تخفى عنه اي حقيقة.
إذا الغرب يعرف تماماً كيف يتم تعيين أو ترفيع رجال الدين المسيحي من درجة
كهنوتية الى أعلى من قبل الاجهزة الأمنية, مثلهم بهذا كمثل زملائهم من رجال
الدين الاسلامي, ولا فرق بينهما, من حيث انهما يعملان أساساً كبوق للحاكم
المستبد, يلمعون صورته في الداخل, ولكن بسبب ان الغرب له تاريخ مسيحي فقد
اوكلت الى رجال الدين المسيحي مهمة اخرى اضافية وهي تلميع صورة الطغاة
العرب مثل بشار الاسد و الجنرال السيسي وسابقا حسني مبارك و صدام حسين في
الغرب أيضأً.
أنا اعتقد بأن الغرب يفهمهم ويقدر وضعهم ولا يلومهم, ولكن لا يصدقهم لانهم
دائماً يحملون خطاب الطاغية المستبد الذي يرسلهم, فمن يصدق طاغية يستعبد
شعبه ويسرق قوته؟
حتماً الاستخبارات الغربية تعرف بأن مؤتمر مسيحيي الشرق الذي عقد في لبنان
في هذا التوقيت من عمر الثورة السورية المباركة من اجل الحرية والكرامة, ما
هو إلا فخاً من المخابرات السورية قامت بالتحضير له واعداده من وراء الستار
في محاولة يائسة من أجل انقاذ النظام الاسدي البائد لا محالة.
عقد مؤتمر مسيحي الشرق ( المخابرات السورية) هذا في في مركز جديد لبطريركية
الروم الكاثوليك في منطقة الربوة، ومن المعروف بأن لبنان هو أسير للنظام
السوري وحزب الله وان بطريركية الروم الكاثوليك هي تحت سيطرة الامن السوري.
تم التركيز في هذا المؤتمر على تمرير خطاب المجرم بشار الأسد و اتهام
الجماعات التكفيرية بأنها السبب وراء هجرة المسيحيين من الشرق, وبالطبع لن
يصدقهم في ادعائاتهم احد في الغرب, لأن الإستخبارات الغربية لديها كامل
المعلومات بأن الأنظمة الاستبدادية العربية وعلى رأسها نظام المجرم بشار
الاسد هم من مول واعد هذه الجماعات الاسلامية المتطرفة, لأستخدامها وقت
الحاجة كفزاعة للأقليات والغرب كما يفعل نظام عائلة الاسد بسوريا الآن,
وكما فعل نظام حسني مبارك بالسابق؟
قال الرئيس اللبناني ميشال سليمان وهو راعي هذا الموتمر بإن تراجع عدد
المسيحيين بالشرق يعود إلى الصراع العربي الإسرائيلي، ؟؟
وتعليقنا على الرئيس سليمان: من الذي سيصدق هذا الهراء؟ فالدراسات
الأكاديمية الغربية تقول بأن سبب الهجرة هو الاستبداد وسرقة اقتصاد البلدان
من قبل الطغاة العرب من امثال السيسي بمصر وبشار الاسد بسورية, مما ينتج
عنه فقر مدقع بسبب عدم وجود فرص عمل كافية مما يدفع المسيحي والمسلم على
الهجرة وليس هذا مقتصرا على المسيحي.
تصوروا بأن مسيحيو مصر طلبوا من المؤتمر تأييد ثورة الشعب المصري في 30
يونيو الماضى ومساندة مصر فى مسيرتها الجادة لمصر المستقبل.
وتعليقنا على مطالب الوفد المصري: من الواضح بأن هذا المطلب من الامن
المصري والجنرال السيسي صاحب الانقلاب في مصر, وذلك من اجل تثبيت حكمه وجلب
الاعترف الدولي به , وكنا نتمنى من الوفد المصري ان يطالب بمحاكمة حبيب
العدلي وزير الداخلية إبان حكم مبارك والذي خطط و اشرف على تفجير كنيسة
القديسين من اجل الصاق التهمة بالإسلاميين, وأن تكون محاكمته بمحكمة
الجنايات الدولية ليكون عبرة لكل المسؤلين العرب ممن تسول لهم انفسهم
استخدام ورقة المسيحيين من اجل تحقيق مأربه الدنئة بالتغول على السطلة
واستعباد الناس وسرقة الاقتصاد.
ومن المواقف المضحكة والهزلية في هذا المؤتمر, هو انسحاب السفير الأمريكى
من المؤتمر لوضع علم بلاده مابين علم سوريا وروسيا, وطلب تغيير مكانه فقوبل
بالرفض من اللجنة المحضرة للمؤتمر .
وتعليقنا على هذا الموقف الهزلي: من الواضح هنا وبشكل جلي بأن هدف المؤتمر
هو تسويق النظام السوري بوضع علم اميركا بين العلم الروسي والسوري, وللسفير
الاميركي كل الحق بالاعتراض على هذا التسويق الرخيص للنظام السوري, وان رفض
اللجنة المنظمة (المخابرات السورية) هو وقاحة غير مبررة وخاصة أن المؤتمر
لرجال دين مسيحي ومن المفترض انهم مثال للأخلاق السمحة التي علمنا ايها
السيد المسيح.
ومن جهة ثانية: ما هي قيمة اي مؤتمر من دون التمثيل الاميركي؟؟ هو وكما
يقول المثل الشعبي السوري مثل الضراط على البلاط ليس له اي أثر يذكر ,
وبالفعل هذا هو النتيجة التي سيأتي بها هذا المؤتمر.
يبدو ان المجتمعين لم يردوا ان يسمعوا حقيقتهم من السفير الاميركي فعملوا
كل جهدهم على تطفيشه بمنتهى التسامح والمحبة لرجال الدين المسيحي صنيعة
مخابرات المجرم بشار الاسد.
كنا نتمنى ان يلقي المؤتمر الضوء على مشاكل المسيحيين الحقيقية وهي
العبودية في ظل الانظمة الاستبدادية والفقر المدقع والتي هي سبب لسرقة
الاقتصاد الوطني من قبل الأنظمة الاستبدادية الحاكمة, والمسيحيون يشتركون
في هذه المآسي مع اخوتهم من المسلمين, ولا فرق هنا بين مسلم ومسيحي, ولكن
المسيحيون يعانون من مشكلة اضافية وهي استخدامهم من قبل الطغاة كورقة
يلعبون بها من اجل تثبيت حكمهم, وذلك بتخويفهم من المتطرفين الاسلاميين
واللذين هم بالأساس صنيعة الانظمة الاستبدادية ذاتها وقد تم تمويلها
وإعدادها من اجل هذا الهدف, ولحسن الحظ بأن الاستخبارات الغربية تعرف كل
هذه الحقائق.
وفي الختام نحب ان نشير بأن ليس كل رجال الدين المسيحي هم خونة وصنيعة
المخابرات الاستبدادية فالتعميم خطأ
|