عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

بصــدقٍ وواقعيــة

نعمة الله ابي نصر - نائب كسروان الفتوح وجبيل


أَتوجّهُ الى اللبنانيينَ أجمعين،
ولكنْ، الى المَوارنِةِ بشكلٍ خاص لأننَي، بحُكمِ نظامِنا أَشْغلُ أحدَ المقاعدِ النيابية في مجلسِ الأمةِ المخصصةِ حصرا" للموارنةِ وبالتالي فإني أمثِلُهم كما الأمة جمعاء. لَقَدْ طَفَحَ الكيلُ.

 نحنُ في أزمةِ كيان. ونحنُ ايضا" في ازمةِ نظام.

ولَسْنا، قَطْعا"، في مجَّردِ ازمةِ اكثرية واقلية فقط.

 إنَّنا في ازمةِ انفضاحِ مؤامرةِ الطائف.

 فَلْنُواجه الوقائع بصراحةٍ كاملة . ولْنُسَمِ الأشياءَ بأسمائِها الحقيقية. مَنْ يحكمُ لبنانَ اليوم ؟ وأينَ اصبحَ الموارنةُ المؤسِسون وراءَ قياداتِهم السياسيةِ والكنيسيةِ في الواقعِ اللبناني الجديد ؟ ! إنَّ مَنْ يحكمُ لبنانَ اليومَ هو رئيسُ مجلسِ الوزراء ، المسلمُ السني. ويشاركُه، في بعضِ الأرباحِ فقط ، رئيسُ مجلسِ النواب ، المسلمُ الشيعي. اما رئيسُ جمهوريةِ لبنان، المسيحي الماروني، فقد سُمحَ له فقط بالمهمةِ البروتوكوليـةِ حَسبَ شهادةِ الأمينِ العامِ للأممِ المتحدة بذاتِه . ... ثُمَ راحوا يُقلِصونَ له، حتى هذه الصفة البروتوكولية غير الفاعلة. ويُشّهِرون به وبالرئاسةِ رغم القانونِ اللبناني النافذ . والأفظع من ذلك هو أن قياداتِ الموارنة، السياسيون وأحيانا" الكنيسيـون، يشاركونَ في إرتكابِ هذا الخطأِ الكياني الكبير. لا يمكنُ ان يرتاحَ لبنانُ طالما أنَّ المسيحيينَ عامةً والموارنةَ المؤسسينَ خاصةً غيرُ مرتاحينَ في وطنِهم الأولِ والأخير. لا يمكنُ أنْ يرتاحَ لبنانُ طالما أنَّ المسيحيين عامةً والموارنةَ خاصةً مغيَّبونَ مُبْعدونَ عن مراكزِ القرارِالوطني. لَقَدْ أَخْطَأَتِ الإسلاميّةُ السنّيةُ السياسيةُ عندما اسْتَأْثَرَتْ في أَكثرِ من حقِّها المكتَسَب في حكم لبنان. فَتَسَبَبَتْ في اهتزازِ الهيكلِ اللبناني القومي الذي يُمثلُ المبرِرَ الأوْحدَ لوجودِ لبنانَ ولضرورةِ بقائِه .

فَوَقَعْنا في خِضَّمِ ازمةٍ كيانيةٍ خطيرة ، تفرضُ علينا بطوليّةً جديدةً، هي بطوليةُ النقدِ الذاتي. لقد اتَضَحَ، واثْبتََتِ التجاربُ أنَّ مؤامرةَ الطائفِ التي اسقطَتْ لبنانَ الحقِ والإنسان والتاريخ، هذا «الطائفُ» الذي يقدِسونَ ويحرّمِونَ ايَّ مسٍّ به وكأنّهُ منزَلٌ او قدرٌ نهائي . لقد تذرعوا بأنَّ الطائفَ كانَ، مارونيا"، الثمنُ اللابدَّ منه لإنهاءِ الحربِ اللبنانية. انَّها هرطقةٌ كبيرةٌ وخطيرةٌ، فالذي انْهى الحربَ اللبنانيةَ كان قرارا" اقليميا" ودوليا" ، فبَعْدَ أنْ تَمّ ترحيلُ الفلسطينيين من لبنانَ بالقوَتينِ الإسرائيليةِ والسوريـة. لَمْ يَعُدْ هناكَ ما يبرِرُ استمرارَ الحربِ بين اللبنانيين انفسِهم، ولا حكمَ الميليشياتِ التقسيمية؛ عندها ومن أجل إقصاء المسيحيين عامة والموارنة خاصة، بادروا الى قطفِ ثمارِ هذه الحربِ المنتهيةِ، فَمَوّلوا وبسخاءٍ كبيرٍ مؤامرةَ الطائفِ للإستيلاء على حكمِ لبنانَ بدستورٍ جديدٍ مقدس. فَنَجحوا بدهاءٍ كبيرٍ في تعطيلِ المفهومِ التاريخي لنشوءِ الوطنِ اللبناني. « شلّحوا » الموارنةَ رَئاسةَ الوطنِ التاريخي. ولا نـزالُ نذكرُ قولا" مأثورا" لأحدِهم : « لا مشكلةَ لديّ مع المَوارنة. ثلثُهم اشتريُته .وثلثُهم يهاجر. والثلثُ الباقي احكمُه » إنَ ما يؤلمني اليومَ ويُخيفني في الصميمِ هو هذا المشهد المارونيّ الحاليّ : القيادات المارونية، في معظمِها، وبمباركةِ الكنيسةِ او بتجاهلِها على الأقل، مصطفةٌ امام حاكمِ قريطم بإنتظارِ انْ يتكرّمَ ويختارَ رئيسا" جديدا" ليعزله في قصرِ بعبدا البروتوكولي. ولذا اؤكدُ انَ حاكمَ الأكثريةِ لم يكنْ، اصلا"، راغبـا" بإسقاط الرئيس اميل لحود . لأن بقاءَه في بعبدا، مجردا" من أيّ صلاحياتٍ هامة، بعد أنْ أُفقِدَ الدعمَ السوريَ العلوي، يطيلُ من عمرِ الإلتفافِ الماروني النيابي حول سيد قريطم. ولأنَ اختيارَ سيد قريطم لواحدٍ احد من مجموعةِ الموارنة المنتظرينَ المسترئسين، وهم يتنافسونَ ويتكارهونَ فيما بينهم، لا بُدَ وان يفرطَ عقدَ الأكثريـة النيابية التي يرأسها. هذا الواقعُ الأليمِ يجبُ ان نُواجهُه بفعلٍ وحكمةٍ، بذكاءِ وتوحّدْ. إنَّ الكلامَ حولَ الوحدةِ الوطنية، يتجددُ اليومَ بالمطالبةِ بحكومةٍ جديدةٍ للوحدةِ الوطنية. هذا التوجهُ وحدُه لا يمكنُ ان يحلَ المأزقَ اللبناني الحالي الذي نحن فيه. فليس المطلوبُ ايواءَ الجميع، دونَ استثناء، في حكومةٍ واحدة، ما دام النظامُ المعمولُ به حاليا" يتجاوزُ الحكومةَ والمجلسَ النيابي معا". فماذا تَعنـي المشاركةَ في هذا النظامِ الذي يجعلُ من رئيسِ الحكومةِ الحاكمَ الفعلي الأول، يفاوضُ ويخططُ منفردا" بإسمِ لبنـان مع مختلفِ الدولِ العربية والأجنبيةِ ويقررُ في مستقبله. ليسَ المطلوبُ حكومةً جديدةً. المطلوبُ، واقولُها بصدقٍ وجرأةٍ، نظامٌ سياسيٌ جديدٌ. إنَّ المطلوبَ هو التحرر، اولا"، من عقدةِ قدسيةِ الطائفِ ودستورهِ. ثم المباشرة في حوارٍ وطني عام لإبتكارِ نظامٍ سياسيٍ جديدٍ يُعيدُ لبنانَ الى المنطقِ اللبناني. نريدُ نظاما" عصريا" يعيدُ للوطنِ معناه الكياني. يعيدُ له ديمقراطيتَه التعددية التوافقية الخاصة ، ويَضْمنُ الإستمرارَ الذكي والخلاّق لهذا الكيان التاريخي، المميز في نوعيتِه، والذي نشاهدُ تخريبَه المأساوي بفعلِ الطائفِ.

حَذارِ تجارَ الطائفيةِ ومستثمريها من التهويلِ والتخويفِ بتهمِ إثارةِ النعراتِ الطائفية. فنحنُ، كلنا، في اكبرِ ازمةٍ طائفيةٍ عَرفَهَا لبنان حتى اليوم. انني ادعو الى المحاسبة. ولا اكتفي، اطلاقا"، بمحاسبةِ الفسادِ المالي. وانما ادعو الى محاسبةٍ ومحاكمةٍ شعبيةٍ وسياسيةٍ وربما قضائية، تُعلّمُ اجيالَنا الطالعة حقيقةَ مَنْ عَمِلَ من اجلِ لبنان ومَن عَمِلَ من اجلِ تغييرِ ديمغرافيةِ لبنان وتركيبتِه الفريدة، ومَنْ عمِلَ في بيعِ لبنانَ للطامعينَ الأجانب، من اشقاء واصدقاء، منذ ان مُنحْنا استقلالنا وحتى اليوم. لا يمكنُ لنا ان نؤسِسَ لمستقبلٍ كبيرٍ لهذا الوطنِ على مجموعةٍ من الفاشليـن « العظام » أو المسترهنينَ للخارجِ الذينَ يضعونَ مصلحتَهم الشخصيةَ او ارتهانَهم للخارجِ فوقَ كلِ إعتبار.

أيهـا الموارنـة،

دّقت ساعةُ الحركة التصحيحيةِ الديمقراطيةِ، ساعة الإصلاح والتغيير.

 لقد فَشِلَ معظمُ المسؤولين عنكم. فليرْحلوا او فلْيَصْمُتوا.

 نريدُ ان نطلقَ، في زحمةِ المشاريع المطروحةِ، مشروعا" مارونيا" للبنان. لكل لبنان.

 وهذا لم يحصلْ بعد حتى اليوم.

 نريدُ ان يَستعيدَ المؤسسُ التاريخيُ مبادرتَه السياسيةَ والثقافيةَ ليؤسسَ للمستقبل.

 نريدُ ان يُسمِعَ الفكرُ الماروني غيرُ الملوّث جميع اللبنانيين الرؤية المارونية الأبوية للبنان التعددية الخلاقة الجدير بالمستقبل.

 نريدُ استراتيجيةً واضحةً للفاعليّةِ المارونية في وطنِ الحاجةِ والضرورة

نريدُ إشراكَ اللبنانيينَ كلِ اللبنانيينَ المنتشرينَ في العالمِ بالقرارِ الوطني اللبناني إقتراعا" وترشيحا" أُسوةً ببقيةِ الدول.

 نريدُ من كلِ شابةٍ ومن كل شابٍ التجرؤَ على اقامةِ هذه الحركة التصحيحيةِ البيضاء لإسقاطِ الفشلِ والشخصانيةِ والفساد والإقطاعيةِ الجديدةِ ، المنحرفة.

نريدُ تصحيحَ دستورِ لبنان وتنقيته من افخاخِ الطائف ومطباته. نريدُ رئيسا" واحدا" للبنان.

 نريدُ إستعادةَ المعنى الكيانيّ الوجوديّ للوطن، ليبقى وطنَ الحاجةِ والضرورةِ لجميعِ من يَرتضيه وطنا" دائما" نهائيا" لجميع ابنائه.

 هذه هي معركتُنا السياسية الحقيقية، فبإنتصارِنا فيها ، ينتصرُ لبنان .

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها