عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

ما هي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح أثناء وجوده على الأرض؟

 قاسم ابراهيم

يقول علماء الكتاب المقدس أنها اللغة السريانية، وهي إحدى اللغات السامية الشمالية، وتسمى أحياناً الكلدانية، حسب ما ورد عنها في قاموس الكتاب المقدس. وإن لفظة "الآرامية"، ربما جاءت من اسم "آرام" أحد أبناء سام بن نوح (تكوين 10: 22-23 و1 أخبار 1: 17) ونسله الآراميين الذين سكنوا في أرض آرام. وإن كلمة أرام الأكادية تعني "أراموا" أو "رومو" أي الأرض المرتفعة.

ولقد تكلم المسيح الآرامية بالرغم من إنه سكن فلسطين لأنها اللغة التي كانت سائدة آنذاك، وكانت تمتد من جبال لبنان إلى ما وراء الفرات في الشرق، ومن جبال طوروس في الشمال إلى دمشق وما وراءها في الجنوب، وكان يطلق على هذه المنطقة اسم سوريا حسب ما ورد في الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، ويشير قاموس الكتاب المقدس إلى أنه اكتُشفت في سوريا وآسيا الصغرى (تركيا) نقوش آرامية على النقود والأوزان وكذلك في آشور وبابل، كما وجدت كتابات آرامية على أوراق البردي والرقوق التي اكتشفت في مصر ويرضع تاريخها إلى خمسمائة عام قبل الميلاد. ويظهر من الكتابات أن الآرامية كانت اللغة السائدة في ميادين السياسة والتجارة، ليس في الدول الآرامية فحسب بل في عدت مناطق في الشرق الأوسط قديماً. وقد طلب ممثلي الملك حزقيا من الآشوريين الذين كانوا يحاصرون أورشليم أن يتكلموا بالآرامية (2ملوك 18: 26 وإشعياء 36: 11).

وتوجد أجزاء أرامية مطولة في عزرا 4: 8 إلى 6: 18 و7: 12-26) وهي عبارة عن قرارات أصدرها الملك الفارسي. وكذلك ورد في سفر دانيال جزء كبير بالآرامية في الإصحاح الثاني القسم الثاني من الآية 4 إلى الإصحاح 7: 28. ويظن البعض أن هناك بعض آثار للآرامية في غير هذه من أسفار العهد القديم.

ولما حُمل اليهود إلى السبي البابلي، أخذوا في استعمال اللغة الآرامية التي حلت محل اللغة العبرية كلغة للتخاطب في شئون الحياة اليومية، كما نجد في سفر نحميا 8: 8 إشارة إلى هذا. فقد وجد الشعب أنه لابد له من تفسير الكتاب في الآرامية حتى يكن فهمه، واستتبع ذلك استخدام اليهود للحروف الآرامية المربعة "اللاسطرنجيلية" أي لغة الإنجيل أو حرف الإنجيل بدل الكتابة الفينيقية القديمة.

ويشير قاموس الكتاب المقدس أيضاً إلى أنه يمكن تقسيم اللهجة الآرامية إلى قسمين:  الآرامية الشرقية، وهي اللغة السريانية المتداولة في كنائس الآشوريين والكلدان حتى اليوم والآرامية الغربية وهي اللغة السريانية المتداولة في طقوس كنائس السريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك والموارنة حتى اليوم. أما اللهجات الآرامية الشرقية فكانت تشمل: 

1 - آرامية التلمود البابلي.

2 - المندعية (المندية):  وكان المندعيون شيعة غنوسية.

3 - السريانية:  وهي لهجة الرها التي أصبحت فيما بعد لغة الكنائس المسيحية التي تتكلم الآرامية في سوريا وفيما بين النهرين. وهي ما تزال مستعملة حتى اليوم في الحياة اليومية من قِبَل السريان في طور عبدين، جنوب شرقي تركيا، وفي بعض المدن السورية وبعض بلاد المهجر.

أما الآرامية الغربية فكانت تشمل اللهجات الآتية:

1 - الأرامية الكتابية - وهي لغة الأجزاء الآرامية الموجودة في العهد القديم.

2 - الآرامية اليهودية التي وجدت بعد أمام العهد القديم وهذه تشمل:

أ - كلمات آرامية (سريانية) وردت في العهد الجديد في كتابات يوسيفوس المؤرخ اليهودي.

ب - آرامية الترجوم  أو الترجمات، وهي عبارة عن ترجمات وتفسيرات لأسفار العهد القديم من العبرانية إلى الآرامية.

ج - فصول موجودة في كتب التقليد اليهودية وهي "المشنا" و"الجمارا" و"المدراشيم".

3 - الآرامية السامرية.

4 - الآرامية النبطية نسبة إلى الأنباط.

5 - آرامية بلمبرا - أي تدمر (وتدمر كلمة سريانية تعني الأعجوبة).

6 - الآرامية المسيحية الفلسطينية.

7 - آرامية معلولا وبعض قرى القلمون في سوريا، مثل بخعه، جبعدين وصيدنايا وغيرها.

وبالإضافة إلى أن اللغة الآرامية كانت اللغة المتبعة في زمن المسيح والمتبعة أيضاً بين الناس كانت اللغة العبرية هي لغة المثقفين من رجال الدين اليهود، فهناك أيضاً عدة مراجع لاهوتية تؤكد أن المسيح تكلم الآرامية. ونلاحظ أن بعض العبارات التي وردت على لسان المسيح ما زالت تُقرأ بكلماتها الآرامية ثم تتبع عادة ترجمتها بالعربية أو غيرها مثل:

عندما كان المسيح معلقاً على الصليب صرخ:  "ألوي، ألوي، لما شبقتني؟"  ( مرقس 15: 24). أي إلهي إلهي لماذا تركتني؟

وعندما أقام المسيح ابنة رئيس المجمع أمسك بيدها وقال:  "طليثا قومي" (مرقس 5: 41). أي يا صبية قومي. فقامت الصبية ومشت. فكلمة طليثا كلمة سريانية تعني صبية كما أن كلمة طليا تعني صبي. وهناك أدلة لاهوتية قاطعة يعتمد عليها المؤرخون اللاهوتيين أن المسيح تكلم الآرامية. وقد أكد المطران ثاوفيلوس جورج صليبا مطران السريان الأرثوذكس في جبل لبنان، بأن بعض المؤرخين وفي مقدمتهم المؤرخ الكبير أسابيوس القيصري (340م) أن رسل المسيح كانوا يتكلمون اللغة السريانية الآرامية، كما أكدوا أن يوسف ومريم العذراء كانا يتكلمان السريانية أيضاً. 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها