معاناة اللغة الآرامية
جي بوشينسكي
جيروزالم بوست، 14 نيسان، 2005
ترجمة: غياث جازي
سان، 2005
إن محاولة إماطة اللثام عن ألغاز اللغة الآرامية أشبه ببدء رحلة أوديسية
عبر صحارى وجبال وأودية الشرق الأوسط، وصولاً إلى أوروبا وشمال أفريقيا.
إنها مغامرة ثقافية تلتقي خلالها بمصفوفة من الباحثين العلمانيين ورجال
الدين المؤمنين وأناس عاديين ـ مسيحيين ويهود ـ ذوي خبرة بتاريخ تلك
اللغات السامية، التي مازالت لغات حية في بعض الأماكن.
ويخبرك هؤلاء عن الفرق الإسرائيلية التي تغني أغانٍ آرامية معاصرة، وعن
البرامج الشعبية في الإذاعة والتلفزيون التي تُبث باللغة الآرامية أو
السريانية من كندا والولايات المتحدة والدول الإسكندنافية، وعن القرى
النائية في سوريا والعراق، حيث الآرامية هي اللغة الدارجة أكثر من
العربية.
ويجلّ اليهود اللغة الآرامية لأنها ترد بالتناوب مع العبرية في الأجزاء
الأخيرة من الكتاب المقدس، الكلام التلمودي، وتشتمل على العديد من
الصلوات اليهودية الأكثر أهمية، بما فيها ندّابو قادش. كما أن المسيحيين
يوقرونها باعتبارها اللغة التي تكلم بها السيد المسيح وحواريه. وما تزال
النسخة الشرقية من اللغة الآرامية، السريانية، مستخدمة في الطقوس الدينية
في الكنائس القديمة في العراق وسوريا.
لقد جلب اليهود الأكراد اللغة الآرامية معهم من شمال العراق وإيران
وتركيا إلى إسرائيل. وما يزال كبار السن منهم يتحدثون بها في البيت، كما
هو الأمر مع اليهود الشرقيين الذين يتحدثون بالييدية
(Yiddish)
مع آبائهم وأجدادهم. لكنهم يعتبرونها أيضاً دليلاً على كونهم متحدرون من
سلالة "القبائل العشر المفقودة" التي رحّلها الآشوريون بالقوة منذ حوالي
قرن قبل إبعاد البابليين للقبيلتين اليهوديتين المتبقيتين.
ويؤكد خبير اللغة الآرامية، هيزي موتزافي، أن الآرامية المعاصرة مهددة
بالانقراض، لأن الجيل الشاب للعوائل التي هاجرت من الشرق الأوسط ينصهرون
لغوياً في المجتمعات التي يعيشون فيها.
ووضع جيفري خان، وهو أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة كامبردج، مخططاً
لغوياً تفصيلياً للهجات السريانية الجديدة، خشية انقراضها في وقت قريب.
وقد تعلّم موتزافي، الذي يدرّس الآرامية في جامعة تل أبيب، العديد من هذه
اللهجات وأصبح متمكناً من التحدث بها بطلاقة. ويُقدر عدد المتحدثين
بالآرامية في العالم بين 500,000 و 5 ملايين.
وفي لقاء مع أبراهام سيمانتوف، رئيس المنظمة الوطنية للأكراد اليهود، في
مكتبه في القدس، قال أنه فخور بجاليته التي "حافظت على لغة الترجوم
(Targum)،
في إشارة منه إلى الترجمة النصية للتوراة إلى الآرامية، والتي تُعرف بـ
(Targum Onkelos).
ومن الواضح أن هناك خطأ في التسمية، حيث تم تبني المصطلح، كما يعتقد
الخبراء، من الترجمة اليونانية لأكويلا
(Aquila)،
وهو عمل مقتبس في التلمود المقدسي وفي المعارف المسيحية التقليدية على حد
سواء.
وينسب معظم الباحثين إلى العالم البابلي من القرن الثالث، راف جوزيف،
وتلامذته إخراج الترجمة الآرامية المقرّة المنسوبة إلى
Onkelos
(وهو ربما اسم مشتق من
Aquila).
قال سيمانتوف: "نحن نقرأ التوراة مرتين في معابدنا؛ مرة بالعبرية، ومرة
بالآرامية. إذ ينبغي على المسؤول عن رعايا المعبد أن يتأكد من أن كل
الحاضرين يستوعبون النص".
وأضاف سيمانتوف، وهو المدير التنفيذي لشركة الإسكان
(Prazot)،
وكان قد وصل مع عائلته إلى القدس قادماً من كردستان عام 1951: "لقد سهّلت
علي لغتي الآرامية تعلّم اللغة العبرية"، متذكراً قبوله في مدرسة معاليه
(Ma'aleh)
المختارة في القدس، حيث كان المدرسون يهوداً ألمان، وتحوله السريع من نمط
حياة أشبه بالقروسطية إلى إسرائيلي متمدن.
وعلى
خلاف يهود القدس الأكراد، الذين يتحدثون باللغة الآرامية داخل البيت
وباللغة العبرية خارجه، يتحدث مواطنوهم، الذين استقروا في مناطق أخرى من
إسرائيل، اللغة الآرامية في كل مظاهر حياتهم اليومية.
وأوضح سيمانتوف: "يمكن القول عموماً أن الجيل الشاب يتكلم العبرية. ومع
ذلك، ما يزال هذا الجيل، الذي هو الثالث منذ هجرتنا الكبيرة، يفهم لغة
الترجوم. وفي معابدنا، وخصوصاً في القطاعات الزراعية، ما زالوا يتناوبون
قراءة نصوص الكتب المقدسة باللغة العبرية مع لغة الترجوم".
وفي الناصرة، في منزل الصحفي الإسرائيلي الشهير، عطا الله منصور، الذي
كان رئيساً لتحرير صحيفة هاآرتس اليومية الصادرة باللغة العبرية، والذي
يكتب الآن العمود الرئيسي في صحيفة القدس اليومية الصادرة باللغة
العربية.. نجد أن الآرامية سمة ثابتة في المشهد اللغوي، خصوصاً في مظهرها
الطقسي.
ويستشهد منصور بمصدر فريد من تأليف عزت زكي، نُشر في القاهرة منذ 14 سنة،
عن وصف المسيحيين النسطوريين لأنفسهم بأنهم "أبناء الله"، وادعائهم بأنهم
المتبقين من "القبائل العشرة المفقودة". ويؤكد زكي أنهم لا يتزوجون من
خارج طائفتهم، ويعيشون في مناطق جبلية محصنة في كردستان. ويقتبس زكي عنهم
قولهم: "نحن نستخدم اللغة الآرامية مثل اليهود بالضبط".
ويشير منصور إلى أولئك المسيحيين الدخلاء في كتابه الصادر حديثاً: كنائس
محدودة الأفق، تاريخ المسيحية في الأرض المقدسة والمناطق المحيطة بالشرق
الأوسط منذ عهد المسيح إلى العصر الحاضر. وطلب من راعي الكنيسة
المارونية، أبونا يوسف عيسى، أن يفسر دمج الرعايا السريان، المقدرين بألف
شخص، في طقوس صلاته.
قال أبونا يوسف: "المتعلمون للغة السريانية هم رجال الدين فقط"، موضحاً
إلى أنه تعلمها عندما كان طالباً في معهد لاهوتي في روما. لكنه يعترف:
"لا أستطيع التحدث بها، لكنني أفهم كل كلمة منها".
وحتى قرن مضى، كما قال أبونا يوسف، كانت اللغة الآرامية هي اللغة المحكية
في الكثير من القرى فيما يُعرف بسوريا الحالية. ولم يبق اليوم من هذه
القرى التي تتكلم الآرامية إلا ثلاثة، وكلها قريبة من دمشق. وتحاول
السلطات السورية، لأسباب سياسية، أن تحجب هذه القرى عن أنظار الفضوليين،
وخصوصاً المراسلين الأجانب. لكن الطلبات الملحة لتلفزيون BBC
لإنتاج فيلم وثائقي عن التقاليد الثقافية لهذه القرى أفلحت، وسُمح له في
النهاية، وإن بتردد.
وأضاف أبونا يوسف: "نقيم صلواتنا باللغة السريانية، لكن من الضروري
التحول إلى اللغة العربية أكثر فأكثر". وقد وازى السريانية بالآرامية، مع
إقراره أنها لهجة مختلفة: "أنا فخور جداً لكوني أتكلم نفس اللغة التي كان
يتكلم بها السيد المسيح".
وماعدا الجامعات الرفيعة المستوى، مثل كامبردج وتل أبيب، لا يوجد إلا
القلة ـ إن وُجدت ـ تدرّس الآرامية أو السريانية كلغات قراءة وكتابة
ومحادثة.
هذا هو الواقع التعليمي الذي يواجه معظم الطلاب اليهود
(Yeshiva)،
الذين يصبون جهدهم في تعلم المضامين والمبادئ اللاهوتية المبسوطة في
التلمود
(Gemara
باللغة الآرامية). إنهم لا يدرسون قواعد اللغة الآرامية، ولا يُختبرون في
جزالة المفردات، ولا يتطلب منهم التحدث بالآرامية، على الرغم من أن
التلمود نفسه يتضمن خطبة ربانية تعود إلى 2000 سنة مضت من عمر هذه اللغة.
فبدلاً من ذلك، يتعلمون الآرامية في سياق النص التلمودي فقط، وبطريقة
الاستظهار بشكل أساسي.
قال موتزافي: "أُجريت تجربة في جامعة كامبردج لتعليم اليهود الأرثوذكس
الشباب اللغة الآرامية بوصفها لغة كلاسيكية، وبذا يمكنهم مطالعة النص
التلمودي باستقلال عن توجيهات الربانيين. لكن هذه التجربة آلت إلى الفشل،
حيث لم يمتلك الشباب المهارة في إدراك التراكيب اللغوية، مثل تصنيفات
الأفعال أو الاستعمال القواعدي، التي يمكن أن تصادفهم في النص القديم".
لكنه، في نفس الوقت، أبدى ملاحظة على أن مجال الكلمات المستخدمة في
التلمود "محدودة تماماً" بالنسبة لما تتطلبه الحياة اليهودية الدينية
وطقوسها.
كان الظهور الأول للغة الآرامية منذ 3000 سنة، كلغة للآراميين القدماء
الذين أسسوا أمارة "بدان آرام"
(Padan Aram)
وأمارة "آرام النهرين"
(Aram Naharayim).
واستخدم الآشوريون اللغة الآرامية كلغة مشتركة فيما بينهم، ثم أصبحت لغة
امبراطوريتهم، كما حدث مع البابليون والفرس. فكل هذه الأقوام استخدمت
اللغة الآرامية في الإدارة والتجارة، من الهند إلى إثيوبيا. أما الذين لم
يتكلموا الآرامية ضمن ممالكهم الخاصة، فكانوا على الأقل يفهمونها ويحسنون
قراءتها، كما قال أحد الباحثين.
في فترة المعبد الثاني، منذ 2000 سنة مضت، كان يهود أرض إسرائيل يستخدمون
اللغة الآرامية الفلسطينية على نطاق واسع. وبعد ظهور المسيحية، طور
أتباعها لهجة خاصة بهم تختلف إلى حد ما عن لغة اليهود. لكن اللغة
الآرامية بقيت الأهم مكانة في منطقة الهلال الخصيب حتى الفتح الإسلامي في
القرن السابع، فبدأت تتراجع مكانتها تدريجياً أمام اللغة العربية.
ونجد أن نفس الاسم المستخدم الترجمة السريانية للكتاب المقدس
(Peshitta)
هم اشتقاق من الكلمة العبرية
(Pshat)،
أو "الإيضاح". فالكثير من الكلمات ذات الأصل الواحد يمكن لمتكلمي العبرية
فهمها بسهولة. مثلاً، تُلفظ عبارة
(toda raba)
أي
("thank-you")
بنبرة توكيد على المقطع الأول من كل كلمة أكثر من المقطع الثاني، كما هو
الحال في اللغة العبرية المعاصرة.
في أوج اللغة الآرامية، عندما كانت تحتل نفس المكانة العالمية التي للغة
الإنكليزية اليوم، لم يكن الأمر فقط انقساماً بين نسختين: غربية وشرقية
(تُعرف الأولى دائماً بالآرامية، والأخيرة بالسريانية)، لكن السريانية
فرّخت عدداً لا يحصى من اللهجات التي كانت غالباً غير مفهومة من قبل
الأقوام المجاورة الذين يتكلمون نفس اللغة. وفي ذلك الحين، كانت الأبجدية
التي يستخدمها اليهود لتدوين اللغة العبرية هي الأبجدية الآشورية التي
عرفوها خلال سنوات أسرهم، وتخلوا عن أبجديتهم الخاصة الفينيقية الأصل.
أما اللغويون السريان فآثروا أبجدية مختلفة.
كانت إحدى النتائج لهذه التحولات أن الآرامية التلمودية لم تعد مفهومة من
قبل المسيحيين، فأخذوا يستخدمون لهجات آرامية متنوعة، دمجوا معها
تدريجياً الكثير من الكلمات الأجنبية من اليونانية والعربية.
قال باحث مسيحي مقيم في القدس، وقد أصر أيضاً على عدم ذكر اسمه، أن شتات
(Diaspora)
المتكلمين بالآرامية ـ أو السريانية ـ يشمل كندا، السويد، النرويج،
أستراليا وإنكلترا. (ووسع هذه القائمة باحث آخر لتضم فرنسا ـ وخصوصاً
مرسيليا ـ ولبنان وجنوب الاتحاد السوفييتي السابق).
وعدّد الباحث المقدسي الكنائس الشرقية الرئيسية الأربعة التي تقيم
صلواتها باللغة السريانية, وهي: السريانية اليعقوبية، السريانية
الكاثوليكية، النسطورية والكنائس الكلدانية (والأخيرة كانت تُعرف سابقاً
بكنيسة جيروم).
وكانت الآرامية الفلسطينية هي اللغة الأكثر انتشاراً وسط مسيحيي الأرض
المقدسة حتى القرن السادس عشر، كما أوضح الباحث، مع ملاحظة منه أن تحولهم
إلى اللغة العربية كان أسرع في المرتفعات منه في السهول والوديان.
وقد جرت عملية مشابهة في سوريا والعراق وإيران، حيث تحول المتحدرون من
أصل آرامي والمجموعات الإثنية الآشورية والبابلية الفارسية إلى الديانة
المسيحية، وتبنوا اللهجة الآرامية لشمال غرب بلاد ما بين النهرين، والتي
تُعرف بالسريانية.
ومع انتشار اللغة الآرامية، حلّت، عملياً، محل اللغة العبرية، وتناقص عدد
المتآلفين مع اللغة التوراتية. وكذلك كان حال أخوتهم في الدين في بابل
والمناطق المحيطة ببلاد ما بين النهرين، إلى حد أن سفر دانييل، وهو وليد
تلك البيئة، " يعتبر آرامي بنسبة 80% منه"، كما قال الباحث.
وعزا إيمانويل دوبتشك، وهو لغوي ومترجم هاجر إلى إسرائيل من فرنسا،
انتشار اللغة الآرامية في العالم القديم إلى كون الآراميين تجاراً سيطروا
على طرق التجارة في الهلال الخصيب وحوض البحر الأبيض المتوسط.
وأكد دوبتشك أن الآراميين: "لم ينشغلوا ببناء إمبراطورية، ولم تكن لهم
إمبراطورية خاصة بهم. لكن لغتهم أحزرت مكانة أهلتها لتكون الحامل اللغوي
الرئيسي للمحادثات الدبلوماسية" والتجارة الدولية لما يقارب الألف عام.
ونسب عالمية اللغة الآرامية إلى ترجمتها للعديد من الأعمال الفلسفية
والتاريخية والعلمية في العالم القديم من اليونانية واللاتينية، مما جعل
هذه الأعمال محفوظة للأجيال اللاحقة.
ورغم التأثير الثقافي للغة والثقافة اليونانية في العهد الهيليني، "بقيت
الآرامية اللغة المسيطرة في هذه البلاد، وحلت أبجديتها ذات الخط المربع
محل الأحرف المتصلة لنظام الكتابة الكنعاني ـ الفينيقي الذي تبناه
العبريون بالأصل"، كما قال دوبتشك.
لكن نهوض المسيحية وكتابة العهد الجديد باللغة اليونانية خلق "عقبة" أمام
تعمير الآرامية. وتزامن مع هذا تبني المسيحيين الشرقيين أشكالاً مختلفة
من الأبجدية الآشورية التي تذكّر حروفها بالأبجديات العبرية، لكن هذا لم
يكن كافياً لجعلها مقروءة من قبل معظم اليهود. لكن كان بإمكان الباحث
المسيحي، المغفل الاسم، يدوّنها بلحظة.
ليس هناك من برهان أفضل على حيوية اللغة الآرامية المعاصرة من حفلات
الأعراس المشهدية التي تقيمها جالية
(Nash Didan)
اليهودية التي قدمت من سفوح جبال القوقاز.
و
(Nash Didan)
تعني "شعبنا"، وقد خلّد موسيقاها ورقصاتها المميزة المؤلف الموسيقي
البارزة نيسان أبيب، الذي قدم إلى إسرائيل منذ 55 سنة، في أوج هجرة
(Nash
Didan)،
وكرّس حياته للحفاظ على هذه الثقافة واستمرارها منذ ذلك الحين. وبالإضافة
إلى إصداره مجموعة من الألبومات الموسيقية
(CDs)،
أنتجت القناة الأولى فيلماً وثائقياً عنه.
ومباشرة بعد عرض عمل الراحلة نعومي شيمر
(Yerushalayim Shel
Zahav)
"قدس
الذهب"،الذي حقق نجاحاً كبيراً عشية حرب بالأيام الستة، حصل أبيب على
ترخيص بنقل العمل إلى الآرامية. وأصبح، بعد ترجمته إلى
(Yerushalayim Ai Dheba)،
عنصراً رئيسياً أثيراً في أعراس
(Nash Didan).
قال أبيب، الذي وُلد في أرمينيا، في مدينة قديمة في أذربيجان الإيرانية:
"كنا نتكلم الآرامية في البيت، والتركية في الشارع، وتعلمنا الفارسية في
المدرسة".
وأضاف: "كنت أعرف قدراً لا بأس به من اللغة العبرية عندما أتينا إلى
إسرائيل، لأننا كنا نتعلمها في مدارسنا اليهودية. ويعود الفضل للغتي
الآرامية أنني كنت أتكلم مثل صبّاري (يهودي مولود في فلسطين)".
ولا تجتذب أغاني أبيب وقصائده الغنائية المكتوبة باللغة الآرامية
المعاصرة، فقط جمهور المستمعين من الجاليات المتحدثة بالآرامية في
إسرائيل ـ المقيمين في هولون وجيباتيم والقدس ـ لكنها تذاع أيضاً من
محطات التلفزيون والإذاعة الآرامية (أو السريانية) في أستراليا وكندا
والسويد".
قال أبيب: "'قدس الذهب' منتشرة شعبياً في الخارج كما هي هنا".
وتستند موسيقا أبيب على ثلاثة آلات: الطبلة المعروفة بـ
(Daira)،
وآلة خماسية الأوتار تشبه البلالايكا أو المندولين وتعرف بـ
(Kar
Kavkazui)،
ونسخة معدلة من آسيا للتشيلو تعرف بـ
(Kamanncha).
وقد استحق أبيب ثناءً لا محدوداً من أحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في
اللغات السامية، هيزي موتزافي، الذي يتكلم العديد من اللهجات الآرامية
والسريانية بطلاقة.
ويلاحظ موتزافي أن قوام جالية
(Nash Didan)
هم "بضعة آلاف فقط" من الإسرائيليين (يشكل أعضاؤها نسبة مئوية صغيرة
مقارنة مع تدفق المهاجرين من إيران وتركيا والقوقاز، والذي وصل إلى حوالي
200000 مهاجر). ويشير إلى أن هذه الجالية أيضاً هي من المجموعات الإثنية
اليهودية المغمورة.
وأوضح موتزافي: "تركيز الجالية منصبّ على الثقافة والفولكلور والآرامية
المنطوقة"، مشيراً إلى العنصر الأخير بـ
(Lishan
Noshan
أو "لغتنا".)
لكنه يميّز أبيب كواحد من أبرز النشطاء في
(Nash Didan)
الذين ساهموا بفعالية كبيرة في الحياة الروحية والثقافية للجالية.
لكن أبيب، بصورة شخصية، متشائم بعض الشيء مما يحمله المستقبل لنمط الحياة
واللغة اللتين أحبهما وجاهد للمحافظة عليهما.
قال: "لغتنا الآرامية في طريقها للنسيان. فالجيل الشاب يمكن أن يفهمها،
لكنه غير قادر على التحدث بها، لذا ستكون منسية عاجلاً أم آجلاً".
لكن أحد المشاريع التي تمنح أبيب بصيصاً من الأمل هو العمل في جامعة تل
أبيب على تطوير قاموس للغة الآرامية. قال: "المشكلة هي أن المشروع ضخم
جداً، والتمويل المتوفر له صغير جداً".
|