نهضة الشعب الآرامي
20180406
بقلم د . حسين الديك
يعتبر الشعب الآرامي من ذات الجذور التاريخية العميقة
التي تمتد عبر قرون في صلتها ونشاتها وأهليتها بالمشرق
خاصة مناطق ما بات يُعرف ببلاد الشام والعراق وشمال
الجزيرة العربية وجنوب تركيا حاليا، وارتبط
ذلك
الشعب بإرث حضاري وثقافي وتاريخي عظيم قدم الكثير من
الإبداعات والإنجازات العلمية والمعمارية والطبية
والثقافية والفنية عبر تاريخه العريق الذي امتد لقرون
طويلة في الشرق، حيث كانت اللغة الآرامية لغة دولية
وعالمية سادت لقرون طويلة قبل الميلاد وبعده.
وقد تعرضت الشعب الآرامي لكثير من التهجير وعمليات
إبادة منظمة عبر محطات كثيرة في التاريخ، ورغم ذلك صمد
وحافظ على ثقافته وتاريخه وحضارته وهويته الآرامية،
لكن عامل الهجرة في العصور الحديثة من الوطن الأم،
بلاد الشام، إلى بلاد أوروبا وأمريكا كان عاملاً
أساسياً في التأثير على ثقافة هذا الشعب وأضعافه في
موطنه الأم الذي حلت مكانه ثقافات دخيلة غير أصيلة.
أن الإبادة التي تعرض لها الشعب الآرامي لم تقتصر على
إبادة الإنسان فقط، بل عملت على إبادة اللغة والثقافة
الآرامية أيضاً، وهرباً من البطش والاضطهاد الذي مارسه
الاحتلال بشتى أنواعه على الشعب الآرامي اجبر الكثير
من الآراميين على تبني ثقافة الاحتلال وتعلم لغة
الاحتلال فأصبحت لغة رسمية رغم أنها لغة احتلال،
والاحتلال العربي البدوي نموذجا لذلك.
تنوعت أصناف وألوان الإبادة بحق الشعب الآرامي، فمن
إبادة الإنسان إلى إبادة اللغة والثقافة إلى إبادة
التراث والمنحوتات والشواهد، إلى إبادة التاريخ
والمخطوطات، إلى إبادة النسيج الاجتماعي للشعب
الآرامي، إلى التهجير والنفي، ورغم ذلك لازال في الوطن
الأم للشعب الآرامي من يتحدث اللغة الآرامية و ينتمي
إلى الثقافة والتاريخ الآرامي ويعتز بهذه الحضارة
العريقة
.
وفي عالم اليوم فالسبيل الوحيد للنهوض بالشعب الآرامي
أي شعب بلاد الشام، هو العودة إلى الأصالة والعراقة
والحضارة والأصل العرقي للشعب الآرامي واللغة الآرامية
والثقافة الآرامية، والتخلص من كل موروثات الاحتلال
العربي وثقافته وأضغناه وأحقاده التي فرضت بالقوة على
الشعب الآرامي.
فلن تقوم أية قائمة حضارية لذلك الشعب
الآرامي التي تعيش في بلاد الشام وتسمى (عربية) لأنها
تتحدث اللغة العربية دون العودة إلى جذورها وأصولها
الآرامية العريقة وثقافتها وتاريخها المشرف، وأما إن
بقيت متمسكة بثقافة ولغة الاحتلال (البدوي العربي)
فسوف تظل تسبح في بحار من الدماء والقتل والإرهاب، ولن
تستطيع تحقيق أدنى مقومات الحياة الإنسانية لها ولن
تحقق أي طموحات في المستقبل
.
وهذا لا يتعارض مع أي حقوق دينية لأي شخص كان، فهذه
ليس دعوة إلى ترك دين معين أو دخول في دين أخر، بل إن
الدين هو علاقة روحية بين الإنسان وخالقه وهو حق أصيل
من حقوق الإنسان، ولكن هنا يجب العودة إلى الأصل
القومي الآرامي للشعب الآرامي وهو موجود ويعيش في
بلاده وموطنه الأم، لكنه يتحدث اللغة العربية التي هي
لغة الاحتلال، ولنا في ذلك مثال أن الشعب التركي
والماليزي دخل الإسلام ويدن بدين الإسلام وقد حقق
الكثير من التقدم والإنجاز الحضاري والثقافي لشعبة
والتطور الاقتصادي والسياسي، لكنه بقي محافظ على لغته
وتاريخه وثقافته وحضارته، ولم تُفرض عليه لغة الاحتلال
العربي أو ثقافة الاحتلال العربي البداوة والأعراب
.
أن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية ملحة تفرض على الشعب
الآرامي الوقوف عند مسؤولياته والتحرر من رواسب
الاحتلال العربي والعودة إلى التاريخ والثقافة
والعراقة والأصالة واللغة الآرامية القادرة على النهوض
بتلك الشعوب والمجتمعات و وضعها في مصاف الدول والشعوب
المتقدمة في عالم اليوم. |