عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

مؤتمر السلام المعقود في باريس عام 1919

هنري بدروس كيفا

بعد نهاية ألحرب ألكونية ( ألأولى ) في 11 تشرين ألثاني، أسرع ألحلفاء ألمنتصرون إلى إنعقاد مؤتمرألسلام في باري وقد دام هذا ألمؤتمر من 18 كانون ألثاني 1919 إلى 21 كانون ألثاني سنة 1920 ، وقد توقفت ألإجتماعات خلال أشهر عديدة . دامت تلك ألإجتماعات حوالي 6 أشهر بشكل متقطع و هدفها ألمعلن هو "إيجاد ألحلول" للمشاكل ألعديدة في أوروبا و ألعالم ألتي وقعت خلال ألحرب ألكونية . ألدول ألمشاركة في ألمؤتمر و أهدافها

أولا    فرنسا إعتبر ألحلفاء إن فرنسا هي ألدولة ألتي تضررت كثيرا من جراء وقوع ألمعارك على أراضيها ، لذارضي ألجميع أن تكون مدينة باريس مقرا لهذا ألمؤتمر ألعالمي . كانت ألحكومة ألفرنسية ألممثلة برئيسها جورج كليمنصو تسعى إلى ألإنتقام من ألدولة ألألمانية :

-  معاهدة فرساي 28 حزيران 1919 في صالة ألمرايا ألمشهورة في قصر فرساي حيث أعلن بسماركسنة 1871 إنشاء "ألإمبراطورية ألألمانية"- شددت فرنسا على فرض ألعقوبات ألمالية على ألدولة ألألمانية

 - إستعادت فرنسا مناطق ألألزاس و أللورين و سعت إلى إقتطاع أجزاء من ألمانيا و ضمها إلى بولونيا و بلجيكا و حتى ألدانمرك ألتي لم تشارك في ألحرب .

ثانيا - بريطانيا ألعظمى مثل هذه ألدولة رئيس ألوزراء Lloyd George دافيد ليود جورج وكان همه ألأول تحقيق ألمكاسب ألسياسية لبلده ، محاولا ألحفاظ على ألدولة ألألمانية كي لا تتفرد فرنسا ألزعامة في أوروبا . كان على ليود جورج أن يتصدى لمطالب جورج كليمنصو ألظالمة بحق ألألمان و كذلك أن يتصدى لمبادئ و يلسون ألمثالية و أشهرها حق ألشعوب في تقرير مصيرها. ( للتذكير فقط سنة 1919 كانت ألهند و باكستان و بنغلادش مستعمرات بريطانية .)

ثالثا - ألولايات ألمتحدة ألأميركية. Thomas Woodrow Wilsonتوماس وودرو ويلسون ألرئيسألأميركي ألذي شاركت بلاده منذ 1917 بإرسال ألجيوش إلى ساحات ألمعارك في فرنسا . إشتهر عالميا بألمبادئ 14 ألتي نادى بها كي تتوقف ألحرب ألمدمرة.

- فرنسا و بريطانيا تلبيان رغبة ويلسون ، إعلان نشأة " عصبة ألأمم" في معاهدة فرساي. - تحت شعار "حق تقرير مصير ألشعوب" ، عمدت فرنسا و بريطانيا إلى تفكيك ألسلطنة ألعثمانية و ألإمبراطورية ألنمساوية- ألمجرية و كذلك ألإمبراطورية ألألمانية. ألإمبراطورية ألنمساوية سوف تتقسم إلى ثلاث دول:

 ألنمسا و ألمجر و تشيكوسلوفاكياو مناطق عديدة تعطى إلى ألدول ألمجاورة. حق تقرير ألمصير لم و لن يطبق في ألمستعمرات ألفرنسية و ألبريطانية!

- فرنسا و بريطانيا تستوليان على ألمستعمرات ألتي كانت خاضعة للإمبراطورية ألألمانية.

- فرنسا و بريطانيا سوف تتقاسمان سوريا و ألعر اق و فلسطين و لبنان وفقا لمعاهدة سايكس بيكو غيرأبهين بحق تقرير ألمصير لسكان تلك ألمناطق ألتي سوف" تستعمرها "بموجب ألإنتداب ألذي يدعي مساعدة ألشعوب لنيل إستقلالها بينما هو في ألحقيقة "إستعمار مبطن "لقد فشل ويلسون في تحقيق أهدافه ألنبيلة ألمعلنة في "مبادئ ويلسون ألأربعة عشر "و حتى "عصبة ألأمم " كانت منظمة عالمية و لكن بدون أي قدرات لمنع ألحروب .

 ألكونغرس ألأميركي لم يقبل بقبول أو تصديق معاهدة فرساي . ولم تقبل ألولايات ألمتحدة ألأميركية ألدخول في "عصبة ألأمم ." لا شك أن ألرئيس ويلسون كان صادقا في سعيه لتحقيق ألسلام ألعادل في ألعالم ، من ألمؤسف أن أطماع فرنسا و بريطانيا قد قضت على مبادئ ويلسون ألمثالية . سنة 1920 نال ويلسون جائزة نوبل للسلام.

رابعا إيطاليا Vittorio Emanuele Orlando  أورلندو رئيس وزراء إيطاليا لم يلعب دورا مهما ، فهو موجود في ألصورة و لكن لم تكن له أو لإيطاليا أي دور فعال . لقد ترك أورلندو مؤتمر ألسلام حين عرف أن فرنسا و بريطانيا لا تقبلان أن تضم إيطاليا بعض ألمناطق ألإيطالية ألمتواجدة سابقا في ألإمبراطورية ألنمساوية هنالك دول عديدة قد شاركت في ألمؤتمر صوريا مثل بلجيكا و أليابان و ألبرازيل و غيرها ، وفود هذه ألدول كانت موجودة كي توقع على ألقرارات من قبل فرنسا و بريطانيا و ميركا.


بعض ألملاحظات حول مؤتمر ألسلام في باريس 1919

أولا - يجب ألا نخلط بين مؤتمر ألسلام في باريس و بين معاهدة Versailles .أن مؤتمر ألسلام قد دام حوالي سنة و شاركت فيه دول عديدة و وفود تمثل شعوب عديدة في أوروبا و أسيا بينما معاهدة فرساي كانت في قصر فرساي بين دول ألحلفاء و ألدولة ألألمانية .

ثانيا - خلال ألمؤتمر تم عقد عدة معاهدات: - Le traité de Versailles de 1919 معاهدة فرساي في 28 حزيران1919 بين ألحلفاء و ألمانيا (شروط ظالمة سوف تكون من أسباب ألحرب ألعالمية ألثانية) Le traité de Saint-Germain-en-Layeعاهدة سان جرما نفي ضواحي باريس قد تمت بين ألحلفاء ألنمسا في 10 أيلول 1919 و أدى إلى تفكيك ألإمبراطورية ألنمساوية Le traité de Neuilly معاهدة نويي بين ألحلفاء و بلغاريا في 27 تشرين ألثاني 1919 حيث تنازلت بلغاريا عن مقاطعات عديدة ضمت إلى أليونان و يوغوسلافيا و رومانيا

 . Le traité de paix du Trianonمعاهدة ألتريانون في 4 حزيران 1920 بين ألحلفاء و هنغاريا . هذه ألمعاهدة هي شبيهة بألمعاهدات ألأخرى حيث خسرت هنغاريا ثلثي مساحة أراضيها و أصبح ثلث ألهنغاريين يعيشون في دول أخرى:

أين حق تقرير ألمصير للشعوب ؟

 كما تمت هذه ألمعاهدة بعد إنتهاء مؤتمر ألسلام ألذي إنتهى في 21 كانون ألثاني 1920 . - Le traité de Sèvres معاهدة سيفر وهي بين ألحلفاء و ألسلطنة ألعثمانية في 10 أب 1920 . و قد قبلت ألسلطنة أن يحصل ألأكراد على ألحكم ألذاتي في دياربكر و ضواحيها و في مناطق في جنوب شرقي ألأناضول .

أما ألمناطق ألشرقية و ومقاطعات قارس و أردهان و أرزوم فقد شكلت " دولة أرمينيا ألمستقلة".

كما وافقت ألسلطنة على قرار " عصبة ألأمم " بتولية فرنسا على إنتداب سوريا و لبنان و كذلك إنتداب بريطانيا على فلسطين و ألعراق . كما حصلت فرنسا على مناطق نفوذ في كيليكيا و ألمناطق ألمتواجدة فيها عسكريا من كيليكيا إلى أورفا و ماردين .

كما حصلت إيطاليا على أضنة و ضواحيها و على جزر أل Dodécanèse أي ألإثنتي عشر و أكبرها جزيرة رودوس.

 أما أليونان فقد حصل على سميرن و تراسيا .لقد رفض ألشعب ألتركي هذه ألمعاهدة و إستطاع بقيادة مصطفى كمال أن ينتصر على أليونانيين و ألأرمن و يلغي إتفاقية سيفر . - Le traité de Lausanne معاهدة لوزان بين ألحلفاء و ألجمهورية ألتركية حيث وافق ألأتراك على إستقلال ألمناطق ألعربية و توقف ألحلفاء على ألمطالبة بإستقلال ألأكراد و ألشعب ألأرمني .

تمت هذه ألمعاهدة في سويسرا في 24 تموز 1923 وهي تعتبر أخر ألمعاهدات ألمتعلقة بإنتهاء ألحرب ألكونية .

ثالثا - مؤتمر ألسلام في باريس و ألمعاهدات ألتي أبرمت بموجبه و حتى إنشاء عصبة ألأمم لن يمنع ألحروب ، لا بل أن قسوة ألموقف ألفرنسي سوف يسمح لهتلر أن يناضل و يصل بطريقة ديموقراطية إلى ألحكم لأن ألشعب ألألماني عانى كثيرا من ظلم معاهدة فرساي.

رابعا - لقد قدمت إلى باريس وفود عديدة تمثل شعوبا و أقليات تعاني من ظلم ألحكام .

 و كان مبدأ حق تقرير ألمصير قد أعطى فرصة أمل لتلك ألشعوب كي تتحرر . و كان مبدأ ويلسون ألثاني عشر يطالب " يحق للمناطق ألتركية في ألسلطنة ألعثمانية ألحالية أن تحافظ على سيادتها و أمنها، أما ألشعوب ألأخرى ألخاضعة للسيطرة ألتركية فيجب تأمين حماية كاملة للحياة و إمكانية كبيرة كي تتطور بشكل مستقل" .

و لكن هيهات بين ألوعود و ألحقوق ألتي بقيت حبرا على ألورق!

خامسا - لم يلعب ألرئيس ألفرنسي Raymond Poincaré ريمون بوانكري دورا كبيرا في مؤتمر ألسلام ، لأن رئيس ألوزراء Georges Clemenceau. جورج كليمنصو ألذي وصل إلى ألحكم في تشرين ألثاني 1917 و كان يتمتع بشعبية قوية خاصة بين ألجنود و كان يلقب بألنمر .

بعد إنتصارات ألحلفاء سنة 1918 صار كليمنصو يعرف بأبي ألنصر .

لا شك إن كليمنصو قد لعب دورا مهما في إنتصار ألحلفاء ( توحيده ألقيادة مثلا) ولكن يرى ألمفكرون ألفرنسيون أليوم أن رغبة كليمنصو ألشديدة في ألإنتقام و معاقبة ألألمان هي ألسبب ألرئيسي لفشل مؤتمر ألسلام في باريس!

أخيرا عندما سأل ألصحافيون رئيس ألوزراء ألبريطاني لويد جورج عن إنطبعاته بعد إنتهاء ألمؤتمر أجابهم:
"لا بأس إذا أخذنا بعين ألإعتبار بأنني كنت جالسا بين يسوع ألمسيح و بين بونابرت "مشيرا إلى "مثالية" ويلسون و " جبروت" كليمنصو !

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها