إذا كانت
الخارجية التونسية تقول إنها لن تدعو المجلس الوطني السوري لمؤتمر
أصدقاء الشعب السوري القادم، بينما ستوجه الدعوة لكل من روسيا
والصين، فإن السؤال هنا هو: وما الفائدة من هذا المؤتمر؟.. بل
ولماذا لا يُدعى لمؤتمر أصدقاء الأسد من باب أولى؟!
فكم هو غريب أن
يقول وزير خارجية تونس السيد رفيق عبد السلام إنه «لن يكون هناك
بالتأكيد تمثيل رسمي للمجلس الوطني السوري» في مؤتمر أصدقاء الشعب
السوري، مشيرا إلى أن المراجع المختصة «تناقش الموضوع»، ومضيفا أن
«الأمور مرهونة بأوقاتها»، ومتمنيا تشكيل مجموعة من المعارضة «يكون
لها تمثيل حقيقي»!
والحقيقة هي أن
القول بأن المعارضة السورية غير موحدة أمر غير واقعي، خصوصا في ظل
نظام ديكتاتوري إجرامي طوال أربعين عاما مثل نظام الأسد، الأب
والابن، بل السؤال هو: من الذي وحد المعارضة العراقية قبل إسقاط
صدام حسين غير الأميركي خليل زلماي، وفي لندن؟.. ومن وحد المعارضة
الليبية غير الفرنسيين والقطريين؟.. بل إنه قبل سقوط القذافي تمت
تصفية عبد الفتاح يونس، والتي يبدو أنها لم تكن عملا انتقاميا بقدر
ما كانت أشبه باغتيال أحمد شاه مسعود، أي إزاحة من المشهد السياسي
استعدادا لمرحلة جديدة.
فالمقصود
بمؤتمر تونس أن يكون مساندا للثورة السورية، ورسالة واضحة للنظام
الأسدي، وليس العكس، فدعوة الروس والصينيين ستكون بمثابة محاولة
لتفريغ مؤتمر تونس من محتواه، وهذه طريقة أسدية شهيرة، فالمؤتمر
المزمع عقده بتونس ليس ملحقا لمجلس الأمن حتى تحضره موسكو وبكين،
بل هو مؤتمر من أجل اتخاذ قرارات تصب في مصلحة السوريين العزل،
وليس من أجل وقف القتل فقط، بل ومن أجل تحقيق المرحلة الانتقالية،
وفقا لرغبة الثورة السورية، التي تبنتها الجامعة العربية.
ولذا يبدو أنه
من المستحسن اليوم أن يكون هناك مؤتمر لأصدقاء الأسد تُدعى له كل
من موسكو وبكين وبيروت، وبعض مسؤولي الجامعة، وحتى القاهرة، ويُعقد
حيثما شاءوا، أما مؤتمر أصدقاء الشعب السوري فيجب أن يدعى له أولا
المجلس الوطني السوري، مع الاعتراف به بالطبع، وكذلك الدول
الفاعلة، والراغبة، في إنهاء معاناة السوريين، ووضع حد لجرائم
الأسد، مثل السعودية وتركيا وقطر والإمارات والأردن، والدول
الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ومعها أيضا
أميركا، وذلك ليتم اتخاذ قرارات، وأفعال حقيقية، يلمسها السوريون
العزل، خصوصا من هم تحت القصف المدمر طوال أسبوعين، مثل أهل حمص
ودرعا وإدلب.. وذلك ليخرج مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، كما أوضحنا،
بقرارات وخطوات عملية لدعم المعارضة السورية بكل أشكال الدعم، بما
فيها السلاح، وكذلك فرض الممرات الإنسانية الآمنة، واتخاذ الخطوات
الممكنة لبذل جهد دبلوماسي سواء داخل مجلس الأمن مجددا، أو خارجه،
لإنهاء حقبة الأسد البالية، وضمان تفعيل دور محكمة العدل لتباشر
مهمة تتبع من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بسوريا، وذلك وفقا
للقرارات العربية الأخيرة.
هذا هو المطلوب
من أصدقاء الشعب السوري، وعدا ذلك فيجب أن يسمى أي مؤتمر لا يتبنى
مثل هذه المسائل بمؤتمر أصدقاء الأسد!