الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

 طارق الحميدمقالات سابقة للكاتب

 

 

 

      طارق الحميد

tariq@asharqalawsat.com


العصا للأسد!
20120802
كان الرئيس الأميركي الأسبق، روزفلت، يردد مثلا أفريقيا شهيرا يقول: «تحدث بلطف، لكن احمل عصا غليظة»، وذلك لكي يظهر المرء أنه قادر على تحويل كلماته إلى أفعال إذا اقتضت الحاجة، ويبدو أن هذا ما أراد قوله الرئيس الأميركي باراك أوباما لطاغية دمشق بشار الأسد من خلال الصورة التي وزعها البيت الأبيض على بعض وسائل الإعلام، ومن بينها صحيفتنا.

فقبل أول من أمس وزع البيت الأبيض صورة تظهر الرئيس أوباما بمكتبه البيضاوي ممسكا بعصا البيسبول الغليظة أثناء الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين رئيس الوزراء التركي، والذي قيل إن الزعيمين اتفقا فيه على تسريع العملية الانتقالية في سوريا، التي تعني بطبيعة الحال رحيل طاغية دمشق، فهل كانت عصا أوباما إذن رسالة للأسد؟ بكل تأكيد نعم؛ فالصورة لم تكن عفوية، ولم تلتقط من مقر إجازة أوباما، بل كانت بمكتبه الرسمي، وفي السياسة، وكما هو معروف، فإن الساسة يستخدمون كل إيحاء، أو إسقاطة، لإرسال رسائل، والصورة إحدى أبلغ الرسائل بالسياسة، خصوصا إذا كان المقصود أيضا إيصال رسالة للرأي العام. إلا أن السؤال الأهم هو: هل يكترث الأسد بعصا أوباما؟

أشك، خصوصا أن الأسد لم يكترث، طوال 17 شهرا، بكلام أوباما اللطيف، فلماذا يكترث اليوم بصورة عصا؟! فالديكتاتوريون من أمثال الأسد لا يكترثون بصورة العصا، وإنما بوقع ضربتها، وهذا ما رأيناه بحال صدام حسين، ومعمر القذافي، وواشنطن أوباما لم تذق الأسد حتى الآن لسعة النحل، ناهيك عن العصا، ولذا فإن السؤال الآخر الملح هو: هل ينوي أوباما فعل شيء الآن تجاه الأسد؟ أيضا أشك، فجميع من يتشاورون مع واشنطن باتوا على قناعة بأن الإدارة الحالية لا تنوي فعل أي شيء تجاه نظام الأسد قبل الانتخابات الأميركية المقبلة بعد ثلاثة أشهر، ولا نعلم ما إذا كان السيد أردوغان، واعتمادا على ما يحدث على الأرض بسوريا، قد نجح في إقناع أوباما بضرورة التحرك الآن ضد الأسد! ربما، فكل شيء جائز، لكن المؤكد للحظة أن حديث أوباما اللطيف قد طال، ومن يقتل الأطفال والنساء لا يمكن أن يفهم لغة اللطف.

وبالطبع فليس المطلوب من أوباما اليوم إرسال طائراته وجيوشه لمقاتلة الأسد، فحتى الثوار السوريون، لا يطالبون بذلك، فكل المطلوب هو تزويد الجيش الحر بالسلاح اللازم للتعامل مع الطائرات الأسدية التي تستهدف المدنيين، ومضادات لمواجهات الدبابات التي تعربد بالأحياء والمدن، فمن شأن تلك الأسلحة أن تعجل بكسر قوات الأسد الإجرامية. والمطلوب من الرئيس أوباما اليوم، وعبر الناتو وتحالف الراغبين الدوليين، هو توفير المناطق الآمنة على الحدود السورية - التركية، والأردنية، التي ستضمن انهيار ما تبقى من قوات الأسد.

المطلوب من الإدارة الأميركية هو أفعال، وليس أقوالا، فإذا كانت صورة أوباما ممسكا بالعصا قد ذكرتنا بالمثال الشهير الذي كان يردده روزفلت «تحدث بلطف، لكن احمل عصا غليظة»، فإن سياسة الرئيس أوباما نفسه تجاه سوريا قد ذكرتنا أيضا بالمثال الشهير الآخر بأميركا وهو «يقولون القول، ولا يفعلون الفعل»!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها