جميل ما قيل في
جنيف من قبل معظم القوى الدولية ذات الموقف الحاسم تجاه جرائم بشار
الأسد، وحتى ما قاله السيد كوفي أنان، لكن رغم كل ذلك فلا يمكن
توقع نجاح أي خطة تجاه الثورة السورية، وبما فيها مؤتمر جنيف، ما
دام الأسد نفسه موجودا على الأراضي السورية، وليس في السلطة وحسب.
فحتى لو تجاوبت
موسكو مع الضغوط الدولية، وقبلت بتشكيل حكومة وحدة وطنية من دون
الأسد، خصوصا أن التصريحات الصادرة من بعض وزراء الخارجية
الغربيين، ومنهم وزير الخارجية البريطانية، واضحة وصريحة، وحاسمة،
تجاه الأسد؛ حيث يطالب ويليام هيغ بضرورة صدور عقوبات دولية من قبل
مجلس الأمن تجاه نظام الأسد، وتحت الفصل السابع. نقول حتى لو تم
الاتفاق على ذلك فلا أمل في النجاح ما دام طاغية دمشق لا يزال يقيم
على الأراضي السورية، فالأسد يجيد تماما التلاعب بأي اتفاق كان،
وتفريغه من مضمونه، فقد فعلها في العراق، وبالطبع في لبنان، والأهم
من كل ذلك التسويف والمماطلة، والأكاذيب التي يقوم بها كل يوم في
سوريا، منذ انطلاق الثورة.
فمنذ عام ونصف
العام تقريبا، عمر الثورة السورية، لم يقدم نظام الطاغية جنديا
واحدا، ناهيك من ضابط أو مسؤول، للمحاكمة تجاه ما اقترف من جرائم
بحق السوريين، ولم يفِ بوعد واحد من وعوده الإصلاحية، بل إن جميع
ما فعله كان تمثيليات خادعة تصب في تكريس نظام حكمه، والتنكيل
بالسوريين. وبالطبع فقد قام الأسد بتفريغ مبادرة السيد أنان الأولى
من كل محتواها، ولم يلتزم ببند واحد من بنودها، مثل ما فعل مع
المبادرات العربية في ذات الشأن، فكيف يمكن تصديق أنه سيسمح لحكومة
وحدة وطنية أن تتشكل في سوريا يستبعد هو منها، حتى لو اتفق المجتمع
الدولي، وحظي الاتفاق بموافقة موسكو؟ فهل نعتقد أن الأسد سيكون علي
عبد الله صالح آخر؟ أمر مشكوك فيه تماما.
ولذا، فإن أي
اتفاق لا ينص على الخروج الفوري للأسد من سوريا، وقبل تشكيل حكومة
وحدة وطنية أو خلافه، فإنه أمر مشكوك فيه تماما لأنه لا يمكن تخيل
أن طاغية دمشق سيكون متعاونا، إلا في حال علم الأسد يقينا أنه في
حال فشلت عملية خروجه فإن التدخل العسكري الخارجي سيكون هو الخيار
القادم؛ وهذه أيضا مشكوك فيها؛ لأن الواضح أن الأسد رجل منفصل عن
الواقع، ناهيك بمنسوب الغرور الطاغي في إدارته للأمور.
ومن هنا فإن ما
يجب على الجميع التنبه إليه الآن هو واقع الأمور على الأرض في
سوريا، فالواضح أن قوات الطاغية بدأت تشعر بازدياد قوة الجيش
السوري الحر. وعليه، فلا بد من مواصلة دعم الثوار السوريين، لأن من
شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار قوات الطاغية، ناهيك بأنه يرخص الثمن
الذي تطلبه موسكو في سوريا، سواء سياسيا، أو اقتصاديا، يوما بعد
آخر. أما التفكير في أن الأسد سيدع حكومة وحدة وطنية تتشكل أمام
عينيه وهو في سوريا، فهذا أمر يصعب تصديقه، وسيكون مفاجأة لو تحقق!