سوريا
وتركيا.. لقاء الوداع؟
20110810
بنفس أهمية لقاء طارق عزيز وجيمس بيكر الشهير في جنيف، قبل حرب
تحرير الكويت، ولا يقل أهمية أيضا عن لقاء وزير خارجية تركيا
السابق بولنت أجاويد مع طه ياسين رمضان، قبل حرب احتلال العراق،
جاء لقاء داود أوغلو مع بشار الأسد في دمشق.
لقاء الأسد - أوغلو يأتي في وقت بات فيه نظام الأسد أقرب إلى مصير
معمر القذافي، وبسبب أخطاء الأسد نفسه، وليس تخطيط الآخرين.
فالحقيقة أنه لم تتكون ظروف تحمي أي نظام عربي، دوليا، كما حمت
الظروف نظام الأسد، مرارا وتكرارا. وإذا أردنا تسمية الأشياء
بأسمائها، فإن تلك الظروف التي حمت نظام الأسد هي أن النظام استطاع
تأمين الحدود مع إسرائيل لعقود، أمان لم يتحقق حتى على الحدود
الإسرائيلية مع الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع تل أبيب،
فأعظم إنجازات نظام الأسد الدولية، الأب والابن، هي الحفاظ على
حدود آمنة مع إسرائيل.
لكن كل ذلك تغير اليوم، وبفضل إرادة الشعب السوري، وعجز النظام
البعثي الذي يسير إلى طريق مسدود، فالطبيعي هو أن نظام الأسد إلى
زوال، وليس الاستمرار، فهذا نظام خارج الزمان. وبعيدا عن كل معطيات
المنطقة، والمتغيرات الدولية والإقليمية، فها هو النظام يصل إلى
مرحلة اصطدام مع أقرب حلفائه وهم الأتراك، الذين حاولوا، ومنذ
سنوات، تقديم الإسعافات الأولية لنظام بعثي ميت أصلا، وكل
الإشكالية هي في كيفية دفنه.
ولذا، فلا يمكن أن يعول على لقاء أوغلو مع الأسد كثيرا، خصوصا إذا
كانت رسالة وزير الخارجية التركي لدمشق مطابقة لما تم تسريبه لبعض
الصحف التركية من قبل دبلوماسيين أتراك، ومن تلك التسريبات
المطالبة بضرورة سحب القوات الأمنية من كل المدن السورية، وإخلاء
سبيل الموقوفين، والدعوة لانتخابات فورية تشارك فيها كل الأحزاب
الجديدة الراغبة في خوض غمار التجربة الديمقراطية في سوريا، بل إن
هناك تلميحات أيضا يفهم منها بشكل واضح أنه قد يطلب من بشار الأسد
نفسه التنحي عن الحكم.
وعطفا على نهج النظام البعثي في سوريا، سواء إبان حقبة الأسد الأب
أو الابن، فإن كل ما قد يقوله الأتراك للأسد لن يجد آذانا صاغية في
دمشق، فمجرد التغيير في سوريا يعني أن نظام الأسد قد انتهى. فمشكلة
هذا النظام ليست في أنه يقاوم التغيير، بل لأنه غير قابل للتغيير
أساسا، فهو نظام كل همه البقاء في السلطة، ولو على جماجم السوريين
العزل، وليس همه البناء والتطوير، أو الاكتراث بالشرعية.
ولذا، فالسؤال اليوم هو: هل يكون لقاء أوغلو - الأسد لقاء الوداع،
خصوصا أن كل المؤشرات تقول إنه مع استمرار أخطاء الأسد، ومواصلة
القتل، فقد تسير الأمور إلى تدخل عسكري في سوريا؟ والحقيقة أن
الوقت لن يطول حتى نعرف الإجابة، خصوصا أنه ليس بمقدور نظام الأسد
إيقاف رياح التغيير العاتية التي تضرب المنطقة، مع انفضاض أصدقاء
الأسد من حوله، عدا عن الصمت الذي بات يلف حلفاءه، خصوصا مع مواقف
عربية متوالية، وصارمة، والأهم من كل ذلك صمود السوريين أنفسهم
المطالبين بإسقاط النظام.
|