الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

  بيار عطالله / صحفي لبناني

pierre.atallah@annahar.com.lb


الوصاية السورية أعادت المسيحيين للعهد العثماني

201110601

سيستمع الزعماء الموارنة والمشاركون في لقاء بكركي غداً الى كلام من نوع آخر عن الوضع المسيحي في مؤسسات الدولة او الادارات العامة، وسيكتشف "قادة" الموارنة ونوابهم ووزراؤهم الموزعون على ضفتي 8 و 14 آذار ان المسيحيين يواجهون واحدة من اخطر الازمات الوجودية في تاريخ دولة لبنان الحديث والذي لم يمضِ على قيامه اكثر من 91 عاماً.

الزعماء الموارنة المتحالفون مع النظام السوري سيدركون ان ما فعلته الادارة السورية للبنان خلال 15 عاماً من الاحتلال والوصاية المباشرة لم يصب إطلاقاً في مصلحة نظرية "تحالف الاقليات" وحفظ الوجود المسيحي التي روجتها الوصاية، وان الجيش السوري كان يحمي المسيحيين في لبنان. كما سيكتشف مؤيدو اتفاق الطائف ومن قاتلوا من اجل تطبيقه، ان هذا الاتفاق انما تحول اداة "استئصال" للحضور المسيحي في مؤسسات الدولة تحت عنوان التخلص من هيمنة المارونية السياسية وتحقيق التوازن في الادارات العامة.

ما سلف هو غيض من فيض مما سيسمعه اللقاء الماروني من نخبة من الرهبان والعلمانيين الذين يرصدون تفاصيل الوضع في القطاع العام وحال العنصر المسيحي فيه، والذين يقدمون ارقاماً ومعلومات مذهلة تؤكد ان المرحلة الممتدة ما بين 1990 – 2005 انما كانت المرحلة السوداء للمسيحيين في القطاع العام واعادتهم ليس 60 عاماً الى الوراء بل الى العهد العثماني والنزاع ما بين الولاة الاتراك. وفي التقارير ان عدد الوظائف في القطاع العام بلغ مع نهاية 2010 22 الفاً و 29 وظيفة، منها 15344 وظيفة شاغرة و 6685 عاملة. ويتوزع الشغور على 40% في الفئة الاولى، 59% في الفئة الثانية، 54% في الفئة الثالثة، 73% في الفئة الرابعة و81% في الفئة الخامسة. ويشرح رئيس هيئة "لابورا" الاب طوني خضرا ان النقص الهائل في موظفي الفئة الخامسة ليس بالامر العابر، لان الدخول الى الفئة الخامسة ومن خلال المباريات في مجلس الخدمة المدنية هو المدخل الطبيعي للولوج الى القطاع العام والترقي في فئاته وصولاً الى فئات اعلى. ويقول ان الصراع في الدولة هو على سد هذا النقص الهائل في وظائف الفئتين الرابعة والخامسة التي تشكل "خزان الدولة" البشري من الادمغة والطاقات الادارية والفكرية.

إقالة واستقالة

خلال الاعوام ما بين 1990 – 2005 اي سني الادارة السورية، تكفل اركان اتفاق الطائف بابعاد المسيحيين عن وظائف الفئتين الرابعة والخامسة، الأمر الذي أدى الى شبه غياب مسيحي عن وظائف الفئة الثالثة التي تشكل بدورها "الخزان" الذي يستعان به عند اختيار موظفي الفئتين الاولى والثانية على قاعدة المقابلات والكفاية وشهادات حسن العمل والادارة. ويقول احد المتابعين للملف ان عوامل عدة تضافرت على ابعاد غالبية المسيحيين عن القطاع العام، في مقدمها ضرب القيادات السياسية المسيحية وابعادها عن لبنان مما ولّد شعوراً بأن هذه الدولة "معادية للمسيحيين"، وهو ما لم تكذبه الطبقة السياسية الحاكمة التي لجأت الى قمع المسيحيين بشدة وانتهاك حقوقهم ومصادرة تمثيلهم السياسي. ويضاف الى سياسة "تهشيل" المسيحيين اتفاق ضمني بين اركان الطوائف الاخرى على تقاسم حصة المسيحيين في الدولة وانتزاع المواقع المؤثرة منهم سواء بالاقالة او بالاستقالة.

وهكذا انخفض عدد المسيحيين في القطاع العام من اكثر من 43 في المئة عشية 1990 الى 15 في المئة فقط عام 2005.

ويبرز الأب خضرا احصاءات تظهر ان عدد المسيحيين المتقدمين الى الوظائف العامة خلال 2008 بلغ 13٫50 في المئة مقارنة مع 86 في المئة من السنّة والشيعة، وبلغت نسبة الفائزين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية 18 في المئة مسيحيين و82 في المئة مسلمين.

اما خلال عام 2009 فقد ارتفع عدد المتقدمين المسيحيين الى 18 في المئة وبلغت نسبة الناجحين بينهم 24 في المئة. وعاد رقم المسيحيين الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية ليرتفع بثبات خلال 2010 الى 30 في المئة بعدما اخذت الكنائس المسيحية تولي القطاع العام عنايتها، وبعدما بات عنوان العودة الى الدولة والتمسك بالبقاء في لبنان مدرجاً في كل العظات والخطب والتوجيه لدى الكنائس المسيحية اللبنانية.

أحزاب فاقدة للوعي

ويوضح احد العلمانيين المعنيين بالملف والذي فضل عدم ذكر اسمه، ان المشكلة لدى الاحزاب المسيحية انها لا تتعاطى مع موضوع التوظيف في القطاعين العام والخاص بالمفهوم الاستراتيجي للمشاركة المسيحية في الادارة العامة، خصوصاً ان الدولة اللبنانية هي دولة تعددية، بل انطلاقاً من مقاربة خدماتية محدودة الابعاد والاهداف والتأثير على نقيض الاحزاب والتيارات السنية والشيعية التي تسعى عملياً الى توسيع دائرة حضورها في مؤسسات القطاع العام والامساك بكل ما تستطيع من وظائف. والانكى من ذلك ان النواب المسيحيين المنتخبين بغير اصوات الناخبين المسيحيين لا يكترثون لامر المسيحيين في مناطقهم ولا يسعون الى ادخالهم لا الى القطاع العام ولا الى القطاع الخاص على حد سواء. في حين تغيب غالبية الاحزاب المسيحية عن الاهتمام بمسيحيي الاطراف الذين يشكلون الخزان البشري للقطاع العام وللمؤسسات الامنية والعسكرية تحديداً.

ويقدم الأب خضرا تجربة قوى الامن الداخلي نموذجاً لما يجب ان تكون عليه الامور في سائر المؤسسات، فيقول ان نسبة التوزع الطائفي اصبحت 40 في المئة مسيحيين مقارنة مع 60 في المئة سنة وشيعة ودروزاً، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء تاريخ 31 آذار 2010 والذي طلب فيه تطويع المزيد من المسيحيين في سلك قوى الامن، وبرر ذلك بـ"مقتضيات الوفاق الوطني"، مما ادى الى تطوع المئات من المسيحيين وتصحيح الخلل في التوازن بنسبة كبيرة. وهذا ما ينطبق ايضاً على مؤسسة الامن العام التي جرى تصحيح نسبة الخلل الطائفي فيها بنسبة كبيرة بعد فتح باب التطوع فيها. وتبقى الاشارة الى ان الاحزاب المسيحية قدمت لوائح ببضع عشرات من الاسماء للتطوع، في حين قدم الكهنة والأبرشيات والرعايا والرهبانيات لوائح بآلاف المتطوعين. 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها