في الهجرة وتراجع أعداد المسيحيين
2011/05/30
بين الحين والاخر يجول
عدد من المسؤولين عن دائرة الهجرة في سفارات الدول
الاسكندنافية على مجموعة من الجمعيات والمؤسسات المعنية
بمتابعة ملفات حقوق الانسان في لبنان. هذه الجولات ليست
جديدة بل تعود الى بداية التسعينات عندما لم يكن هناك وجود
للبعثات الديبلوماسية الاسكندنافية في بيروت، وكانت
غالبيتها ان لم تكن جميعها تتخذ من العاصمة السورية مقراً
لها بعد انتقالها من بيروت الى دمشق. وتهدف هذه الزيارات
الى تقويم أوضاع حقوق الانسان لان للامر صلة وثيقة بالمئات
إن لم يكن بآلاف طلبات اللجوء السياسي والانساني التي
تتلقاها الدول الاسكندنافية من مواطنين يحملون وثائق
واوراق سفر لبنانية ممن يصلون الى مرافئ هذه الدول البحرية
والجوية ويتذرعون بتردي الاوضاع في لبنان او تعرضهم
للتهديد وخطر الملاحقة والموت من أجل طلب اللجوء
والاستقرار في تلك الدول.
قبل تسعينات القرن الفائت كان غالبية طالبي اللجوء العرب
من الهاربين من ظلم الانظمة العربية وبطشها وخصوصاً
العراقيين والسوريين، ثم تتالت موجات من اللاجئين
الفلسطينيين الذين تمكنوا من الخروج من جحيم المخيمات
الفلسطينية وظروفها القاسية والمهينة سواء في لبنان أو من
الدول العربية. أما في مطلع تسعينات القرن الفائت فكانت
النسبة الاكبر من طالبي اللجوء في الدول الاسكندنافية من
المسيحيين اللبنانيين الذين حزموا أمتعتهم عقب 13 تشرين
الاول 1990 وغادروا الى الخارج طلباً للجوء، وكان الواصلون
الى اسوج والنروج يحملون معهم قصاصات صحافية صغيرة وتقارير
مؤسسات حقوق الانسان اللبنانية والعالمية عن عمليات القمع
الانتهاكات التي تجري في لبنان من اجل تبرير طلب اللجوء.
وبعد تفجير كنيسة سيدة النجاة وحل “القوات اللبنانية”
وتوقيف رئيسها سمير جعجع وصلت دفعات جديدة من “اللاجئين”
الى الدول الاسكندنافية، ولم يطل الامر حتى اخذت موجات من
اللاجئين الهاربين من قمع النظام الامني السوري – اللبناني
تصل الى تلك الدول طلباً للامن والامان. وكانت المعلومات
التي يقدمها طالبو اللجوء هدفاً للتنقيح والمتابعة من
دوائر الهجرة التي كانت تشرح للمنظمات والجمعيات المعنية
بحقوق الانسان في لبنان انها تريد تأمين اللجوء لمستحقيه
فعلاً وليس للباحثين عن فرص عمل او مصدر دخل في حياتهم.
وهذا الموقف لدى دوائر الهجرة له ما يبرره بسبب الاعداد
الكبيرة التي كانت تتدفق على ديارهم بعدما شاعت اخبار
التقديمات الاجتماعية التي تقدمها حكومات الدول
الاسكندنافية واخبار الثروات التي حصدها قسم لا بأٍس به من
طالبي اللجوء، والذين أصبحوا مواطنين بعدما انخرطوا في
دورة الحياة العامة واتقنوا لغات تلك البلاد وعاداتها
وتقاليدها.
يقول احد العاملين في دوائر الهجرة، ان موجة كبيرة من
طالبي اللجوء سجلت قبل انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من
الجنوب عام 2000، حيث كان طالبو اللجوء يبررون فعلتهم
بالخشية على حياتهم من الانتقام او القتل، وسوى ذلك من
مبررات كانت تلقى اذاناً صاغية لدى المسؤولين الاجانب بسبب
عنف المواجهات التي كانت تجري في الجنوب. لكن ما اذهل
دوائر الهجرة هو استمرار وصول طالبي اللجوء الى الدول
الاسكندنافية بعد الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 وصولاً الى
الامس القريب. ويشرح الديبلوماسي المعني بطلبات اللجوء
وتقويم اوضاع حقوق الانسان في لبنان، ان اعداد المسيحيين
اللاجئين من لبنان انخفضت بشكل حاد ووصلت الى مستويات
متدنية وفردية ولم تعد كما كانت في مراحل سابقة، في حين
سجل ارتفاع كبير في عدد اللبنانيين طالبي اللجوء من ابناء
الطائفة الشيعية، والذين يبررون تقديم الطلبات بالاوضاع
القلقة في جنوب لبنان والخشية على حياتهم ومصالحهم من
اندلاع النزاع العسكري في جنوب لبنان بين “حزب الله” و
اسرائيل بعد حرب تموز 2006 . وما يذهل الديبلوماسيين اكثر
على ما يقولون، هو ادعاء بعض طالبي اللجوء انهم يخشون
سيطرة “حزب الله” على حياتهم ونمط عيشهم في مناطقهم. ويشير
هؤلاء الى ان قسماً لا بأس به من طالبي اللجوء ممن يصلون
الى دياره، هم من مناطق حدودية جنوبية ويحملون سمات سياحية
صادرة عن دول في الاتحاد الاوروبي تتيح لهم بطريقة او أخرى
الوصول الى مطارات الدول الاسكندينافية حيث يشرعون في
ترتيب اوضاعهم بهدوء في انتظار الحصول على الموافقة على
اللجوء، الامر الذي يمتد فترة طويلة نسبياً في انتظار
انتهاء التحقيقات والمراجعات واكتمال الاوراق الثبوتية
طمعاً بدخول جنة اسكندينافيا.
|