أربعة أعوام على اغتيال بيار الجميل ورفاقه: كيف لا
يكون المسيحيون معنيين بالمحكمة؟
20101115
يقول محازبو “الكتائب”
إن أكثر ما يؤلم اصدقاء الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل
ومناصريه ومحازبيه هذه الأيام، تلك النظرية التي يروج لها
مسيحيو “8 آذار” لدى الرأي العام وعبر وسائل الاعلام وفي
الصالونات، أن المسيحيين غير معنيين بموضوع المحكمة
الدولية وكل ما يتصل بها من قريب أو بعيد، وأن عليهم النأي
بأنفسهم عن هذا الخلاف لأنها مسألة تتصل بالخلاف السنّي –
الشيعي في المنطقة، وتالياً فإن أحد تجليات هذا الخلاف هو
موضوع التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري.
ويضيف المحازبون: “المؤلم في مقاربة مسيحيي 8 آذار أنها
تتناسى أو تعمل على طمس حقيقة دامية هي أن ثمة قافلة من
الشهداء المسيحيين الذين سقطوا منذ 14 شباط 2005 ومنهم من
استشهد جنباً الى جنب مع رفيق الحريري وفي مقدمهم الوزير
باسل فليحان الى المواطنين الابرياء وآخرين سقطوا تباعاً
في عمليات الاغتيال التي استهدفتهم، وكان منهم جبران تويني
وبيار الجميل وانطوان غانم، ورغم أن سمير قصير وجورج حاوي
كانا يساريين وعلمانيين، فان ذلك لا يسقط انتماءهما الديني
والمجتمعي الى الجماعة المسيحية وتالياً لا يمكن التنكر
لشهادة ميلادهما وهويتهما المناطقية والطائفية”.
وما يذهل المحازبين ومحبي بيار الجميل ان محاولات الفصل
بين المسيحيين وقضية المحكمة لا تراعي اي اعتبار وطني او
قيمي، بدليل أن مسيحيي “8 آذار” ينادون بمقاطعة المحكمة من
دون ان يقدموا أي دليل أو حجة أخرى تؤمن الحد الأدنى من
العدالة والانصاف للشهداء الذين سقطوا منذ 14 شباط 2005،
بل انهم لا يقدمون اي مخرج لآلية التعامل مع جرائم اغتيال
تويني والجميل في معالجة ملف شهود الزور، ويتناسون تماماً
ان شهود الزور كان لهم دور ما في الاغتيالات، إلا أن ذلك
لا يعني انهم هم من نفذوا الاغتيالات اللاحقة والتي طالت
تويني والجميل وغيرهما.
يعوّل رفاق بيار الجميل على المحكمة الدولية كثيراً للتوصل
الى نتيجة ما، انطلاقاً من الفكرة التي تروّج ان ثمّة
قاسماً مشتركاً او ترابطاً بين اغتيال رفيق الحريري وعدد
من الجرائم التي تلت، من دون أن تتوضح ماهية هذه العلاقة.
فلا المحكمة الدولية سربت شيئاً ولا محققوها أفصحوا عن
ماهية التحقيق، وكل ما في الأمر لا يتعدى التكهنات
والتنظير والاصطياد في الماء العكر والترويج لنظريات تخدم
أهدافاً سياسية معينة. فقد قيل مرّة أن أحد الموقوفين في
ملف مجموعة “فتح الاسلام” نقل كلاماً يستشف منه معرفة
القتلة، وقدم صورة رشيش من عيار 9 ميلليمترات على انه اداة
الجريمة، ولاحقاً جرى الترويج لصورة سيارة يابانية قيل ان
الجناة استخدموها لتنفيذ العملية وانها وجدت في شمال
سوريا، بما يوحي الاعداد لرواية تقول ان الجناة نفّذوا
عمليتهم وانتقلوا الى هناك ومنها الى تركيا او ربما الى
العراق او حتى افغانستان. لكن شيئاً من ذلك لم يثبت او لم
يعوّل عليه، وكان اكثر من تصريح للكتائب والرئيس امين
الجميل في هذا الموضوع بأن هذه الروايات غير دقيقة ولم
تكشف عن هوية الجناة.
هذه التساؤلات المبهمة وذلك الملف الفارغ في قضية اغتيال
بيار الجميل، هو ما يثير حفيظة رفاقه ومحازبيه ويزيد
اصرارهم على التمسك بالمحكمة واهدافها على ما يقولون،
وخصوصاً ان الكلام عن الملف الفارغ وعدم توصل التحقيق الى
اي نتيجة يبدو امراً مرهقاً للاعصاب ويستفز كل عاقل او
باحث في الموضوع، وخصوصاً في جرائم الاغتيالات الاخرى.
ويقول رفاق الجميل انه اغتيل في وضح النهار وامام اعين
الناس و”على عينك يا تاجر” في جريمة لا سابق لها، ولكن رغم
ذلك لم يتبين حتى الساعة اي خيط اسود او ابيض في تلك
الجريمة، والجميع يذكرون تلك الخيمة الكبيرة التي اقامها
الخبراء الدوليون في مكان الجريمة وقيل انهم قاموا بتحليل
كل ما وقعت عليه ايديهم، لكن النتيجة لا تزال صفراً
مدوياً، والملف لا يزال قابعا بين ايدي المحققين وربما كان
ليدخل دائرة النسيان والذكريات المرة لولا التذكير
المتواصل لحزبه وعائلته ورفاقه بالموضوع ومحاولتهم ملاحقة
الامور سعياً وراء الحقيقة، التي يعتبر مسيحيو “8 آذار”
انهم غير معنيين بها، وان “الحق كل الحق على شهود الزور
الذين تسببوا بتعكير العلاقات اللبنانية – اللبنانية
واللبنانية – السورية” على ما يقول رفاق بيار الجميل،
الذين يسألون عن امر واحد: “اذا لم نكن معنيين بالمحكمة
الدولية وكل تلك الآلية الضخمة من الاجراءات والتحقيقات
والابحاث التي قامت بها بهدف التوصل الى المعلومات في
جرائم الاغتيال، فأي محكمة ستوفر ذلك؟ ومن يحصّل حق بيار
الجميل وجبران تويني وانطوان غانم وسمير قصير وباسل
فليحان؟ وكيف تتحقق العدالة؟”. |