جويس
ماير وبعض المشاركين في مؤتمر عنكاوة
يبقى
الانشاء صفحة او صفحات من الاسطر التي ينقشها صاحبها ويرفقها باسمه
الكريم فيشير الى استمرارية وجوده رقما بين ارقام الكتاب او الناشطين,
وهكذا يكون فعل الانشاء لدى المتلقى كفعل تلك النسمة العابرة التي تدخل
من الباب لتخرج من الشباك دون ان تثير ضجة تذكر. بينما تبقى الاسماء
البارزة هي التي قرر اصحابها ان تكون كتاباتهم عبارة عن حقول الغام
اختاروا طوعا انشائها والمغامرة في محاولة اجتيازها واقناع القارئ بانهم
قد تمكنوا وبجدارة من الخروج منها بسلام. انه لموقف غاية في الصعوبة ان
يلجأ البعض ( مضطرا او مُخيًرا او خجلا ) الى الانشاء ممًن اعتاد قرائه
مشاهدته يقفزفي حقول الالغام و قد خبر طرق وسبل الخروج منها. ربما تكون
عيناه قد وقعت مصادفة بعد مؤتمر عنكاوة على كتيب ( جويس ماير) المعنون (
كُنْ ايجابيا ) ! فانطلق يراجع حساباته وارائه , ولا بأس من ذلك فليست
الحياة افكارا متحجرة ومن حق الانسان ان يتفاعل مع تغيراتها ولكن
الايجابية والحقيقة وجهان لعملة واحدة ليكون الوصف حقا خالصا للموصوف.
حال
انتهاء اعمال مؤتمر عنكاوة أطلق البعض من الذين شاركوا او لم يشاركوا فيه
العنان لاقلامهم لوصف المكاسب و الانجازات والظواهر الايجابية التي
افرزها ذلك اللقاء. مما لاشك فيه ان اي عمل بما فيه السياسي والشعبي
الجماهيري لايمكن ان يكون خاليا من النتائج الايجابية ولكن تلك النتائج
الايجابية في اثارها وفعاليتها تبقى محكومة بما يفرز ذلك اللقاء من
السلبيات في الجهة المقابلة , و هكذا يبقى الفعل السياسي او الجماهيري
الذي يحقق كما يقول لينين ( خطوة الى الامام وخطوتين الى الخلف ) وصفا
لفعالية قاصرة ربما كان الحال قبل حدوثها افضل مما هو عليه بعده . اعتقد
جازما ان الهدف لم يكن فقط النجاح في تجميع كمِ كبير من ابناء شعبنا
لتمتلئ بهم قاعة المؤتمر رغم احترامنا وتقديرنا لمن جاء منهم حاملا هموم
شعبه وساعيا وجاهدا لرسم طريق تحقيق اماله , كما لم يكن الهدف قطعا فقط
حضور كل هؤلاء في تلك القاعة ليستمتعوا مع ضيوفهم بلوحة فنية جميلة
تقدمها مجموعة مبدعة من ابناء شعبنا.
لقد
استبشر الكثيرون خيرا من تجمًع استوكهولم كونه صرخة يمكن ان يعقبها فعل
صحيح في اتجاه بناء قاعدة يمكن الارتكازعليها تمثل قطعها الحجرية طيفا
واسعا ونافذا من مؤسساتنا الدينية والسياسية والاجتماعية, فاذا بالبعض
يجدها فرصة ذهبية لتنفيذ (انقلاب ابيض ) على تلك المؤسسات. ربما يبرر
ذلك تحت يافطة ان قسما مهما من تلك المؤسسسات لم ترغب لاسباب ذاتية
وموضوعية بذل ادنى الجهود لتاسيس تلك القاعدة, وقد يكون ذلك صحيحا , لكن
ذلك كان يجب ان يشكل عاملا اضافيا يدفع ممثلي لجنة استوكهولم
للمحاولة مرارا لتحقيق تقدم في هذا المجال. انه لغربب حقا ان يعلن طرف
ما انه ليس بديلا لاحد في الوقت الذي قرر تهميش او اقصاء او منح اجازة
اجبارية لذلك ( الاحد ) ريثما ينتهي من اقرار تسميته وتقرير مصيره ووضع
برنامج سياسي مستقبلي يجب ان يتقيد به الجميع من اجل توحيد الخطاب ! لقد
كان الامل في ابناء شعبنا في المغتربات ان يكونوا طاولة تجمع و تتجمع
حولها معظم قوى شعبنا فيخرج الجميع بمرجعية قوية يمكن ان تحمل خطابا
موحدا الى الاخرين . لقد كان الكثيرون وبصريح العبارة يستبشرون خيرا في
لجنة استوكهولم كونها ستعمل لايجاد قواسم مشتركة يمكن ان يتفق عليها
اجنحة شعبنا الفاعلة على الساحة والمتواجدة كحقائق على الارض واقصد هنا
الجهد الذي يمثله السيد سركيس اغاجان والحركة الاشورية والاحزاب
الكلدانية , بمباركة الشخصيات الدينية الممثلة للكنائس المختلفة , لكن
الذي حدث اننا وجدنا انفسنا ومن خلال مؤتمر عنكاوة امام ظاهرة ولادة خط
سياسي جديد يطرح نفسه , شاء انصاره ام لا , بديلا عن الجميع ووصيا على
الجميع يمتلك القدرة على الحشد بسبب الدعم الكبير الذي تم توفيره له .
وهكذا عوضا عن اختصار ارقام قوانا وجدنا انفسنا نزيد رقما جديدا. ولذلك
فان توحيد الخطاب يصبح سرابا طالما ان ذلك الخطاب ليس ناتجا لتفاعل جزء
مهم من الارقام السياسية ذات التواجد الملحوظ في الشارع.
اما
المطبة الكبرى التي سقط مؤتمر عنكاوة فيها ومعه شعبنا فكانت في معالجته
لموضوعة التسمية حيث تمكن المؤتمر وبنجاح من العودة بنا الى الموًال
الاول في اسطوانة التسمية المشروخة مما سيفتح من جديد شهية عشاق السباحة
في مستنقع التسمية للغوص من جديد في اعماقه . ربما يتعجب البعض حيث
لاتفعل الانانية الشخصية والتعصب الاعمى فيكونان سببا يجعل التسمية
االمقترحة (سورايا ) تثير لعابنا كونها تشير الى السريان قبل غيرهم ,
لكن المهم هنا هو الوصول الى اية صيغة توافقية يرضى بها الغالبية العظمى
من ابناء شعبنا وبالتالي تسمية يعتز بها الجميع طالما قد اصبحت التسمية ,
شئنا ام ابينا , حاجزا ينبغي اجتيازه , ان الشعور السائد يتمثل في ان
التسمية التي أُشيعت قبل مؤتمر عنكاوة والتي اطلقها السيد سركيس اغاجان
وهي ( الكلداني السرياني الاشوري ) قد نالت استحسانا وقبولا لدى الكثيرين
حتى ان الجو العام قبل مؤتمر عنكاوة قد بدا وكأن شعبنا قد جاوز معضلة
التسمية لكن المؤتمر جاء ليضيف كلمة ( سورايا ) الى التسمية اعلاه فاشعل
من جديد فتيل مشكلة التسمية ليحقق خطوة تاريخية الى الوراء. اقول هذا
وانا السرياني الذي يعتز بالسريان كما افتخر بالكلدان والاشوريين ومن
الناحية الشخصية ليس مهما بالنسبة لي اية تسمية حتى ولو كانت ( هنود
مابين النهرين ) بقدر مايهمني وحدة شعبي والتفافه حول تلك التسمية. اما
البيان الختامي فان الضجة التي أثيرت انتقادا للمؤتمر وحرص رئاسة المؤتمر
على اكمال برنامجه دون مشاكل وانسحابات قد ترك ذلك البيان الختامي يحاول
قدر الامكان السباحة في الامور الوسطية العامة.
هنالك
قول مشهود يدعو الى ان لا نبخس الناس اشيائهم ولذلك ليس من الجائز عدم
الاشارة الى ان مؤتمر عنكاوة كان فرصة طيبة لمن شارك فيه في اللقاء
والتعارف وتبادل الاراء كما يمكن ان تكون احدى ابرز نتائجه انه قد رشح
لنا شخصية جديدة الى الوزارة الكردية القادمة بعد ان مارست دورها بامتياز
وقدمت نفسها على احسن ما يكون في رسالة مقصودة الى من يهمه الامر
وباللغتين الكردية والسورث , إلا ان كل هذا وغيره من الامور الفنية يمثل
مع كل التقدير حصادا بائسا لحقول عظيمة من الامال كانت معلقة على اي جهد
يمكن ان ينقل شعبنا من حال الى اخر, ام ربما اصبح بعض كُتاًبنا يحكم على
فعالياتنا كما يحكم الكثيرون على مؤتمرات القمة العربية فيحسبون مجرد
انعقاد القمة نصرا دون الاخذ بنظر الاعتبار نتائج تلك القمة! |