اقرأ المزيد...
الدكتور وديع بتي
حنا
wadeebatti@hotmail.com
نتائج الانتخابات و عودة الابن الضال
الان وقد انتهت الانتخابات وبانت في الافق بعض نتائجها وما حصده شعبنا
المسيحي منها والتي تشير بوضوح الى الاثار السلبية التي ألحقها به مرة اخرى
البعض من السياسيين الذين فضلًوا المصالح الحزبية والشخصية الضيقة ومن
الكتًاب الذين إستهوتهم روح المشاكسة جريا وراء المثل القائل ( خالف تُعْرف )
فكان هؤلاء السياسيين والكتًاب سببا رئيسيا في الوجبة الهزيلة التي جناها
شعبنا من هذه الانتخابات.
ان الذين قدموا بعض اصوات الناخبين المسيحيين هدية متواضعة لقائمة اخرى بدافع
الولاء لاولياء النعم والذين قرروا المتاجرة بمصير شعبنا من اجل مجد شخصي
زائل انما يتحملون مسؤولية تاريخية كبيرة ستظهر اثارها في ساعات ارق طويلة
تترك ليلهم اطول من ليل شمال السويد في عزٍ الشتاء.
لقد كتب لي السيد مشعان الجبوري رئيس كتلة المصالحة والتحرير قبل الانتخابات
عن قراره في عدم تضمين قائمة المرشحين من كتلته لأي اسم من ابناء شعبنا
المسيحي حرصا منه على عدم تشتيت اصوات الناخبين المسيحيين واتاحة الفرصة
للكيان السياسي المسيحي في ان يدخل البرلمان المقبل بثقل جماهيري محسوس.
وهكذا يظهر للعيان ان بعض الاطراف السياسية العراقية من التي تعي شروط اللعبة
وقوانينها هي اكثر حرصا من بعض السياسيين المسيحيين على دورهم ووحدة صفهم.
هل فكًر اؤلئك السياسيون مليا لماذا قامت قائمة الاكراد عندما قرر حزب
الاتحاد الاسلامي الكردستاني دخول الانتخابات بقائمة مستقلة ولم يتوانى بعضهم
بدافع الحس الوطني على مهاجمة مقاره وحرقها بل توجيه اللكمات الى قيادته في
الاماكن العامة وعلى رؤوس الاشهاد؟ انهم فعلوا ذلك لانهم اعتقدوا ان هذا
الحزب يهدف الى شق الصف الكردي في الوقت الذي قررت فيه الغالبية العظمى من
الاكراد التسامي عن المصالح الحزبية الضيقة من اجل المصلحة العليا للشعب
الكردي حيث اظهرت مسيرة السنين الماضية ان هذا التسامي قد حقق ويحقق نتائج
مذهلة متمثلة في دور سياسي محوري على الساحة العراقية. هل فكًر ذلك البعض عن
السبب الذي جعل الجزء الاكبر من اهل الجنوب يتمسكون بقائمة الائتلاف العراقي
الموحد بالرغم من ان الكثيرون منهم لايرَون في هذا الائتلاف إلا عربة قطار
بخارية قديمة تحوم الشكوك حول اهدافها واتجاه حركتها, بل حتى القوائم الاخرى
التي خرجت من الائتلاف كانت حريصة دائما اثناء حملاتها الدعائية على ان لا
تكسر به وكأنها كانت تروج في تلك الحملات لنفسها والائتلاف معا ايمانا منها
بالمصلحة العليا للشريحة التي يمثلها الجميع.
اما الان وقد وقع الفأس في الرأس مرة اخرى ولأن المهم في السياسة ليس الماضي
بقدر ماهو الحاضر والمستقبل فان المسؤولية تقع على عاتق الحركة الاشورية في
التعامل مع اؤلئك وبالرغم من خطيئتهم الكبيرة على انهم خراف ضالة اخطئت
الطريق يجب رعايتهم وليس كما كان صدام يعتبر امثالهم ( غوغاء ) يجب إبادتهم.
انها سعادة ما بعدها سعادة ومكسب مابعده مكسب ان يجد من يقوم بدور الراعي
بعضا او كل خرافه الضالة.
ان مثل الابن الضال يعطي لنا درسا عظيما في الترفٍع عن روح الانتقام من اجل
لمٍ الشمل ووحدة الصف. لقد بعثر البعض الاصوات وشتًتَ الجهود وها هو يجني
اليوم ما زرعت يداه فقد خرج قبل الجميع ( من المولد بلا حُمٍص) وقد ان الاوان
له ليعود فيعترف كما اعترف الابن الضال بانه اخطأ الى الله والى ابيه فيقرر
ان يعود الى شعبه ويكون جزءا من الكل يعمل مع تيار هذا الشعب وليس بالضد منه,
يقف بقوة مع الصح وينتقد بصوت جهوري الخطأ ويعريه ومن المؤكد ان الفرحة بعودة
هذا البعض الفعال لاتساويها فرحة فيُذبح لهم ماتيسر من العجل المسمًن ويقول
شعبنا بهم ماقاله ذلك الاب في ابنه ( ان ابني كان ميتا فعاش وضالا فوِجد ).
من المؤكد ان بعض قيادات وكوادر الحركة الاشورية لن يروقها هذا الكلام بل على
العكس سيغيضها فهي لاتختلف عن الابن الاكبر في مثل الابن الضال الذي رفض
الدخول الى مأدبة ابيه عندما عرف ان ذلك الاب قد اقام وليمته وفرحه احتفاء
باخيه الذي بذر وانفق امواله على موائد الفاجرات وعاتب اباه بقوله ( اني
اخدمك كل هذه السنين ولم تمنحني جديا لافرح به مع اصدقائي اما هذا الذي انفق
اموالك فقد ذبحت له العجل المسمًن ) , لكن هؤلاء يجب ان يعوا جيدا اذا كانوا
مخلصين حقا لقضايا شعبهم وحقوقه ودوره اننا اذا كررنا نفس الحلقات في المسلسل
لمرات ومرات فاننا ذاهبون جميعا في خطوات واثقة الى الوراء ولن يكون هنالك
منتصر باي حال من الاحوال.
بقي ان نقول ان من ألحق الضرر بشعبنا يجب ان يقرر العودة في توبة نصوحة وبقلب
صادق وليس كتكتيك سياسي جديد يتيح له ان يجد دورا يُشغِل به نفسه طوال المدة
المقبلة الى ان يحين موعد الانتخابات القادمة بعد ان تركته نتائج الانتخابات
الاخيرة عاطلا عن العمل. |