-1-
لم يكن شحاته جوهر الفلسطيني من سكان مخيم عين الحلوة يوماً من
الأيام كاتباً، أو مثقفاً ليبرالياً، أو من الليبراليين الجدد.
يعترف شحاته جوهر، بأنه عضو في تنظيم 'القاعدة'، وقائد التدريب
السابق في العراق.
شحاته جوهر يعترف في مقابلة له مع فضائية 'العربية'
(12/12/2007)، بأنه كان في العراق يدرب الشباب على القتل،
والاختطاف، والفوز بالغنائم، وأنه دخل سوريا ومنها إلى العراق
بمساعدة المخابرات السورية.
شحاته جوهر يقول بصراحة أنا تاجر سلاح في مخيم عين الحلوة.
شحاته جوهر يقول بوقاحة العواهر أنه إرهابي، كما تقول العاهرة
بأنها عاهرة. ويقول وما العيب في ذلك؟
الشريط موجود الآن على موقع 'آفاق' فشاهدوه.
وشاهدوا كيف يردد هذا الإرهابي نفس الكلام الذي سبق أن قاله لكم
الليبراليون الجدد منذ ثلاث سنوات أو أكثر، من أن الذي يحارب
الجيش الأمريكي في العراق ليس الشعب العراقي المُحَرَر، ولكنه
النظام السوري والإيراني.
وعندما سألته المذيعة في مقابلة في مخيم عين الحلوة: ما مصلحة
هاتين الدولتين في ذلك؟
كان رده ما قلناه بالضبط قبل ثلاث سنين وأكثر: لكي لا يتكرر ما
حصل في العراق في سوريا وإيران.
شحاته جوهر الإرهابي، تاجر السلاح، مدرب القتلة، أدرك الحقيقة
التي تعامى أو عميَّ عنها جهابذة التحاليل السياسية العربية،
والأشداق الكبيرة في الفضائيات العربية الرائدة.
شحاته جوهر: عليك أن تكتب هذا التاريخ من خلال تجربتك الفريدة في
العراق، لكي يعرف العميان والطرشان الحقيقة كاملة.
-2-
وصلتني على بريدي هذه الرسالة من محمد بالحارث من مدينة
نجران السعودية:
'سيدي الفاضل:
أنت تكتب من الولايات المتحدة الأمريكية، وتلمّست أفول نجم 'القاعدة'.
وهناك العديد من المؤشرات لهذا الأفول. وهناك أيضاً مؤشرات تساعد
على توقّع سقوط 'القاعدة'، أبرزها أن الجماعات الإسلامية التي
دخلت الانتخابات في عدد من البلدان العربية سجّلت فشلاً ذريعاً،
وكشفت أن الشعار الإسلاموي يظل مجرد شعار يفتقد إلى التطبيق،
وأحيانا آلية التطبيق. كما أن دموية تنظيم 'القاعدة'، وبشاعة
جرائمه، في مقابل تبريرات تخالف الفطرة السليمة للإنسان، دفع
المتعاطفين إلى إعادة النظر، خصوصاً مع تجاسر الرأي الفقهي
المعارض، وظهوره للعلن.
وأنا من الداخل حيث معقل الفكر السلفي الوهابي.
أقول إنني اليوم أسمع من الناس ضد ابن لادن و'قاعدته'، ما لم أكن
أسمعه قبل عام واحد.
وأصبح لدينا من أخذ في التنصل أصلا ًمن السلفية وأفكارها. وأصبح
الشافعي يقول أنا شافعي، والمالكي يقول أنا مالكي، وكنا قد ظننا
أن 'الحنبيلة' هي مذهب الغالبية السعودية.
تحياتي وتحيات صحيفة صوت الأخدود'.
لقد قلتُ في المقال الذي يشير إليه الصديق محمد بالحارث:
أن الصحوة قد بدأت، والناس بدأت تفهم الحقيقة.
لقد عادت الروح إلينا.
عادت الروح.. عادت الروح.
-3-
صرّح فاروق الشرع نائب الرئيس السوري قبل يومين من اغتيال
العميد الركن فرانسوا الحاج قائد العمليات في الجيش اللبناني
والمرشح لخلافة العماد سليمان في رئاسة الجيش، فيما لو انتخب
رئيساً للجمهورية بقوله:
'نحن اليوم في لبنان أقوى مما كنا قبل الانسحاب العسكري منه.
وأصدقاؤنا في لبنان أقوى وأشجع مما كانوا عليه أيام كنا في لبنان'.
وبعد يومين من هذا التصريح اغتيل العميد الحاج.
لأول مرة، يصدق فيها فاروق الشرع.
ولأول مرة، يفلت فيها لسانه على هذا النحو.
الله يستر الشرع، وعسى أن لا يكون مصيره كمصير غازي كنعان، عندما
فلت لسانه هو الآخر، فكانت النهاية.
-4-
أمريكا متعهدة جمع القمامة في العالم العربي.
تلك هي صورة أمريكا الآن في العالم العربي.
أمريكا هي التي تكنُس بيوت العرب وتنظفها من الإرهاب، والفساد،
وتصدر قائمة سنوية بأكثر الدول العربية انتهاكاً لحقوق الإنسان،
وتحاول عبر دعم المحكمة الدولية الكشف عن قتلة السياسيين
والصحافيين والعسكريين اللبنانيين.
العرب يتهمون أمريكا بأنها هي التي فجرّت قنابل الإرهاب في
العالم العربي. وهذا يعني أن هذه القنابل كانت موجودة، كبؤر
نائمة، وأمريكا هي التي أيقظتها.
هذا جميل.
شكراً لأمريكا على هذا العمل الجليل، وعلى فتح هذا الدمّل
الإرهابي المُتقيّح، حيث لا نظام عربياً كان قادراً على تفجير
هذه القنبلة، وعلى فتح هذا الدمّل، وعلى إيقاظ هذه البؤر النائمة.
لقد سبق وقال لي المرحوم المفكر التنويري خالد محمد خالد أثناء
إعدادي لكتاب عن فكره (ثورة التراث: دراسة في فكر خالد محمد خالد)
في حرب الخليج 1991، وكتب ذلك في جريدة 'الوفد': 'من أن المشكلة
الكبرى ليست في تدخّل أمريكا في حرب الخليج، ولكن المشكلة الكبرى
ستكون لو لم تتدخل أمريكا لردع صدام الذي غزا الكويت وطرده من
الكويت'. ولو عاش خالد محمد خالد إلى الآن لقال لنا الكلام نفسه،
وهو أن المشكلة الكبرى لو أن أمريكا غير موجودة، وابلتينا بوباء
الإرهاب الحالي.. ماذا سيكون مصيرنا ونحن العاجزين عن الإمساك
بمجرمين يغتالون السياسيين والصحافيين والعسكريين في لبنان؟
صحيح إذن، أن أمريكا أصبحت متعهدة جمع القمامة العربية، ومزيل
أوساخنا، ولا ينالها آخر النهار غير صفعة على قفاها من الحي
العربي جزاء ما تقوم به.
ولا شكر، ولا عزاء لأمريكا.
السلام عليكم.
ايلاف |