من مسخ العقل العربي؟
من
الملفت للنظر وبوضوح ان مفسري القران القدماء منهم، كالطبري والجدد
والمستجدون الطارئون على الساحة الدعوية كعمرو خالد وغيره من دعاة
الفضائيات وهم ويا للأسف أصبحوا بالمئات والألوف، كان هدفهم الوحيد
وجهدهم الجهيد وما زال:
تبرير الاخطاء، تعليل التناقضات، إخفاء الأغلاط وتمجيد الهفوات من خلال
لغة:
التشويق والإثارة، التنميق والاستثارة، استدرار العواطف الدينية
بالإشارة من خلال اجادة فن التمثيل والشطارة، العبث بالمعاني الى ابعد
الحدود، والمبالغة القصوى في تجليات خيالية وأقاصيص ماورائية غير قابلة
للبرهنة والاثبات سوى التصديق دون تحقيق من قبل المؤمنين الطيبين
المأخوذين بحلاوة السرد وجمالية الحديث.
ولهذا فلقد زيف هؤلاء وما زالوا الوقائع عن علم، وقلبوا الحقائق عن
قصد، ولعبوا بالمنطق كما يحلو لهم، واطلقوا العنان لخيالهم الماورائي
على طريقة حلقات الشيخ الشعراوي لتحقيق هدفهم المنشود في تقديس وتجميل
القرآن واستغباء وتجهيل الإنسان! لماذا؟
لإقناع الناس وبكل الوسائل الممكنة:
بانه كلام الهي لا يخطئ منزل من السماء عبر جبريل على النبي الأمي
محمد، ونص ثابت مقدس
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا
مِنْ خَلْفِهِ.
محاولين من اجل ذلك فعل المستحيل بعينه لسد الثغرات والفجوات التي وقع
بها محمد او من جمعوا من بعده الكتابات القرآنية المتفرقة والمبعثرة
عشوائيا هنا وهناك على
الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها،
فزادوا عليها وأزالوا منها، وكرروا الآيات ووضعوها في غير اماكنها، او
عكس سياقها. فجاء القرآن متخبطا كما نراه اليوم، حسب ذوقهم ومفهوميتهم
ومدى ادراكهم.
ولهذا فلقد شن المفسرون جميعا لتبرير الأخطاء غارات لاعقلانية ومنذ
اكثر من 1400 سنة على العقل العربي في عملية تشويه منظمة ومستمرة
ومستعرة وناشطة ومتجددة في ضجيج اعلامي تلفزيوني انترنيتي عصري يومي
منقطع النظير لغسل دماغه وبالتالي تعميته وتجهيله ومسخه.
وتحقق لهم ما أرادوا!
حيث انتقلت العقول خلال القرون بمساعدة السيوف وما زالت متنقلة حتى
اليوم بمساعدة الضجيج الاعلامي ودموية
حركات الإرهاب الإسلامي
من
الطابق الأرضي الواقعي الحقيقي الى العلوي الغيبي الماورائي او ما
بينهما في حالة من الضياع تتخبط بها كل المجتمعات الاسلامية بين حقائق
الارض وغيبيات السماء.
وهكذا قامت بعض العقول العربية الأكاديمية المغسولة والممسوخة بغارات
لاعقلانية وحشية بربرية على نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر عبرت فيها
للعالم اجمع عن عقل اسلامي ممسوخ، رغم مستوى تعليمه العالي، ومشوه حتى
الانتحار الأحمق في حقد أعمى على الحضارة الانسانية.
ولهذا ولا عجب ان يقف العقل العربي الممسوخ بدوله العربية العظمى
العريقة الضاربة في اعماق التاريخ:
كمصر الفرعونية، والعراق العباسية، والسعودية العربية، وسوريا الاموية،
والمغرب الاندلسية، عاجزا عجزا كاملا على مساعدة الفلسطينيين
المستضعفين ومواجهة الغطرسة الصهيونية والقرصنة الاسرائيلية.
كيف لا وشتان ثم شتان بين المجتمع الإسرائيلي الفاعل بعقله وابداعه على
ارض الواقع والمنطلق بفكره الى الامام على هدى الحقائق العقلانية
الديمقراطية وبين المجتمعات العربية المتخبطة بين الطابقين على اوهام
الآخرة الغيبية، المغيبة عن حاضرها، المغلوبة على امرها، المسلوبة
الإرادة، والمشطوبة من لائحة الشعوب الحرة التي انتفضت في وجه نير
الاستبداد الديني والسياسي.
وهل ممكن ان يصلح العطار ما افسده الدهر خلال عشرات القرون؟ فكيف اذا
حل علينا دكتور ارض جو كزغلول النجار يعمل بمنتهى الذكاء على تشويه
العقل العربي ومسخه، بل ومسحه علميا وعمليا من الوجود ليتحول الى عقل
مغيب عن الحاضر، يعيش المعجزة الكلامية القرآنية كنصر وهمي إلهي يطرب
آذان السامعين دون ان يوقظ عقولهم.
ولا عجب ان يهب مفكرون عرب كثر ومنهم المفكر الهمام محمد عابد الجابري
في محاولات جريئة وجبارة لانقاذ ما يمكن انقاذه من خلال نقد تركيبة
العقل العربي المشوهة والممسوخة لتحريرها من نكبتها التاريخية. وهو
وامثاله هم مصابيح الشرق المشرقة التي ستعيد للعقل العربي صحته واشراقه
من جديد.
ولا بد لليل الطويل ان ينجلي ولا بد لضجيج المشايخ الاعلامي ان يخبو
ويختفي!
ان
مشكلة
العقل العربي مع
الدين الاسلامي هو تدخله بمفاصل الحياة
اليومية
جميعها
من
كبيرها في السياسة الى صغير صغيرها في غرفة النوم،
وتأسيسه
لمفاهيم وقيم مجتمعية مخلوطة ترسبت عبر قرون بعقلية العربي المسلم
لتصيغ
عقلاً
ممسوخا
وفكراً مخلوطاً.
حيث اصبح
التفكير والسلوك والقول والفعل الخطأ،
هو السائد
والصحيح.
ولذلك فنحن هنا لسنا في وارد تمرير الأوصاف التي ينعتها القرآن للشيء
ونقيضه، كنعته للسائل بالماء وكأنه شيء عادي. وكما يريدنا البعض ان
نفعل سياقا مع القول المأثور "كلو عند العرب صابون".
نحن هنا لسنا في وارد تبرير الأخطاء والتناقضات والمغالطات، والتخبط
الفكري الذي يتخبط به القرآن في الكثير من آياته، وإنما لكشف ذلك وقول
الكلمة الحق، التي ترضي ضمائرنا أمام التاريخ في رفض الهيمنة الدينية
الاستبدادية العابثة بالروح العربية والاسلامية قمعا وارهابا فكريا
وجسديا، وتساعد اهلنا في حل مشاكلهم بأيديهم، وتخدم اجيالنا القادمة في
تبصر الطريق الصحيح!
نحن هنا للنقد والمحاورة والنقاش والتنوير ولسنا للمدح والمجاملة
والخنوع والتبرير!
نحن هنا لسنا في وارد القول للأعور: يا جميل العينيين!
وانما لنقول له انت اعور اعور اعور .... ، كي يستحي من عورته ويغطي
عوراته، بدل ان يتباهى بها عاريا مفضوحا امام الآخرين ومنهم الساخرين
على ثرثرات وفتاوي مشايخ اخر زمان وارضاع الكبير من الثدي الملآن.
|