اقرأ المزيد...

سعيد علم الدين

 كاتب لبناني. برلين

2010.04.25

هل حقا خُلِقَ الإِنسَانُ مِن مّآءٍ دَافِقٍ؟(5) والأخير

نحن لسنا يا أبناء أمي أغبياء

كيف لا ومنا المفكرون والعباقرة والعلماء

ولكن ، عندما تتحكم بنا الجهالة والجهلاء

لا بد وان نصبح كرة تتقاذفها أقدام الأذكياء

بعد ان تحدثنا عن اشكالية الماء ساتحدث مباشرة عن الاشكاليتين المتبقيتين وهما: الخلق والغيب. يقول القرآن:

{فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} الطارق : 5-8

اشكالية الخلق

مع كل احترامنا للقرآن ولمشاعر المؤمنين، الا اننا لا بد وان نقول الحقيقة التي نؤمن بها خدمة للعرب ولعامة المسلمين بالدرجة الأولى، بان هذه الآية:

جزلة الوقع، أدبية التركيب، الا انها بدائية التفكير، مغلوطة المضمون، وتتعارض مع الحقيقة العلمية تعارضا صارخا.

لماذا؟ هذا ما سنجيب عليه.

ما ساورده هنا هي حقائق علمية اصبحت معروفة للجميع ومكشوفة وليست غيبيات ماورائيه، وصف كلمات إنشائية بلغةٍ بلاغية.

واذا كان القرآن حمال أوجه، فالحقيقة العلمية لها وجه واحد.

واذا كانت الحقيقة العلمية تكشف لنا تطور الجنين لحظة بلحظة، بل حتى وتصنعه في القوارير امام أعيننا، وتصنع لنا الصاروخ والطائرة والكمبيوتر، فالآيات القرآنية جزلة الوقع، نستمتع بترتيلها، لا اقل ولا اكثر.

حسب تفسير ابن كثير للآية المذكورة وباجماع معظم التفاسير:

"المني يخرج دفقا من الرجل ومن المرأة فيتولد منهما الولد. يخرج  بين الصلب والترائب" صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما".

هذه الآية القرآنية وفي تفسيرها لا تؤدي في الحقيقة الى عملية خلق الانسان. والا فانه في كل مرة يمارس رجل مع امرأة الجنس ويلتقي منيه متدفقا في مهبلها مع منيِّها يجب ان يتكون جنينا في احشائها.

وهذا غير صحيح!

وماذا عن المراة بعد الخمسين عندما يلتقي مني الرجل مع منيها.

لماذا لا تحبل؟

هذا يؤكد لنا دون شك ان الكلام القرآني سطحي بدائي إنشائي وان من كتبه اعتمد في نظرته الى مظاهر الأمور، التي انبهر فيها، وليس الى الدخول في جواهرها. ومظاهر الامور هو تدفق مني الرجل في رحم المرة. اما جواهرها فهذا ما سنبحث فيه.

ومن هنا يظهر تركيز القرآن فقط على المني من الرجل او المرأة. وعلى الاكثر من الرجل مما يفهم من كلمة تدفق. فالتدفق الظاهري يحصل للرجل عادة.

يؤكد ذلك قوله: : أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى. القيامة 37.

والحقيقة البسيطة ان تدفق مني الرجل والمراة لا يؤديان الى الحبل.

بل ما يؤدي الى الحبل هو تلقيح الحيوان المنوي لبويضة الانثى.

وبويضة الانثى ليس لها علاقة البتة بتدفق المني.

وهنا السر الأعظم الذي غفل عنه ولم يعرفه صاحب القرآن، او عرفه ولم يفهم سره. ولهذا لم يذكره، ولم يتطرق اليه باشارة ما. لماذا؟

لأن مظهر تدفق المني هو الذي سيطر في معظم آيات القرآن التي اشارت الى عملية خلق الإنسان. ولم يكن للبويضة التي هي الأصل والأساس أي ذكر.

كيف لا، والحقيقة العلمية كشفت دون ادنى شك بان بويضة الأنثى نعم بويضة الأنثى الواحدة هي التي تتدافش وتتعارك وتتسابق لنيل رضاها اكثر من 500 مليون حيوان منوي يقذها الرجل في مهبل المرأة.

أي ان كمية المني المليونية التي تتدفق في داخل المهبل تذهب كلها هدرا، وفقط حيوان منوي واحد يلقح البويضة.

وبعد نجاح عملية التلقيح تغلق البويضة نفسها على ملايين الحيوانات المنوية الأخرى التي تلفظها المرأة لتبدأ عملية الحمل.

المهم جدا الاشارة هنا الى ان مني المرأة ليس له أي علاقة البتة بهذا التدافش والعراك والتسابق ولا بالحبل. أي ان ما يدعيه القرآن يخالف الحقيقة العلمية مخالفة صريحة. لا يجادل هنا الا الجاهل الجاهل الجاهل!

ويقفز احدهم في وجهنا صارخا: ومن اين اتت البويضة؟

اليس لها خالق؟ ام خلقت نفسها!

ارد عليه وبكل هدوء. نعم ربما يكون لها مدبر وخالق. وانا لا انكر هذا الشيء ابدا. الا ان هذا المدبر والخالق او عقل الكون كما اسميه لا يمكن ان يرتكب هكذا اخطاء!

ولا يمكن ان يقبل بان يكون الإنسان اذكى منه ويكشف له الأخطاء والتناقضات في القرآن والانجيل والتوراة!

وكلها كتب مليئة بالمغالطات المتناقضة مع الحقيقة.

عدا ان المقصود في آية الخلق هو انا وانت ومليارات البشر الذين سبقوننا والذين سيلحقوننا، حيث خلقنا وخلقهم الله حسب القرآن من ماء دافق.

ومن هنا اذا افترضنا ان الله خلق ادم من تراب ومن ضلعه حواء كما يدعي وليس من ماء.

فالذي حدث في الحقيقة بعد ذلك لي ولك وللمليارات من البشر هي وبكل بساطة عملية تلقيح للبويضة وليست عملية خلق كما حصل مع ادم وحواء.

والقرآن يفتقر الى أي تصور عن عملية التلقيح التي تحدث للبويضة. والبويضة تنزل مرة في الشهر مسببة العادة الشهرية للمرأة، وليس لها أي علاقة بالمني الذي تفرزه المراة خلال كل عملية جنسية.

وهنا نصل الى اشكال آخر مع فكرة الخلق. حيث يقول القرآن:  

"ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" . المؤمنون 14

هذا الكلام يتناقض اولا مع نفسه قبل ان يتناقض مع الحقيقة العلمية. يتنناقض مع نفسه عندما يوحي بان النطفة والعلقة والمضغة تؤدي الى بناء الهيكل العظمي الذي يُكْسى بعد ذلك باللحم. "فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا". هذا مع العلم ان العلقة والمضغة لا يمكن الا ان يكونا لحميتان.

والا ماذا يمضغ الانسان الماء ام العظام؟

وهذا الكلام القرآني يتعارض كليا مع الحقيقة العلمية وهي انه

بعد حوالي 5 ساعات على تلقيح البويضة تتحول الى خلية أولية حاوية على 46 كروموسوم  فيها المواد الوراثية من الام والاب التي تملك ومنذ البداية جينات اللحم والعظم والاعصاب. وهكذا تتكاثر الخلايا يوميا وفي تكاثرها الذي هو صورة مصغرة عن الأب والام تتطور لحما واعصابا ودما وعظاما لتصبح خلال شهور الحمل جنينا.

الاشكالية الثالثة والتي ساختصرها قدر المستطاع هي اشكالية الغيب.

يقول الله عن نفسه التالي:

}عالم الغيب فلا يُظهرُ على غيبه احدا{ الجن26

عام 1951 حملت امي بي. خلال الحمل كنت في عالم الغيب. اي ابي وامي وباقي افراد العائلة والجيران والانسانية بأكملها لم يكونوا على معرفة من في بطن امي. حيث ان الوحيد في هذا الكون الذي يصور ما في الأرحام حسب القرآن ويعرف من في بطن امي عالم الغيب: الله.

عام 1986 حملت زوجتي اعتقد في الشهر السادس اخبر الطبيب زوجتي قطعا انها حامل ببنت. كم تمنيت ان يخطئ الطبيب. لاني كنت اريد زف البشائر لابي بولي العهد. وعندما اخبرت والدي الحاج بشير بان الطبيب اخبر زوجتي انها حامل ببنت. ارتفع صوت والدي على الهاتف قائلا: كذب الاطباء ولو صدقوا. لا يعلم ما في الارحام الا الله! وولدت زوجتي ابنتي البكر زينب. ولم يحدث ان اخطأ الطبيب مرة واحدة في معرفة جنس الجنين لزوجتي او لزوجات اصدقائي.

ويقول الله عن نفسه التالي:

}وعندهُ مفاتحُ الغيبِ لا يعلمها إلا هو} الأنعام 59

دون انتقاص من هذا الكلام، الا ان الانسان وصل الى مرحلة بيده الكثير الكثير من مفاتح الغيب من سحيق اعماق البحر وموجوداته الى بعيد ابعاد السماء وما تحويه، ومن ذريرات الذرة التي لا ترى بالعين الى ادق خفايا جسم الانسان.

فاستيقظوا يا عرب ويا مسلمين على حقائق هذا الزمان، قبل فوات الأوان، والا ستصبحون في خبر كان!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها