هل حقا
خُلِقَ الإِنسَانُ مِن مّآءٍ
دَافِقٍ؟(4)
النهضة العربية الحقيقية الحضارية الجديدة المنشودة التي نسعى اليها
جميعا لاستقرار مجتمعاتنا المضطربة والمتخبطة ولتقدمها ورقيها، لا يمكن
ان تتحقق الا بتبادل الآراء والافكار والانتقادات والحجج المنطقية بحرية
فكرية مطلقة دون إسفاف واستخفاف بالآخر، واحترام اصحابها الى ابعد
الحدود، ما عدا اصحاب الشتائم والصراخ فهذا الاسلوب النابي عليهم مردود.
ان نهضة الفكر الثقافي التنويري الانتقادي هو المدماك الأساسي في نهضة
الأمم!
والفكر الثقافي التنويري الانتقادي هو الذي انتشل اوروبا من مستنقعات
القرون الوسطى المظلمة الظلامية الظالمة النتنة الى ينابيع عصر النهضة
والعلم والنور والتنوير الغزيرة العذبة.
فاني في هذه السلسلة انظر الى القرآن من زاوية علمية واقعية عملية دقيقة
مختلفة جدا عن تلك النظرة اللغوية اللفظية التقليدية النظرية.
فانا لا اريد الدخول في متاهات الحروف ومخارجها واسرار الكلمات
واستنباطاتها لاضاعة الوقت الثمين ومعه الحقيقة الأثمن، كمن يصطاد الماء
من البحر، وانما اريد وبكل بساطة وضع النقاط على الحروف ادخارا للوقت
الثمين واظهارا للحقيقة.
ويا للأسف ان ارخص شيء في المجتمعات العربية والاسلامية هو الوقت الضائع
سدى والتفوق بهدره على أبعد مدى تخديرا للمؤمنين في متاهات التخيلات
الفردوسية الواسعة الخيال على طريقة الشيخ شعرواي الذي ركع وسكع وسجد
وقعد شاكرا الله على هزيمة 5 حزيران النكراء شامتا بالرئيس جمال عبد
الناصر. في جهل تام بانه هو واسلافه وفكرهم الصنمي التخديري الفردوسي
الاتكالي المهيمن على الأفئدة والمشاعر والعقول هو السبب الأول في ضياع
الأندلس وفلسطين وهزيمة 5 حزيران وما تلاها من هزائم بالجملة ما زالت
تلاحقنا حتى هذه اللحظة او نسعى اليها هرولة تصديقا لقوله:
"
وَمَا
النَّصْرُ
إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"
الأنفال 10.
حيث النصر سيهبط منزلا على وكر الجاهل اسامة ابن لادن كما تم انزاله
بالضربة العلمية القاضية على وكر
أبو
أيوب المصري زعيم تنظيم القاعدة في العراق وأبو عمر البغدادي.
فانا ليس هدفي ان اسلخ المسلم عن دينه. فهذا شأن المسلم وايمانه او عدمه.
والمسلم المؤمن الحقيقي المعتدل الواثق من نفسه وإيمانه، ليس لعبة
تتقاذفها الأفكار، بل ربما تزيده هذه الافكار متانة وتمسكا في ايمانه.
ولا يشتاط غيظا ويثور صارخا من هذه الافكار، الا المسلم المتهور دون نظر،
المتعصب على عماها: المسيس المتطرف المتزمت المتشدد الارهابي الغير مؤمن
في معظم الاحيان والحاقد على الآخر، والذي يرتكب كل انواع الارهاب
والاجرام والاستبداد باسم الدين. وهذا هو سبب خراب بيتنا منذ ضياع
الاندلس وحرق كتب ابن رشد رفْضا لأفكاره العقلانية التنويرية في تطوير
الاسلام قبل 800 سنة تقريبا!
انا هدفي وبكل بساطة التعبير عن فكر تنويري نقدي للقرآن يرفض التحجر
والصنمية ومن خلالها الوصاية والهيمنة الدينية الاستبدادية الظالمة
الظلامية، والتي اوصلت مجتمعاتنا بعد 1400 سنة الى المذلة والتخبط
والانحطاط والهجرة المليونية الى المجتمعات الغربية المسيحية.
وهل يوجد مربع للملحد واللاديني كباقي الأديان؟
لا! لأنهم اناس خرجوا من المربعات النهائية المحددة المغلقة التي ولدوا
فيها مسيحيين او مسلمين او يهود ... الخ، لأسباب فكرية ثقافية تحررية،
وقناعات وجودية، وبحثا عن الحقيقة، ورفضا للتقليد والانغلاق، بل طلبا
للحرية والانعتاق.
فهل من المعقول ان يدخلوا هؤلاء مربعات جديدة لينغلقوا فيها؟!
واذا اردنا مقارنة دولنا بالصين نجد ان الصين خرجت مثلنا من نير
الاستعمار وبينما نحن التهينا برفع الشعارات الفارغة، انطلقت الصين ومنذ
المنتصف الأول من القرن الماضي من لا شيء، واستطاعت عبر ثورة ثقافية
فكرية صارمة قادها ماو الانتقال نقلة تاريخية نوعية جبارة حولتها من شعوب
تعيش الخرافات وعبادة الأموات الى دولة علمية قوية عظمى وفي تعاظم متصاعد
لتصبح ربما في المستقبل القريب الدولة العملاقة الأولى في العالم ومن دون
مقدسات وعبادة آله واعتناق خرافات والانتحار للقاء الحوريات.
وهذه اسرئيل عمرها 50 سنة وعمر الدولة المصرية المتعاقبة خلال التاريخ
على الاقل 6000 سنة. اين مصر اليوم التي تتخبط بمشاكلها عاجزة عن حلها
وتقف مع مئات الملايين من العرب ومليار مسلم في عجز كامل فاضح مذل امام
الغطرسة والممارسات الاسرائيلية الاستيطانية بحق الفلسطينيين.
انا احمل المسؤولية في هذا التخبط والعجز ليس للرئيس مبارك الذي خاض
الحروب وانتصر في اكتوبر انتصارا جزئياً، وانما احمل المسؤولية للهيمنة
الاسلامية المتطرفة الخانقة للمجتمع، التي اوصلته ليس الى حد الانحدار
الذي حدث منذ ضياع الاندلس معطوفا على الاستعمار، وانما الى درجة
الاحتضار.
نحن شعوب تحتضر. ومجتمعات تختنق، وشباب تهاجر، ودول تتفكك او تعود الى
الوراء.
هذا رأيي احاول ان اعبر عنه من خلال كتابتي. كما اني أحترم رأيك المغاير
لرأيي. والاحترام يجب ان يكون متبادلا والا سنعلن الحرب على بعضنا
ونتناحر ونتشرذم ونتقاتل. وسنخسر جميعا وسنكون بالتالي ضعفاء وعاجزون عن
مواجهة الأعداء. واذا احترمنا افكار وآراء بعض فسنربح جميعا ونكون سعداء،
وسنصبح بالتالي اقوياء بالوحدة المتينة، التي تؤدي الى القوة الكافية
لمواجهة الأعداء!
ليكن واضحا انني ابن القرن العشرين واعيش في القرن الواحد والعشرين.
وبالتالي لم تعد تنطلي على امورا كانت تنطلي بسهولة على ابن القرن التاسع
او حتى التاسع عشر مثلا. وانا ليس هدفي من كتابتي ان يؤمن فلان ويكفر
اخر، وانما لاقول كلمة حق بجرأة، وابعثر الاوهام لنرى الحقيقة واضحة وضوح
الشمس.
فالقران وكما يدَّعي صاحبه أو كاتبه أو منزِّلَهُ هو كتاب غير عادي، أي
الهي، مقدس، منزل من السماء، أي سماوي حسب الآية:
{وَهُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ
مُفَصَّلًا}
الانعام 114
وايضا هو كتاب حق:
{لَا
يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا
مِنْ
خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}
وهو كتاب لا تتبدل كلماته كما نرغب بل هي ثابتة ثبوت النص المقدس:
{وَتَمَّتْ
كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}
الانعام 115
{وَاتْلُ
مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ
مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ
لا
مُبَدِّلَ
لِكَلِمَاتِهِ}
الكهف 27
وهو كتاب يلعن الله من يحرف كلماته:
{
لَعَنَّاهُمْ
وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}
المائدة 13.
انطلاقا من القيم والمقاييس الذي اعتمدها القرآن على نفسه
سأدخل في آية الخلق:
{فَلْيَنظُرْ
الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ
*
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ
لَقَادِرٌ}
الطارق : 5-8
هذا كلام تبسيطي جدا، لملاحظات انسانية ليست بالذكية الخارقة بل عادية
حول العملية الجنسية التي تؤدي لتكوين الجنين. المشكلة ان هذا الكلام فيه
اخطاء واضحة ومغالطات علمية صارخة لا يمكن ان نمر عليها مرور الكرام، فقط
لأن قائلها ادعى ان كلامه منزل ومقدس!
بل ويجب ان نحاسبه بدقة متناهية حسب كلامه، لأنه ادعى ان كلامه منزل
ومقدس ولا ياتيه الباطل ولا يبدل ولا يحرف!
هناك ثلاث اشكاليات في اية الخلق لا بد من التوقف عندها.
الاولى: كلمة ماء وهي مذكورة في القرآن 52 مرة وهي تعني الماء
الذي نعرفه وليس أي شيء اخر. ومن هنا فكل تأويل او تفسير او تحريف او
تبديل او تغيير لهذه الكلمة ما هو سوى فذلكات للهروب من الحقيقة الساطعة
ان القرآن بدل ان يستعمل الكلمة الصحيحة سائل، استعمل الكلمة الغير صحيحة
ماء.
ولهذا فالخطأ الأول الواضح موجود بكلمة ماء.
ما هو الماء؟
الماء هي مادة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة عكس كل السوائل التي لها طعم
ولون ورائحة من الزيت الى العسل الى الخمرة الى الحليب الى المني ...
الخ.
والمني الذي يتدفق من الرجل في رحم المرأة او ما تفرزه المرأة هي سوائل
وليست ماء.
فكيف يريدني صاحب هذا الكتاب الذي يغلط هكذا غلطة صارخة ان اصلي له
واتعبده؟
واهلا وسهلا بجهنم اذا كان صاحبها يخلط السائل بالماء.
وقبل ان يحرقني عليه ان ينزل كتاب وبه يقنعني!
واذا كانت غلطة الشاطر بالف فكيف بغلطة القرآن المقدس المنزل؟
انها هنا باكثر من مليار انسان يرددون هذا الخطأ. يتبع! |