احسد الحيوانات
الحياة
مسخرة ومن لحظة الولادة محمولا على الاكف السعيدة الى لحظة الغروب محمولا
على الاكف الحزينة الى المقبرة.
ومن لا
يفقه ثقافة الحياة بنهارها ويعشق الزهور، تسحقه ثقافة الموت بظلامها،
ترهقه بأشياخها، تلاحقه بأشباحها، فلا يبقى له الا عشق القبور!
الحياة هي
مسخرة المساخر وليس لها مثال عندما ينوء الانسان ومنذ الولادة تحت وطأة
نيرها بالأحمال الثقال:
من بيئة
وعقد وعادات اجتماعية ودينية وتقاليد وأغلال.
الحياة هي
قهقهات القدر الساخر على هذا الانسان المتعب المعذب الحائر.
هي مسخرة
وستبقى مسخرة حتى ولو بنيت لها الاهرامات العالية بأيدي ماهرة، حتى ولو
زينتها الأديان بزخارف الآخرة؛ فالرحلة ستنتهي لاسباب غادرة، لا رجعة
فيها، إنها صاعقة قاهرة.
وبما ان
ولادتي في هذه الحياة حدثت بالصدفة. وبما انني لا اكترث للصدفة البلهاء
التي لا يصنعها الإنسان بقبضة يديه، وانما تاتيه متسللةً دون ارادته خبط
عشواء فتصيبه اصابة عمياء وتهرب هي الى فوق او تحت او ربما الى الامام او
الوراء، وتتركه عالقا وحده في هذا البلاء.
خاصة وان
الذي ولدُ عَلِقَ متعلقا بحبال الهواء تاخذه بين السعادة وتحقيق بعض
الآمال، او الخسارة والخيبة والشقاء، الا ان ينتهي المشوار وترميه أخر
المطاف في حفرة بلا انتهاء.
لهذه
الاسباب اعتبر ان الحياة مسخرة والخروج من آفات ثقافة الموت والدماء
والحقد وعشق القبور، والتمتع بثقافة الحياة والبهاء والفرح والزهور تحتاج
الى الشجاعة والمقدرة، والهمة العالية، والذكاء الخارق، وصفع القدر على
وجهه بالحذاء.
وهل مكن
ان يحدد الإنسان والديه ومكان وزمان وظروف ولادته؟
لا
بالطبع! وانما من العدالة والانصاف في التعامل مع حقوق الانسان الوضعية
والإلهية ان يستطيع تحديد ذلك. وعندها ذَنْبه على جنبه او ذَنَبه وراء
ظهره.
حقا احسد
الحيوانات التي تعيش الحياة ترانزيت مرور الكرام. أكل وشبع وشرب ونوم
. لا
هموم ولا تفكير، ولا وجع راس ولا تدبير، ولا ثقافة ولا سياسة ولا تعتير.
نعم انا
احسد الحيوانات على ترانزيتها الا انني لو خيرت لرفضت ان اكون ترانزيتا
في هذه الحياة. |