عندما
يطلق البطرك الراعي او غيره من رجال الدين المواقف والرسائل السياسة
مستغلين مناصبهم الدينية فمن حقنا انتقادهم اذا لم نوافق على آرائهم، أو
عندما لا تكون كلماتهم تعبيرا عن ضمير الوطن وشعورا بأوجاع المواطن، أو
عندما لا تكون مواقفهم نصرة للمظلومين والمعذبين والمسحوقين تحت نير سلطان
دموي همجي لا أخلاقي كاذب فاجر ظالم جائر وكما هي الحال اليوم في سوريا
الثائرة على الظلم والقمع والطاغيان.
فلا
حياد لكل انسان شهم عادل بين المواطن الضحية والحاكم الجلاد، بين الحرية
والاستبداد، بين الدكتاتورية والديمقراطية، بين الحكم الرشيد والآخر
المتسلط على الكرسي من خلال عسس المخابرات والاجرام وسفك الدماء.
وإلا
فمن يريد النأي بالنفس عليه ان يقول كلاما منصفا او يصمت!
وهل من
الممكن، لمن عين من قبل بشار مفتي لسوريا المستشيخ حسون او الآخر المستعمم
البوطي وامثالهما من رجال الدين الدجالين المنافقين المتخاذلين الدنيويين
الماديين المتزلفين الساقطين المتآمرين مع الحاكم المجرم الظالم على أبناء
الشعب المحكومين المظلومين، ان يكون لفتاويهم او تصريحاتهم او مواقفهم
السياسة من معنى سوى سَوق التبارير والانبطاح امام السفاح الشرير؟
ولماذا
لا ينأى بنفسه البطريرك الراعي عن أحداث سوريا فيريحنا ويرتاح بدل ان نوجه
له الانتقادات المحقة على ما يصرح به بين فترة وأخرى من كلام غير مقبول
نهائيا أمام ضخامة وهول المأساة الرهيبة التي يتعرض لها الشعب السوري البطل
منذ سنة تقريبا على يد السفاح ابن السفاح!
ولماذا
لا يبشر بشارة بربيع عربي ديمقراطي تعددي مشرق بدل ان يدخل عالم التكهنات
فيتوجس خيفةً بخريف عنيف وعناء، وشتاء مخيف ودماء، وصيف ملتهب حرَّاق، دون
الانتشاء بنسيم ربيع قادم براق؟
ألا
يحترم البطرك إرادة الشعوب، أم كل ما يهمه أن يبقى الاستبداد قدر هذا الشرق
المنكوب بالحكام اللصوص؟
أين
كرامة الشعوب وحقها في العيش الحر الكريم يا غبطة البطرك، أم أن الاستقرار
المزيف يبيح للظالم الشرير احتقار كرامة الإنسان والعبث بحياته وكأنها ملكا
من أملاكه الخاصة؟
ولماذا
لا يتلطى الراعي خلف عبارة النأي بالنفس كما تلطت بتعثر فاضح حكومة مرشد
الجمهورية حسن نصرالله الحزبلاميقاتية الإيراأسدية؟
ولماذا
لا ينأى البطرك بنفسه بدل ان يحشرها ومركزه ومقامه في زاوية المشبوهين
المدافعين عن الطغاة المجرمين؟
ولماذا
لا يصلي الراعي بصمت لأرواح الضحايا البريئة التي تسقط يوميا على الأرض
السورية ويسكت، بدل أن يتكلم كلاما باطلا يدافع به عن جرائم عصابات قاتل
الأطفال بشار؟
ولماذا
يهلل الراعي لإصلاحات بشار التي عبر عنها الأخير ومنذ البداية بقلع أظافر
الأطفال في درعا بعد تعذيبهم وقتلهم بهمجية وحشية وتشويه أجسادهم الندية
بسادية وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين الأحرار؟
ولماذا
يمجد الراعي ديمقراطية بشار التي عبر عنها الأخير بتدمير وتخريب وحرق ونهب
وتكسير سوريا على رؤوس ساكنيها، كما هدد يوما بتكسير لبنان على رأس الرئيس
الشهيد رفيق الحريري، وكما فعلها اجراما بربريا بتكسير بابا عمرو على رؤوس
نسائها وأطفالها، فقط لكي يبقى حاكما عليها على مدى الأزمان تتوارث حكمها
أجيال آل أسد من جيل الى جيل وكما يقول انصاره سوريا الاسد الى الأبد؟
وهل
مفهوم الراعي للديمقراطية ان تتحكم عائلة استبدادية بمصير الجمهورية وتورث
حكمها الدكتاتوري من الوالد الى الولد وكما يحدث منذ أربعين سنة في
الجمهورية العربية السورية التي حولتها الست أنيسة زوجة المقبور حافظ الى
مزرعة لآل مخلوف وأسد ؟
وهل
ممكن ان يحدث هذا الا في جمهولكية كاسترو الكوبية، وجمهولكية سنوج الكورية
الشمالية، وجمهولكية آل أسد السورية، وأيضا بتذاكي سخيف بين بوتين
وميدفيديف في جمهولكية آل بوتين الروسية، والزحف الجمهلوكي قادم لا محال
على إيران والصين الشعبية؟
بأي حق
يبرر الراعي لاستبداد وبطش بشار الاسد الذي تذبح شبيحته العائلات السورية
بالسكاكين فقط ليستعيد سيطرته على الشعب السوري الحر ويعيده الى باب الطاعة
ويُعلي جدران الخوف من جديد التي حطمها السوريين الأحرار؟
أخالني
وكأنني أمام ميشال عون، حيث انقلب بخفة لاعبي الجمباز المحترفين الى الوراء
على كل مبادئ الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال ودماء الشهداء وما زال
يتشدق بكلام أسخف من السخف.
مع
احترامي الكبير للصرح البطريركي الماروني الوطني اللبناني الشامخ في سماء
الشرق وما يمثل من تاريخ مجيد وعريق لأهلنا المسيحيين وبالأخص الموارنة
الكرام الذين، وعلى مدى التاريخ كان لتضحيات بطاركتهم ورهبانهم الشجعان في
وجه سلطان جائر وحاكم ظالم مواقف وطنية ثابتة كثبات جذور أرزنا في أرضنا
وراسخة رسوخ صخور قمم جبالنا الشاهقة، دفعوا ثمنها قديسين وشهداء ولكنها
ساهمت مساهمة أساسية في تجذير مبدأ الحرية في سماء الشرق الاستبدادي المظلم
وبالأخص في واحته الفريدة الظليلة لبنان.
ادى
ذلك الى ولادة دولة استقلال لبنان الكبير عام 1920 على يد البطريرك الحويك
كنموذج لدولة حديثة ديمقراطية دستورية مستقرة مبنية على مواثيق وقيم الحرية
والتعددية والعيش المشترك بين الطوائف والأديان واحترام حقوق وكرامة
الإنسان والتبادل السلمي للسلطة ونقيض لعبادة الفرد الواحد المستبد في
الدول العربية المجاورة الشمولية الاستبدادية التي تسعى شعوبها الثائرة بكل
الوسائل الى تحقيق تلك القيم الإنسانية التي قام عليها لبنان من خلال
ربيعها الذي نشهد تداعيات فصوله المأساوية هذه الايام في سوريا.
وكيف
لنا ان ننسى هنا غبطة البطريرك الكبير الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير
الذي وضع بهمة عظماء التاريخ حجر الأساس، الذي أدى من خلال روح الرئيس
الشهيد رفيق الحريري وانتفاضة جماهير الشعب اللبناني في ثورة الارز
التاريخية الى إخراج جيش الاحتلال الأسدي وكابوس لصوص مخابراته الفاسدة من
لبنان، مؤكدا بحكمته وهمته ووطنيته ورعايته وصواب نظرته مقولة "مجد لبنان
اعطي له".
ولكن
وللاسف فإن تصريحات ومواقف البطرك الراعي والهفوات والزلات التي يقع بها
ومنذ انتخابه تزعزع هذا المجد مرة تلو الأخرى.
وكأن
هناك قطبة مخابراتية سورية مخفية في حياة الراعي او ان هناك شبيحة من وراء
ستار تدفعه الى تصاريح ترقيعية مرفوضة أخلاقيا وسطحية فكريا وضعيفة الحجة
سياسيا وغير مقبولة جملة وتفصيلا انسانيا وليس هناك أي مبرر على الاطلاق
للإدلاء بها.
فالحكمة وفقط الكلمة المتوازنة الموزونة يجب ان تخرج من فم البطرك وليس أي
كلام يتراجع عنه او يحوره أو يحاول الدفاع عنه محشورا بعد أيام.
كيف لا
والبطرك الراعي في مقعده الدافئ الوثير يتكلم الكثير دفاعا عن الشرير دون
ان يلحظ بكلمة واحدة عذابات الشعب السوري المصلوب على خشبة نظام فاسد دموي
لاإنساني حقير
فتصريح
الراعي للموقع
الالكتروني لرويترز
ليست سقطة او هفوة او وزلة ولسان، وانما كلام بعنوان له ثقله في الميزان
صدر عن بطريرك الموارنة في لبنان صاحب شعار شركة ومحبة.
وهل من
يرفع هكذا شعار ممكن ان ينزل الى هكذا مستوى في الكلام ويدافع ولو مواربة
وللمرة الثانية الأولى كانت في فرنسا ولم يتعظ ويكررها الآن في لبنان عن
المجرم قاتل الأطفال بشار. يتبع!