لماذا أحجم "حزب الله" عن نصرة حماس؟
"حزب الله"
الإيراني فرع لبنان، الذي ومنذ انسحاب اسرائيل من الجنوب اللبناني عام
2000، لم يكتف بما تحقق من انجاز لبناني وعربي عظيم دفع ثمنه الشعب
اللبناني غاليا، بل وأعلن استمرارية الحرب عليها من خلال تحرير مزارع
شبعا وأبعد من شبعا حتى القدس وباقي فلسطين المحتلة، كما صرح نصرالله
ونعيم قاسم وقاووق غيرهم من المشايخ.
فهذا الحزب
الذي كان يتحرش بإسرائيل عسكريا بين فترة وأخرى بسبب هذا الهدف الذي فرضه
على الشعب اللبناني، مع أن حل مشكلة المزارع من خلال الأمم المتحدة
وبوثيقة تثبت لبنانيتها من النظام السوري ممكن دبلوماسيا، تحول في حرب
غزة الى ظاهرة صوتية لمساعدة حماس وحالة عدائية ضد مصر والدول العربية.
وأظهر أن
عدائه الحقيقي للعالم العربي ولشعبه اللبناني بالأخص، هو أكثر بكثير من
عدائه الذي يدعيه ضد اسرائيل.
وعندما اطلق
أحدهم بإيعاز سوري بعض الصواريخ عليها من الجنوب أسرع هذا الحزب الذي
يردد يوميا تحرير القدس وفلسطين الى اعلان براءته من هذا التحرش وعدم
ومعرفته به، وبالتالي تمسكه بالقرار 1701 الذي أنهى حرب تموز معها.
أي أن حزب
الله خلافا لتنظيراته وتصريحاته وبطولاته ومقاوماته وتحريراته أصبح علنا
ضد التحرش عسكريا بإسرائيل. ومتى؟
في الوقت
الذي تتعرض حليفته حماس للدمار الشامل.
أي أنه دخل
في معادلة حماية الحدود الإسرائيلية من الهجمات كما تفعل كل الجبهات
وبالأخص جبهة صاحب الجولان المحتل.
فكيف إذن
سيحرر هذا الحزب اللاهي المزارع بالقوة؟
وهو يعرف ان
أي تحرش بسبب المزارع سيؤدي الى اختراق القرار 1701 ويعتبر ذريعة بيد
إسرائيل لضربه وتدمير لبنان من جديد.
وبالتالي
يطرح المواطن اللبناني، الذي يريد العيش بسلام، السؤال الوجيه التالي
والذي توجهه كافة فئات الشعب اللبناني يوميا الى المشايخ:
ما هو مبرر
احتفاظ حزب الله بسلاحه؟
فيأتيهم
الجواب من الوكيل الشرعي لخامنئي في لبنان
عضو شورى
"حزب الله" الشيخ محمد يزبك،
الذي قال،
الاثنين 26 كانون الثاني 2009،"
أنه
لا يمكن التنازل عن السلاح
ما لم
يتم التأسيس لدولة قوية عادلة
تستطيع أن تدافع عن أهلها وشعبها".
كلام باطل لم
يعد ينطلي حتى على السذج والعوام من اللبنانيين.
وهل ممكن
التأسيس لدولة لبنانية قوية عادلة؟
ودويلة حزب
الله تعمل جاهدة من خلال افتعال الحروب والفتن والاعتصامات والاحتلالات
والتعديات على الجيش والمواطنين على هدم كل ما يبنيه اللبنانيون ومنذ
الانسحاب السوري وحتى اليوم!
كلام الشيخ
يعبر عن موت الضمير الوطني ومعه الإحساس الانساني والاخلاقي وفقدان
الواعز الديني عند البعض، ويعني بالعربي المشبرح:
لا
للاستراتيجية الدفاعية ولا للحوار الوطني!
لا للدولة
اللبنانية السيدة الحرة الديمقراطية المستقلة المستقرة ولا لسيادة
القانون على الجميع بالتساوي!
لا لمستقبل
أطفالنا ولا للبناء والسلم الاهلي والازدهار!
لا للأمن
والاستقرار وبالتالي لا للوحدة الوطنية!
نعم لسلاح
الحزب غصبا عن الإرادة الوطنية!
نعم للدويلة
الحزب المذهبية خدمة لولاية الفقيه الفارسية!
نعم لفوضى
السلاح وتشريع الميليشيات الخارجة عن سلطة القانون!
نعم للتفرقة
بين اللبنانيين وشرذمة لبنان أو الهيمنة عليه بالارهاب!
ما اسلفناه
هو التفسير الواضح لموقف مشايخ الحزب اللاهي من وطن اسمه لبنان لا
يعترفون به الا عندما يحتاجونه، ويريدونه هشا مفككا وساحة مستباحة!
مع العلم ان
الوحدة الحقيقية وليست اللفظية هي القوة الأساسية لأي امة او شعب في
مواجهة الخصوم والأعداء. وعندما يتاكد العدو من ضعف الجبهة الداخلية يسهل
عليه اختراقها بإعلامه وسهولة الانتصار عليها بجيوشه.
ومن هنا يأتي
دور "البروباغندا" الفعال، أي الإعلام الحربي الموجه الى العدو
والمحمَّلُ بكافة أنواع الاشاعات والأكاذيب والمبالغات لزعزعة جبهته
الداخلية، كشيء طبيعي وسلاح إعلامي مطلوب لخدمة المعركة.
لا أقصد هنا
الوحدة العربية الكبرى أبدا رغم أنها مطلوبة، انما أقصد الوحدة الصغرى.
أي وحدة المجتمع الفلسطيني أو اللبناني أو السوري او المصري او السوداني
أو العراقي ... إلخ من المجتمعات العربية.
فمثلا كيف
سيجرؤ النظام السوري على الدخول في معركة مع العدو بعد ان صدع هو بنفسه
جبهته الداخلية: قمعا وارهابا للشعب، واعتقالا واغتيالا لطبقته المثقفة؟
ولهذا فمن
الأسباب القاهرة التي فرضت على "حزب الله" الذي كان يتحرش بإسرائيل
بمناسبة وبدون مناسبة، الاحجام عن نصرة حليفته حماس والاكتفاء بالتصريحات
الفارغة والمظاهرات الغوغائية، دون الدخول في المعركة الى جانبها لتخفيف
الضغط عنها:
ليس فقط بسبب
القرار 1701، وهو الذي يسخَرُ اصلا من الشرعية الدولية ويرفض حتى اليوم
تطبيق القرار الاممي 1559، وإنما بسبب جريمته الكبرى التي ارتكبها
بتصديعه للوحدة الوطنية اللبنانية من خلال الاعتداء على أبناء وطنه في
السابع من أيار بسلاح مقاومته الذي تحول الى ميليشيا مرفوضة من كل الفئات
والطوائف اللبنانية. هذا الواقع الذي تسبب هو به فرض عليه أن يقف مكتوف
اليدين أسير فعلته أو أفعاله النكراء.
لا ننسى ان
الحزب اللاهي حوَّل منذ حرب تموز اعلامه الحربي المحمل بالاكاذيب
والاباطيل والاشاعات بكافة أبواقه فقط ضد ابناء الوطن في تيار المستقبل
والتقدمي الاشتراكي وباقي قوى 14 اذار الديمقراطية وكل اللبنانيين
الشرفاء.
أي أن
نصرالله بفعله المنكر في احتلال بيروت وضرب الجبل خسر الجبهة الداخلية
الوطنية وزعزع تماسكها والتي هي أهم بكثير من خسارته لجبهة الجنوب.
|