بري يُعري الأقليةَ ويتعرى
من منطلق
عليكم أن تُرضُوا يا زعماء العرب بشار، وتتصالحوا طوعاً مع من نعتكم
بأشباه الرجال، وتَقِفوا على خاطرِه دون جدال، ومهما ارتكب بحق أشقائه
اللبنانيين من أعمال، حتى ولو كانت إرسال عصابات إرهابيين ك"فتح
الإسلام"، ودس مخابرات في قرى ومدن وتلال لبنان للقيام بعمليات اغتيال،
وتُوقِفوا بالتالي لكي يرضى عنكم ويصالحكم موضوع المحكمة الدولية الشاغل
له البال، وإلا فنحن ميليشيات الممانع الجبار وأتباعه في لبنان سنظل
نفتعل المشاكل والخضات، ونفبرك القلاقل والاعتصامات، ونهلل ونبارك
للاغتيالات، ومنا من يشمر عن ساعديه ويشارك في الانفجارات، وسنختلق الفتن
والصدامات لجر البلد إلى الخراب تماما كما فعلنا في عيدية رأس السنة في
منطقة البسطة في بيروت كدليل واضح على جديتنا بالصدامِ وإصرارنا على
النزال، إلى أن تفشل الدولة اللبنانية في الوقوف في وجهنا وينفرط عقدها
وتفقد نهائيا السيادة والحرية الاستقلال، وينقلب نظامها الديمقراطي إلى
خيمٍ ونراجيل ومتاريس ووبال، وينقسم جيشها وتنهار لتصبح جزءاً صغيراً
تابعا للمشروع الإيراني السوري وساحة مستباحةً مريحةً للقتال.
من هذا
المنطلق جاءت برقية نبيه بري إلى عمرو موسى. أي أن الإستيز أطلق رصاصةً
على المبادرة العربية قبل أن تنطلق، فارتدت الرصاصةُ عليه وعلى الأقلية
المتمردة على الشرعية والديمقراطية والنظام والدستور، والكاذبة المتجنية
المفترية العميلة اللاوطنية ففضحت حقيقتهم الواهية وأصابتهم في الصميم.
مقدما بذلك عن دون قصد هدية العام 07 قبل أن يرحل لشهداء انتفاضة
الاستقلال، ولزعماء لبنان الشرفاء من أحرار 14 آذار، ولحكومة السنيورة
الصامدة في وجه المؤامرات، والممانعة لكل الابتزازات، والصابرة على شتائم
أبالسة النفاق وتحريض مختلف الأبواق، والمنتصرة بأعمالها وصدق أقوالها
على الإرهابيين المجرمين، والمعطلين المعرقلين، والمشاغبين المسمسرين
والغوغاء.
ومن منطلق
غلطة الشاطر بألف، كانت غلطة المتذاكي على اللبنانيين نبيه بري بألفين
وسبع غلطات، وهو يعري في نهاية السنة الأليمة المنصرمة دون أن يدري
الأقلية الباغية من كل أوراقها ولحاها وجببها ويفضح عفونة هالاتها وزيف
معدن رجالها.
ولهذا فلم
تُسْقِط برقية نبيه بري الى
الامين العام
للجامعة العربية
آخر ورقة تين
كان يتلطى بها وطنيا عن أعين اللبنانيين في عين التينة، ولم تسقط أيضا
ورقة ميشال عون من جيبه الذي أراد من خلالها أن يتاجر بحقوق للمسيحيين هو
يبيعها في الوقت نفسه لمن يريد سلب حقوقهم منهم بأبخس الأسعار، ويطالب
بصلاحيات للرئاسة هو يفرغها من محتواها في الأكياس الإيرانية المشبوهة
الأموال، مكبلا الرئيس القادم بالشروط التعجيزية والقيود والأغلال، بل
أسقطت أيضا ورقة التوت التي كان يتستر بها الحزب اللاهي ونصره الإلهي
وسقطت معها العمائم والجبب والشعارات في المستنقعات النتنة والمربعات
المظلمة والأوحال.
هذا وأكد
بري يوم الجمعة
04
كانون الثاني
2008
لـ"النهار": انه "متمسك بكل حرف
ورد
في البرقية التي بعثت بها الى عمرو موسى".
والتي
جاء
فيهاً
ان "لا ضرورة للوقوف على آخر
التطورات،
ويكفي ان يتصالح العرب في ما بينهم ليكون لبنان عندئذ بألف
خير".
عجبا على
هذا الكلام الذي يعري الأقلية ويدينها ومن فم أستاذها بكل اعتكافاتها
واستقالاتها، وهرطقاتها واحتيالاتها، واعتصاماتها واحتلالاتها، وجنونها
وتهديداتها، ورعدها ووعيدها، وشروطها وعرقلاتها، وفنونها في مفاجآتها،
لإرباك الدولة والحكومة والشعب والوطن دون جدوى ودون تحقيق أي هدف. لأنها
على باطل! وستتهاوى
كلام بري
يؤكد ذلك لأنه يعني وبوضوح تام ما بعده وضوح أنه لا توجد مشكلة حقيقية
بين اللبنانيين وأن كل المشاكل التي تحدث في لبنان ومنذ الانسحاب السوري
05 وحتى هذه اللحظة هي مشاكل مفتعلة من قبل الحزب اللاهي والأقلية
المتمردة، ومفبركة في المطابخ المخابراتية ومختلقة فقط لتنغيص حياة
اللبنانيين وتخريب سبل عيشهم وعرقلة قيام دولتهم التي يحلمون بها منذ
أكثر من 30 عاما.
أي أن
الأقلية الانقلابية على الوطن تقتل علنا الحلم اللبناني!
أوليس
الاغتيالات كلها هي قتل للحلم اللبناني؟ ولن يُقتل!
وهل هناك
من يفتعل ويفبرك ويختلق المشاكل في لبنان سوى الحزب اللاهي بقيادة نصر
الله وباقي قادة الأقلية؟
كلام بري
يعني أيضا أن كل الاتهامات الموجهة للحكومة هي اتهامات ساقطة واهية لا
أساس لها من الصحة. لأنه لو كانت الحكومة حقا حكومة فيلتمان، لكان هناك
مشكلة كبيرة بين اللبنانيين. ولو أن الحكومة عميلة لأمريكا أو لغيرها
لانفضت عنها نواب الأكثرية وأسقطتها. بري بكلامه يعلن أن كل ما يقال ضد
الحكومة والأكثرية هي تجنيات وافتراءات واتهامات باطلة. ولا أساس لما
يطبل له ويزمر نصر الله وغيره من المطبلين والغوغائيين عن مشروع أمريكي
تعمل له الحكومة.
عدا أن
بري يعترف في برقيته بصريح العبارة أنه أداة صغيرة بيد النظام السوري ومن
ورائه الإيراني وليس زعيما لبنانيا كما يدعي. ناسيا ما يمثل، وأن
لبنان
دولة
سيدة
مستقلة
رابطا مصير بلاده وقرارها بمصالحة بين العرب.
هل يحق له بعد ذلك تمثيل الشعب اللبناني وأن يكون رئيسا لبرلمانه
الديمقراطي؟
كيف لا
وهو من أغلق البرلمان وليس العرب، ووضع مفتاحه في جيب بشار الأسد
كورقة
يبتز
بها
العرب والعالم.
وهو الذي
تعهد ووعد، ثم تراجع واحتال وأخلف وكذب، وأضاع وقت اللبنانيين في مشاورات
عقيمة ومفاوضات مع الزعيم سعد الحريري هو يعرف مسبقا أنها ستنتهي بهمة
سوريا وإيران وأتباعهما إلى الفشل المحتوم. لأنهما يخططان ومنذ البداية
للفراغ، ولا يريدان للبنانيين الاتفاق!
فالعرب
قاطبة ما عدا النظام السوري، والعالم أجمع ما عدا النظام الإيراني،
مشغولون بهموم اللبنانيين ومشاكل هذا الوطن المصلوب الآن على خشبة انتخاب
رئيس للجمهورية، والأقلية الفاشلة وفي مقدمتها الإستيز بري أجهضوا كل
المساعي وأوصلوا الأمور إلى الطريق المسدود.
وإذا كان
من يضع العراقيل في لبنان فهو النظام السوري وليس العرب. أوليس
أتباع
بشار
من
يضعون العراقيل تلو العراقيل لهدف التعطيل
والأكثرية تنازلت عن الكثير للتسهيل؟
المضحك
انهم
يعطلون
كل مبادرات
الحل
بشروطهم التعجيزية التصاعدية ويذرفون عليها دموع التماسيح،
ويتذاكون
بخفة الريح لرمي
اللائمة على
الأكثرية
معتقدين
أن
الشعب اللبناني
غافلٌ عن
ألاعيبهم. وهو في الحقيقة مدرك جدا لكل ما يحدث حوله وبالتفاصيل. فكيف
وهو يقاسي الآلام من ممارساتهم البشعة ويخسر لقمة عيشه ويعاني؟
وكان عمروموسى
قد أعلن
عن الدعوة
الى اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب في الاسبوع
الاول
من كانون الثاني تجاوبا مع مسعى سعودي -مصري، وذلك للبحث في
"التطورات
على الساحة اللبنانية بعد تأجيل حسم الاستحقاق الرئاسي للمرة
الحادية عشرة".
فرد عليه بري
ببرقيته قائلا: لا تتعب نفسك ولا تدعو الى الاجتماع. لأنني سأظل أأجل
وأأجل الجلسات إلى أن تصالح السعودية سوريا وتصلني التعليمات بانتخاب
الرئيس من القائد بشار.وربما ما أغضب نصر الله وأثار حفيظته وأخرجه عن
هدوئه فأوعز إلى بري بإرسال البرقية، هو تأكيد
موسى
ان "لبنان مسؤولية عربية
وليست
اوروبية ولا يمكن الجامعة العربية ان تتراجع عن تحمل مسؤولياتها
حيال
ما يحدث"
هذا كلام
مرفوض بالنسبة لنصر الله جملة وتفصيلا. لأن المفروض من عمرو موسى أن
يقول: أن لبنان مسؤولية إيرانية أيضا. وإلا ماذا يفعل الحرس الثوري وهو
يحتل ثلاثة أرباع لبنان وينتظر إشارة المرشد لاحتلال الربع الأخير
لمحاربة أمريكا والانتصار عليها إلهيا! |