هل سيفي بشار الأسد بوعوده؟
اكدّ
العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ورئيس النظام
السوري
بشار الاسد في ختام قمتهما
المفاجئة
في
دمشق
07.11.18،"اهمية
الدور الايجابي
الذى يمكن ان
تلعبه سوريا لضمان استقرار امن لبنان والحرص على بناء
علاقات طبيعية بين سوريا ولبنان تقوم على الاحترام المتبادل، وبما يحقق
مصالح
الدولتين واستقرارهما".
كلام جميل
إلا أنه سيظل كالعادة كلاما على الورق. لأن مصلحة النظام السوري في تخريب
لبنان للهيمنة عليه من جديد بدعم عملائه أهم بكثير من الوفاء للوعود.
يقول
الوزير الفرنسي كوشنير الذي أصبحت هموم اللبنانيين همومه "السوريين
وافقوا على
اللائحة،
واود ان اعرف من الذي لم يوافق عليها،ومن الذي له مصلحة في الفوضى،وفي
عدم اجراء الانتخابات"
سيكتشف صديق الشعب اللبناني كوشنير أن النظام السوري يلعب لعبته المزدوجة
القذرة بالموافقة في العلن لتبيض وجهه والإيعاز إلى أذنابه في لبنان
للتعطيل وخلق العراقيل.
لقد أتخم
اللبنانيون هذا النوع من الكلام البشاري المعسول الذي يتحول على أرض
الواقع إلى طعنات في الظهر ومؤامرات غادرة لا تنتهي لضرب استقرار لبنان
والقضاء على حريته وتخريب ديمقراطيته ونشر الفوضى في ربوعه.
ولكن ولحراجة الوضع الحساس في المنطقة وللضغوطات الهائلة التي يتعرض لها
النظام السوري، لا بد من طرح السؤال التالي: هل سيفي هذه المرة بشار
الأسد بوعوده؟
وهل
ستلعب
سوريا
أخيراً
دورا
ايجابياً
لضمان استقرار
أمن
لبنان؟
لا نعتقد ولن يغرنا كثيراً كلام البيان الختامي لقمة الملك عبد الله –
بشار، لأنه إذا كان بشار الأسد لم يكن وفيا بوعوده للعاهل السعودي الملك
عبد الله فهل سيكون وفيا بها للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ؟
ولهذا فاللبنانيون يطالبون من رئيس النظام السوري أفعالاً صادقةً لتعزيز
الأمن والاستقرار في بلدهم وليست أقوالاً جميلة يصحبها في الوقت نفسه
إرسال السلاح والإرهابيين والمخابرات ودعم الأزلام لإشعال الفتن وبث
الإشاعات المغرضة كما يجري على قدم وساق الآن.
ثم ماذا
فعل
النظام السوري
لخير لبنان واستقراره خلال فترة احتلاله؟
سوى ترك
الألغام ليفجرها في اللحظة المناسبة في وجه قيام الدولة اللبنانية السيدة
المستقلة، والعمل مع إيران بحماس لخلق
"حزب
الله"
دولة
مهيمنة على
الدولة
اللبنانية،
وترك أحمد
جبريل يهدد بصواريخه وقواعده أمن لبنان، وخلق طبقة منحطة من اللبنانيين
الوصوليين على حساب كرامة وطنهم،
وتغطية
السارقين
لأموال الخزينة، وحماية الناهبين كما حصل في بنك المدينة، والحصول
على
نصيب الأسد بالملايين من
كل مشروع
يجري تنفيذه،
وفرض
الشركات السورية
على لبنان.
فبشار
يحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ليستعيد ما خسره سياسيا ومادياً
بانسحابه من لبنان ولأسباب أخرى مصيرية تتعلق بمستقبل نظامه سنتطرق
إليها. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بإشعال لبنان وبأي مؤامرة غادرة.
ولكي يحقق ذلك رغم معسول الكلام والضغوطات التي يتعرض لها فهو مستنفر
بكامل أجهزة نظامه: بجرائده وإذاعاته وفضائياته وانترنيته وبثينة شعبانه،
ومحسن بلاله وأبواق إعلامه، وجميع أدواته الميليشياوية في لبنان وصغار
أزلامه، وشطارة مخابراته بغسل دماغ العبسي وغلمانه، وأحمد جبريل ومختلف
أنواع زعرانه، وحسن نصر الله وأعوانه مدعوما بصواريخ إيرانه كلهم على
بعضهم على هبة الاستعداد وفي استنفار تام ليس له علاقة بمصلحة سورية
والشعب السوري وتحرير جولانه، ولا بحل مشاكله الاقتصادية المتفاقمة
وتأمين لقمة العيش لإطعامه، ولا بتحقيق طموحاته في حياة حرة ديمقراطية
مزدهرة وإكرامه.
حتى أن شغلهم الشاغل بتخريب لبنان أنساهم حماية الأجواء السورية والرد
رداً مناسباً في أوانه على الطيران الإسرائيلي وعدوانه، الذي جاء هذه
المرة على غير المتوقع من الخاصرة التركية. فحسب تحليلات المحلل البشاري
فإن الطيران الحربي السوري كان جاهزا وسهرانا طوال الليل والنهار وينتظرُ
الإسرائيليين ويستعد لمواجهتهم من خاصرته اللبنانية الرخوة، إلا أنهم
خدعوه وجاءوه فجأة من الخاصرة التركية الصلبة والتي أصبحت الآن أيضاً
رخوة.
بشار
ووزاراته ومخابراته وجنرالاته وأجهزته بكامل أطقمها الحديثة في استنفار
تام كما أسلفنا، لتعطيل الاستحقاق الرئاسي في لبنان. كيف لا وبشار قد ورث
عن والده تعيين رئيساً لما يسمى "الجمهورية اللبنانية" والتي هي في
الحقيقة محافظة صغيرة سورية متمردة ولا بد من عودتها للحظيرة البعثية
الرائدة.
وكما
أن عون اعتبر كرسي الرئاسة كالزوجة الفاتنة لا يشاركه بها أحد أيضا فإن
بشار يعتبر رئيس الجمهورية في لبنان كالدمية لا يأخذها منه أحد.
ولهذا فهو لا يمكن أن يفي بوعوده لأسباب ثلاث إضافية ووجيهة في نظره وأهم
بكثير من الصراع الوجودي مع الصهيونية البشعة ومواجهة الإمبريالية
والبوشية الوقحة:
الأول إجهاض المحكمة الدولية وبأي وسيلة ممكنة لكي لا تنكشف الحقيقة
ويفلت القتلة حتى ولو أدى ذلك إلى خراب لبنان وإشعال الحرائق ونشر
الفوضى. كيف لا والمحكمة هي خطر داهم على أركان النظام من بشار إلى بشرى
ومن ماهر إلى آصف.
الثاني إجهاض ثورة الأرز الخطرة التي تقودها الأكثرية النيابية المتمردة
من قوى 14 آذار ببسالة وبطولة قل نظيرها. لأنه بنجاحها سينهض من جديد
لبنان الديمقراطي ويشع بأبهى الألون وسيؤثر ذلك سلبا على النظام وسيتململ
الشعب السوري الغلبنان ويدفعه ذلك بالتالي إلى التحرك والعصيان وربما
الأسوأ وهو الثورة على النظام. ومن هنا لا بد من اجهاضها وإلا فإنها
ستشكل خطرا داهما على النظام.
والثالث يقوم على إجهاض انتخاب رئيس جديد للجمهورية لكي يدخل لبنان في
المجهول ويبلعه الفراغ. وعندها سيسيطر على الوضع الحزب الإلهي وبقية
عملاء بشار في لبنان.
وتمهيدا لهذا المخطط فبشار هو أول من وصف الأكثرية البرلمانية التي
انتخبها الشعب اللبناني: "بالأكثرية العابرة". وهكذا بهمة سياسته
المثابره وحرفية مخابراته الغادرة وجهود عملائه الفاجرة من بعض
اللبنانيين خونة الوطن تم حتى الآن عبور أربعة نواب شهداء من الأكثرية
إلى الآخرة وهم: جبران تويني، بيار الجميل، وليد عيدو وأنطوان غانم.
جميع المراقبين والسياسيين يتحدثون عن تصاعد وتيرة الاغتيالات في هذا
الشهر المفصلي من نهوض لبنان من تحت الهيمنة الإيرانية السورية.
الاغتيالات لن تتوقف الا ببدأ جلسات المحكمة الدولية وجلب المطلوبين إلى
المحاكمة، عندها فقط سيتراجع المجرمون إلى جحورهم مرتعدين.
فسوريا
وإيران تريدان رئيسا يعرقل القرارات الدولية ليبقى لبنان ساحة لهما
لتحقيق مشاريعهما وورقة ضاغطة
لمفاوضاتهما
مع أميركا وإسرائيل.
ومن هنا تأتي الوعود السورية متناغمة مع القصف الإيراني النجادي على
المبادرة الفرنسية وتصلب حزب الله لعرقلتها لكي يصل لبنان إلى الفراغ
والفوضى.
لكن
ليعرف هؤلاء أن لبنان الديمقراطي في عين الرعاية العربية والدولية وسينهض
من تحت عباءاتهم وطنا سيدا حرا ديمقراطياً مستقلا، وأن
موازين القوى
ليست لمصلحتهم أبداً، وأنهم في مواجهة الشرعية الدولية، وأن النواب الأحرار
وعلى
رأسهم قادة ثورة الارز
لا يمكن أن يقبلوا برئيس توافقي يعطل قرارات الشرعية الدولية،
لكي
لا
تذهب دماء
شهداء انتفاضة الاستقلال الثاني
هدرا!
|