الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

 قرداغ مجيد كندلا

  رئيس الجمعية الكلدانية الانسانية


 من هو يسوع المسيح

جزء 1

لكي نفهم يسوع المسيح لابد من قراءة النبوات الواردة في العهد القديم الذي هو كلمة الله فيكون العهد الجديد ( الانجيل ) مكملا للعهد القديم ( التوراة ) ، وكلاهما كتاب الله المقدس . يكشف العهد القديم عن تدبير الله الذي ألهم به انبياءه لكي ينطقوه ويسجلوه في أوانه شهادة أزلية من السماء. فالانبياء لم ينطقوا إلا بما وضع الله في فمهم ، بل صوت الله ومشيئته المعلنة منذ الدهر "إذ لم تأت نبوة قط بإرادة بشر ، ولكن الروح القدس حمل بعض الناس على أن يتكلموا من قبل الله ."

(2 بطرس 1: 21 ) ، " فكل ما كتب هو من وحي الله، يفيد في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البر"( 2 طيموتاوس 3: 16) ، " لساني قلم كاتب رشيق ( يقصد الروح القدس ) "

( مزمور45: {1} 2 ) ، كما قال السيد المسيح:

" لا تظنوا اني جئت لأبطل الشريعة او الانبياء : ما جئت لأبطل : بل لأكمل"(متى 5: 17) .

وهكذا وفي بدء تأسيسه لمفهوم بر الملكوت الجديد يؤكد أنه يبني على الناموس والانبياء ولا يهدم ليبني .فتكميل الناموس والانبياء يعني أمرا واحدا إلهيا وهو خلاص الانسان من الخطيئة. وواضح من كل هذا أن ناموس موسى ساير طبيعة الانسان العائش بالفطرة، أما المسيح فجاء ليغير هذه الطبيعة ويخلقها جديدة بروح وبقوة غلبته للموت وقيامته بحياة ابدية في صميم جسم الانسان ، هذا هو جئت لأكمل فيما يخص الناموس بالنسبة للحياة مع الله . لهذا يعتبر العهد القديم شرح وتفسير للعهد الجديد لأسباب كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر، نفهم شخصية المسيح ( اقنومه ) ووجوده منذ الازل وولادته من عذراء البتولة في بيت لحم وعن حياته الكاملة وعن دخوله الى اورشليم في موكب راكب الجحش وعن موته وصلبه ودفنه في قبر رجل غني وعن قيامته وعودته ثانية الى الارض وغيرها من النبوات التي تزيد عن 333 نبوة عن المسيح في العهد القديم . فالنبوات التي وردت في العهد القديم تمت في شخص السيد المسيح .

نقرأ في تكوين 3: 15 :" واجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها فهو يسحق رأسك وأنت تصيبين عقبه."

في هذه الاية ان نسل المرأة نبوة واضحة عن تجسد المسيح لان المسيح ولد من العذراء مريم بدون زرع رجل ، لذلك كتب الانجيلي لوقا نسب المسيح الى ادم ليبين ان نسله سحق رأس الحية (الشيطان)، وفعلا كل الاباء القدماء كانوا ينتظرون المسيح وحتى المرأة السامرية  كانت تنتظر المسيح بقولها في يوحنا 4: 19 :" يارب ، ارى أنك نبي " ، فكلمة ( ارى ) هنا لاتفيد الانطباع السريع بل قمة استعلان متدرج يبلغه المتصوفون حينما يحدقون بعقلهم في الله طويلا ، وتسمى بالتورية ، اي الرؤيا العقلية ، وعقل السامرية ارتفع سريعا لترى فيه إنسانا ذا اتصال بالله يستمد منه قوته وسلطانه . لقد تدرجت في رؤيتها للمسيح من { أنت يهودي } الى { ياسيد } الى { ارى انك نبي }. وهكذا تنجلي العين حينما يغتسل الجسد والنفس ، والاعتراف بالخطية يرفع ثقلها عن القلب والضمير كما يرفع عقابها عن النفس . وهذه هي { عطية الله } التي وعدها المسيح بها ، وهكذا علمت المرأة بالحق من الذي يقول لها أعطيني لأشرب .

 ولم تكن رؤيتها أنه نبي لتقرير حق الواقع وحسب ، بل لانها ربطت بين امتيازه الالهي كصاحب صلة بالله وبين حالها الفاضح فرأت فيه المنقذ ، وهو مخلص الانسان .

وتصيبين عقبه ( في بعض الترجمات { تسحقين عقبه} ) تشير الى الام المسيح التي لحقت بطبيعته البشرية ، الشيطان هيج الرجال الذين قبضوا على المسيح ، وبدأوا بجلد المسيح والاستهزاء به . ولكن هذه الالام احتملها صابرا والنهاية من أجلنا ، حتى يوفي كيل خطايانا واستحقاقها من قبل العدو . وقد تنبأ اشعيا النبي عن الام المسيح :" مزدري ومتروك من الناس رجل أوجاع وعارف بالألم ومثل من يستر عنه مزدري فلم نعبأ به. لقد حمل هو آلامنا واحتمل أوجاعنا فحسبناه مصابا مضروبا من الله ومذللا . طعن بسبب معاصينا وسحق بسبب آثامنا نزل به العقاب من اجل سلامنا وبجرحه شفينا . كلنا ضللنا كالغنم كل واحد مال الى طريقه فألقى الرب عليه إثم كلنا . عومل بقسوة فتواضع ولم يفتح فاه كحمل سيق الى الذبح كنعجة صامتة أمام الذين يجزونها ولم يفتح فاه بالاكراه وبالقضاء أ ُخذ فمن يفكر في مصيره قد انقطع من ارض الاحياء وبسبب معصية شعبي ضرب حتى الموت فجعل قبره مع الاشرار وضريحه مع الاغنياء مع أنه لم يصنع عنفا ولم يوجد في فمه مكر .

لأنه أسلم نفسه للموت وأحصي مع العصاة وهو حمل خطايا الكثيرين وشفع في معاصيهم ."

( اشعيا 53: 3- 9 و12 ) .

يسحق رأسك ، وهو السيد المسيح بصليبه سحق رأس ابليس حيث ان لوقا البشير اوضح هذه الحقيقة في انجيله ( 10: 17 – 20:" ورجع التلامذة الاثنان والسبعون وقالوا فرحين : يارب ، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك . فقال لهم : كنت ارى الشيطان يسقط من السماء كالبرق وها قد أوليتكم سلطانا تدوسون به الحيات والعقارب وكل قوة للعدو ، ولن يضركم شيء . ولكن لاتفرحوا بأن الارواح تخضع لكم ، بل افرحوا بأن أسماءكم مكتوبة في السموات ."هنا يكشف المسيح له كل المجد علنا ان قوة اسمه التي كرز بها الرسل السبعون أحدرت الشيطان من علو السماء بحالة سقوط مُخز. ومعروف ان الشيطان له اسم لوسيفورس او حامل النور ، ولأنه رئيس ملائكة عصى أمر الله فانحجب عنه نور الله واصبح نوره مزيفا قابلا للزوال . ويصف اشعيا النبي سقوط الشيطان كنبوة ، وهي التي تمت بواسطة المسيح :" كيف سَقطتَ مِنَ السماء أيتها الزهرة ، ابن الصباح؟ كيف حُطمتَ إلى الارض ياقاهر الامم ؟(اشعيا14: 12 ) ان اشعيا كتب رؤيته على اساس المستقبل الذي يتناسب مع المسيا وما سيصنعه بهذا الملاك الساقط ( لوسيفر ) فهي رؤية حاضرة ومستمرة والان في تكميلها . المسيح يرى بالرؤيا الروحية الشيطان وهو في حالة سقوط من السماء . وقول كالبرق تشبيه الشيطان هنا بالبرق ليس لشدة ضوئه بل بسبب سقوطه السريع .

والانجيلي متى وضح حقيقة الصليب لكسر رأس الحية :" وَ تَفَتَّحَتْ الْقُبُورُ ، فقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِين وخرجوا من القبور بعد قيامته ، فدخلوا المدينة المقدسة وتراءَو لاناس كثيرين ." ( متى 27: 52 ) وطبعا بموت السيد المسيح على الصليب تفتحت القبور وذلك للاعلان بواسطة الموتى (القديسين الراقدين) الذين ماتوا على الرجاء أنه قد تم الفكاك من الموت بعد أن داسه المسيح وقام منتصرا ، وتم انفتاح طريق الحياة الابدية ودخولهم المدينة المقدسة ليحجوا الى الهيكل ويأخذوا الطريق الصاعد من الحجاب المفتوح . فقد نزل المسيح الى الهاوية الى اعماق الارض لانه حطم أسس الهاوية وكسر مصاريعها وحطم مغاليقها ليخرج اسرى الرجاء .أما ظهورهم لكثيرين فهو لاستعلان قيامة الاجساد والتبشير باليوم الآتي .

اشعيا النبي تنبأ 700 سنة قبل الميلاد عن : " فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية : ها إن الصبية تحمل فتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل ."( اشعيا 7: 14 ) . هذه الاية واضحة لميلاد المسيح من العذراء،

وليس لرجل لانه ليس من زرع رجل . لذلك قيل ان السيد يعطيكم نفسه آية ، معجزة ، معجزة تجسد الله ، عمانوئيل اي الله معنا .

وتحققت النبوة بميلاد المسيح حيث خصص له الانجيلي لوقا فصلين في بدء إنجيله واستوفاه تأريخيا من جانب العذراء مريم ، فوضع أساس الايمان المسيحي بولادة يسوع المسيح ابن الله الذي نص عليه قانون الايمان .

كما أفرد له الانجيلي متى فصلين في بدء انجيله أيضا ، واستوفاه تقليديا من جانب يوسف خطيبها .

أما الانجيلي يوحنا ، فانطلق بالروح  بحسب الوحي الالهي ليرى المسيح قبل ميلاده بالجسد قائما في الازلية مع الله باعتباره أنه هو " الكلمة " اي النطق الالهي الفعال لله . ثم دخل في مفهوم " الميلاد للكلمة" لاهوتيا فاعتبره تجسدا بقوله :"والكلمة صار بشرا (جسدا) "( يوحنا 1: 14 ) ، بمعنى صار انسانا وبالتالي " حل بيننا " .

أما الانجيلي مرقس ، فافتتح إنجيله بتعريف المسيح تعريفا يحمل مفهوم الميلاد والموت والقيامة معا مع قصة كرازته وعمله وحياته كلها في معنى البشارة المفرحة . فأوجز استعلانه في بدء إنجيله بقوله :" بدء بشارة ( انجيل ) يسوع المسيح ابن الله ."( مرقس1: 1) ، باعتبار أن ابن الله بمفهوم لاهوته الازلي فهو كيان واحد لايتجزأ. ومعنى أن الله ابوه ، أنه ليس من أب جسدي ، وفي هذا استعلان لميلاده العذراوي .

اما الرسول بولس ، فقد كانت اول معرفته بيسوع المسيح أن رآه في السماء بوجه يشرق بلمعان اقوى من الشمس في وقت الظهيرة، فكان تعبيره عن ميلاد المسيح في هيئة إنسان بقوله: " قد اظهر في الجسد " ( 1 طيموتاوس 3: 16 ) أي الله ظهر في الجسد .وعاد ليكمل مفهوم الميلاد كإنسان وقال :" مولوداً لامرأة " ( غلاطية 4: 4 ) ، اي بتحديد ميلاده بدون رجل .

يتبع جزء2

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها