الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

مشكلة المسلمين ليست مع الغرب وإنما مع غياب الحرية

 

عمران سلمان

حين سيكتب المؤرخون بعد سنوات طويلة عن هذه المرحلة، فإن أبرز ما سيستوقفهم هو أن العالم الإسلامي يعيش اليوم أكثر عصوره اضطرابا وفوضى، من أندونيسيا شرقا وحتى المغرب غربا.

منذ السبعينات لم تهدأ النار في هذه المنطقة، من الحرب الأفغانية وحتى الثورة الإيرانية ومرورا بلبنان ومصر والجزائر واليمن والصومال والأراضي الفلسطينية وحتى اليوم في العراق والسعودية وغيرها من المناطق.

ومع ذلك لا يجد المعلقون ومن يسمون بالنخب السياسية والثقافية العربية والإسلامية حين يبحثون أسباب هذه الاضطرابات، سوى الغرب وإسرائيل يرمون عليهما وزر ما يحدث.

ورغم أن اسطوانة الغرب وإسرائيل باتت مشروخة، ولم يعد أحد يشتري ما تقوله بدرهم نحاس، فإنّ هناك إصراراً في العالم العربي والإسلامي على استخدام هذه الأسطوانة والترويج لها.

ولا يقتصر الأمر في هذا المجال على العرب، وإنما يتعداه إلى العديد من المسلمين من مهاتير محمد في ماليزيا وحتى أحمدي نجاد في إيران.

هؤلاء يرددون كما كان يفعل أسلافهم مقولة أن الغرب وإسرائيل هما سبب جميع المآسي التي يعاني منها العرب والمسلمون.

ومع ذلك تستمر هذه المآسي، ويتفاقم الاضطراب وتزداد الفوضى وتخرج عن السيطرة، كما حدث في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في أميركا وما تلاها من أعمال إرهابية. 

ولأن مهاتير محمد وأحمدي نجاد، مثلهم مثل باقي الحكام العرب ومعظم حكام المسلمين من ذوي الميول الديكتاتورية والاستبدادية، فهم لا يريدون أن تتحول أنظار المسلمين العاديين إلى فنائهم الداخلي، هم يريدون أن تتحول الأنظار إلى فناء الآخرين. إلى فناء الغرب وإسرائيل. ولذلك هم يحرضون العوام على المظاهرات وأعمال الاحتجاج ومهاجمة السفارات وقتل الغربيين، فهم يريدون أن يقولوا للعالم إن لديكم مشكلة مع الشعوب المسلمة، وليس مع الحكام.    

مع ذلك فإن المؤرخين الذي سيكتبون تاريخ هذه المنطقة سيستوقفهم أمر آخر مهم، وهو أن هذه الرقعة الجغرافية المسماة بالشرق الأوسط وما جاورها من العالم الإسلامي، تشترك في قضية واحدة، وهي غياب الحرية وتفشي الاستبداد، وأنه في مقابل العداء للغرب وإسرائيل، بل حيث ينتشر العداء للغرب وإسرائيل، تغيب الحرية ويحضر الاستبداد.

فهل هناك علاقة بين هذا وذاك؟

الأرجح أنه توجد علاقة وربما وثيقة بين الأمرين. وشرحها يندرج في الإطار التالي: دأب الحكام الطغاة في العصر الحديث عموما، وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا، على ترحيل جميع المشاكل الداخلية إلى الخارج، أملا منهم في التخلص من الصداع.

بعض هؤلاء نجح في ذلك نجاحا باهرا. جمال عبد الناصر على سبيل المثال، شغل المصريين بقضايا اليمن والجزائر وحركات التحرر في أفريقيا وآسيا والعداء لإسرائيل وأميركا، حتى تحول المصريون إلى بيادق وعبيد لخدمة سياسته الخارجية، ونسوا خلال عشرين عاما أي حديث عن الحرية والديمقراطية، مع أن مصر قبل انقلاب يوليو، كانت تعيش تجربة ديمقراطية ناجحة، وكانت قضايا المصريين تتركز على الحرية والتعليم والمرأة والفن والفكر وإقامة حكم القانون.  حتى إذا فاقوا في السبعينات أو ما بعدها، وجدوا أنفسهم وقد تأخروا عن ركب الشعوب الأخرى التي كانت أقل منهم تجربة وتقدما.

صدام حسين مثال آخر. حيث شغل العراقيين بحروبه مع إيران ثم الكويت، كما شغلهم بقضايا فلسطين وحرق نصف إسرائيل وما شابه. ودفن هو الآخر آمال العراقيين في الحرية والديمقراطية، كما دفن مئات الآلاف منهم في المقابر الجماعية.

ويمكن الحديث أيضا عن الحكام المستبدين الآخرين في المنطقة من الذين كانوا ولا يزالون يوجهون شعوبهم نحو المعارك الخارجية المفتعلة، بغية تخفيف الضغط الداخلي.

ولأن هذه الشعوب عاطفية ومبرمجة بفعل وسائل الإعلام والمساجد وأنظمة التعليم التي تتحكم فيها هذه الحكومات، فهي تصدق هؤلاء الحكام أو مرتزقتهم، وتمضي في تظاهراتها وتنفيس غضبها نحو الجهات الخطأ.

أما التشخيص الحقيقي والصحيح فهو أن: مشكلة العرب والمسلمين ليست مع إسرائيل وليست مع أميركا وليست مع الدانمارك أو روسيا أو غيرها. مشكلة العرب والمسلمين الحقيقية تكمن في غياب الحرية والديمقراطية. المواطنون العرب اليوم هم رهائن بأيدي حكوماتهم، وهم عبيد بأيدي هذه الطغم الحاكمة.

ثلاثة ملايين مواطن مصري يعيشون في المقابر، هل سأل أحد لماذا؟

نصف عدد الجزائريين على الأقل يعيشون تحت خط الفقر، هل سأل أحد لماذا؟  ثلثا البحرينيين ممنوعون من تسلم أي منصب سيادي في بلدهم، هل سأل أحد لماذا؟

غالبية الشعب السوري تعيش في أقفاص الدجاج، هل سأل أحد لماذا؟

شعوب الجزيرة العربية تعيش في روضة أطفال كبيرة يحرسها أوصياء من صناديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل سأل أحد لماذا؟

ويمكن الحديث عن اليمن والسودان وغيرها من الدول العربية.

مشكلة هؤلاء جميعهم أنهم توارثتهم أنظمتهم وعائلاتهم الحاكمة أو المالكة، كما تتوارث غنمها وبعرانها ومواطن الكلأ والعشب. ولذلك هم عبيد، ولا علاج للعبودية سوى الحرية.

كاتب وصحافي بحريني ـ  Omrans80@yahoo.com

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها