الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

على المسلمين شكر الصحيفة الدانماركية

2/5/2006

بقلم عمران سلمان

ما فعلته الصحيفة الدانماركية وكذلك الصحف الأوروبية بنشر صور محمد، كان يجب أن يفعله المسلمون أنفسهم منذ فترة طويلة، لأنهم المسؤولون عن تطوير دينهم وإنزاله من فضاء الغيببيات والخرافات، إلى حيز المعقول والملموس والممكن.

ليس من الممكن في جميع الأحوال أن يظل دين أو عقيدة من دون تغيير أو تبديل. وحتى المسلمين أنفسهم لا يطبقون اليوم الإسلام البدوي نفسه الذي جاء منذ 1400 سنة. وإنما يتعاطون معه بانتقائية تتناسب إلى حد ما مع المعطيات الراهنة. إنهم مثلا لا ينفذون العقوبات التي نص عليها القرآن، ولا يتخذون لأنفسهم جواري وعبيد مما ملكت أيمانهم، وهم لا يحرمون الربا ويتعاملون مع البنوك التجارية ولا يفرضون على أتباع الأديان الأخرى الجزية.. وهكذا.

وبمعنى من المعاني فإنهم يعترفون بأن تنفيذ جميع ما ورد في القرآن حرفيا من شأنه أن يبعدهم عن الحياة المعاصرة ويدخلهم في كهف التاريخ. ولذلك فقد انشغلوا في اختراع التخريجات التي تساعدهم على التملص من قسوة النصوص القرآنية. وعموما هذا أمر حسن، إذ لا يجدر بأي إنسان أن يعيش خارج زمنه وعصره.

لكن ردة الفعل التي صاحبت نشر الرسوم الكاريكاتورية عن محمد، بدت كما لو أنها بمثابة إعادة اعتبار لذلك المنسي في حياة المسلمين، وشعور بالذنب تجاه تقصير المسلمين في تنفيذ القرآن بحذافيره، الأمر الذي دفعهم إلى التصرف بطريقة متشنجة وأكبر بكثير من حجم الفعل نفسه.

وإذ أفهم كما يفهم أي إنسان طبيعي أن الحكومات العربية هي التي تسببت في هذا التجييش الغوغائي والبهيمي للناس ضد الرسومات، عبر مرتزقتها، وما أكثرهم، في أجهزة المخابرات والإعلام وما يسمى "منظمات المجتمع المدني"، فإنني أيضا أرى أن ثمة خطورة في أن المجتمعات العربية باتت في الواقع أسيرة المسألة "الدينية" سواء طرحت في الداخل أو الخارج.

ومكمن الخطر هو في نقل التحديات من مستوى القضايا المعيشية والملموسة، إلى القضايا الغيبية والصراعية. ولسان الحكومات العربية هنا يقول: ما لكم وقضايا الإصلاح والديمقراطية والمحاسبة، إن رسولكم ودينكم، وهما أعز ما تملكون، يتعرضان للتهديد والسخرية، فهل ستقفون عاجزين؟

وبالطبع لا يمكن أن يقف المسلمون عاجزين، سوف يتحركون بدافع العصبية وبدافع الغيرة على الدين، وسيأجلون جميع القضايا الأخرى. وسيصب ذلك في النهاية في طاحونة الحركات الإسلامية.

لكني أعود إلى ما بدأت به المقال وأقول إن ما فعلته الصحيفة الدانماركية والصحف الأوروبية الأخرى، حري بالإشادة والسبب أنها كسرت أحد أقوى المحرمات لدى المسلمين، وبالتالي ساعدت في تقدم قضية الإصلاح الديني في العالم الإسلامي خطوة إلى الأمام. وهي لم تكن لتفعل ذلك لولا التهديد الخطير الذي بات يشكله المسلمون على أنفسهم وعلى الحضارة البشرية.

إن الكثير من المسلمين الغاضبين على نشر تلك الرسوم، لا يفكرون لحظة في الهلع والخوف الذي تسببت فيه العمليات الانتحارية والتفجيرات في أوروبا، والتهديدات التي لحقتها، لدى الأوروبيين وغيرهم.

هل يعقل أن يعيش العالم على إيقاع تهديدات تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأخرى، من دون أن يكون لديه أي تساؤل أو رأي بشأن الدين أو العقيدة التي انتجت تلك التهديدات؟ وهل يتوقع المسلمون أن مناظر قطع الرؤوس واحتجاز الرهائن وترويع الآمنين، التي يرتكبها مسلمون، سوف يعتبرها الأوروبيون أوغيرهم من شعوب الأرض مجرد سلوك لفئة أو عصابة منحرفة؟ لا بد أن يكون هناك ثمة رد فعل، والرسومات الكاريكاتورية هي أبسطها.

بقي أن نقول لليبراليين والإصلاحيين العرب أن ما قامت به الصحف الأوروبية ودفعت ثمنه غاليا، يصب في مصلحتهم، لأن كسر التابوهات الإسلامية من شأنه أن يعجل في الإصلاح. ربما لم يكن الأوروبيون يقصدون ذلك، لكن النتيجة هي في صالح المسلمين.

وشخصيا أشعر بالسعادة لأن أوروبا بدأت تستشعر خطر الإسلام الإسلام السياسي عليها وعلى وجودها، وأن الأمر لا علاقة له هذه المرة بجورج بوش أو دونالد رامسفيد أوالمحافظين الجدد في أميركا.

كاتب وصحافي بحريني

Omrans80@yaoo.com

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها