اقرأ المزيد...
إرادة العراقيين هي القوة الدافعة وراء إصرار
بوش
بقلم: عمران سلمان
051712
طوال العامين الماضيين، تأرجح الرأي العام الأميركي حول العراق عدة
مرات، تارة باتجاه اليمين وتارة باتجاه اليسار؛ العديد من
السياسيين
والمثقفين بدلوا آرائهم ومواقعهم، والبعض منهم استبد به اليأس تجاه
ما يجري في العراق. وحده الرئيس بوش ظل صامدا ومؤمنا بأن قرار الإطاحة
بصدام حسين كان قرارا صائبا، وأن العراقيين يستحقون الحرية
والديمقراطية مثلهم مثل الأميركيين تماما، وهم يستحقون أن يضحي الجنود
الأميركيون بحياتهم من أجل تحقيق هذا الهدف، لمصلحة العراق وأميركا في
الوقت نفسه.
لم تفت في عضده الصيحات الداخلية المتزايدة بالانسحاب، ولم ترهبه
العمليات الانتحارية وأعمال القتل التي ينفذها إرهابيو القاعدة والبعث
ضد العراقيين وضد القوات الأميركية.
وفي كل مرة كان فيها كتاب الرأي في الصحافة والتلفزة الأميركية يشيرون
إلى أن الولايات المتحدة على وشك أن تخسر حربها في العراق، وأن عليها
أن تضع جدولا لسحب قواتها، كان الرئيس بوش يخرج على شاشات التلفزة لكي
يؤكد من جديد، كما كان يفعل عشرات المرات في خطبه السابقة، من أن
الولايات المتحدة ستنتصر في العراق ويجب أن تنتصر لأن البديل هو تسليم
هذا البلد لجماعة القاعدة والإرهابيين الآخرين، وهو ما لا تستطيع
الولايات المتحدة أن تتحمل حدوثه، وهو ما لن يحدث ما دام هو رئيسا لهذه
البلاد.
قوتان دافعتان تقفان وراء تفاؤل بوش وإصراره على إنجاز مهمة قواته في
العراق، الأولى هي استقامته الأخلاقية ودفاعه عن مصالح بلده، والثانية
هم العراقيون أنفسهم.
ففي كل مرة يذهبون فيها إلى صناديق الاقتراع، كانوا يخاطرون بأنفسهم في
مواجهة الإرهابيين، بل أن ممارسة العراقي لحياته العادية أصبحت تحمل في
طياتها خطرا مباشرا على حياته. ومع ذلك لم يعبأ العراقيون بتهديدات
القاعدة وأتباعها، ولم ترهبهم العمليات الانتحارية ولا أعمال القتل
والذبح.
إزاء هذا التمسك الأسطوري لدى العراقي بإرادة الحياة ومقاومة الإرهاب
وبناء بلده واستعادة حريته، لا يمكن لأي زعيم دولة، بل ولأي إنسان، إلا
أن يشعر بالتزام أخلاقي في الوقوف إلى جانب هؤلاء النساء والرجال
والشيوخ والعجزة الذين اصطفوا طوابير طويلة من أجل أن يدلوا بصوتهم في
مركز اقتراع، قد يعقبه مباشرة الموت على يد أحد رسل الشيطان من
الانتحاريين الذي يلفون أجسادهم وعقولهم بالأحزمة الناسفة.
هل يمكن للرئيس بوش أو رئيس أي دولة يملك ذرة من الاحترام لنفسه،
وللقيم الإنسانية، أن يقول لهؤلاء: آسف، لا يمكنني حمايتكم، لقد فعلت
ما أستطيع فعله، عليكم الآن مواجهة مصيركم المحتوم على أيدي القتلة
والمجرمين؟ لو فعلت أميركا ذلك، فإن أحدا بعد اليوم لن يتطلع إليها أو
يثق فيما تقول أو تفعل.
أعلم أن الكثير من العرب والمسلمين، وربما بعض الأميركيين يكرهون بوش،
وكل له أسبابه ودوافعه التي يطول شرحها هنا، ولكنني متأكد أن التاريخ
سينصفه، لو لم يكن من أجل أي شيء، سوى تحرير 25 مليون عراقي من ربقة
جلاديهم، فسيعد ذلك كافيا لوحده. ومع كل نجاح يحققه العراقيون سيغدو
هذا الإدراك أوضح فأوضح.
عمران سلمان، كاتب وصحفي بحريني
|