الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

من هم العرب والمسلمون الذين يكرهون أميركا، ولماذا؟

 

10/25/2005

 

 

 

بقلم عمران سلمان

 

بعد مرور أربع سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، لا يزال العديد من الأميركيين يتساءلون لماذا يكرهوننا (في العالم العربي والإسلامي)، وضمن محاولات التفتيش على إجابة، تفرق السائلون في كل اتجاه، وأعتقد أن زيارة وكيلة وزيرة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة كيرين هيوز الأخيرة للمنطقة، كانت في جانب منها محاولة لفهم الأسباب أو على الأقل الظروف التي قادت لمثل هذه الكراهية. وليس معروفا بعد ما إذا كانت هيوز قد حصلت على إجابة من نوع ما أم لا.

من جانبي لدي تفسيران للمسألة، أحدهما بسيط والآخر معقد، وكلاهما يحملان قدرا لا بأس به من المنطق.

لنبدأ بالبسيط. الكره في العالم العربي والإسلامي حالة عامة وليست خاصة مقتصرة على الأميركيين. فالعرب والمسلمون يكرهون بعضهم البعض، ربما بصورة لا تقل عن كرههم لغيرهم. تريدون الدليل. حسنا لنبدأ في السرد آخذين حصيلة عقد واحد من الزمان فقط.

في التسعينات قتل في الجزائر أكثر من 200 ألف مدني، معظمهم على أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة. ماذا كانت ردة فعل معظم العرب والمسلمين؟ مزيج من الفرجة وتقديم المبررات للقتلة والإرهابيين.

في التسعينات أيضا قامت حركة طالبان بحملة تنكيل ضد الشيعة الهزارا والطاجيك وغيرهم من الأقليات، ولم يحرك أحد ساكنا.

في عام 1990 غزا صدام حسين الكويت واحتلها، وشرد سكانها. ماذا كانت ردة فعل العرب والمسلمين؟ لا شيء. بل أن معظم العرب والمسلمين أيدوا صدام (خاصة الأردنيين والفلسطينيين واليمنيين والتوانسة والجزائريين وغيرهم).

في عام 1991، قتل صدام مئات الآلاف من العراقيين من الشيعة والأكراد، ولم يستنكر غالبية العرب والمسلمين ذلك. 

في هذه الأيام تواصل ميليشيات العرب الجنجويد المدعومة من حكومة الخرطوم حملة الإبادة العرقية ضد الافارقة المسلمين في دارفور، أما في العراق فيقوم الزرقاوي والجماعات الإرهابية التابعة له بذبح الشيعة وتفجير مساجدهم ومدارسهم، بعد أن أعلن الحرب عليهم. وفي الحالتين لم يتحرك أحد من العرب أو المسلمين لمنع ذلك أو حتى إدانته.

وفي الإجمال وخلال عقد واحد فقط كان هناك ما لايقل عن نصف مليون عربي ومسلم ضحية قتلوا بأيدي عرب ومسلمين.

 أكثر من ذلك تواجه الأقليات الدينية والطائفية والقومية في العالم العربي، معاملة مهينة تتسم بالتمييز والإذلال، وبين هؤلاء شيعة وإسماعيليون وزيديون ومسيحيون ويهود وغيرهم.

وإذا لم يكن كل ذلك عملا من أعمال الكراهية وتشويه السمعة، فهو بالتأكيد لا يمكن أن يكون حبا من أي نوع.

هذا عن التفسير البسيط للمسألة، فماذا عن التفسير المعقد؟

أولا لنجب عن تساؤلات تتعلق بشأن مدى الكراهية للولايات المتحدة في المنطقة. وبشكل أكثر تحديدا من هم الذين يكرهون أميركا؟

إذا كان المقصود هنا ما قامت به جماعة القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة، والهجمات الإرهابية التي سبقتها أو تلتها ضد المصالح الأميركية في العالم، يمكن الإجابة بالإيجاب.

وإذا كان المقصود هو حملة الشحن والتحريض وتأجيج الكراهية التي تقوم بها وسائل إعلام  تابعة أو محسوبة على الجماعات الإسلامية، ولا سيما الإخوان المسلمين بكافة فروعها في الدول العربية، ضد الولايات المتحدة، فيمكن الإجابة عن ذلك أيضا بنعم.

وإذا كان الحديث يدور عن جهد إعلامي وسياسي معاد وتضليلي تقوم به بقايا القوميين العرب، وهم قد تحولوا بالكامل تقريبا في الأعوام الأخيرة إلى جماعات فاشية متحالفة مع الإرهاب الإسلامي، فإن الإجابة لن تكون سوى بالإيجاب.

ولكن إذا كان الحديث يجري عن العرب أو المسلمين ككل، فأعتقد أن الإجابة هي لا. وحتى بفرض وجودها، لا تشكل سياسة الكره هذه أولوية لدى المجتمعات العربية أو الإسلامية. وهذا ينسجم عموما مع المنطق الطبيعي للأشياء.

ينبغي أن نذكر أيضا، أن ثمة درجة من الكره للولايات المتحدة وسياساتها كانت ولا تزال موجودة في المنطقة وهي ناجمة عن أسباب أيديولوجية تعود بجذورها لفترة الحرب الباردة، لكنها درجة منخفضة ولا تشكل ظاهرة. وهي تفشت بالأخص في أوساط اليساريين والقوميين العرب، وللشاعر الفلسطيني المعروف محمود دوريش قصيدة مشهورة قالها في الثمانينات واعتبر فيها أن (أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا).

لكن ما يجري الحديث عنه اليوم، يعد أمرا مختلفا. وأخذا بالاعتبار أن السياسات الأميركية في المنطقة لم تتغير جوهريا طوال أكثر من نصف قرن وحتى عام 2000. فما الجديد الذي حدث واستدعى نشر الكراهية على هذا النطاق الواسع؟

أعتقد أن العنصر الجديد في المشهد الأميركي والعربي الإسلامي، كما يمكن للجميع أن يتنبأوا بذلك هي هجمات الحادث عشر من سبتمبر الإرهابية والرد القوي والحاسم للولايات المتحدة عليها.

هذا الرد استهدف تحقيق ثلاثة أهداف في وقت واحد.

أولا، توجيه ضربة قاصمة لتنظيم القاعدة وحلفائها في حركة طالبان في أفغانستان، وقد تحقق ذلك.

ثانيا، تدمير نظام صدام حسين الديكتاتوري وحزب البعث الفاشي في العراق، وقد تم ذلك.

ثالثا، نشر الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط، وهو المشروع الذي سيستمر إلى عقود قادمة. 

الضربة الأولى استفزت الإسلاميين، والضربة الثانية استفزت القوميين، والضربة الثالثة استفزت الحكومات العربية المحافظة، وقاد هذا في بعض المراحل إلى تشكيل حلف غير معلن بين هذه الأطراف الثلاثة، هدفه الأبعد إفشال السياسة الأميركية الجديدة، ولان هذا الحلف هو أضعف من أن يرد على الولايات المتحدة عسكريا، فقد اختار أن يرد عليها إعلاميا ودعائيا، وأولى مهامه كانت العمل على تشويه صورة الولايات المتحدة، لتنفير المواطنين العرب من كل ما هو أميركي.

 والمجالات الرئيسية التي تم من خلالها تشويه هذه الصورة، هي:

1        ـ أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وهي في غالبيتها الساحقة خاضعة لسيطرة الحكومات العربية، (إما عبر التمويل أو النفوذ)، ابتداء من قناة الجزيرة في قطر وحتى الصحف القومية في مصر.

2        ـ برامج وأنظمة التربية والتعليم، وجميعها خاضعة لسيطرة الحكومات العربية ونفوذ الجماعات الإسلامية.

3        ـ المساجد وهي جميعها أيضا خاضعة لسيطرة الحكومات والجماعات الإسلامية، عبر وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الدول العربية، باستثناء المساجد الشيعية، لأن الشيعة مستقلون عادة من الناحية المالية عن حكومات بلدانهم.

وقد اشتغلت هذه الماكينة بكامل طاقتها لبرمجة وغسل أدمغة المواطنين العرب، 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، من أجل تشويه صورة الولايات المتحدة وتأجيج الكراهية ضدها. ومن بين ما أثمرته، الإجابات التي أدلت بها طالبات سعوديات في كلية الحكمة الخاصة بالفتيات في جدة بالمملكة العربية السعودية حين سألتهن كيرن هيوز أثناء زيارتها للكلية عن مجالات العمل المتاحة للمرأة في المملكة وعن قضية قيادة المرأة السعودية للسيارة، فكانت إجابة إحداهن "نحن سعيدات، على عكس ما تنقله وسائل الإعلام عنا" وأجابت أخرى "لست بحاجة إلى قيادة السيارة، فلدي سائق". (1)

بالطبع هذه الإجابات هي أقرب إلى مناقضة الواقع وتحقير الذات، منها إلى أي شيء آخر، إذ لايمكن لأي امرأة في العالم أن تقبل بالوضعية التي تعيشها المرأة السعودية.

والتفسير الصحيح لما فعلنه هو أن الفتيات السعوديات، مثلهن مثل معظم المواطنين السعوديين والعرب، يتحدثون بفعل البرمجة والتنويم الاجتماعي والديني الذي مورس عليهم منذ نعومة أظافرهم. إنهم ضحايا للحلف الشيطاني بين الإسلاميين والقوميين وبعض الحكومات العربية، وهو الحلف الذي يحتضن اليوم أيديلوجية الشر والكراهية التي تحدث عنها الرئيس بوش في خطابه في السادس من أكتوبر الجاري.

وإذا عدنا لسؤالنا الأساسي، فإننا لن نجد صعوية في استنتاج أن أطراف هذا الحلف هم الذين يكرهون أميركا، أما المواطنون العرب والمسلمون العاديون فهم مجرد رهائن معصوبي الأعين، بأيدي ذلك الحلف.

وعلى أميركا أن ترد على ذلك، ليس بمخاطبة الرهائن وإقناعهم بصورتها الحسنة التي لا يمكنهم أن يروها، حتى إذا رغبوا في ذلك، وإنما بمساعدتهم أولا على تحرير أنفسهم وشل أيدي الخاطفين.     

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها