الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

ما الذي يريده العرب من العالم؟!

9/20/2005

 

 

 

بقلم عمران سلمان

 

لا أشك في أن الكثيرين في العالم يشعرون بالحيرة تجاه ما يريده غالبية العرب وما لايريدونه. فحين لا تتحرك الولايات المتحدة للضغط على أنظمتهم القمعية، يقولون، أنظروا إلى أميركا إنها تتصرف بمكيالين، فهي تتحدث عن الحرية الديمقراطية، ولكنها تصمت عن القمع وانتهاك حقوق الأنسان الذي تمارسه هذه الأنظمة.  ويذهب البعض أبعد من ذلك فيرى أن واشنطن تستخدم شعارات الديمقراطية ضد الأنظمة الاستبدادية التي تختلف معها، لكنها لا توجه أي انتقاد للأنظمة الصديقة والتي لا تقل استبدادية.

أما حين تتدخل الولايات المتحدة وتحاول أن تدعم القوى المؤيدة للديمقراطية في بعض البلدان، وتضغط على الأنظمة فيها، هنا يهب آخرون، أنظروا إلى أميركا إنها تتدخل في شؤوننا الداخلية وتعامل دولنا كأنها جمهوريات موز وتحاول أن تستعمرنا!

فمن نصدق وكيف يمكن أن تتصرف الولايات المتحدة أو غيرها إزاء هذا الموقف؟

بل إن كاتب هذه السطور أصابته الحيرة مؤخرا أيضا. فالفلسطينيون ظلوا لعقود عديدة يطالبون بالانسحاب الإسرائيلي من المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يتركوا رئيس دولة في العالم، إلا وناشدوه التدخل للضغط على إسرائيل.

وحينما انسحبت إسرائيل أخيرا من قطاع غزة تاركة إياه للسلطة الفلسطينية، انبرى العديد من الفلسطينيين محتجين قائلين إن هذا الانسحاب غير مقبول، ما لم تحل قضية المعابر الحدودية وتنسحب إسرائيل من الضفة والقدس.. الخ.

بل إن بعض الفصائل المسلحة وأجزاء من السلطة اعتبرت ما جرى انتصارا للعمليات الانتحارية والهجمات المسلحة! وراح مسلحو حركة حماس وباقي الفصائل يستعرضون قدراتهم العسكرية على أنقاض المستوطنات اليهودية في القطاع.

والسؤال هنا كما هو بالنسبة للموضوع أعلاه، لماذا يجب علينا أن نتصور دائما أن على الآخرين أن ينفذوا ما نريده حرفيا؟ وماذا بشأنهم هم؟ لماذا لا نستمع أيضا إلى وجهة نظرهم ونتعامل معها بجدية؟

الفلسطينيون يريدون السيطرة على معابرهم الحدودية (مثل معبر رفح مع مصر) وهذا من حقهم، ولكن ألا يجب على السلطة الفلسطينية في الوقت نفسه أن تبدي استعدادها لتفهم مخاوف إسرائيل الأمنية؟ إن السلطة لم تثبت حتى الآن أنها جادة أو راغبة في نزع أسلحة الفصائل الفلبسطينية في غزة ومحاربة الإرهاب. ولا يعرف بعد كيف ستتصرف مع عمليات تهريب الأسلحة التي تتم عبر هذه المعابر.

 وبالمثل أيضا، فإن الحركات "المؤيدة للديمقراطية" في العالم العربي التي تطلب الدعم الأميركي وغير الأميركي للضغط على أنظمة بلدانها، هي محقة في هذا الطلب. ولكن السؤال هو ماذا فعلت هي لخدمة قضية الديمقراطية؟ وهل هي جادة حقا في طلب هذه المساعدة؟

في مصر مثلا، برزت في الآونة الأخيرة حركة كفاية، التي ذاع صيتها عالميا. ووقفت العديد من القوى المحبة للحرية والديمقراطية معها، ولكن بعد مضي بعض الوقت اكتشف الجميع أن هذه الحركة، ليست أكثر من خليط من القومجيين الفاشيين والإسلاميين! وكلا التيارين هما من ألد أعداء الديمقراطية.

إنهم يريدون تغيير حكم الرئيس المصري حسني مبارك، وهذا من حقهم. ولكن ماذا سوف يقيمون بديلا عنه. هذا هو السؤال.

بالنسبة لي شخصيا لا يوجد أسوء من الأنظمة العربية الحالية. ولكن لكسب دول العالم وخاصة الولايات المتحدة لتأييد مثل هذه الخطوة، لا تكفي الشعارات وحدها ولا النوايا الحسنة، لابد من أقناعها بجدية البديل وعلاقته بالديمقراطية.

وفي العديد من الدول العربية، يوجد ناشطون يريدون إنهاء الاستبداد في بلدانهم وتحقيق الديمقراطية، لكنهم قلة لا يعول عليها، والأهم أنهم يتحالفون باستمرار مع أعداء الديمقراطية. وبعضهم أصبح من المحترفين في قيادة المظاهرات، ليس للتنديد بنظام الحكم في بلاده، وإنما لشتم الأميركيين ودعم الإرهاب في العراق (يسمونه مقاومة)، أو التركيز على الموضوع المفضل، الموضوع الفلسطيني.

الصحيح هو أنه توجد قضايا حقيقية في العالم العربي تستحق الكفاح من أجلها، يوجد استبداد وقمع وانتهاك لآدمية الإنسان، لكن المؤسف أنه لا توجد معارضات حقيقية وجادة. ما يوجد هو نجاح شبه كامل لماكينة غسيل المخ والخداع الذي تمارسة الحركات القومية والإسلامية، والحكومات من خلف الستار، لتضليل الشعوب العربية، وجعلها تتظاهر ضد كل شيء آخر في الدنيا، إلا ضد القمع وانتهاك الحريات والتمييز الطائفي في بلدانها.  

والحال أنه إذا كان المدافعون عن الديمقراطية في البلدان العربية، لا يغيرون من نهجهم هذا ولا يعملون على مساعدة أنفسهم، فمن غير المنطقي أن يتوقعوا مساعدة الآخرين. وعلى العكس من ذلك، إذا عرف معظم العرب (أو بعضهم على الأقل) ماذا يريدون حقا، فأعتقد أن العالم سيكون حينها مستعدا (بل ومجبرا) على مساعدتهم.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها