الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

جزارو الله.. وجدار الفصل الحضاري

 

 

عمران سلمان، 26 يونيو 2004

باستثناء بعض الأنظمة العربية الحاكمة وبعض الجهات المرتبطة بشكل أو بآخر بالعائلة المالكة السعودية، أدانت عمليات الإرهاب التي تقوم بها القاعدة في الرياض والخبر وغيرها من مدن الجزيرة العربية، فإن الأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين لم تجد في نفسها الرغبة في استنكار ما حدث أو ما سيحدث.

عدم الرغبة نفسه نجده واضحا في عمليات الذبح التي قام بها جزارو الله ضد المواطنين الأميركيين والهنود والإيطاليين والكوري في المدن السعودية والعراقية. فهنا صمت عربي وإسلامي مطبق تجاه أعمال يعتبرها العالم أفعالا وحشية وبربرية.

 إن المرء ليكاد يفهم سبب صمت هؤلاء الممزوج بنوع من الرضى الداخلي. فهم لم يدينوا من قبل أعمالا مروعة فاقت ما رأيناه بآلاف الأضعاف ارتكبها جزارو الإسلام في الجزائر(الذبح بالجملة) وفي أفغانستان وإيران الخمينية وإندونيسيا والفليبين والشيشان.. إلى تفخيخ الأطفال الفلسطينيين وإرسالهم لينفجروا في المدن الإسرائيلية .. لقد ظل هؤلاء صامتين يرافقهم رضى داخلي مكتوم  وأحيانا معلن.. فلماذا إذن سينزعجون أو يتأثروا هذه المرة لذبح أميركي أو كوري أو هندي أو أي إنسان آخر!

والنتيجة أن ما يسمى بالعالم العربي أو الإسلامي آخذ بالابتعاد تدريجيا أكثر فأكثر عن الحضارة الحديثة وروح العصر، والإيغال نحو عصور الهمجية والبربرية.

لو كنا في زمن غير هذا الزمن لاختلف الأمر كثيرا. فلحظات مثل هذه ليست نادرة في التاريخ، حين تندفع أمم بأكملها في اتجاهات حضارية متباينة، بكل زخم وقوة، من دون أن يؤثر ذلك كثيرا على مجرى التاريخ، لكن مشكلة زماننا هذا أنه علاوة على ترابطه، مفتوح من جميع الاتجاهات، وهو متداخل بشكل لا يجعل الإنسان مضطرا للانتقال من بل لآخر لمتابعة الأحداث، فهذه تأتي إليه حيثما كان، عبر شاشة صغيرة، تجوب العالم آناء الليل وأطراف النهار.

 إن إرهاب جزاري الله يصل الأميركي أو الروسي أو الصيني أو البرازيلي في بيته، ومعه صمت العرب والمسلمين. ولو أغمض عينيه لحظة أو أرخى قبضته قليلا لوصل إليه الجزارون أنفسهم وجزوا رقبته.

 إن السؤال الذي يطرح اليوم وسيظل يطرح منذ الآن وصاعدا، هو كيف يحمي العالم المتحضر نفسه من الإرهاب الإسلامي؟

يستطيع هذا العالم بكل تأكيد أن يمنع مواطنيه من الذهاب إلى مستنقعات الجهل والتخلف الإسلامية، لكن كيف يستطيع أن يحمي مجتمعه وبلده من إخوان الجزارين ومؤيديهم والداعين لهم بالنصر والثبات، هؤلاء الجاثمين في قعر داره أو المتشبثين بأطراف نافذته!

لا أزعم أني أملك حلا، لكن أعتقد أن ما يحدث اليوم يرجح حصول السيناريو التالي:

 سيضطر الغرب عاجلا أو آجلا إلى بناء جدار بينه وبين العالم العربي والإسلامي، يشبه الجدار الذي تبنيه الحكومة الإسرائيلية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية.

 لكن الجدار الغربي لن يكون من الأسمنت المسلح أو الحجارة، وإنما جدارا سياسيا وأمنيا وحضاريا.

هذا الجدار ستكون له وظيفتان.

 الأولى هي منع العرب والمسلمين من الهجرة والاستقرار في بلدان الغرب، والوظيفة الثانية هي إجبار العرب والمسلمين الموجودين في الدول الغربية على الاندماج في المجتمعات المحلية، أو العودة من جديد إلى ما وراء الجدار.

أدوات هذا الجدار هي: التشدد في إجراءات الدخول. القضاء على الهجرة غير الشرعية نهائيا. طرد المقيمين بصورة غير قانونية. تعديل قوانين الجنسية وحق الإقامة الدائمة. حصر اللجوء السياسي والإنساني في أضيق حدود ممكنة. إجبار المقيمين من العرب والمسلمين أو الحاصلين على الجنسية منهم، على الاندماج في هذه المجتمعات، عبر تعلم اللغة المحلية واحترام قوانين البلاد وأنظمتها والارتباط بالمجتمعات التي يعيشون فيها.

وضع التجمعات العربية والمسلمة تحت المراقبة، والتأكد من تطبيق القوانين المحلية عليها. التوسع في منع الحجاب وغيره من مظاهر العنف الديني الأخرى، وتطوير المؤسسات الإسلامية مثل المساجد والمعاهد والمدارس، بحيث تتماشى  (ولا تتناقض) مع المعايير المقبولة لدى العالم المتحضر، فيما يتعلق بالمؤسسات الدينية.

سيجري أيضا منع أو تحذير المواطنين الغربيين من زيارة المنطقة العربية التي ستعتبر من أكثر المناطق خطورة في العالم، وستفرض شركات التأمين رسوما باهظة على ذهاب الناس إلى هناك. كما ستفرض رسوما مرتفعة للغاية على شركات الطيران والسفن ووسائل النقل البري وسيجري تقليص البعثات الدبلوماسية إلى الحد الأدنى أو إغلاق معظمها.

وبدلا من السماح حاليا لشركات الطيران العربية والمسلمة بأن تسرح وتمرح في الأجواء الأوروبية والأميركية، سيتم تقليص عددها كثيرا، وحصرها في مسارات ومطارات محددة كي يتم التأكد من هويات المسافرين وطبيعة الرحلة.

بالتأكيد سينتج عن هذا الجدار آثار جانبية، وخاصة على الدول الأوروبية، أهمها النقص الشديد في الأيدي العاملة، والحاجة لسد النقص الطبيعي في عدد السكان.

 لكن مثل هذا الأثر يمكن معالجته، عبر فتح الباب الهجرة تدريجيا للمواطنين من دول أميركا اللاتينية والجنوبية وجنوب شرقي آسيا والهند (من غير المسلمين).

وإذا  ما استمر جزارو الله في عملهم وتنفيذ تعاليم دينهم ، فإن دولا أخرى مثل روسيا والصين ستقوم أيضا بإنشاء جدران مماثلة، بحيث يتم عزل المنطقة العربية كمرحلة أولى، ثم المنطقة الإسلامية عن باقي العالم، مع الإبقاء على نقاط تماس واتصال محدودة، يمكن السيطرة عليها والتحكم فيها.

قد يكون مثل هذا السيناريو بعيد التحقيق في نظر الكثيرين، لكني شخصيا أراه قريبا، ومسألة السرعة أو البطىء ستعتمد على همة الجزارين ومدى شحذهم لسيوفهم وسكاكينهم، وضمن ذلك صمت الأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين والرضى الداخلي الذي يغمر قلوبهم كلما رأوا مواطنا مسيحيا أو يهوديا أو هندوسيا أو بوذيا (وفي الجملة كل من هو غير مسلم) يذبح على شاشات التلفزة، ترافق العملية شعارات التهليل والتكبير.. الله أكبر والنصر للإسلام.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها