الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

الحكومات العربية تكسب

071101

عمران سلمان

معركة "العقول والقلوب" في أمريكا!

 

خبر استقالة مسؤولة الدبلوماسية العامة الامريكية كارين هيوز، والمكلفة بتحسين صورة امريكا في الخارج وخاصة في العالم العربي مر بهدوء نسبي، على عكس خبر تسلمها للوظيفة عام 2005، والذي حظي بتغطية واسعة وأحاطتهآ آمال عريضة.

لكن هيوز فشلت في مهمتها بامتياز، والمتوقع أن يوجه هذا الفشل ضربة عنيفة للديبلوماسبة الامريكية ربما توقظها، أو هكذا يؤمل،  من الأوهام والبيروقراطية التي تعشعش في أروقة وزارة الخارجية.

على أية حال لم يكن مقدرا لهيوز أن تنجح في مهمة "كسب عقول وقلوب العرب" في جميع الأحوال، وهذا لا علاقة له بمهاراتها، أو مدى كفائتها.

 تقول وكالة رويترز في خبرها الذي أوردته عن الاستقالة إن هيوز معروفة بسرعتها في التحدث وأسلوبها الحماسي وهي السمة التي أدت الى نتائج عكسية من حين لاخر ولاسيما في الشرق الاوسط.      

لكن ليس هذا هو السبب بطبيعة الحال. كما أن تشويه صورة الولايات المتحدة في العالم العربي على الأقل، ليس بسبب نقص المعلومات حول دوافع وطبيعة السياسية الخارجية الأمريكية، وليس لأن المواطنين العرب لا يملكون ما يكفي من المعلومات عن الحياة الامريكية أوالقوانين أو المؤسسات في الولايات المتحدة.

فهم لا يعيشون في كوكب آخر، وهم ليسوا بعيدين عن ثورة التكنولوجيا السريعة والانترنيت، حيث يستطيع أي إنسان وبضغطة زر أن يحصل على ما يريد من المعلومات. والكثير من العرب زار الولايات المتحدة أو له قريب أو صديق يعيش في أمريكا.

السبب الحقيقي هو أن تشويه صورة الولايات المتحدة أصبح هدفا سياسيا للحكومات العربية في صراعها من أجل البقاء وإبعاد شبح الديمقراطية والتغيير عن المنطقة.

إن القائمين على حملة التشويه وهم في الأغلب الأنظمة العربية الاستبدادية، ممثلة في وزارات الإعلام اتخذوا قرارا بتدفيع الولايات المتحدة ثمن إسقاطها لأحد أنظمتهم وهو نظام صدام حسين، ثم دعوتها للإصلاح في المنطقة. 

ومن أجل هذا الغرض سمم هؤلاء الآراء والأفكار في العالم العربي وملئوا عقول الناس بكم هائل من الخرافات والأوهام ونظريات المؤامرة، التي تبدأ باتهام المخابرات الأمريكية واليهود بتدبير هجمات الحادي عشر من سبتمبر ولا تنتهي عند "الحرب الصليبية" التي أعلنها الرئيس جورج بوش على العالم الإسلامي!

وما لم يدركه القائمون على الدبلوماسية العامة الأمريكية أنه في العالم العربي قليلة هي الأمور التي تتم بمحض الصدفة.

فحين تذهب كارين هيوز لزيارة مدرسة في عاصمة عربية، لمقابلة التلاميذ، أو مؤسسة اجتماعية للقاء العاملين فيها، هي تعتقد أنها سوف تسمع الناس يتحدثون على طبيتعهم ويبوحون بما يعتقدون به فعلا من آراء، وخصوصا تجاه الولايات المتحدة.

هذه أمور ربما تحدث في امريكا، حيث الناس أحرار فيما يعتقدون أو يقولون، لكن من السذاجة الافتراض بان الشيء نفسه يحدث في العالم العربي.

هناك تتدخل عدة سلطات لتشكيل آراء الناس وفرض عليهم ما يقولون: فهناك أولا، سلطة الإعلام وهو في معظمه مملوك للحكومات أو لجهات قريبة منها، وهذا الإعلام سواء عبر ما يبثه من أخبار أو آراء، يلقن الناس ليل نهار آراء سلبية عن الولايات المتحدة.

ثم هناك إمام المسجد وهو في الغالب موظف لدى الحكومة، والذي لا يمكن أن تخلوا خطبه من شتم اليهود والنصاري والاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا طبعا!

ثم هناك المدرسة (وهي جهاز حكومي) التي تبرمج التلاميذ منذ طفولتهم على العداء لكل ما هو غير عربي وغير مسلم، وعلى التكفير والجهاد واستعادة دولة الخلافة وإحياء الأمجاد العربية والإسلامية التي يقف الغرب حائلا دون عودتها!

وبدل أن يبحث القائمون على الدبلوماسية العامة الأمريكية عن الأسباب الحقيقية لتشوية صورة أمريكا في العالم العربي، وتقديم كشف بأسماء الجهات والأفراد الذين يقومون بهذا التشويه، وهو على أية حالة يتم في وضح النهار وبصورة مكشوفة .. بدلا من ذلك سمحوا للحكومات العربية وأجهزتها الفاسدة والمستبدة أن تضللهم، ثم حاولوا من جانبهم أن يضللوا الرأي العام الأمريكي.

ما لا يعرفه هؤلاء هو أنهم أصبحوا أضحوكة في العالم العربي، وموضعا للتندر والسخرية من كل من هب ودب.

الأكثر مدعاة للاستغراب أن بعض الساسة الأمريكيين تبنى نفس الخطاب الذي تردده الحكومات العربية، حول أن سبب مشكلة الولايات المتحدة في العالم العربي هو موقفها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

بينما ذهب بعضهم الآخر للحديث عن ضرورة التعامل مع الجماعات الإسلامية، ولا سيما لإخوان المسلمين على أمل استعادة "الهيبة الأمريكية" المفقودة.

وهكذا بدلا من أن تكسب الولايات المتحدة عقول وقلوب العرب والمسلمين، تمكنت الحكومات العربية والإخوان المسلمين من اصطياد عقول وقلوب العديد من دبلوماسيي وزارة الخارجية الامريكية، وبعض المؤسسات البحثية النافذة في واشنطن. 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها