مقالات سابقة للكاتب

باحث وكاتب سوري نبيل فياض

تعلّم الإسلام في خمسة أيام

نبيل فيّاض؛ الناصريّة، 7 فبراير 2004

اليوم الرابع

الدرس الرابع: احتقار النساء!

من المعروف للباحثين أصحاب العلاقة أن الإسلام، كديانة رعوية تفرّعت عن ديانة رعويّة أخرى هي اليهوديّة، لا يمكن النظر إليه إلاّ كمنظومة بطريركية صرفة. ومن المعروف أيضاً، سوسيولوجيّاً، أن التيارات الرعويّة المنشأ، بسبب الدور الأبرز للرجل فيها من ناحية، والعبء الذي تشكّله المرأة على مجتمعها القبلي من ناحية أخرى، يحمل في دواخله كراهية لا واعية للعنصر الأنثوي. في الجماعات الرعوية، حيث التنقّل هو السمة الغالبة، تشكّل المرأة الضعيفة عموماً، الأم غالباً، الحامل في أوقات كثيرة، دوراً إعاقيّاً لتحرّك جماعتها؛ بالمقابل، ففي هذه البيئة حيث السبي والغزو وأنواع اللصوصيّة الأخرى من أركان الحياة، يكون عبء وجود النساء كبيراً للغاية، فهن لا يستطعن الغزو والإتيان بالمغانم للقبيلة عموماً، لكنهن بالمقابل عرضة للسبي وتلطيخ جبين قبيلتهن بالعار.

لقد اجتازت اليهوديّة، بعد انتقالها المفترض من بيئتها الرعوية البدئيّة إلى بيئة زراعيّة متحضّرة، نوعاً من التحوّل في غير صالح المؤسسة البطريركيّة. ويمكن الاستدلال على آثار المجتمع الزراعي في اليهوديّة من بعض أعياد العبرانيين ذات الطابع غير الرعوي: مقابل تلك الرعويّة القديمة. فعلى سبيل المثال، أعتقد أن الشبعوت والصوكوت عيدان  زراعيّان بامتياز؛ في حين أن الروش ها شناه ويوم كيبور عيدان رعويان. مع ملاحظة أن التقويم اليهودي "القمري ـ الرعوي"، يمكن أن يوصلنا إلى تحديد تقريبي لزمن التحوّل اليهودي نحو الزراعيّة، إذا ما حدّدنا تاريخ دمجه مع التقويم "الشمسي ـ الزراعي". مع ذلك، ولأن التراث اليهودي، في جزء كبير منه، حمل البصمة الرعويّة،  خاصّة في الأقسام الهالاخية من الرسائل ذات العلاقة بالنساء من التلمود البابلي: سوتاه؛ ندّاه؛ و ناشيم. ولأن هذه النصوص الهالاخيّة ذات صبغة مقدّسة تتجاوز الزمان والمكان، فقد كان على المرأة اليهوديّة الانتظار إلى القرن التاسع عشر، حيث تبلورت حركات القوميّة اليهوديّة العلمانيّة وظهر تيار اليهوديّة الإصلاحيّة الهام، كي تكسر نير الهالاخا وتعود كائناً كامل الحقوق والبشريّة.

للأسف الشديد، فإن تيارات القوميّة العربيّة لم تكن أكثر من أصوليّة محدثة ترتدي قناعاً قوميّاً؛ كذلك فإن ما يمكن تسميته "إصلاح إسلامي" بالمعنى الفعلي مسألة لم تر النور، برأينا، في التاريخ الإسلامي الحديث قط. الإصلاح، بالمعنى الجذري للكلمة، أمر لا وجود له بين المسلمين منذ زمن طويل. وحتى عندما أراد المسلمون شكل إصلاح زمن المأمون مع المعتزلة أو عبر التيار الإسماعيلي، فقد تآمر الحاكم ـ أبرزهم المتوكل على الله العباسي ـ مع الرعاع الذين فشلوا في استيعاب ما يطرحه المعتزلة أو الاسماعيليون وعادت المسألة برمّتها إلى نقطة الصفر.

إن الوضع السيء للغاية الذي تعيشه المرأة المسلمة الآن مردّه البنى المعرفيّة التي أشيد على أساسها الإسلام، والتي أرادت طبقة الإكليروس الإسلامي إعطائها الصبغة الأبديّة لاستخدامها في صالح تلك الطبقة أبديّاً، مع أن الواقع التاريخي المدوّن، وإن كنّا لا نثق به لا من قريب ولا من بعيد، يقول إن كبار رجال الدعوة، مثل عمر بن الخطّاب المؤسس الفعلي للدولة الإسلاميّة، لم يتعاملوا مع بعض النصوص قطعيّة الدلالة على أنها أبدية الصلاحية؛ ويمكن لمن شاء مراجعة الأدلة الحاسمة على ذلك في كتاب النص والاجتهاد. لقد حاول بعض المتفلسفين من الإسلاميين إيجاد مبررات لعمر وعائشة وخالد بن الوليد وعثمان بن عفّان وغيرهم بأنهم إمّا تأوّلوا فأخطأوا أو أنهم شعروا بأن الزمن تجاوز تلك النصوص. فإذا كان عمر قد أحس بعد أقل من عشر سنوات على وفاة محمد أن الزمن تجاوز بعضاً من نصوصه المقدّسة ـ مثلاً: سهم المؤلّفة قلوبهم وزواج المتعة وطلاق الثلاث بفم واحد وعدم قطع اليد في حالة السرقة إطلاقاً وعدم السماح ببيع أمهات الأولاد ـ أو أن خالد بن الوليد تأوّل فأخطأ في قتله مالك بن نويرة أو أن عائشة تأوّلت فأخطأت في خروجها من بيتها وقيادتها جيش لمحاربة مبشّر بالجنّة آخر هو علي بن أبي طالب، فلماذا لا يفهم هؤلاء المتفلسفون، وأخصّ هنا بالذكر معروف الدواليبي، بأن محمّداً مات على الأرجح قبل أكثر من ألف وأربعمئة سنة، وأن مجتمعاتنا الزراعيّة الجذور تختلف جذريّاً عن مجتمعه الذي يبدو أنه ما يزال رعويّاً إلى الآن؛ بمعنى أن التغيّرات "الزمانيّة ـ المكانيّة" بيننا وبين محمد شبه مطلقة، ومع ذلك لا يزالون يدافعون عن مطلقيّة أحكامه؟

نماذج عن أحاديث تحقير النساء:

1 ـ المرأة تأتي على صورة شيطان.. فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن معها مثل الذي معها. (حديث) 

2 ـ للمرأة عشر عورات: فإذا تزوّجت ستر الزواج عورة وإذا ماتت ستر القبر التسع الباقيات. (حديث)

3 ـ المرأة عورة فإن خرجت استشرفها الشيطان. (حديث) 

4 ـ النساء حبائل الشيطان. (حديث)

5 ـ النساء سفهاء[!!!] إلا التي أطاعت زوجها. (حديث)

6 ـ لا يسأل الرجل فيما ضرب أهله! . (حديث)

7 ـ علّقوا السوط حتى يراه أهل البيت فإنه أدب لهم. (حديث)

8 ـ استعينوا على النساء بالعري، فإن المرأة إذا كثرت ثيابها وأحسنت زينتها أحبت الخروج. (حديث)

9 ـ لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد،[ لماذا ] ثم لعلّه يعانقها ويجامعها [!!!] في آخر اليوم. (حديث)

10 ـ ثلاثة لا تتجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط.. (حديث)

11 ـ لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها [!!!] وهي على قتب لم تمنعه! . (حديث)

12 ـ والذي نفسي بيده: لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنجس بالقيح والصديد . ثم استقبلته تلحسه  ما أدت حقه. (حديث)

13 ـ أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما ‏ ‏بأس ‏ ‏فحرام عليها رائحة الجنة! . (حديث)

14 ـ لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها , وهي لا تستغني عنه! .- حديث.

15 ـ إذا دعا الرجل امرأته لفراشه , فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها , لعنتها الملائكة [!!!] حتى تصبح (حديث)

16 ـ أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة! (حديث)

17 ـ مثل المرأة الصالحة بين النساء مثل الغراب الأعصم بين مئة غراب. (حديث)

18 ـ يا معشر النساء، تصدَّقن فإني أُريتكم أكثر أهل النار، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال. فذلك من نقصان دينها. (حديث)   نلاحظ هنا أن الذي قرّر أن شهادة المرأة، مطلق مرأة، تعادل نصف شهادة رجل، مطلق رجل، هو محمّد؛ والذي يستغل هذه الشهادة لتقرير أن المرأة بنصف عقل هو محمد أيضاً: أي، هو الخصم والحكم!

19 ـ النساء ناقصات عقل ودين. (حديث)

20 ـ ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء. (حديث)

21 ـ إذا كان الشؤم في شيء؛ ففي الفرس والمرأة والمسكن. (حديث)

22 ـ يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب. (حديث)

23 ـ إذا تزوّج أحدكم أو اشترى خادماً.. (حديث)

24 ـ النكاح رق. (حديث)

25 ـ استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق. (حديث)

26 ـ لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة . (حديث)

27 ـ سوداء ولود خير من حسناء لا تلد . (حديث)

28 ـ خير نسائكم الولود الودود . (حديث)

29 ـ إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها . (حديث)

30 ـ لحصير في البيت خير من امرأة لا تلد . (حديث)

31 ـ المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها .- حديث.

32 ـ أيما امرأة نكحت بغير إذن ‏ ‏وليها ‏ ‏فنكاحها باطل! فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها [!!!] فإن اشتجروا فالسلطان‏ ‏وليّ‏ ‏من لا ‏وليّ له! (حديث)

33 ـ يحتمل أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضربهن قبل نزول الآية، ثم لما ذئر النساء أذن في ضربهن ونزل القرآن موافقا له، [!!!] ثم لما بالغوا في الضرب أخبر صلى الله عليه وسلم أن الضرب وإن كان مباحا على شكاسة أخلاقهن، فالتحمل والصبر على سوء أخلاقهن وترك الضرب أفضل وأجمل (حديث) لكنه لم يمنعه.

34 ـ إيّاك ومشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن وعزمهن إلى وَهن واكفف عليهن بأبصارهن بحجابك إيّاهنّ، فإن شدة الحجاب أبقى عليهن.... علي بن أبي طالب.

35 ـ لا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببنَ أمراءكم، فإنهنّ ضعاف القوى والأنفس والعقول.. (علي بن أبي طالب)

36 ـ معاشر الناس! إن النساء نواقص الإيمان ونواقص الحظوظ ونواقص العقول، فأمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهنّ عن الصلاة والصيام في أيام حيضهنّ وأمّا نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة رجل الواحد، وأما نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ على الأنصاف من مواريث الرجال. (علي بن أبي طالب.)

37 ـ اتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهنّ على حذر ولا تطيعوهنّ في المعروف [!!!] حتى لا يطمعن في المنكر. (علي بن أبي طالب)

38 يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال. علي بن أبي طالب.

39 ـ المرأة عقرب حلوى اللَّسْبة. (علي بن أبي طالب)

40 ـ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة. (علي بن أبي طالب)

41 ـ زجر عمر بن الخطّاب امرأته لمّا راجعته؛ فقال: ما أنت إلّا لعبة في جانب البيت، وإن كانت لنا إليك حاجة؛ وإلاّ فلا.

42 ـ خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة. (عمر بن الخطّاب)

43 ـ ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك وإن أهنتهم أكرموك: المرأة والخادم والنبطي. (الشافعي)

44 ـ  ليس للمرأة خروج إلا مضطرة، وليس لها نصيب إلاّ الحواشي. (أئمة)

45 ـ واجباتها أن تكون قاعدة في بيتها لازمة مغزلها لا يكثر صعودها واطلاعها. قليلة الكلام لجيرانها. لا تدخل عليهم إلاّ في حال يوجب الدخول؛ تحفظ بعلها في غيبته وتطلب مسرّته في جميع أمورها، ولا تخونه في نفسها ومالها، فإن خرجت فمحتجبة بهيئة رثّة، تطلب المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، محترزة أن يسمع صوتها أو يعرفها بشخصها؛ لا تتعرّف على صديق بعلها في حاجاتها، بل تتنكر على من تظن أنه يعرفها أو تعرفه... إن استأذن صديق لبعلها على الباب وليس البعل حاضراً، لم تستفهم، ولم تعاوده في الكلام غيرة على نفسها وبعلها؛ وتكون قانعة من زوجها بما رزق الله، وتقدّم حقّه على حقّ نفسها وحقّ سائر أقاربها؛ متنظفة في نفسها، مستعدّة في كلّ الأحوال للتمتع بها إن شاء. (الغزالي)

46 ـ واجبات الزوج بحسب الغزالي: الصبر عليهن واحتمال الأذى منهن.. فقد كان رسول الله (ص) يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق. (الغزالي)

المرأة الحرّة والمرأة المملوكة:‏

يخطيء كثيراً من يصدّق بروتوكولات حكماء الإسلام بأن الأحكام المتعلّقة بالنساء مطلقة، بمعنى أنها قابلة للتطبيق على كافة النساء المسلمات، بغضّ النظر عن وضعهن الاجتماعي أو الطبقي. والحقيقة أن كثيراً من تلك الأحكام التي يقيم الدنيا لأجلها "علماء" الإسلام هذه الأيام، لا تمتلك مطلقيّة هائمة، بحيث تجعلها قابلة للاستخدام في أي زمان ومكان: وعلى رأس ذلك تأتي مسألة الحجاب، التي لو كان عند بعض العلمانيين والليبراليين عقل، لكشفوا عن حقائقه المخزية واعتباره دليلاً لا يدحض على موقف الإسلام اللاأخلاقي من مسألة الرق. ومن نصّ إسلامي نقتبس الكلمات التالية: "وفرّق الشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة، فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل؛ وقال مالك: الأمة عورتها كالحرة حاشا شعرها فليس بعورة، وكأنه رأى العمل في الحجاز على كشف الإماء لرءوسهن".

إذن، بغضّ النظر عما إذا كانت المرأة  مسلمة أم لا، فإن الحجاب مرتبط بواقعها الطبقي: فهي إن كانت حرّة حجّبت بالكامل، وإن كانت أمة عرّيت بالكامل تقريباً. والظاهرتان، كما أشرنا باستمرار، ليستا أكثر من تشييء ذكوري للأنثى تحت رايات قداسة كاذبة.

من ناحية أخرى، لأن العبد لا يعتبر إنساناً كامل الأهليّة، فإن زنا العبدة لا ينظر إليه كزنا الحرّة؛ فمقابل الحديث المحمدّي الذي يطالب برجم الحرّة المتزوّجة الزانية، ثمّة حديث غريب يتعامل مع الزنا بأريحيّة ملفتة حين تكون الزانية عبدة. يقول هذا النص القدسي: ‏إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا ‏ ‏يثرب ‏ ‏ثم إن زنت فليجلدها ولا ‏ ‏يثرب ‏ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر!

الوضع الفعلي للمرأة في الإسلام:

إذا وضعنا جانباً الأحاديث النفاقيّة التي يريد المثقفون الإسلاميّون ترويجها حول موقف الإسلام من المرأة والتي لا تخرج عن كونها محاولة فاشلة لتسويق الإسلام في بيئات تختلف تماماً عن غيتو طيبة البدوي القديم؛ فالإسلام واحد من أكثر الديانات احتقاراً وتشييئاً للنساء في العالم الآن. ومن الأحاديث السابقة، ومثلها أكثر من أن يحصى، نتلمّس السمات الأساسية لموقف الإسلام من مسألة الأنوثة عموماً:

المرأة كائن لمتعة الرجل: فهو من جهة يستمتع جنسيّاً بالإماء اللاتي لا تحديد للعدد المسموح للرجل امتلاكه منهن؛ ومن جهة أخرى يستمتع بامتلاكه المطلق للحرّات اللواتي يفتقدن أدنى متطلّبات الكيان البشري المستقل.

ربط محمد طاعة المرأة زوجها بطاعتها لإله المسلمين، الذي يبدو في بعض المأثور الإسلامي وكأنه صورة أمثوليّة للذكر الأبدي.

تغطيّة التعامل اللاأخلاقي مع النساء بشكل لشرعيّة دينيّة تبيح للذكر المسلم مقاربة الأنوثة بأسوأ من مقاربته الحيوان، الذي نتفاجأ قي المأثور الإسلامي بنوع من التحريض على عدم ضربه مثلاً.

المرأة، في نهاية الأمر، كيان مرتبط وجوديّاً بأدائه لوظيفته "العضويّة ـ البيولوجيّة" فقط؛ فالحصيرة أفضل من المرأة التي لا تلد.

اعتبار الزواج [النكاح] أحد أشكال الملكيّة أو الرق، الذي لا مجال فيه للمملوك الاعتراض على المالك في شيء.

بل يمكن القول إن الزواج في الإسلام شكل دعارة شرعيّة؛ خاصّة إذا ما لاحظنا أن المهر، مثلاً، يعطى باستمرار من الرجل إلى المرأة بما استحل من فرجها.

وككل أيديولوجيا موضوعيّة [ليس بمعنى الواقعيّة أو الموثوقيّة، بل بمعنى تقديم الموضوع على الذات]؛ فالإسلام أحد أكثر التيارات تعميمية على الإطلاق. ـ خاصّة في المسألة الأنثويّة: بمعنى أن كلّ امرأة، حتى وإن كانت إليزابيث ثاتشر أو مادلين أولبرايت أو كوندوليسا رايس، هي بنصف عقل الذكر، وإن كان ربع عاقل من نمط مقتدى الصدر وبقيّة جوقة آل البيت العراقيّة.

إذن: إن وضع النساء في الإسلام، كما العبيد، واحد من أسوأ الأوضاع بالمقاييس الحضاريّة العالميّة هذه الأيام . ـ فما هر سرّ تمسّك طبقة الإكليروس الإسلامي، بالأيدي والأسنان، بهذه الحالة المشينة؟ إذا طرحنا جانباً النفاق المشايخي الأشهر من أن يعرّف، فالإسلام منظومة ثيوقراطيّة قبليّة مركزيّة للغاية. بل إن هذه المركزية تصل إلى حدّ الإطاحة بالفرد على مذبح الجماعة – كالماركسيّة بمعنى ما. وجميعنا يعرف، أن ما سمّي بالخلافة الإسلاميّة لم يخرج عن قريش حتى للأنصار الذين لولاهم لدفن الإسلام في مهده. [راجع هنا كتابي: يوم انحدر الجمل من السقيفة]! إذن: الإسلام، كمنظومة استاتيكيّة يتحسّس للغاية من أية حركيّة اجتماعيّة يمكن أن تؤدّي إلى أي شكل معارضة، مهما بدا بسيطاً. ولأن الإسلام، كما أشرنا باستمرار، لا يفهم معنى المعارضة، فهو لم ينظر إليها قط إلاّ من ثقب الفتن والشقاق؛ لهذا كثرت في الإسلام الحروب والصراعات الدمويّة [ راجع أيضاً كتابنا: أم المؤمنين تأكل أولادها]!

إن السيطرة على الأنوثة باستخدام سلاح ماورائي صارم، يعني السيطرة على المجتمع كلّه: فمن ناحية، الأم المستلبة دينيّاً يمكن أن تكفل للجماعة أولاداً مستلبين دينيّاً أيضاً؛ وتؤمّن من ناحية أخرى أدنى ديناميكيّة اجتماعيّة عبر كبح عواطف النساء بسلاسل الألوهة. من هنا يمكن أن نفهم سرّ تكالب المراجع الدينيّة، سنّة وشيعة، على مسألة الحجاب، التي يعرفون كلّهم حقيقتها الدينيّة الفقهيّة: فأي تنازل للنساء يمكن أن يقود إلى تنازلات أخرى، وبالتالي خلق حركيّة في مجتمع لم يعتد عليها، الأمر الذي قد يوصل إمّا إلى نسف الأسس التي أقامت عليها تلك القوى دعاويها الباطلة، أو إعادة مقاربتها من منطلق عصري يطيح كليّاً بالفهم التقليدي للدين.

شخصيّاً، لا أجد فرقاً كبيراً بين مسوّقي أفلام البورنو ومصنعيها، وطبقة المشايخ والشيخات، في قضيّة الأنوثة: الطرفان ينظران إلى المرأة باعتبارها جسداً بلا عقل. الفرق هو أن طرفاً يريد كشف هذا الجسد والآخر تغطيته. لكن أياً من الطرفين لم يفكّر قط بكشف درر العقل الأنثوي. ـ مع ذلك، فجماعة البورنو تتميّز على المشايخ بأن ما تقوم به لا يحظى بتغطية ماورائية تسلب المرأة إمكانيّة التفكير بصحة ما تقوم به؛ في حين أن الاستلاب الماورائي لعقل الأنثى المسلمة الذي يمارسه الشيوخ والشيخات يقطع الطريق على المرأة كي تراجع صحة ما يقال مهما بدا أكذوبيّاً أو بعيداً عن الواقع.

منظّرات التحقير الذاتي:

إنّ أغرب ما في الإسلام، كمنظومة معقّدة للغاية، هو هذه القوة الاستلابيّة التي تجعل المرأة تصل فيها إلى درجة الدفاع عن تحقيرها الذاتي. وأعتقد أن دور علماء النفس الموضوعيين هنا يجب أن يكون حاسماً في إيصالنا إلى مقاربة غير نفاقيّة لفهم الآليّة النفسيّة لهذا الخلل البنيوي غير العادي. اليهود الأرثوذكس، طبعاً، يعانون من أوضاع مرضيّة من هذا النمط: لكن هؤلاء، كمجموعات البورنو، لا يشكّلون جائحة عالميّة الامتداد.