10 فبراير 2004
قاديشات
آلوهو
قاديشات
حيلتونو
قاديشات لو
مويوتو
التاسع من
شباط ـ
عيد أحد أهم شفعاء الأمّة السوريّة!
شفيع
السوريين العظيم، إن بالانتماء الثقافي، مثلنا، أو بالانتماء المذهبي،
كباقي المنتسبين إلى وطن الصقور الذي يحمل الاسم:
بكركي!
في بدايات
القرن الخامس للميلاد، تلألأت نجمة في سماء القداسة السوريّة: كان اسمها
مار مارون!
لم تكن المارونيّة هرطقة مسيحيّة، كما يحاول بعضهم أن يقاربها؛
بل كانت تعبيراً لاهوتياً عن إحساس مفرط بالتمايز القومي في عالميّة
بيزنطيّة طاغية. وهكذا كان أيضاً يعقوب البرادعي وقبله بولس السميساطي؛
وغيرهم!
في البدء
كانت حلب! ومن الشمال تكسّر الضوء اللؤلؤي باتجاه الجنوب؛ فكانت حمص،
وتحديداً منطقة الرستن!
ومن الرستن
هاجر الملائكة باتجاه وادي قنوبين، حتى استقرّوا في بلاد جبيل وكسروان
والبترون!
ليست
المارونيّة اليوم ديناً أو مذهباً أو سياسة: المارونيّة، كما عرفتها
وعشقتها واحترفتها
ـ
طريقة حياة؛ مارونيّة حضاريّة.
يسألني
الجميع: لماذا يختلف لبنان عن سائر الأقطار المحيطة به؛ لماذا لبنان أكبر
من مساحته، أعمق من تاريخه، أهم من موقعه، أغنى من ثرواته؟ اسألوا
الموارنة!! لبنان، لولا الموارنة، لكان ربعاً خالياً أو يمناً تعيساً!!
الموارنة
حالة فريدة في تاريخ الشرق: فلأنهم تكثلكوا منذ زمن لا بأس به من ناحية،
ولأنهم كنيسة مشرقيّة ليتورجيّاً وموسيقيّاً وروحياً من ناحية أخرى، فقد
استطاعوا أن يجمعوا سحر الشرق وحضارة الغرب؛ غموض السوريين وبساطة
الإيطاليين؛ مهارة اللبنانيين وحرفيّة الفرنسيين!
كان الأجدر
أن تحتفل سوريّا، منبع المارونيّة وأمها الحنون، بعيد شفيع حلب وسوريّا،
القديس مارون: لا لبنان.
ـ لكن
سوريّا الآن، بعد أن أفسدها الأخوان والوهابيون ومنيرة القبيسي.. أضحت
تتنكّر لأبنائها، لعظماء أبنائها، وتستورد كائنات مشوّهة، تحفر لها زيفاً
في الوجدان السوري أسماء كابوسيّة.
في الأحياء
الشيعيّة من دمشق، بدل يوحنا الدمشقي وحنانيا والذهبي الفم، صار خامنئي
ومراهق المتعة العراقي مقتدى الصدر وغيرهما من الرموز الطائفيّة النتنة،
أبطالاً قوميين؛ وفي أحياء السنة المتعصّبة أكثر ما يسوّق له بن لادن
وعصابته الطالبانيّة!
باستثناء
قلّة نادرة من الأكاديميين اللاهوتيين المتخصصين، من في سوريا الحالية يعرف
اليوم يعقوب البرادعي أو لوقيانوس الأنطاكي أو .. مار مارون؟
المستهجن أن
كمشة بدو غرباء لا تحتمل رائحتهم الحضارة، على شاكلة صلاح الدين الأيوبي،
نقيم لهم المزارات والتماثيل ونسمي بأسمائهم الساحات؛ في حين نرمي بقديسينا
ومفكّرينا ورجالاتنا إلى مزبلة الزمن!
الغريب أن
يقف نشيدنا الوطني عند معاوية وسلالته، ويمدّ لسانه القذر إلى تاريخنا
المشرق قبل الغزو العربي للبلاد!
الأغرب أن
يسوّق رسميونا وكتّاب دولتنا ورموزنا المتلفزة آراء تعصبيّة تخوينيّة مريعة
بحق الموارنة خصوصاً والمسيحيين عموماً: دون أن يفتح أحد فمه؟!
يا مار
مارون!
لأن
المنتسبين إليك أضحوا مسكونين بالخوف من عصابات الله التي لا تفهم وجودها
إلا من خلال إزالة الآخر؛ لأن الذين يحملون اسمك في لبنان أو سوريّا لا
يحلمون إلا بهجرة إلى مكان لا يشتمون أويخوّنون فيه؛ لأن مطارنتك وبطاركتك
صاروا سياسيين في زمن حيث السياسة ضرب من البغاء؛ نحن الذين نتنفّسك
روحيّاً وثقافيّاً، نبتهل إليك في تراتيلنا أن لا تغضب من شعبك الذي نساك،
لأن تراب حلب وحمص والبترون لا ينساك!
لا تغضب إذا
هجتك الرستن وشتمتك وتنكّرت لك
ـ
وأنت القدّيس
ـ
فوجودك الرائع في غسطا، وروحك الحضارية التي ترفرف فوق الكسليك، كافيان
لإعلام الزمان بأنك، لا غيرك، هويتنا وحقيقتنا وأفقنا الذي لا ينتهي!
لا تحزن،
مار مارون، إذا خوّنك رستناوي؛ فوحدها المقارنة بين جونيه والرستن تكفي
لإشهار واقع من يمثلنا تراثاً ومستقبلاً!
مار مارون!
ونحن في
أحلك أيامنا لم تنسنا أو ترم بيدنا من أصابعك المعروقة: فهل يعقل أن تهجرنا
الآن لأن غيرنا، من الذين نساهم الزمان والمكان، أشار إليك بإصبع شك..
مار مارون!!
نحن نحبّك؛
نحبّك؛ فلا ترمنا فريسة لليأس وصمت القبور.
" ارحم،
مار مارون،
ارحم شعبك؛
ولا تسخط
عليهم إلى الأبد".
2004