الشاعرة المغربية حكيمة الشاوي، أو الأمل الذي يصيرمستهدفا من قبل مؤدلجي الدين الإسلامي ...11

الإهــــداء

• إلى الرفيقة المناضلة الحقوقية، والنقابية، والسياسية حكيمة الشاوي، في مواجهتها المباشرة، وغير المباشرة، لأزلام التطرف، والإرهاب، في فرادتها، وفي صمودها.
• من أجل مجتمع متحرر، وديمقراطي.
• من أجل أفق بلا إرهاب.
• من أجل قيام جبهة وطنية عريضة ضد التطرف، وضد كل الشروط الموضوعية المؤدية إلى قيمه.
• من أجل الدفع في اتجاه قيام مؤدلجي الدين الإسلامي بمراجعة ممارستهم النظرية، والمسلكية.

****************

الهدف من هجوم مؤدلجي الدين الإسلامي على الشاعرة حكيمة الشاوي:.....2

ومن الأحاديث التي صار يتداولها الناس بحكم العادة "حديث": "المرأة خلقت من ضلع أعوج"، للإيغال  في الحط من قيمة المرأة، واعتبارها دون مستوى الرجل، حتى تتكرس السيطرة على نصف المجتمع، الذي يصير محروما من الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وهو حرمان صار، بحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، سائدا في المجتمع، ومقبولا، و لا يخضع للنقاش بين الناس، من منطلق أن المرأة وجدت لتكون دون مستوى الرجل، اعتقادا من الناس أن المرأة خلقت من ضلع أعوج. وهو ما يدفع بنا إلى التساؤل، إذا كان الأمر كذلك: 

أليس الله عادلا؟

أليس من عدله تحقيق المساواة بين الرجال، والنساء؟

ألا يحتمل أن يكون نص الحديث الذي يعتمده مؤدلجو الدين الإسلامي غير صحيح؟

وحتى لو افترضنا صحته سندا، ومتنا، فهل يعقل أن يسيء الرسول صلى الله عليه، وسلم إلى المرأة، وهو القائل: "اتقوا هذه الحميراء فإنها نصف دينكم"، ويقصد زوجه عائشة ض؟

فلماذا إذن يعتبر المرأة نصف الدين، إذا خلقت من ضلع اعوج؟

وهل يوجد في القرءان ما يوحي  بذلك؟

أليس من الأليق أن نتعامل مع الدين الإسلامي على أنه جاء ليحقق كرامة الإنسان؟

هل من كرامة الإنسان أن ننسب إلى الرسول ما يسيء إلى كرامة المرأة؟

هل من احترام كرامة المرأة أن نعتبرها دون مستوى الرجل؟

وأين نحن، إذا ذهبنا إلى ذلك، من قوله تعالى "و  المومنون و المومنات بعضهم أولياء بعض"؟

أليس في الآية الكريمة عمق العدل عندما تكون الولاية متبادلة بين الرجال، والنساء؟

هل نحسن فهم قوله تعالى الرجال قوامون على النساء؟

أم أننا نعطيه التأويل الذي يتناسب مع مصلحتنا الطبقية؟

والقوامة، في حالة إقرارها، هل هي نسبية أو مطلقة؟

هل يصح أن يكون الرجل المريض، والصغير، والفقير، والأحمق، والأمي قواما على المرأة التي تفوقه قدرا، وعقلا، ومكانة اجتماعية؟

إننا في الواقع عندما نرتبط بأصح نص وصلنا عن الدين الإسلامي، الذي هو القرءان، لا نجد في آياته، ما يسيء إلى كرامة المرأة، وأكثر من هذا، نجد في سورة النور ما يؤكد على ضرورة احترام كرامة المرأة لتجنب غضب الله. حيث نجد قوله تعالى "والذين يرمون المحصنات الغافلات المومنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب  عظيم".

وإذا ثبت في حق امرأة ما ارتكاب جريرة معينة، مع رجل معين، فإنهما يخضعان لنفس العقاب. كما جاء في القرآن: "الزاني و الزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"، وفي قراءة عبد الله ابن مسعود: "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما".

فجميع النصوص إذا فهمت فهما حقيقيا بعيدا عن التأويلات الإيديولوجية المغرضة، فإننا نجد أنها تسعى إلى حفظ كرامة الإنسان، سواء كان رجلا، أو امرأة.

أما ما يذهب إليه مؤدلجو الدين الإسلامي، فلا يمكن اعتباره إلا نتيجة لتأويلاتهم الإيديولوجية التي تقتضي استبداد الرجل بالمرأة، حتى ولو أدى الأمر اعتماد أحاديث قد لا تكون صحيحة، لمهاجمة المناضلات الحقوقيات، وفي مقدمتهن الشاعرة حكيمة الشاوي. وهو هجوم يحاول استعداء الجماهير الشعبية الكادحة، على المناضلات، والمناضلين الحقوقيين، والنقابيين، والسياسيين.

وبناء على ذلك، فدفاع مؤدلجي الدين الإسلامي عن الرسول، إنما هو ادعاء من أجل الاستقطاب، ومن أجل الادعاء، ليس إلا؛ لأن شخصية الرسول، ومكانتها التاريخية، والدينية، والاجتماعية، كفيلة وحدها بجعل تأثير هذه الشخصية في حياة المسلمات، والمسلمين، الذين يتخذونها قدوة، فيما يخص التحلي بالقيم النبيلةن التي تحقق كرامة الإنسان. لأن الرسول نفسه لا  يجتهدن ولا يؤول، وإنما كان  يفهم، ويتمثل ما فهمه من الوحي في سلوكه، خاصة، وأن عائشة قالت عنه بعد وفاته: "كان خلقه القرءان"، خاصة و أن الرسول لم يرتفع على البشر إلا بكونه يتلقى الوحي من الله، كما جاء في القرءان: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي". والبشر يخطئ، وإذا اخطأ يعاتب: "عبس و تولى أن جاءه الأعمى".

ومؤدلجو الدين الإسلامي، ومحرفوه، لا يرقون أبدا إلى مستوى الدفاع عن الرسول، لأن الرسول بقيمه، وبأخلاقه السامية، ليس في حاجة إلى ذلك؛ وإلا فإن الرسول الذي ينسب إليه مؤدلجو الدين الإسلامي  الحديث المعتمد لإثارة الضجة حول قصيدة الشاعرة حكيمة الشاوي، يرفع المرأة إلى مستوى أعلى من مستوى الرجل. كما يتضح ذلك من الحديث: "من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال أمك، قيل ثم من ؟ قيل أمك ؟ قيل ثم من قيل أمك قيل ثم من ؟  قال أبوك".

أليس هذا الحديث تكريما للمرأة، ولدورها التربوي في المجتمع؟

أليس مثل هذا الحديث كفيلا بالدفاع عن شخصية الرسول؟

وإذا كان الرسول ليس في حاجة إلى من يدافع عنه، وخاصة إذا كان من مؤدلجي الدين الإسلامي، ومحرفيه:

فهل يدخل ما يمارسه هؤلاء المؤدلجون، والمحرفون، في إطار حماية الدين الإسلامي؟

إننا في هذا الإطار نورد قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر، و إنا له لحافظون". و منه ننطلق للقول بأن الله لم يوكل لأحد الوصاية على الدين الإسلامي. وذلك، لأنه لا وجوده في الدين الإسلامي لشيء اسمه الرهبانية، التي لا تعني إلا توظيف دين معين، لمن يفرض وصايته عليه. والدين الإسلامي جاء ليحرر الإنسان من سلطة الرهبانية، التي لا تعني إلا توظيف دين معين لمن يفرض وصايته عليه. والدين الإسلامي جاء ليحرر الإنسان من سلطة الرهبانية، بوضع حد لكل ما يوحي بقيامها. ولأن الله لو أراد أن يبلغ رسالة معينة للبشر، لبعث رسولا للقيام بذلك.

وبما أن الدين الإسلامي جاء متطورا على ما سبقه من أديان، وقابلا لتطور الفهم، لتفاعله مع الشروط الموضوعية في كل زمان، وفي كل مكان، فقد صار آخر الرسالات، حتى لا تصير البشرية في حاجة إلى رسالة جديدة. نظرا لتسارع تطورها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.

و لو كان الدين الإسلامي في حاجة إلى من يفرض وصايته عليه، ما كان الخطاب الديني في الدين الإسلامي موجها إلى المسلمين جميعا، ولما كانت آخر الآيات التي نزلت من القرءان الكريم هي قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا"؛ لأن الرسول نفسه  توقفت مهمته بنزول هذه الآية؛ لأن تلك المهمة انتهت بانتهاء نزول الوحي، والقيام بتبليغه، وبعد ذلك يبقى الأمر للمسلمين الذين يفترض فيهم التحلي بقيم الدين الإسلامي، والدين الإسلامي، لابد أن ينتشر بالقيم النبيلة المبثوثة في النص الديني، المتمثل في القرءان الكريم، ولا أحد يملك الحق في أن يصير كالرسول، أو يتمثل دوره، أو يدعي أنه جالسه في المنام، وأنه كلفه بتبليغ كذا، وكذا للناس جميعا، حتى يصير رسولا للرسول إلى الناس جميعا، وإلى المسلمين بالخصوص، ليقوم دينهم ليصير بذلك رهبانيا، والرهبانية هي الأصل في القيام بعملية التأويل الإيديولوجي للنص الديني، لخدمة المصالح الطبقية للجهة التي تقوم بعملية التأويل، و لحماية تلك المصالح.