الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

بقلم مالِك مِسْلِماني

tammuzm@lycos.com


حديث الإفك

9/16/2005

 

في سنة (6 هـ/ 628 م)، وأثناء عودة قوات المسلمين من غزوة بني المُصْطلِق جرت حادثة هزت أركان الجماعة الإسلامية في يثرب، فبينما كان جيش المسلمين في أوبته من غزوته يقترب من المدينة، لاح في الأفق البعيد رجل يقود بعيراً وعليه امرأة، وسرعان ما تبين القومُ المرأةَ التي أطلت عليهم مع تباشير الصباح. كانت عائشة على بعير يقوده صفوان بن المُعَطَّل.

               كان الموقف مذهلاً بشدة، ذلك إن عائشة كانت ضمن العسكر، وكان يجب أن تكون في موكب المسلمين، فإذ هي تظهر من بعيد، وبينا كان يفترض أنها جالسة في هودجها النبوي، فإذْا بها تأتي محمولةً على بعير أحد أتباع محمدٍ. وهنا حدث اضطراب بين العساكر، وانطلقت الألسن تتساءل لماذا تخلفت عنهم عائشة؟ ولماذا هي مع رجل آخر؟ ولم يتردد عبد اللّه بن أُبي، الذي طالما عارض محمداً وأعلن مناوءته له، والذي كان يعتبر زعيم المعارضين (المنافقين بالاصطلاح الإسلامي)، لم يتردد في اغتنام الفرصة للنيل من محمدٍ عدوه، فقال: «واللَّه ما نجت منه ولا نجا منها». وأضاف قائلاً للمسلمين: «امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها».1 وفي عبارة أخرى، قال: «فجر بها وربّ الكعبة»، أو «ما برئت منه وما برئ منها».2  كان ذلك القول، وسط الجند المأخوذين بالواقعة، من عبد اللّه نقطة البداية للفضيحة التي صارت حديثاً دائماً في المدينة، فانشغل الناس بها في جلساتهم في كل مكان وفي كل حين.3

               أما كيف بدأت القصة، فالرواية الرئيسية الواردة في مختلف المصادر الإسلامية تعود إلى عائشة التي تروي القصة، فتقول بأن النساء كن يأكلن القليل من الطعام ولم تكن أجسادهن قد غدت بدينةً بعدُ. وأنها كانت في رحلاتها تجلس في هَوْدجها، فيأتي رجال يحملون الهودج، ويضعونه على ظهر البعير، فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير وينطلقون به. وتضيف عائشة، بأنه وبينا كان محمد وجنده يولّون وجوههم شطر يثرب، توقف القوم للاستراحة على مقربة من مدينتهم، فتوجهت عائشة لبعض حاجتها، وفي عنقها عِقد من خرز ظفاري،4 فلما كانت راجعةً إلى الرَّحل تلمست عنقها، فلم تجد عقدها، فعادت إلى حيث كانت باحثةً عنه حتى وجدته، وفي غضون ذلك رحل محمد وجنده، ولم ينتبه الرجال الذين حملوا الهودج إلى أنها ليست فيه لخفة وزنها! وإذْ لم يلاحظ القوم غيابها فإنهم واصلوا المسير.

               لما رجعت عائشة ولم تجد أحداً، تلفَّفت بجلبابها، واضطجعت في مكانها، على أمل أن يفتقدها الراحلون فيرجعون إليها، فجاء صفوان بن المُعَطَّل السُّلَمي، والذي تخلف عن المقاتلين لسبب ما، فلما أبصرها، جاءها، فعرفها لأنه ـ وحسب كلماتها ـ: « كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب ».5 ولما سألها عن سبب مكوثها لم تجب. عندها قربّ البعير وطلب منها الركوب، واستأخر عنها، وانطلق سريعاً بها، سعياً منه لإدراك قوات محمدٍ. ولم تصل عائشة ومنقذها إلاّ مع الصباح، وهذا التأخر في اللحاق بالعسكر أطلق تلك الأقاويل، وسمح لعبد اللّه بن أبي من أن يمس براءة عائشة بلسان السوء.

               عندما وصلت عائشة يثرب، لم تكن تعلم بأن الشائعات انتشرت في المدينة تنال منها. وبقيت على هذه الحالة شهراً والناس لا يكفون عن الحديث عن تأخرها وصفوان.6 وفي غضون ذلك شعرت عائشة بشكوى شديدة، ولم تذكر المصادر طبيعتها ولا ماهية أعراضها، ويبدو أن المسألة ازددت تعقيداً لديها، ذلك أن محمداً لم يبدِ أدنى اهتمام بها في مرضها هذا خلافاً لديدنه في مثل هذه الحالات. وهذا ما يشير إلى شكّ محمد في براءة عائشة.

               عندها طلبت عائشة من محمد الانتقال لبيت أبويها لتمريضها فيه. وانتقلت وليس لها علم بأقوال الناس كما تقول في روايتها. ومضى أكثر من عشرين يوماً قبل أن تعرف قصة «الافتراء» عليها من أمّ مِسْطح بنت أبي رُهم المنافية. وعندها بدأت عائشة تبكي ليل نهار. أما أمها فعزت أصل الأقاويل إلى ضرائرها، اللواتي تآمرن عليها بسبب من حسنها، ولمحبة محمد إياها.7 وهذا التفصيل هو الأكثر شيوعاً في المصادر، والذي أورده ابن هشام مؤلف سيرة محمد. لكن بعض الروايات تعطي الانطباع بطريقة صيغتها أن انتقال عائشة لبيت أبويها كان بعد أن أبلّت من مرضها، وبعد إخبار أم مِسْطح لها بالقصة.8

               على أي حال، إن التفصيل الأول أكثر اقتراباً من الواقع، ذلك إن أم مِسْطح لم تكن في بيت عائشة، وإنما كانت هي وابنها في بيت أبي بكر، وكان أبو بكر هو الذي ينفق عليهما.9 وما يزيد من ميلنا إلى قبول الصيغة الأولى من الرواية شخصية عائشة النزقة، لأنها ـ حسب اعتقادنا ـ وبعد أن حاولت مراراً وتكراراً إثر عودتهما من الغزوة أن تصفي ريبة محمدٍ بها، وأخفقت في سعيها، فإن مظاهر الفشل تظاهرت لديها على شكل أعراض مرضية، وهذا ما يعرف في علم النفس بالأمراض الجسدية النفسية المنشأ (psychosomatic)، وهذا هو سر مرضها الغامض. وأنها لما رأت أن مرضها لم ينفعها في استعطاف زوجها، فإنها فضلت أن تترك بيت الزوجية لترتاح لدى أبويها، وهذا ما ساعدها على الشفاء من مرضها. وبكل الأحوال، إن خروج عائشة لبيت أهلها بيَّن قوة شخصيتها، فهي لم تغرق في ظلمات تأنيب الضمير، ولم تتعقد لديها هذه الأعراض المرضية، لتغرقها في لجة اليأس؛ وربما لو كانت غير عائشة من زوجات محمد الأخريات في هذا الموقف الحرج، لكانت بلغت حدّ الانتحار.

وأما محمدٌ، فإنه لم يبدِ أي اعتراض على تركها منزل الزوجية، وعلينا أن نتوقع أن ذلك وفر له الفرصة ليتدارس الموقف، وكيفية التعاطي معه.

 

محمد يعيش الأزمة

               في هذه الأيام العصيبة على محمد، وعندما انتقلت عائشة من بيت الزوجية إلى بيت أهلها، فإن محمداً كان في وضع دقيقٍ، ذلك أن القضية كانت تناله شخصياً، كما أنها أهدت أعداءه اليثاربة سلاحاً نفسياً خطيراً ضده، فصارت الأقاويل أشد مضياً وأكثر قسوةً، لاسيما بعد خروج عائشة. دعْ عنك إن القضية تتعلق بأحب زوجاته إليه من جهة؛ ومن جهة أخرى، هي ابنة أبي بكر، صاحبه في إعلان الدعوة؛ ولهذا صارت مساءلة عائشة ذات حساسية مزدوجة: موقف صعب أمام المجتمع اليثربي الإسلامي والمعارض على حدٍ سواء سيدمر مهابته، كما أن القضية ذات حساسية كبيرة بالنسبة لأبي بكر. وفي حال ثبوت التهمة على عائشة فإن المساءلة لن تمس محمداً فحسب، بل أبا بكر أيضاً، وبالتالي فإن الحركة الإسلامية ستصاب بضربة كبيرة عبر تشويه سمعة مؤسسها وصاحبه الأبرز. وهنا ثمة خطر محدق بأن ينشأ خلاف بين محمد وأبي بكر، مما سيفكك أوصال الحركة الإسلامية.

إذاً كان يتوجب على محمدٍ أن يمارس أعلى درجات التأني بصدد هذه القضية، وأن يمعن النظر في المسألة من مختلف وجوهها، ولهذا كان يقضي أغلب أوقاته في بيته، بعيداً عن الناس، كما أنه كان يتداول الرأي بالقضية مع زواره في شأن عائشة، وفيما يقول الأهالي.10 وثمة رواية تؤكد أنه لبث يدرس المسألة على مدى سبعة وثلاثين يوماً، قبل أن ينزّل آيات بينات في براءة عائشة. وفي غضون ذلك زار عمر بن الخطاب محمداً، ويبدو أن داعي الزيارة كان يتعلق بهذه القضية، فلما تداول محمد الرأي معه، كان موقف عمر لافتاً، فهو، ورغم شخصيته القاسية، ونظرته الأبوية إلى المرأة عموماً، فإنه أكّد براءة عائشة. وعندما سأل محمداً مَنْ زوّجه إياها، فإنّ محمداً أجابه: «اللّه»، فرد عليه عمر: «أفتظن أن اللّه دلس عليك فيها، < سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ! > »، فنزلت هذه العبارة بحرفيتها في سورة النور الآية (16) في جملة الآيات المتعلقة ببراءة عائشة. 11

كان موقف عمر شديد الحكمة، فهو استند إلى المقدس الذي سيقبل به المسلمون حتماً، وكان عمر على اتصال وثيق بأبي بكر، لقد ربطتهما علاقةً وثيقةٌ، وستبقى لاحقاً حتى أن أبا بكر سيوصي، وهو على فراش الموت، بتعين عمر خليفةً له. ومن جهة أخرى كان ثمة ودّ كبير بين حفصة ـ ابنة عمر، وعائشة، اللتين كانتا تشكلان تحالفاً قوياً بوجه نساء محمد الأخريات، كما كانتا بالمرصاد لفاطمة ـ ابنة محمدٍ. وهذا ما كان يكمن في دوافع عمر في صياغة رأيه المحابي لعائشة. وإدراكاً من محمدٍ لهذه الحيثيات، فإنه قدّر بأن رأي عمر لا يساعده على تقرير موقفه النهائي من عائشة؛ ولا يوفر له دعماً كافياً أمام المجتمع اليثربي، الذي لن يمحض رأي عمر ثقته بسبب خصوصية العلاقة بين آل أبي بكر وآل عمر. كما رأى محمد أنه لا توجد أية إمكانية للتشاور مع أبي بكر بهذه القضية؛ وذلك لخصوصية المسألة بالنسبة إليه، فكان عليه أن يستشير غيره، فاستدعى علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد للتشاور معهما.

               كان محمد في أحلك موقفه الأُسرية كما الاجتماعية، وشعوراً منه بالعزلة أسقط من مشاورته كل الشخصيات الكبيرة الأخرى ـ مثل عثمان بن عفان12 ـ. وإذْ التجأ إلى علي، فإنه لاذ بالعصبية الخاصة به، إضافةً إلى أن المكاشفة مع علي وأسامة بن زيد لا تشكل إحراجاً نفسياً لمحمدٍ. و«لا ريب أن محمداً لمّا دعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، لم يدعهما ليسألهما عن سوابق أحوال عائشة، بل دعاهما ليستشيرهما في فراق أهله... فكان عليهما إما أن يشيرا عليه بفراقها وحينئذٍ يكونان قد أعربا بذلك عن صحة حديث الإفك، وإما أن يشيرا عليه بإمساكها وحينئذٍ يكونان قد أعربا عن كذبه».13

في جلسة الاستشارة هذه، فإن أسامة أثنى خيراً على عائشة، وقال بأن الأقاويل هنا وهناك هي مجرد أكاذيب باطلة ليس لها من سند في أرض الواقع. لكن علياً قال له: «إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تَستخلف. وسَلْ الجارية، فإنها ستصدقك»، وبناءً على ذلك استدعى محمد بُريرة ـ جارية عائشة ـ ليسألها عما لديها بخصوص عائشة، فقام علي، فضربها ضرباً شديداً، وطلب منها قول الصدق؛ بيد أنها نفت عن عائشة التهمة.14 كان ضرب علي للجارية يوحي بأن الشك يتأكله، ولهذا فإنه أراد انتزاع اعتراف منها، ولم يكن يستنطقها لمعرفة الحقيقة. «ولمّا كان صفوان مع عائشة في الصحراء، ولم يكن معهما أحدٌ إلاّ اللّه، فلا يستطيع أحد من الناس أن يستند في صحة حديث الإفك إلى المشاهد والعيان، وإنما يستطيع أن يستند في صحته إلى سوء الظن فقط، علمنا أن علياً كان مستنداً في صحة حديث الإفك إلى سوء الظن ليس إلاّ، وإن سوء ظنه هذا ناشئ عن معرفته بسوابق أحوال عائشة، وأنه عرف ذلك من الجارية التي كانت تخدم عائشة، فلذلك أحال النبي على الجارية، وقال له: "إن تسأل الجارية تصدقك". فكأنه قال لمحمد سلْ هذه الجارية عمّا لعائشة من الأحوال المريبة في حياتها البيتية، فإنها ستذكر لكَ منها ما يدل على أن وقوع الأمر الذي جاء في حديث الإفك منها غير مستبعد».15

وليس من المستبعد أن سوء ظنه الناتج عن «معرفته بسوابق أحوال عائشة» ترافق مع تماهي مع زوجته فاطمة، وإنه في هذه اللحظات كانت أشباح فاطمة هي التي تضرب الجارية بيد علي، وأن عليّاً الذي استبطن نفسياً كراهية زوجته لعائشة، كان يتمنى طرد عائشة من بيت محمدٍ لاسيما أنها وزوجته كانتا في شقاقٍ دائمٍ بسبب من غيرة كل واحدة من الأخرى، وتنافسهما على محمدٍ.

 

كلمة محمدٍ

الواضح إن المسألة تفاقمت جداً؛ فإضافة لعموم المجتمع اليثربي الذي كان يتسلى بهذه القضية، فإن المصادر تشير إلى شخصيات بعينها كانت تعمل على الترويج للإفك وهم: مِسْطح بن أُثاثة، وحَمْنة بنت جحش، وهي أخت زينب، وزينب زوجة محمدٍ، ولها في نفس محمد مكانة خاصة، كما كان حب محمد لها يعادل حبه لعائشة، لكن زينب، آثرت النأي بنفسها عن القضية، فلم تشارك في الترويج للقصة مع أختها حَمْنة؛ لا بل لما سألها محمد عن الأمر، وماذا علمت أو رأت، فإنها أجابت بذكاء، بأنها لا تعلم من أمر عائشة إلاّ خيراً.16 لكن الأخطر في القضية إن حسَّان بن ثابت ـ شاعر محمد ـ كان يروج للمسألة، كما أن عبد اللّه بن أبي سلول قاد بدوره حملة الترويج للإفك. ولهذا كان لا بدّ من التحرك لوقف هذه الأحاديث المدمرة له. كان القرار الذي توصل إليه محمد أنه يجب الانتهاء من المسألة بإقرار براءة عائشة من التهمة، لأن بقاء القضية معلقةً على هذا النحو سيضعف من مكانته بين الأهالي، وتمنح عدوه عبد اللّه بن أبي قوةً، وخصوصاً أن الأخير أدار عملية الترويج للاتهام، لأن إدانة عائشة يضعف من نفوذ عدوه محمدٍ أولاً؛ ويقوض الوزن الاجتماعي للمسلمين في يثرب ثانياً. ما ساعد محمداً على التحرك أن عبد اللّه بن أُبي في موقفه هذا كان يمثل المعارضة اليثربية لوجود المسلمين، وهذه المعارضة كانت متجذرة بين الخزرج، في حين أن الجناح الأوسي كان على عداء مع الخزرج، وضمناً كان في حالة عدم وفاق مع عبد اللّه؛ وبالتالي كان يمكن لمحمد أن يتصدى لهذه الحملة اعتماداً على قاعدته من المهاجرين الذين كانوا سيساندونه في موقفه من منطلق عصبيتهم القرشية؛ وبالاستعانة بكبار شخصيات الحركة الإسلامية، وبالأخص أبا بكر، وعمر، اللذين يهمهما كثيراً تبرئة عائشة؛ وتعويله على أنه ليس لعبد اللّه أنصار من الأوس. وبناءً على هذه القاعدة الاجتماعية الواسعة قرر محمدٌ التوجه إلى الرأي العام عبر إلقاء خطبة في عموم اليثاربة، فقال:

 

«أيها الناس، ما بالُ رجالٍ يُؤذُنني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحقّ؟ واللّه ما علمتُ منهم إِلاَّ خيراً. ويقولون ذلك لرجل واللّه ما علمت منه إلاّ خيراً، وما يَدْخل بيتاً من بيوتي إلاّ وهو معي».17

 

               كان محمد يشير في خطابه إلى عبد اللّه بن أُبيّ بن سلول الذي كان «يؤذيه في أهله»، فلما ألقى محمد كلمته، قال أُسَيد بن حُضَيْر (أوسي)، بأنهم إن كانوا من الأوس فسوف يتدبرون أمره، وإنْ كانوا من الخزرج فإنهم يستحقون ضرب الأعناق جزاءً وِفاقاً على افترائهم؛ عندها قام سَعْدُ بن عُبادة، وكان معروفاً عنه إخلاصه لقضية محمدٍ، فقال: «كذبتَ لَعمْر اللّه، لا تضرب أعناقَهم! أما واللّه ما قلتَ هذه المقالة إلاّ أنَّك قد عَرفت أنهم من الخزرج؛ ولو كانوا من قومك ما قلتَ هذا». فاتهمه أُسَيد بالنفاق، وكاد ذلك يشعل بينهم قتالاً؛ فتدخل محمد لتهدئة الأجواء بين هذين الفريقين حتى هدأ.18

               لكن نقطة مهمة يجب ملاحظتها في كلمات محمد، الذي يقول عن صفوان «وما يَدْخل بيتاً من بيوتي إلاّ وهو معي»، فهذه الرواية تشير إلى أن صفوان كان يزور بيت محمدٍ بانتظام، وربما ذلك من الأسباب الإضافية وراء انطلاق قصة الإفك. وبالمقارنة مع قول عائشة السابق عن صفوان بأنه «كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب»، نتبين محاولة من عائشة لإخفاء استمرارية زيارات صفوان لبيت محمدٍ.

 

نزول القرآن

               وكانت الخطوة التالية استدعاء الوحي لتبرئة عائشة، فالمسألة غدت من الخطورة بحيث أن أي حل لها يتطلب تدخل السماء. ويقول الرصافي بأن محمداً: «كان يستطيع أن ينزل قرآناً ببراءتها في أول يوم شاع فيه خبر الإفك، إلاّ أنه لم يفعل ذلك جرياً على عادته من التأني والتثبيت في الأمور وترك التسرع فيها، فإنه كان ينظر بعيد النظر في العواقب لا يقدم على أمر إلاّ بعد التثبت فيه من جميع جوانبه».19

               فهل كان محمدٌ قد تثبت فعلاً من براءتها بعد كلمته للجمهور؟ حسب الروايات في المصادر التاريخية الموثوقة، فإن شكوكاً خطيرة بقيت تساوره رغم ذلك؛ ولهذا فإنه توجه إلى بيت أبي بكر، وهناك قال لزوجه: «يا عائشة! إنه قد كان ما قد بَلغك من قول الناس، فاتقيِ اللَّهَ! وإنْ كنتِ قد قارفْتً سوءاً، مما يقول الناس، فتُوبي إلى اللّه! فإن اللّه يقبل التوبة عن عباده».20 لكن عائشة لم تجب على سؤاله، وشرعت بالبكاء، أما أبواها فبقيا صامتين، فطلبت منهما أنْ يجيبا عنها، إلاَّ أنهما ظلا معتصمين بحبل الصمت، الذي فيه كل البلاغة.

وفي هذه اللحظة الحرجة جاء الوحي، وتروي عائشة: «ما برح رسول اللّه مجلسه حتى تَغَشَّاه من اللّهِ ما كان يتغَشَّاه، فسُجِّي بثوبه، ووُضعت له وسادة من أدَم تحت رأسه».21 وبعد أن صحا محمد من غشيته، فإنه أخبر عائشة بنبإ نزول براءتها، تالياً عليها آيات من سورة النور:

 

إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ. لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم؛ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ، ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً، وَقَالُوا: «هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ».

لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء، فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء؛ فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ.

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.22

 

               ثم أدان أصحاب الإفك: < إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ؛ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً، وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ >23.

               بعد أن سمع أبو بكر هذه الآيات التي تبرّئ عائشة من التهمة، قام أبو بكر إليها، وقبَّل رأسها، فقالت عائشة معاتبةً له: «هَلاَّ كنتَ عَذَرْتني»، فأجاب: «أيُّ سَماءٍ تُظِلُّني، وأي أَرْضٍ تُقِلُّني، إنْ قلت بما لا أعلم».24

ما يلفت النظر هنا أمران:

أولاً، إن الوساوس ببراءة عائشة سيطرت على ـ أبي بكر ـ الذي لم يعذر ابنته، بل قال بما لا يعلم!

ثانياً، على الرغم من أن الروايات التي لدينا لا تذكر إلاّ أسماء كل من: حسَّان، ومِسْطح، وحَمْنة، وعبد اللّه، فإن النص القرآني يقول عنهم بأنهم < عُصْبَةٌ >، وهي جماعة «دون العشرة إلى الأربعين».25 وإن كانت بعض التفسيرات ترى أن العصبة ثلاثة رجال، أو من الثلاثة إلى العشرة، وقيل من عشرة إلى خمسة عشرة، وقال آخرون أربعون رجلاً. وأصلها في اللغة وكلام العرب الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض.26 وبالتالي لماذا لا تذكر الروايات أسماء هذه العصبة؟ نظن بأن الأمر يتعلق بتعبير مجازي هنا، وأن العُصْبَةٌ كناية على عدد الخائضين بحديث الإفك، والذي كان، بدون أدنى شك، كبيراً.

من أجل رد الاعتبار لسمعة البيت النبوي، فإن القرآن أدان القائلين بالإفك، وتروي بعض المصادر أن محمداً أصدر أمره بمعاقبة من كانوا يروجون للقضية وفق المعيار الذي ورد في نفس السورة، بالأمر التالي: < وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء؛ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً. وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 27>.

فُروي أنّ محمداً عاقب مِسْطح بن أُثاثة، وحسَّان بن ثابت،28 وحَمْنة بن جحش.29 بينا روايات موجودة في التفاسير تضيف اسم عبد اللّه بن أبي إلى هؤلاء الثلاثة.30 وثمة خبر مشهور يفيد أن محمداً حدَّ حسَّان ومِسْطح وحَمْنة، بدون أن يعاقب عبد اللّه بن أُبي.31 وهذا الخبر يتعارض مع الآية رقم (21) من السورة نفسها، والتي تقول: < يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؛ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ. وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَرَحْمَتُهُ، مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً؛ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ >، فهذا الخطاب الذي يتهم الذين قالوا بالإفك بأنهم يتبعون خطوات الشيطان، يورد في نصه إدانةً مشفوعة بـ«فضل اللّه ورحمته».

أما بشأن عبد اللّه، فإن المصادر التي روت أن محمداً لم يعاقبه، عبرت عن حرجٍ من ذلك، فبررت عدم معاقبته بقولها إن محمداً لم يعاقب عبد اللّه بن أُبي لأنه قد «أُعد له في الآخرة عذاباً عظيماً؛ فلو حُدّ في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة، وتخفيفاً عنه».32 لكن المعطيات العامة لا تسمح بقبول هذا التسويغ الماورائي الموجود في أغلب المصادر.

من الواضح أن محمداً لم يكن ليجرؤ على مس عبد اللّه بن أبي بالشر، وذلك لقوة نفوذه في يثرب وبالتحديد لزعامته جناح الخزرج، وكان أي أذى يُلحق به سيؤدي لا محاولة إلى إشعال نار الاقتتال العصبي بين الأطراف في يثرب. وهذا ما أدركه ابن القيم في كتابه «زاد المعاد»: «وقيل بل ترك حدّه لمصلحة أعظم من إقامته، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلمه بما يوجب قتله، مراراً، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام، فإنه كان مطاعاً فيهم رئيساً عليهم قلما يؤمن إثارة الفتنة في حدّه». وعلى هذا يوافق الرصافي، الذي يقول إن هذا هو التعليل الصحيح لأنه «ان سيداً مطاعاً في قومه، وكان محمد حازماً بعيد النظر في العواقب فكان يخشى وقوع الفتنة إذا أُقيم الحد عليه».33

بعد أن أعلن محمدٌ بشارة السماء ببراءة عائشة، قرر أبو بكر، والذي كان ينفق على مِسْطح لقرابته وحاجته، أن يقطع إنفاقه بسبب دوره الفعّال في نشر أحاديث السوء عن عائشة؛ فجاء مِسْطح إلى أبي بكر، واعتذر قائلاً بأنه لم يكن يخوض بالقول بل كان يحضر مجالس حسَّان، فيسمع منه القول فحسب. لكن أبا بكر قال له بأنه كان يضحك ويشارك فيما قيل.34 لكن محمداً بحكمته أمر أبا بكر بالاستمرار بإنفاقه على مِسْطح، فأنزل نصاً قرآنياً: < وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى، وَالْمَسَاكِينَ، وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا. أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ؟ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ35 >.36

إنَّ تورط مِسْطح في القول بالإفك جعلنا في حيرة، فإذا كان في حاجة ـ هو ووالدته ـ إلى إنفاق أبي بكر، فكيف ملك جراءة المشاركة في تشويه سمعة عائشة؟ ثم كيف يساعد أعداء محمدٍ بحملة موجهة ضده، وهم من اليثاربة، في حين أنه مهاجر من قريشٍ كما محمد؟ وهل نستطيع أن نقول عنه ما قاله الرصافي بشأن علي: «كان مستنداً في صحة حديث الإفك إلى سوء الظن ليس إلاّ، وإن سوء ظنه هذا ناشئ عن معرفته بسوابق أحوال عائشة».

إنه لشك خطير، ولموقف خطير من مِسْطحٍ. وبكل حال، لا نستثني احتمال أن يكون مِسْطحٌ ذا هوى بعائشة فأراد الانتقام منها، ديدن كل محب أناني؛ أو أنه كان يهوى حَمْنة فجعلته يسايرها في حملته ضد عائشة، منافسة أختها زينب. أسئلة تبقى بدون إجابة حتى الآن.

 

رد فعل صفوان

أما صفوان بن المُعَطَّل، فبعد أن جاءت السماء تُبرّئُ عائشة من الفحشاء، فإنه قرر الانتقام من حسَّان، ذلك أن حسَّان قال شعراً عرَّض فيه بابن المُعَطَّل، وهجا فيه المهاجرين؛ فقال في شعره إن الغرباء (أي المهاجرين) قد أمسوا أعزة وكثروا، وأنه (أي حسَّان) قد أصبح ذليلاً. كما كان شعره يتضمن تعريضاً بمن أسْلم من العرب من مُضر. في شعره هذا، وقف حسَّان الخزرجي إلى جانب عبد اللّه بن أبي الخزرجي، فعلت العصبية الخزرجية على الدين، وصار حسَّان لبعض الوقت شاعر عدو محمدٍ، لا شاعر محمدٍ؛ ولهذا فإن صفوان توجه إلى حسَّان، فضربه بالسيف.37 ويبدو أن الضربة لم تكن قاتلة، إذ قيل إن حَسَّانَ أصيب بجراح بيده، ويُقال إنها سببت شلل يده.38 ونعتقد أن صفوان لم ينوِ قتل حسَّان فعلياً، بل كان يريد الثأر لكرامته عبر إلحاق أذى جسدي بالشاعر السليط اللسان فحسب، ولهذا تمكن ثابت بن قَيس بن الشمَّاس من الإمساك بصفوان ومنعه من المضي في ضربه لحسَّان. وقد لجأ الخصوم إلى محمدٍ؛ فبررّ صفوان هجومه على حسَّان، بأن حسَّان هجاه. وإذْ كان محمد مطلعاً على هجاء حسَّان، الذي فيه إساءة لعموم المهاجرين، وأي إساءة للمهاجرين هي إساءة لمحمد نفسه، فإنه قال لحسَّان: «أتشوّهت على قومي أنْ هداهم اللَّهُ للإِسلام؟».39 وربما توحي هذه العبارة بمباركة ضمنية من محمدٍ لانتقام صفوان، وليس غريباً أن يكون محمد قد دفع صفوان لمعاقبة حسَّان بهذه الطريقة. ومع ذلك طلب محمد من حسَّان أن يكف عن النزاع مع صفوان، وأن يتغاضى عما وقع له، فوافق حسَّان إكراماً محمدٍ.40 ولاحقاً قام محمدٍ بالتعويض لحسَّان مالياً، كما قدم له سِيرين، إحدى الرقيقتين القِبْطيَّتين اللتين أُرسلتا إليه من مصرَ.41

 

الظروف المحيطة

ما زال لدينا سؤال هام، نوجزه بهذا المقطع: «رجل من أصحاب رسول اللّه مؤمن به هاجر معه وقد رأى زوجة نبيه وحدها في الصحراء متخلفة عن الجيش، فأخذها وأركبها على بعيره وقاد بها البعير حتى ألحقها بالجيش. أليس هذا مما يُحمد عليه صفوان، فإن كان في هذا ما يدعو إلى اتهامه بها، فقد وقع مثل ذلك لأم سلمة مع عثمان بن طلحة ولم يتهمها أحد بسوء، مع أن عثمان بن طلحة كان مشركاً وأم سلمة كانت مؤمنة، وعثمان بقي مع أم سلمة وحدهما في الصحراء أياماً وليالي، وصفوان لم يبقَ مع عائشة إلاّ ضحوة من نهار».42

وفي دراستنا لهذه القضية، وجدنا أن منشأ حديث الإفك، واتهام كل من عائشة وصفوان يعود إلى الظروف المحيطة بالواقعة، فقد جرى حادث اختفاء عائشة لساعات عن جيش المسلمين ضمن سياقين:

أولاهما: إنه عندما قام محمد بغزوته ضد بني المُصْطلِق؛43 وكان المبرر المعلن أن خبراً وصله يفيد بأنهم بقيادة الحارث بن أبي ضرار، كانوا يجمعون له، فقرر المبادرة بالهجوم عليهم ولقيهم على ماءٍ لهم يُسمى «المُرَيْسِيع». وتمكن من تحقيق نصرٍ سهلٍ عليهم.44 وبعد الظفر، وبينا كان جيش محمد متمركزاً حدث اقتتال بين أجير لعمر بن الخطاب من بني غفار، وحليف بني عَوْف بن الخزرج، فقام كل منهم ينادي عصبيته. فغضب عبد اللّه بن أبي سلول، فقال: «لقد كاثَرْنا المهاجرون في ديارنا. واللّه ما أمْرُنا وإياهم إلاّ كما قال الأول: سَمِّن كلبك يأكلك. أما واللّه إنْ رجعنا إِلَى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلّ».45 وهذا ما خلق احتقاناً داخل قوات المسلمين أنفسهم بين جناح المهاجرين وجناح يثربي معارض لمحمد نفسه؛ وبالتالي لما شاهد عبد اللّه بن أبي عائشة قادمة يرافقها صفوان، وجد في هذا التصرف الغامض، والذي يكتنفه الشكوك والريبة لحد بعيد، فرصةً كبيرةً قدمتها عائشة للنيل من محمدٍ ومن عموم المهاجرين. وقد اُستغلت القضية للنيل من كرامة المهاجرين ككل عندما قام حسَّان بالتعريض بصفوان بوصفه مهاجراً؛ وهذا يوضح مغزى عبارة محمدٍ لحسَّان (« أتشوّهت على قومي أن هداهم اللَّهُ للإِسلام »)، وتتضمن هذه العبارة نقداً لحسَّان لأنه تهجم على مضرية صفوان.

على أي حال، إن تركيز حسَّان على مضرية صفوان جعل المهاجرين يصطفون صفاً واحداً خلف محمدٍ، ومن هنا كان معسكر المهاجرين يضع ثقله من أجل تأكيد براءة عائشة، طبعاً باستثناء مِسْطح بن أُثاثة، وحَمْنة بنت جحش.

               السياق الثاني، وهو عظيم الخطورة أيضاً؛ رغم عدم وضوحه؛ فبعد تحقيق النصر على بني المُصْطلِق، وزع محمد السبي بين المسلمين، فكانت جُويرية بنت الحارث من نصيب أحد اليثاربة: ثابت من قيس بن الشمَّاس، أو لابن عم له؛ فكتبت جويرية على نفسها بأن تدفع لليثربي الذي صارت من نصيبه ثمن حريتها، ثم إنها ذهبت إلى محمدٍ تستعينه على كِتابتها، وتصفها عائشة: «كانت امرأة حُلْوَةً مُلاّحة، لا يراها أحد إلاّ أخذت بنَفْسه».46 وفي اللغة المُلاّحة، الشديدة الملاحة، والمُلاّحة أبلغ من الملِيح في كلام العرب.47

               كانت عائشة تعي مدى تأثير الجمال على محمدٍ، فلما رأت جويرية تقف على باب حُجرتها تريد محادثة محمد، قالت تصف انطباعها الأوّل عنها: «فكَرهتها، وعَرَفت أنه سيرى منها (أي محمد) ما رأيت»،48 وأما لماذا شعرت عائشة بهذه الكراهية نحو جويرية منذ أتت محمداً، فيرى شارح سيرة ابن هشام: «من الغَيْرَةِ عليه (أي محمدٍ)، والعلم بموقِع الْجَمالِ منه».49

               إذاً تحدثت جويرية مع محمدٍ، وقالت له بأنها ابنة سيد قومها (الحارث بن أبي ضرار)، وطلبت منه المعونة على كتابتها، فاقترح عليها محمد خيراً من ذلك؛ ولما سألته ما هذا الخير، قال لها بأنه يقضي عنها التزامها ويتزوجها، فوافقت الأسيرة.50 فلما انتشر الخبر، أطلق المسلمون سراح الأسرى الذين كانوا بحوزتهم، وقيل إنه أُطلق سراح مئة أسيرٍ.51 ويبدو أن الزواج تم والمسلمون كانوا على ماء المُرَيْسِيع بعد.52 وليس بعيداً أن يكون توجه جويرية لمحمدٍ كان بهذه الغاية، فربما فضلت أن تنقذ أسرى قومها بزواجها من قائد المسلمين، وبخلاف هذا الدافع، فليس لدينا من سبب مقنع لأن تتجه أسيرة، وهي المُلاّحة، إلى قائد مظفر، عُرف عنه حبه للنساء، تطلب منه معونة لإطلاق سراحها.

               إذاً، كان ثمة تفاصيل داخل البيت النبوي، فمحمد وبعد أن ظفر بالغنائم، حاز امرأة، كانت من الجمال والمُلاّحة ما جعلت عائشة تكرهها لدى وقوع نظرها عليها. وإذا لم يتردد محمد من الزواج منها، فإن ذلك بعث في نفس عائشة كراهية أكثر فأكثر نحو جويرية، كما أن غضباً قد توقد في صميم روحها ناراً لاهبةً على تصرف محمد. وكل هذه الملابسات، والتعقيدات التي أحاطت بهذه المسألة جعلت الألسن تنطلق، تنال من سمعة عائشة. وعلى ما يبدو، فإن الفريق الذي كان يرّوج للتهمة وظف زواج محمد من جويرية والغيرة، كما الكراهية في نفس عائشة ليقدم تسويغاً بأن كل من عائشة وصفوان بن المُعَطَّل ما نجا أحدهم من الآخر (حسب تعبير عبد اللّه بن أبي) انتقاماً من محمدٍ لزواجه في هذه الغزوة. ولنقرأ هذه التساؤلات ليوسف درة الحداد53:

 

«كانت السيدة عائشة، أم المؤمنين، زوج الرسول، وابنة أبي بكر الصديق، فوق الشبهة. ولكن ظروف الحادثة جعلت للشبهات مأخذاً: زوجة في نحو الخامسة عشرة من سنّها، يصدمها في قلبها زواج النبي قبل الغزوة بمنافسة قوية لها زينب بنت جحش، وبعد الغزوة بجويرية بنت الحارث سيّد بني المُصْطلِق ‹ امرأة حلوة مُلاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ›. ثم كيف رحل الراحل بها ولم يشعر بغيابها؟ كيف رحل النبي ولم يسأل عنها، وهو الذي يقرع بين نسائه قبل الغزوة ليصطحب إحداهن معه، وكانت غيرته على عائشة أكثر من الجميع؟ وما مدة قضاء الحاجة حتى يرحل العسكر كله، وهو مئات، فلا يبقى من تستأنس به، ويهديها إلى هودجها؟ وما بالها تقعد يائسة، ولا تلحق بالعسكر، الذي لا يبعده عنها قضاء حاجة، مسافة يصعب معها اللحاق به؟ كيف لا تدري بحديث الناس مدة عشرين يوماً، وكيف تمرض فجأة بعد الحادث وتستمرض عند أهلها؟ وما كانت حاجة صفوان في تخلـّفه لحاجة أو لعمل وراء العسكر، لتدوم حتى الصبح، فيغيب العسكر، ولا يلحق به ويمشي على أثره. حاجة دقائق أو ساعة لا تبعد عائشة وصفوان عن العسكر الجرّار الراحل حتى يضطرا إلى التخلف عنه إلى الصبح في أرض عدوة لا أمن فيها. وهل يجسر القوم أن يؤذوا رسول اللَّهِ في أحب الخلق إلى قلبه لو لم يكن للشبهة مأخذ؟».

 

               من جهتنا نضيف إليها تساؤلاتنا الخاصة:

 

1.     هل لم ينتبه محمد إلى غياب زوجته لأنه كان مشغولاً مع جويرية، المُلاّحة، التي دخلت للتو في سلطانه؟

2.     كيف إن ضجيج العسكر وهو يتحرك للانطلاق لم يثر انتباهها هي؟

3.     لِمَ لمْ يواجه محمدٌ عائشة بالشائعات لدى وصولهما يثرب؟

4.     لماذا استشار محمد علياً وأسامة ولم يستعن بالوحي من فوره للتثبت من براءة عائشة؟

5.  لماذا يتأخر الوحي أكثر من شهر، فيترك محمداً في أزمة نفسية، والمهاجرين عرضةً لنقد أعدائهم وهجاء حسّان، والمدينة مشغولة بالإفك؟

 

               بشأن صفوان لا تقدم المصادر الإسلامية تفسيراً مقنعاً عن سبب تخلفه هو الآخر عن الركب، بحيث أنه كان متأخراً حتى عن عائشة، مما وفر له الفرصة ليجدها جالسةً متدثرةً برادئها. ويتخبط السهيلي في تبريره، فيقول بأن صفوان ربما كان «على سَاقَةِ الْعَسْكَرِ، يلتقط ما يَسْقُط من مَتاع المسلمين، حتى يأتيهم به؛ ولذلك تخلف... ورُوي أن سبب تخلُّفه سببُ آخر، وهو أنه كان ثقيلَ النَّوْمِ لا يستيقظ حتى يَرْتحَِلَ النَّاسُ».54 فهل يمكن لفرد واحد أن يلتقط ما يَسقط من متاع مئات؟ أو هل يترك هؤلاء المئات خلفهم من هو ثقيل النوم، فيتركونه عرضةً لهجوم وحوش الصحراء، لا يستطيع لنفسه حمايةً بسبب نومه؟ وأين هي إذاً صلة التراحم بين المسلمين؟ ثم لماذا تحاول المصادر أن تنفي صفة الذكورية عن صفوان فتقول على لسان عائشة بأنه كان رجلاً حَصُوراً، لا يأتي النساء.55 وقد زاد بعض الرواة، فقالوا بأنه ليس حصوراً، أي محجماً عن الزواج بمحض إرادته، بل بسبب كونه عنيناً.56 ولكن ذلك يتعارض مع ورود حديث يقول إن امرأة صفوان اشتكت به ذات مرّة إلى محمدٍ بشأن مخالفة دينية، أو بسبب ضربه إياها.57 وإفادات تاريخية عن أن كان لديه ابنان.58

هذه الأسئلة نتركها لمن هم قادرون على إفادتنا.

 

موقف شيعي59

               القراءة الشيعية لهذه الآيات تختلف جذرياً عن القراءة السنية، فإذا كانت المصادر السنية اتفقت على أن سبب نزول الآيات الخاصة بالإفك يتعلق بعائشة، فإن شيعة قالوا بأنها تخص مارية القبطية ـ أم إبراهيم. وإن تهمة الزنى كانت قد أطلقتها عائشة على مارية. وذلك حينما أصاب محمداً الحزن على وفاة إبراهيم، فاستنكرت عائشة عليه ألمه على إبراهيم، قائلةً له: «ما الذي يحزنك عليه؟ ما هو إلاّ ابن جريح». ولهذا فإنّ محمداً أرسلَ علي بن أبي طالب لقتل ابن جريح. فذهب علي لتنفيذ الأمر، ولما وصل إليه حاول ابن جريح الفرار خوفاً من هيئة علي المنذرة بالشر، فتسلق نخلةً، عندها رأي عليٌّ أنه « ليس له ما للرجال، ولا له ما للنساء »، فانصرف إلى محمد وأخبره، فحمد محمد ربه!

               هذا الرواية سيئة السبك، ويصعب قبولها بهذا الشكل الساذج؛ بيد أنّ العقل الضد سني أستاء من أن القرآن تناول عائشة بخير، فرأى في ذلك مكرمةً لها لا تستحقها، فأراد أن يبعد عنها هذه المكرمة بتقديم رواية أخرى، رغم أنها تتعارض مع النص الذين يتحدث عن < عُصْبَةٌ >، وهذه المفردة وحسب مختلف المعاجم تشير، على الأقل، إلى ثلاث أفرادٍ؛ وهذا يتعارض مع هذا التفسير الذي يرى بأن النص ينقد عائشة.

إن هذه الرواية ليست مقبولة ضمن معايير النقد التاريخي؛ وتجعل من محمدٍ شخصاً ساذجاً يصدق كلمات عابرة من عائشة. إن هذا الشرح هدف إلى دحض تنزّل القرآن بشأن عائشة، لكنه أساء لمحمدٍ كثيراً لأنه جعله يشك ببراءة زوجة له بسهولة، ويقرر، بناءً على كلمات عائشة، أن يقتل شخصاً ليس بريئاً فحسب، بل «ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء».

 

تداعيات الإفك

انتهى الحدث لدى تنزل القرآن يبرّئ عائشة من التهمة، ومضت سنوات ورحل محمد، ثم مضت سنوات أخرى تسلم فيها أبو بكر قيادة الحركة الإسلامية، وبعده قاد عمر بن الخطاب المرحلة الصاعدة للدولة.

كانت عائشة موضع كرم وحفاوة عمر، الذي لم يتردد في إغداق العطاء عليها، وكذلك كان عثمان سخياً معها، وخلال هذه السنوات كانت عائشة بعيدة عن ميدان العام، وكل ما سجلته المصادر حولها كان يتعلق بأخبارها مع محمدٍ، وبأنها كانت الزوجة المحبوبة أبداً، وأنها أيضاً كانت الزوجة المشاكسة التي أتعبت زوجها، فهي قد اعترضت عليه فيما يتصل بحياته الزوجية؛ فلامته على زواجه من زينب بنت جحش، كما لم تكف عن التآمر مع رفيقتها حفصة ضده وضد بقية الزوجات. لكن عائشة ظلت بعيدة عن كل ما يتصل بالمجتمع السياسي اليثربي إلى أن تغير الأمر في زمن حكم عثمان، إذْ إن العلاقة التي كانت طيبة بينها وبين عثمان في بدء حكمه، سرعان ما انقلبت رأساً على عقب، ولتتحول إلى عداوة مريرة من جانب عائشة. كان ذلك بسبب من نقص عثمان لها من عطائها، ولهذا لم تتردد في نقد مواقف عثمان من معارضيه؛ فصارت تدعم المعارضين له، وتجادلا ذات مرة فـ «أغلظت لعثمان وأغلظ لها».60 ثم لعبت دوراً في التحريض على عثمان، وانسحبت إلى مكة لما بدأ الثوار في التجمع في المدينة كي لا تضطر، حرجاً من المسلمين اليثاربة، للطلب من الثوار التفرق عن عثمان. وحُوصر عثمان وقُتل على يد الثائرين؛ وتؤكد الروايات أن مقتل عثمان أثلج صدرها في البدء، لكن ما إن علمت أن علي بن طالب تسلم الحكم، حتى طار صوابها، وتحركت فيها براكين كراهيتها لعلي مجدداً. لقد أعلنت عائشة حرباً لا هوادة فيها على علي بن أبي طالب بحجة المطالبة بدم عثمان. إنها لحرب تعود إلى الألم الكبير الذي كان يشكله علي كونه زوج فاطمة، وكونه شكك ببراءة عائشة، ووقف ضمناً مع القائلين بالإفك عندما نصح محمداً أن يتركها ويتزوج؛ وسعى للحصول على إقرار يدينها من جاريتها بُريرة.

دخلت عائشة في السياسة، فقادت معارك عسكرية كبيرة، وفي كل ذلك كانت لوعة الألم تحركها من موقف علي الخطير من براءتها. كانت هذه الحرب الدموية بين المسلمين قد أخذت طابعاً فريداً، إنها حرب نشأت عن مسببات كانت لزيجات محمد الأثر الواضح، فإذا كانت بعض القبائل العربية ثارت ضد عثمان بسبب من استفراد قريش، وبالتحديد الأمويين، بالمال والنفوذ، فإن عائشة أشعلت الموجة الثانية من الحروب تصفيةً لآثار تعدد زوجات محمدٍ. وانتقاماً للطعنة التي نالت من كرامتها على مدى شهر كامل عندما أصبحت فيه مضغةً في أفواه اليثاربة. وبعد ثلاثين سنة ردت عائشة على أيام الإفك بحرب سنين، وأجابت على الأقوال القاتلة لها نفسياً بالسلاح القاتل جسدياً لأنصار عدوها علي.

قادت عائشة سلسلة معارك؛ فسيطرت على البصرة برفقة الزبير وطلحة (36 هـ)، ولما حاول علي دحر قواتها لاحقاً، فإن معركةً داميةً وقعت أدت إلى مقتل الزبير وطلحة ـ المبشريْن بالجنة ـ، وتتضارب الروايات عن عدد قتلى المسلمين؛ فأقلّها يقول إن عددهم كان عشرة آلاف. علاوةً على قتلى المسلمين أثناء الاستيلاء على البصرة، والذي بلغ خمسة آلاف.61 وبالتالي كلف حديث الإفك المسلمين خمسة عشرة ألف قتيل على الأقل! وفي نهاية المطاف، بعد هزيمتها في معركة الجمل، فإن عائشة اعتزلت ميدان السياسة؛ لكن أثرها بقي مستمراً، إذ قوضت كثيراً من قوةٍ علي، ذلك أن قواته اُنهكت لحدّ كبير في معاركه ضد عائشة وحليفيها طلحة والزبير، وهذا كان من سوء طالع علي، إذ إن صراعه المسلح مع عائشة زعزع بشكل ما شرعيته بنظر كثير من المسلمين، وسمح ذلك للدعاية الأموية بتوظيف هذه الأحداث للتشكيك بشرعية توليه سدة الحكم.

وربما بقي لحديث الإفك تداعيات متناثرة في سيرة عائشة، لكنها كانت صغيرة وقليلة الأهمية وليس لها دور في التاريخ، مثلما حدث عندما سمعت عائشة امرأة تمدح بنتاً لحسَّان بن ثابت، فإن عائشة قالت إن البنت أهلٌ لكل مديح، إلاّ إنّ أباها حسَّان ليس كذلك.62 لكن هذه الأحداث الصغيرة والمتناثرة تختفي أهميتها مقارنة بجسامة الأثر الذي تتوج في معركة الجمل الأكبر الدامية؛ وأي تداعٍ لحديث الإفك يصغر لدرجة الصفر أمام أكثر من خمس عشرة ألف قتيل من المسلمين.

 

هامش فقهي

               على أساس هذه الواقعة، وآيات الإفك في سورة النور، قرر فقهاء السنة عقوبة قاذف إحدى زوجات محمد؛ فانقسم الرأي إلى قولين:

               القول الأول: إنه يُجْلُد ثمانين جلدة كما ينص عليه القرآن. أما فيما يخص عائشة، فإن كل من يلقى عليها تهمة الزنى يُقتل لأنه رفض قبول النص القرآني، الذي يؤكد براءتها، ويُعتبر كافراً، ولهذا لا يُصلَّي عليه، ولا يُورث. في حين أن منْ سب عائشة بغير تهمة الإفك يُعاقب فحسب.

القول الثاني: في قاذف زوجات محمد، غير عائشة، يقتل بناءً على النص القرآني: < إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً >.63 وإن من سبّ عائشة يُقتل لأن القرآن حذر من العودة إلى القول بالإفك: < يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً، إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ >.64

***********************

1.      الزمخشري؛ البغوي: 24/ 11؛ القرطبي.

2.      السيرة الحلبية: 2/ 607.

3.      الزمخشري.

4.      نسبة لمدينة ظَفار.

5.   ابن هشام: 2/ 298؛ الطبري: 2/ 112؛ تفسير الطبري؛ البخاري على تفسير: 24/12؛ كما حديث 3984؛ مسلم، 6965؛ مسند أحمد، 25158؛ البغوي: 24/ 11.

6.      البخاري على تفسير: 24/12، كما حديث 3984؛ ابن كثير.

7.      البخاري على تفسير: 24/12، كما حديث 3984.

8.      كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس، معروف الرصافي منشورات الجمل، ألمانيا، 2002، ص 371.

9.      الرصافي، 372.

10.   الرصافي، 372.

11.   السيرة الحلبية: 2/ 613؛ الدُّرُ المُستَطَاب، حامد بن علي الدمشقي الحنفي العمادي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996، ص 85.

12.   ثمة مع ذلك رواية مذكورة في المراجع الثانوية عن أن عثمان دخل على محمد، فاستشاره، فأكد له عثمان براءتها (السيرة الحلبية: 2/624).

13.   الرصافي، 374.

14.   ابن هشام: 2/ 301؛ الطبري: 2/ 113؛ البخاري على تفسير 24/ 12، كما حديث 3984، 2565.

15.   الرصافي، 374. والتشديد لنا.

16.   تفسير الطبري؛ ابن كثير؛ السيرة الحلبية: 2/ 614.

17.   ابن هشام: 2/ 300؛ الطبري: 2/ 113؛ البخاري على تفسير: 24/12؛ مسلم، 6965؛ البغوي: 24/ 11. صيغ الخطاب مختلفة حسب المصدر.

18. ابن هشام: 2/ 300 ـ 301؛ الطبري: 2/ 113؛ السيرة الحلبية: 2/ 615 ـ 616. تفسير الطبري؛ البخاري على تفسير: 24/12، كما حديث 3984، 2565؛ مسند أحمد، 25158.

19.   الرصافي، 373.

20.   ابن هشام: 2/ 301.

21.   ابن هشام: 2/ 302؛ البخاري على تفسير: 24/12؛ البخاري على تفسير: 24/12؛ كما حديث 3984؛ مسلم، 6965؛ مسند أحمد، 25158.

22.   سورة النور (24/ 11 ـ 14). يتناول القرآن هذه قضية « الإفك » في سورة النور (24/ 11 ـ 22).

23.   سورة النور: 24/ 15. وكانت عائشة تقرؤها: « إِذْ تَلِقُونه بألْسِنَتِكُمْ من الْوَلَقِ »، وهو استمرارُ اللسّان بالكذب. (السهيلي: ج1/ 49).

24.   السهيلي: ج1/ 41.

25.   البيضاوي، الزمخشري؛ تفسير الطباطبائي.

26.   القرطبي.

27.   سورة النور: 24/ 4.

28.   وقد اُعتبر أن الإشارة في (14) إلى حسان بن ثابت، وأصحابه، كما ثمة من قال بأن المعني هو عبد اللّه بن أبي وأصحابه (ابن هشام: 2/ 303).

29.   ابن هشام: 2/ 302؛ عيون الأثر: 2/ 136.

30.   ابن كثير، القرطبي.

31.   القرطبي.

32.   القرطبي.

33.   الرصافي، 384؛ ورأي ابن القيم في « زاد المعاد » أورده الرصافي في نفس الصفحة.

34.   القرطبي.

35.   سورة النور: 24/ 22.

36. ابن هشام:2/ 303 ـ 304؛ الزمخشري؛ البغوي: 24/ 11؛ البخاري على تفسير: 24/12؛ كما حديث 3984؛ مسلم، 6965؛ مسند أحمد، 25158.

37.   ابن هشام: 2/ 304؛ الطبري: 2/ 114.

38.   السيرة الحلبية: 2/ 621.

39.   الطبري: 2/ 115.

40.   ابن هشام: 2/ 305؛ الطبري: 2/ 115.

41.   ابن هشام: 2/ 306؛ الطبري: 2/ 115؛ السهيلي: ج1/ 49 ـ 50.

42.   الرصافي، 369.

43.   تُسمى أيضاً « المُرَيْسِيع » نسبة إلى ماء لهم.

44.   ابن هشام: 2/ 289 ـ 290.

45.   ابن هشام: 2/ 290 ـ 291؛ الطبري: 2/ 109؛ عيون الأثر: 2/ 130.

46.   ابن هشام: 2/ 293؛ الطبري: 2/ 111.

47.   السهيلي: ج1/ 25 ـ 26.

48.   ابن هشام: 2/ 294.

49. السهيلي: ج1/ 27. أما لماذا نظر محمد إليها، وتملى حسنها، فيقول السيهلي (م.ن.): « لأنها كانت امرأة مملوكةً، ولو كانت حُرَّةً ما ملأ عينَه منها، لأنه لا يُكره النظرُ إلى الإماء، وجائز أن يكون نظر إليها، لأنه نوى نكاحَها ».

50.   ابن هشام: 2/ 294؛ الطبري: 2/ 111.

51.   ابن هشام: 2/294.

52.   السيرة الحلبية: 2/ 587.

53.   أطوار الدعوة القرآنية، ص 843، هامش رقم (2).

54.   السهيلي: ج1/ 32؛ السيرة الحلبية: 2/ 605.

55.   ابن هشام: 2/ 306؛ الطبري: 2/ 115؛ القرطبي.

56.   السيرة الحلبية: 2/ 617.

57.   السهيلي: ج1/ 32؛ السيرة الحلبية: 2/ 605.

58.   القرطبي.

59.   تجده في تفسير الطباطبائي للآيات المتعلقة بالقضية.

60.   عائشة والسياسة، سعيد الأفغاني، دار الفكر، بيروت، 1971، ص 36.

61.   الأفغاني، 220 ـ 221.

62.   ابن هشام: 2/ 307.

63.   سورة الأحزاب: 33/ 57.

64.   سورة النور: 24/ 17.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها