لو حصرنا بشكل مبدئى الأهداف الأمريكية
من غزو العراق نجدها تتمثل فى الأتى:
1- البحث عن اسلحة للدمار الشامل: وهذا الهدف هو ما قدم للامم
المتحدة واحتل صدارة المناقشات واتضح انه اعتمد على تقارير مفبركة
وليست دقيقة ولم يعثر الامريكيون على أى اسلحة من هذا النوع.
2- إسقاط نظام صدام حسين: وهذا الهدف قد تحقق بالكامل وتم إسقاط نظام
البعث وحكم على صدام وبعض معاونيه بالاعدام، وهذا الهدف لا يمكن
تقديمه كمبرر للغزو للأمم المتحدة لأن ميثاق الامم المتحدة يحكمه
مبدأ سيادة الدول وتدخل دولة منفردة لإسقاط رئيس دولة اخرى هو ضد هذا
المبدأ حتى ولو كان هذا الرئيس بفظاعة صدام حسين.ومبدأ سيادة الدول
يجعل الأمم المتحدة عاجزة عن التدخل لحماية الشعوب من بطش جلاديها من
الحكام.
3- محاصرة الإرهاب فى منابعه فى الشرق الأوسط ومنع وصوله للأراضى
الامريكية: وهذا الهدف تحقق جزء منه فقط وهو منع وصول القاعدة
والمنظمات الارهابية الاخرى للاراضى الامريكية. فمنذ 11 سبتمبر 2001
عاثت المنظمات الإرهابية وفى مقدمتها تنظيم القاعدة من اوروبا إلى
اسيا إلى الشرق الأوسط بين مصر والأردن والسعودية والجزائر ولكنها
فشلت فى الأقتراب من الاراضى الامريكية وهذا النجاح هو الذى يقدمه
دائما الرئيس الامريكى لشعبه محاججا إنه قد نجح فى إبعاد الإرهاب عن
الاراضى الأمريكية. ولكن الجزء الأساسى من الهدف لم يتحقق،فالقاعدة
لم تكن موجودة فى العراق تواجدت الآن، وبدلا من محاصرة الإرهاب فى
الشرق الأوسط نجحت الدول العربية ومعها إيران فى محاصرة امريكا فى
العراق بإرسال طوابير من الإرهابيين لضرب عصفورين بحجر وأحد، الاول
ابعاد الإرهاب عن اراضيها والثانى تعطيل لمشروع العراق النموذج
الديموقراطى التعددى المتسامح التى كانت امريكا تود تقديمه لشعوب
الشرق الأوسط لكى يحذون حذوه.خذ مثلا نجاح السعودية منذ غزو العراق
فى تخفيف حدة السخط والعمليات الإرهابية على اراضيها بتصدير هؤلاء
للجهاد فى العراق، أما ايران فتقوم بما هو أكثر من هذا وهو حسب وصف
الجنرال بترايوس قيادة حرب بالوكالة ضد امريكا من الأراضى العراقية
وعن طريق عملائها من المليشيات العراقية وأعضاء الحرس الثورى
الايرانى الذين يعبثون بكثرة فوق الاراضى العراقية، أما سوريا فتمارس
ما هو متفق مع تاريخها المعاصر وهو ممارسة التخريب فى أى مكان تستطيع
الوصول اليه فى دول الجوار وتبحث عن الأسباب السورية لا تجد أكثر من
هواية التخريب مرة لصالح ايران ومرة لصالح المنظمات الراديكالية ومرة
بدون هدف سوى ممارسة العمل الذى تجيده وهو التخريب.
4- حماية تدفق البترول إلى الأقتصاد العالمى: وهذا الهدف جاء بنتيجة
عكسية، فقبل الغزو الامريكى للعراق لم تكن هناك مشكلة فى تدفق
البترول للغرب ولا صدام كان يجرؤا على تحدى العالم فى هذا الاطار،
أما مسألة تقديم العراق كمنتج مرجح لمنافسة السعودية التى جاء منها
15 من 19 ارهابيا الذين ضربوا امريكا فلم ينجح العراق كمنتج مرجح بل
تبذل الولايات المتحدة جهدا مضاعفا لتأمين تدفق البترول من العراق من
هجمات الإرهابيين، أما اسعار البترول فقد تضاعفت تقريبا منذ الغزو
الامريكى للعراق مما ادى الى موجة من ارتفاع الاسعار فى كل شئ تقريبا
نتيجة لهذا الارتفاع الجنونى فى سعر البترول. ومن ناحية اخرى تدفقت
مئات المليارات على الدول البترولية وفى مقدمتها السعودية التى تخصص
جزء لا بأس به من دخلها لتمويل الإسلامية الدولية.
5- حماية أمن إسرائيل: وهذا الهدف غير معلن ولكنه من الاهداف
الرئيسية لمخططى الحرب وأعضاء المجموعة التى هندست للحرب على العراق،
وبالطبع هذا الهدف قد تحقق بتبديل العراق من دولة عدوانية يقودها
مجنون مثل صدام حسين إلى دولة منكفئة على نفسها تفكر فى مشاكلها وإذا
نجح العراق فى تجاوز مشاكله وتعافى فبالتأكيد سيكون دولة مسالمة
لجيرانها ومنها إسرائيل.
6- دمقرطة الشرق الأوسط: وهذا الهدف هو الذى حفز امثالى لتشجيع الغزو
الامريكى للعراق لاسقاط الديكتاتور الفظيع وخلق بيئة ديموقراطية فى
العراق مع الدعوة لتصديرها إلى دول الجوار وتشجيع شعوب المنطقة على
الثورات السلمية ضد الظلمة والدكتاتوريين ومصاصى دماء الشعوب. ولكن
هذا الهدف للأسف لم يتحقق، وللامانة لا تلام امريكا على هذا الفشل
ولكن الأنظمة العربية والشعوب العربية، فالانظمة فعلت كل ما فى وسعها
لإفشال العراق كنموذج وكذلك مقاومة تصدير الديموقراطية إليها بكل
الطرق، أما الشعوب العربية فتدعى إنها تتشوق للديموقراطية وحكم
القانون وفى نفس الوقت تسب ليل نهار الدول الغربية التى تساعدها
وتدفعها لتحقيق هذه الأهداف،إنها شعوب منافقة تتكلم لغة مزدوجة
ويتورط الكثير من أفرادها فى الفساد مع الأنظمة ويتغلل فى اعماقها
الهوس والتطرف الدينى الإسلامى الذى هو فى الواقع ضد الديموقراطية
وضد الحريات ومع قمع المرأة والأقليات وضد الإنفتاح...إنها شعوب
تستحق حكامها.
7- منع إيران من امتلاك اسلحة نووية: وهذا الهدف هو هدف مستجد ويرى
أن تمديد التواجد الأمريكى فى العراق يهدف إلى محاصرة وإحتواء ايران
من التمادى فى السعى نحو إمتلاك اسلحة محظورة، ووجود القوات
الامريكية فى المنطقة وعلى الحدود الايرانية يمثل عامل ردع وعامل
هجومى إذا تطلب الامر إستخدام القوة العسكرية. وكما نرى فإن هذا
الهدف تحت التنفيذ ومن ثم لا نستطيع أن نحكم على مدى تحقيقه.
من هنا يتضح أن بعض الأهداف الامريكية فى
العراق قد انجز بالكامل وبعضها قد تحقق جزئيا وبعضها قد فشل، ولكن ما
يحزننى أن الاهداف الإيجابية لم تتحقق ومنها نشر الديموقراطية
والحريات فى الشرق الاوسط. وانكمشت الأهداف الامريكية من تقديم
العراق كنموذج إلى الحفاظ على العراق المستقر بعيدا عن الحروب
الاهلية والقلاقل الاقليمية . وتبخرت الأهداف الاستراتيجية الكبرى
واصبحنا أمام اهداف تكتيكية صغيرة، ومن يقرأ الاهداف 18 التى وضعها
الكونجرس بالتنسيق مع البيت الأبيض والتى يرغب الامريكيون تحقيقها فى
العراق يحزن لما آلت اليه الأمور ويحزن على التكاليف الباهضة التى
قدمها الشعب الأمريكي من آجل نموذج كل ما يرجونه منه أن يتركوه
مستقرا وبعيدا عن تنظيم القاعدة...فهل يمكن أن يسمى هذا نجاحا أو
إنجازا
كلا إنها الحسرة والآلم ومحاصرة التدهور.
magdi.khalil@yahoo.com
إيلاف