الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

فهان كيراكوس * سوريا * 

  Mvw55hl@gmail.com

غزوة السلطان لجنائن الحِسان

                                                                                                                                                          05/ شباط/ 2007

تتوجه تركيا على الدوام إلى الأمريكيين و الأوروبيين، طالبة منهم تسهيل انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي، و مؤخرا، راحت تخاطب الشعوب الأوروبية بمفردات و عبارات مدنية مؤكدة بِ أنها دولة حضارية ، و أنها تعتمد دستورا علمانيا لا تميِّز بين الأديان و الأعراق و القوميات، إنها تسوِّق نفسها بِ القناع (ماسْك) الحضاري، الإنساني غير آبهة لِ صورتها الحقيقية التي تعرفها أمريكا و أوروبا و العرب أيضا، و دون أن تُعير لِ تاريخها العنصري الدموي أيّ اهتمام، و أنها ماضية في محاولة الغزو هذه  معتقدة بأنها قد أقنعت تلك الدول، و الأهم منها شعوبها التي هي الأخرى تعرف مَنْ هم الأتراك ( سابقا و حاليا ).

هناك إشكالية واضحة في ثقافة الأنظمة الديكتاتورية، و الشعوب التي لم يتسنَّ لها المرور في المجتمع المديني، و التي خضعت لِ حكْم السماء المجهول، و دساتير الجالسين على عروش الكواكب و المجرّات، هذه الإشكالية تكمن في الخلط بين القوانين العلمانية، و القوانين المدنية. فَ مهما حاولت، و تحاول الأنظمة الشمولية، و العنصرية  الإدِّعاء بأنها دولة المواطنية و القانون، إلاَّ أنها لم تستطع، ولا تستطيع إقناع العالم المتمدِّن بادّعاءاتها.

لماذا لا نقرّ، و بكل وضوح و صراحة، بأننا لا نتحمَّل النقد، و لا نعترف بِ الآخر، لا بل، لا مكان في ثقافتنا لِ الرأي الآخر، و لا إمكانية لِ تبيان الحقيقة، أو المكاشفة الصريحة في جوهر القضايا الإنسانية و الاجتماعية و الثقافية. إن من طبعي و طبيعتي ألاَّ أكتفي بطرح الأسئلة و التساؤلات، و إني لست من هواة ركوب الأمواج، و لست من الزاحفين إلى عتبات السلاطين و الأمراء و الرؤوساء، فَ أنا هو الذي دعا إلى تغيير دساتير هذا الشرق العجوز، و في مقدمتها دستور بلادي الحبيب سوريا، إنهم يعرفون ذلك، و هم يعرفون بأنهم قد فعلوا معي ما كان يجب أن يفعلوه، و بالرغم من ذلك، فَ هم أرحم و أشرف بألف مرّة، بل بألف ألف مرّة من هؤلاء البرابرة الذين قتلوا ملايين الأبرياء ظلما و عدوانا، و من كلِّ الأديان و الأجناس. إنهم قتلوا المسلمين قبل المسيحيين، قتلوا العرب قبل السريان و الأرمن، قتلوا اليونان قبل قتل السوري و اللبناني و الفرعوني. إنهم الأتراك، برابرة القرن العشرين بامتياز؛ إنهم هؤلاء القَتَلَة الذين تسلَّحوا بِ سيف محمد لِ قتل أتباع محمد أولا، و لِ السيطرة على الخلافة الإسلامية ثانيا، و التي راحت تشرِّع لهم وحشيتهم و عهرم و استعمارهم لِ البلدان و الشعوب الآمنة في أوطانها. إنهم استباحوا حرمات و كرامات شعوب هذا الشرق.

لقد فعلوا ذلك حقيقة، وتحت أسماع و أنظار العالم أجمع، و ليس هذا فحسب، و إنما بالتعاون و التخطيط مع أعداء الإنسانية و الحياة. إن هؤلاء العنصرين الساديين في ذمّتهم دَيْنٌ لا يمكن التنازل عنه، لأنه ملك لِ البشرية جمعاء.

لقد قدَّمت العنصرية الجرمانية و العنصرية الصهيونية نظريات رهيبة، و سلاحا فتَّاكا إلى هؤلاء البدائيين، بِ الإضافة إلى سلاح العقيدة الإلهية التي لا تعترف بِ الآخر، و هم البارعون في استخدامها، بدءا من سلطانهم الأحمر عبد الحميد، مرورا بِ المجرمين الذين نفَّذوا جريمة العصر، و المتمثّلة في إبادة الجنس، و انتهاءا بِ تركيا الحديثة التي تمارس إبادة الجنس بِ طُرُقٍ تنسجم مع روح العصر، فَ هم يقتلون حين الضرورة، يفعلون ذلك للتطهير العرقي، و قد أخْلَوا كلّ تركيا من أصحابها الحقيقيين من أرمن و سريان و يونان و عرب. إن الدَيْنَ الذي تحدَّثت عنه لم يبق محصورا في الحقّ الأرمني، بل أصبح دَينا لِ الإنسانية في رقاب ورَثَة الامبراطورية العثمانية، فكما وَرِثَ كمال و أعوانه تَرِكة السلطنة و وَرَّثها لِ خلفائه من بعده، فَ هو وريث الدَيْن الإنساني،

و خلفاؤه هم وَرَثة ذاك الدَيْن و الذي ضاعفه عليهم  أبو الأتراك، كمال الذي ركب موجة البلشفية كما فعل أسلافه، حين ركبوا الموجة المحمدية، فَ هو الذي تحالف مع لينين زعيم الثورة و امبراطور روسيا البلشفية، محققا و متابعا لِ ما قام به أسياده من جرائم ضد الإنسانية في البقيّة الباقية من شعوب السلطنة، لا غرابة في ذلك، فَ السيد لينين الذي شَيَّد أضخم سجن لِ الشعوب، لم يشهد و لم يسمع بِ الجينوسايد ( إبادة الجنس ) الذي نفَّذه حليفه البلقاني و أسلافه بِ حَقِّ الأرمن، و على بعد مرمى حجر من حدود امبراطريته التي أقامها تحت شعارات رنَّانة طنَّانة، كَ العدالة، الاشتراكية، المساواة، و هو الذي نقل روسيا القيصرية من مقلبٍ إلى مقلب أشدّ ظلما، فَ كيف له أن يندِّد بِ الجريمة تلك؟

إنها الثقافة حقَّا. ثقافة إلغاء الآخر، ثقافة الحقد و الكراهية، ثقافة الظلم و الظلام و الموت. إنها ثقافة الهمج، ثقافة البدائيين، ثقافة الغزو، ثقافة الغرائز و الوضيعة منها بِ التحديد، و لأن هذه الثقافة حاقدة على الآخر المختلف، فَ أصحابها لا يتعايشون مع المختلف ( ديني، قومي، إثني....)، لذلك يلجأون إلى التطهير الديني و العرقي و القومي و الثقافي ، فَ تركيا قامت بِ قتل و تهجير ملايين من الأرمن و السريان و اليونان لأنهم ليسوا مسلمين

و لأنهم أصحاب الأرض الحقيقيين، إنهم لم يفعلوا ذلك مع الأكراد، بالرغم من أنهم ليسوا أتراكأ، لكنهم مسلمون و لذلك كانوا( الأكراد ) السيف الدامي و البرابرة القساة في ارتكاب المجازر الوحشية ضد الآخر، حتى نساءهم كنَّ يقتلن المتعبين المنهكين في طريق الموت. إنها الثقافة يا قوم، أنْ تنظر إلى الآخر كَ فريسة، و إلى الأماكن و الممتلكات و البشر كَ هدف لِ الغزو دون أيِّ ذنب لِ الأهداف، أنْ تقطع الطريق على القوافل، و تقتلهم و تسرق ممتلكاتهم و تسبي نساءهم و تستعبد أطفالهم، و أيضا دون أيِّ ذنب، إنها قمَّة البدائية، و بكلِّ ما تحمل هذه الكلمة من معان؛ إنها ثقافة العصابات، ثقافة المجرمين، إنهم لا يعترفون بِ الآخر لأنهم لا يعترفون بِ الأنظمة و القوانين، و لأنهم ليسوا سليلي الحضارات التي كانت، و لأنهم لم يعرفوا معنى الاستقرار المديني، لم يعرفوا حدودهم و حدود الآخرين، لم يعرفوا حقوقهم و حقوق الآخرين، و بالتالي لم يعرفوا معنى الحق و الباطل، لم يعرفوا الاحترام و الآداب، و لم يعرفوا من التربية و الأخلاق سوى القتل و الغزو و السبي.

لا عليك يا أيها الصحفي الحر، يا هرانت، يا أيها الأرمني المشرَّد في وطنه الأم، فَ أنتَ هو المليون و النصف الذي قتلهم الأتراك في القرن الواحد و العشرين، إنهم يعيدون قتلكم جميعا في كلِّ مرَّة ينكرون فيها جريمتهم الهمجية في الوقت الذي تعجُّ فيه أرشيفات و مكتبات العالم بِ الوثائق و الإثباتات الدامغة التي تدينهم و تثبت عليهم فعلتهم، ومن جملة تلك الشواهد، هناك كمية لا بأس بها من شهادات أشراف العرب و المسلمين الذين كانوا في وظائف رفيعة و مراكز هامة في السلطنة العثمانية آنذاك، أقصد التاريخ العار قُبيل و خلال و بُعَيد 1915.

أطلب منك يا هرانت أن تبقى حارسا فوق بيوتنا و حقولنا و كرومنا و بساتيننا المسلوبة، أن تبقى حارسا على أحجارنا و آثارنا و أسمال أمهاتنا و أخواتنا و أولادنا، و أن تستر أجساد فتياتنا التي افترستها الذئاب و الضباع البشرية. أطلب منك أن تكتب لِ التركي قصائد الحب و الجمال، و أن تُسمعهم ألحان السماء و معزوفات الملائكة الناعمة، اذهب إلى الله الذي كان غائبا، أو ربما كان متآمرا، و اطلب منه أن يغفر لهم لأنهم لم يروه و لم يسمعوه، لأنه كان غائبا. اطلب منه أن يغمر قلوبهم بالحب و السلام، و أن يغمرهم بِ الموسيقا و ألوان المحبة و السلام؛ إنهم قتلوك يا هرانت لأنك الشاهد في بلادك و بلاد أجدادك، قتلوك لأنك وضعت المرآة أمامهم و لأنك كشفت اختلافك عنهم، قتلوك لأنهم عاجزون عن فهم و قبول تميّزك عنهم؛ أريدك أيها العزيز هرانت أن تملأ سماء أوروبا شَدْواً و غناءا، و أن تدع دماءك تمطر فوق برج إيفيل و هايدبارك و الرايخستاخ، و من ثم انطلق مع النوارس  عبر المحيط فوق بلاد العم سام و لينتثر دماؤك هناك فوق البيت الأبيض، علَّ بضع قطرات مقدسة منها تتسرب إلى مكتبة الرئيس ولسون، لِ تلوِّن النسخة الأصلية من معاهدة سيفر التي بقيت بعهدته منذ / 1920 /، و بالتأكيد أنها قد انتقلت إلى المكتب البيضاوي حيث يعمل الرؤوساء هناك و يديرون شؤون بلادهم و العالم من هناك، و هناك سيعثر الرئيس جورج بوش الابن على زمرة دمك، و سيعلم بِ أنك المليون و تصف المليون أرمني الملفوف بين طيّات تلك المعاهدة المدفونة في قبر جماعيٍّ تحت البيت الأبيض، و ربما يستيقظ ضميره و يطلب من الكونجرس نقل رفاتكم من هناك إلى بلادكم، و ربما ينتفض الجانب الإنساني و المديني في دماغه ليعتذر لكم عن تناسيه و تعاميه عن بشاعة و خطورة ما قام به حليفه البدائي الذي ارتدى بدلةً و ربطة عنق

( عدّة الشغل – النفاق و المراءاة و التمثيل )، إلقِ عليهم السلام  يا هرانت يا أيها العاشق المحب، يا إنسان.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها