الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

فهان كيراكوس * سوريا * 

  Mvw55hl@gmail.com

سوريا في مهبِّ الريح

سوريا / 27/ 3/ 2011

لا أتصوَّر، و لو لِ لحظة، بِ أن تغدو سوريا، بل سوريتي الحبيبة، سوريتي / أنا /، سوريا التي ولدتُ من رحمها، هذه ال سوريا الرائعة بأن تغدو سرابا، أو تنهشها براثن و أنياب الذئاب. حقيقة، لا يمكن أن يحصل ذلك إلاَّ في روحي لأنني قفزت من البرزخ الأول من فوق القوس الملوّن في السماء السوري، و أول جرعة أوكسجين الحياة تنفَّستها من هواء سوريا، و أول صدمة تكوينية بعد خروجي من جوف أمي كانت بين المشيمة و دمائهاعلى بقعة من أرض سوريا، و لقمة الحياة الأولى كانت من صدر أمي التي اتكأت على وسادة في ركن بارد من سوريا الأم، و أول قبلة على خدي و يدي الصغيرتين و جسدي الطري كانت تحت نجوم سوريا، و أول صرخة و مناغاة أطلقتها كانت هنا فوق الأرض الطينية قرب نهر الجغجغ السوري. هذه ال سورية هي مرآتي، هي أرشيف حياتي، فَ كيف إذا ما راح هذا الأرشيف في مهبِّ الريح؟. لي في كل صفحة من هذا الأرشيف( = الوطن ) زهرة مخبَّأة بِ كامل عطرها، كتبتُ على أوراقها رسائل حياتي و يومياتي، الحزينة و السعيدة، الهادئة و الصاخبة، قصص الثورات الدامية وغير الدامية، قصص الانتصارات و الهزائم، قصائد و خواطر، خيالات و أحلام. لي في كل جادة من هذه ال سوريا صدىً لِ صوتي، خيالا لِ صورتي و كلمات لِ قصائد العشق تهوِّم في هواء الأزقة و الساحات، فَ كيف لِ هذه المرآة إذا ما تهشَّمَت؟.
و لكي أحافظ على روحي من التشظي، عليَّ أن أحمي المرآة و الأرشيف( = الوطن ) من التحطّم و الاحتراق، و لِ النجاح في مهمة الإبقاء على الأرشيف سليما و المرآة نظيفا، عليَّ أن أتبع روحي في تجوالها على صفحات الأرشيف كلها، و أنا فاعل ذلك، فَ ها أنذا فوق الصفحات التي طالتها النيران و التي أتت على الكلمات الجميلة التي علَّقها الباشا التركي على أعواد المشانق في مرجة الشام و واحة لبنان، و الصفحة التالية هي تلك التي أكلتها نيران غور، حين أمطر سماء دمشق بِ النار و البارود و الرصاص، و الصفحة الأتية هي تلك التي أكلتها نيران البطل جمال عبد الناصر، حين ذوَّب وردة سوريتي الحبيبة في الأسيد المحرق ( المناضل الشيوعي البطل فرج الله الحلو ) و سكبَ تلك المادة القاتلة في جذور الأزهار المتنوعة في حدائق سوريا العزيزة، و الصفحة التي أتت عليها نيراننا نحن السوريين، فَ هي أشدّ حزنا و قساوة، فَ أكلت نيران الإخوان المسلمين أبرياء من الكفاءات و الشرفاء في شوارع و ساحات و أزقة المدن السورية من مجزرة مدرسة المدفعية إلى اغتيالات البعثيين و الشيوعيين أمثال أبو سلام و أنطوان صرَّاف في حلب، و في الوقت نفسه أكلت نيران البعث الحاكم أبرياء من الإخوان المسلمين في حلب و حماة على وجه الخصوص، و اليوم أحاول أن أطفئ هذه الورقة التي أتت عليها نيران الداخل و أحرقت بضع كلمات غضة و جمل طرية، إني حزين جدا على سقوط الكلمات البريئة و الجمل النقية من صفحات الأرشيف( = الوطن )، لأ، لست حزينا فقط ، و إنما القلب يدمي و العين تدمع و النفس تغضب، و لِ هذا أقول: إن الذي سقط أعزلا، إنما سقط كَ السرو و الزيتون و الزيزفون، و هو بِ التأكيد جوهرة في التاج السوري الآن و إلى أجلٍ غير مسمَّى. إن الذي سقط أعزلا على تراب سوريا قد أسقط معه / بِ التأكيد/ قانون الطوارئ، و قد أنبتَ دمه شقائق النعمان في التراب السوري، و شقائق النعمان هذه هي دم الإله السوري أدونيس رمز القيامة من بين الأموات في فصل الربيع السوري. إذن نحن اليوم نقوم من بين الأموات، و من هذه اللحظة نعتبر كلام السيدة المحترمة الدكتورة بثية شعبان نافذا لِ جهة سقوط قانون الطوارئ و حرية الرأي و الإعلام الحر و تشكيل الأحزاب السياسية الوطنية، و أضيف من عندياتي. ممنوع تأسيس أحزاب على أسس دينية، قومية، عشائرية، طائفية، مذهبية.
أتوجه بِ الشكر لِ السيدة المحترمة بثينة شعبان، و بِ الشكر لِ السيد الرئيس بشار الأسد على هذه الخطوات الوطنية، لأنني منذ هذه اللحظة أعتبر سوريا بلدا ديمقراطيا ذي حكم مدني يرأسه رئيس مدني، و قد أعطانا الحق الكامل في العيش تحت سقف القانون، و عدم الامتثال لِ استدعاءات الدوائر الأمنية المتنوعة، و عدم الرضوخ لِ الإرهاب العسكري و الأمني و السياسي، و أعتبر بِ أن القضاء قد تحرَّرَ منذ هذه الحظة من سطوة الأمن و الحزب و العسكر، و أننا قد أصبحنا أحرارا، و أن العقب الحديدية قد تحطَّمت، و أننا قادرون الآن أن نبحث في تشكيل منتديات، جمعيات، نقابات، و أحزاب حرَّة، و لا حزب فوق كل الأحزاب، و آن الأوان لِ هذه الحكومة الفاسدة بِ أن ترحل، عذرا ليس الرحيل فقط، و إنّما إحالتها لِ المساءلة القانونية في ظلِّ قضاء جديد عادل و نزيه، و بِ الطبع هذا يستدعي ترحيل التركيبة القضائية الحالية، و إخضاعها هي الأخرى لِ المساءلة و المحاسبة، و لأننا أصبحنا أحرارا، نطالب السيد الرئيس بِ أن يتمنى على الهيئات الاقتصادية الدولية بِ الإيعاز إلى المصارف العالمية لِ القيام بِ تجميد و إعادة أموال و سندات و عقارات كل الفاسدين الذين نهبوا أموال الشعب و جوَّعوا أبناءنا و لوَّثوا حليب أطفالنا، و شَرَّعوا الاختلاسات و الرشاوي والأتاوات. من واحة الديمقراطية و الكرامة الإنسانية ( أنا شخصيا سَ أمارس حياتي / لِ التوِّ و اللحظة / على هذا الأساس )، من كلِّ بقعة عزيزة على قلوبنا من سوريتنا الغالية، نناشد السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد بِ أن يقود هذه الثورة السورية الكبرى، بل العظمى، حفاظا على سلامة الوطن من التشظّي و الانهيار، و ذلك بِ الحوار مع الشعب من خلال ممثليهم لِ يُصار إلى الهدم و البناء، التفكيك و التركيب، بدءا من رأس الدولة إلى أصغر خلية فيها، و نحن نعلم بِ أنَّ المسألة سوف لن تتمَّ بِ عصا سحرية و في ليلة و ضحاها، و ليكن، فَ المهم هو أن نبدأ فورا، فَ الرسالة قد وصلتْ، و لا نريد المزيد من العنف، و لا نريد أن يتمَّ اختطاف أرواح أبنائنا الأبرياء الشهداء من قوى و جهات تضمر الشرّ لِ وطننا الحبيب و الغالي سوريا الأم.

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها