الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

فهان كيراكوس * سوريا * 

  Mvw55hl@gmail.com

الثورات تأكل أولادها


- 11/3/2011
 

و لأنها تأكل أولادها، فَ أنا لست متفقا مع توصيف ما جرى و يجري في هذه الدول المتفسخة، التي تحولت إلى عار على جبين مواطنيها، أو بِ الأصح على جبين الساكنين ضمن حدودها، لأن لا مواطنية في ظلّ هذه الأنظمة الفاسدة إلى حَدِّ النتانة ، هذه الأنظمة ذات الصور الأزلية الأبدية المملّة إلى حَدِّ القرف، لست متفقا على تسمية ما يجري بِ الثورات، إلاّ في واحدة منها، و هي ليبيا، و سَ يمزِّقون بعضهم بعضا؛ في كلِّ الأحوال يبقى عام / 2011/ المحطة الرابعة لِ رحلة شعوب الشرق ( بِ المعنى الثقافي) و هنا أقصدنا، نحن الناطقين بِ الضاد من آسيا و أفريقيا، لأن هناك أمم و شعوب أخرى تشبهنا، أيضا من آسيا و أفريقيا، مضافا إليها أمريكا أل لاتينية.
المحطة الأولى كانت في الحروب العنيفة التي دارت رحاها بين الإمبراطوريات الغازية و الإمبراطوريات المحلية (=السومريون, البابليون، الأشوريون، الآراميون.....)، فَ ملوك أورارتو غزوا المنطقة، و تعاقبت عليهم مملكة الميديين، و الإمبراطورية الفارسية التي قضت على الإمبراطورية الآشورية ،و قام كورش بِ إعادة بني صهيون المسبيين، أولاد العمومة، إلى ديارهم، ثم جاءت جحافل الاسكندر و من بعده ورثته قواد جيوشه، سلوقوس و بطليموس اللذان اقتسما بلاد الشام و بلاد النوبة، و من بعدهم الرومان ثم ملك الملوك ديكران الكبير و مجددا الرومان، إلى أن غزتْنا الإمبراطورية الإسلامية و استعمرتنا تحت حكم خلفاء مختلفين إلى أن تفككت في عهد العثمانيين الذين احتقروا العرب أبشع احتقار، و أذلّوهم شَرَّ إذلال.
المحطة الثانية، بدأت مع الاستعمار و الانتداب على دولنا الوطنية التي شكّلتها تقسيمات سايكس – بيكو، أما المحطة الثالثة، فَ قد دشَّنَتْها الانقلابات العسكرية الدموية و غير الدموية، و نحن نعيش اليوم في قلب هذه المحطة المرعبة، سماتها و صفاتها هي الآتي.
أنظمة توتاليتارية قمعية دموية تتحكم فيها حفنة، أو زمر مافياوية إرهابية لها رموز في جميع مفاصل السلطة و الدولة، إنهم يسوقون البلاد و العباد بِ الحديد و النار، و بِ التحالف الوثيق و الحميمي مع بني إسرائيل ( شعب الله المختار= خير أمة أخرجت لِ الناس ) و ذلك من خلال نظرية التخوين و العمالة، و فلسفة الصراع الوجودي ضد دولة إسرائيل.
و المحطة الرابعة التي تمَّ وضْع الأساس لِ بنائها في بداية / 2011 / جوهرها واضح، عل الأقل من وجهة نظري، ألا و هو استرداد الكرامة الإنسانية، النظر إلى الأفق و ليس لِ الخلف، رَفْع الرؤوس و ليس خفضها لِ الأسفل، قَوْل " لأ " لِ الخوف، " لأ " لِ الإرهاب الأمني المخابراتي، " لأ " لِ التمييز بِ كلِّ أشكالها، و بِ كلمة واحدة " لأ " ( مش ماشي الحال )؛ فَ هذه المحطة هي محطة استيقاظ إنسان الشرق و اكتشافه لِ العبودية التي هو فيها، في هذه المحطة قرَّرَ أن يكون إنسانا حرّا كريما. إنني واثق من أنَّ هؤلاء الشابات و الشباب خرجوا لِ يقولوا بِ أننا بشر، بني آدمين، و لسنا نعاجا أو خرافا أو عبيد. إذن نحن الآن دخلنا في المحطة الرابعة، المرحلة الرابعة، المرحلة الرابعة لِ رحلة شعوب الشرق، فَ كما لاحظنا من السرد الخاطف لِ المحطات التي مرَّت فيها شعوب هذا الشرق بِ أنها كانت طويلة، فَ كل مرحلة كانت تستغرق عقودا و قرونا من الزمن، فَ بِ التأكيد هذه المرحلة هي الأخرى سَ تأخذ وقتها اللازم و الكافي كي نجتازها إلى المحطة الخامسة، المرحلة الخامسة، و التي سَ تشهد قفزتنا الملوَّنة في الهواء، حيث الانفلات من قيود السماء ( رسلها، أنبياءها، حرَّاسها، طغاتها، و جلاَّديها( .
بِ العودة إلى المرحلة الرابعة، المرحلة الراهنة التي نعيشها الآن و هنا. إننا شهدنا تجربتين راقيتين من جانب شابات و شباب تونس و مصر المحتجين، فَ بِ الرغم من الهمجية التي مارستها أجهزة المخابرات و الشرطة و أزلام الأنظمة، فَ إنَّ المحتجين كانوا في قمة رقيهم، إذْ واجهوا الرصاص الحي القاتل بِ صدورهم العارية، كما أنهم حافظوا على النظام العام و على ممتلكات الدولة، و لم يحملوا السلاح بِ الرغم من الإمكانية و الفرص المتاحة لهم لِ فعل ذلك؛ فَ لكم أنحني، و لِ أخلاقكم و شجاعتكم أنحني، بِ الرغم من القمع و القتل الذي يمارس ضدّ شابات و شباب مصر الذين كانوا جزءا رئيسا من حركتكم الراقية، فَ هذا المشهد الدموي المخزي هو من مفردات المرحلة الرابعة، و قد بدأت بسرعة غير متوقعة، وأرفع القبعة و أنحني لكم يا شابات و شباب مصر الجديد العزَّل، إنكم تطالبون بِ مبدأ المساواة الإنسانية مع إخوانكم و أخواتكم الإجيبتيين ( المصريين ). أبقوا في الساحة لا تغادروها، استمروا بِ احتجاجاتكم السلمية الراقية على الظلم و التمييز على أساس الثقافة و العقيدة و لا بدَّ من انضمام إخوتكم و أخواتكم الراقيين (الذين رفضوا معكم بِ الأمس الذلّ و الظلم و الإنكسار) إلى صفوفكم دفاعا عن الحق و المساواة الإنسانية بِ صرف النظر عن اللون و الجنس و الدين و العرق و.......إلخ من الولاءات.
هذه المرحلة بدايتها هي إسقاط رأس النظام، و مسارها سَ يكون بناء مجتمع ديمقراطي يعتمد مبدأ تداول السلطات سلميا، و إنشاء أحزاب و منظمات و جمعيات و نقابات حرَّة و تحت سقف القانون. مجتمع يحمي حرية الرأي و التظاهر و الإضراب دستوريا، سَ يتم بناء مجتمع علماني شبيه بِ المجتمع التركي، طبعا إلى أن نصل لِ الشبه التركي، سَ يأخذ حقبة تاريخية، و بعد الوصول إلى ذاك النموذج، سوف تبدأ المرحلة الخامسة، و التي سَ يكون الصراع، أو التناقض المجتمعي قاسيا، عنيفا، و قد يؤدي إلى مواجهات دموية رهيبة لِ تحقيق القفزة الملَّونة. لدينا أمثلة من جغرافيات مختلفة كَ أندونيسيا و تركيا و إيران، فَ هذه الدول ( المجتمعات ) هي في المرحلة الرابعة، و التناقض المجتمعي فيها واضح و صارخ، حيث الصراع فيها محتدم منذ عشرات السنين، و قد يطول أيضا لِ عشرات السنين و سَ يقتلون بعضهم بِ شراسة، و لكن الأمر المؤكد و الحتمي هو في حصول القفزة الملَّونة لِ جميع الشعوب و المجتمعات التي لا زالت في مراحلها البدائية، ثقافيا، اجتماعيا، عقائديا، و جنسيا، لأن دون تلك القفزة الملَّونة سَ نبقى في الحضيض، و يعمينا اللون الواحد، و اللون الواحد هو العماء بِ عينه.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها