الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

فهان كيراكوس * سوريا * 

  Mvw55hl@gmail.com

رؤساؤهم و طغاتنا

 22/ 12 /2008

ودَدْتُ قبلاً أن أقارن بين طغاتهم و طغاتنا، لكن اليوم لم أجد طاغية، أو مستبدا واحدا  لديهم، و لذلك لم أشأ الخوض في البحث و المقارنة بين الأحياء و الأموات. الأموات هم طغاتهم و الأحياء هم طغاتنا، أمَّا الموضوع الذي اعتمدته، فَ لا تغيير فيه إلاَّ من جانبهم، فَ أمواتهم كانوا طغاتا، و أحياءهم أصبحوا رؤساء، أمَّا نحن، فَ أمواتنا كانوا طغاتا، و أحياؤنا هم أيضا طغاتا، و لو أردتُ إجراء مقارنة سريعة بين طغاتهم و طغاتنا، فَ حتى هؤلاء لا يشبهون أولئك، في الوقت الذي يجب أن يكون جميع المستبدين متشابهين، بِ الطبع أنا لا أقصد المتشابه و المشترك بينهم في المسائل الحياتية الغرائزية التي نحن أيضا / عامة الناس/ نشترك معهم، أو نشبههم إلى حدٍّ ما، أو بِ قدر ما تسمح لنا الفرص و الإمكانانيات. فَ المستبد هو الذكر الأقوى بين الذكور، يستحوذ على قطعان من الإناث – اللائي لا حول لهن و لا قوة – و هو صاحب القصور الفارهة و الموائد العامرة، صاحب المزارع و البساتين و آبار النفط و مناجم الذهب و هواء السماء و مطر الشتاء، و هو القاضي الأول و المعلم و الفنان الأول و الرياضي و البطل الأول، و بِ كلمة، هو الأول و الأخير. هذا المتشابه بينهم و بيننا، أمَّ غير المتشابه، فَ هو في النبل و الكرامة و الرجولة و البطولة، حيث الطغاة الذين ينهزمون في الحروب، و تتعرض أوطانهم لِ الدمار، أو الاحتلال، قَلَّما تجد واحدا من هؤلاء يبقى على قيد الحياة بِ إرادته، فَ هو ينهي حياته منتحرا بِ السم أو بِ طلقة رصاص يرسلها في فمه، و إذا لم تكن الهزيمة مدوية و مدمِّرة، فَ الضريبة الدنيا هي في سقوط النظام بِ شكلٍ مدوٍّ، هذا يحصل عندهم، أمَّ عندنا، فَ الهزيمة لها فلسفة خاصة بنا، و هي خاضعة لِ الدراسات الأكاديمية من عدة نواحي، و في رأسها تأتي الناحية الوطنية، و تتبعها النواحي السياسية و الاجتماعية و العقائدية و الدينية؛ لِ نتذكر و نذكِّر هزيمة السلطنة العثمانية و النتائج الجيوسياسية التي ترتَّبَت على تلك الهزيمة الفاقعة الفاضحة، و كيف تصرف أمراء الحرب آنذاك من طلعت و أنور و جمال و غيرهم؛ هؤلاء بدل أن تضرب النخوة الرجولية في رؤوسهم / و خاصة أنهم ينتمون إلى ثقافة الشرق العنفية الذكورية / و ينهوا حياتهم بِ نبل و فروسية لأنهم خسروا الحرب و تسببوا في مقتل الملايين من الشبان و اليافعين و الشيوخ و الأطفال و النساء، راحوا يفرّون متسللين متنكرين إلى حيث الملذات و الحياة الماجنة حاملين معهم منتهبات الشعوب المنكوبة بِ طاغوتهم و ظلمهم الهمجي، و النتيجة كانت، أنّ الذين ذاقوا مرارة الموت و التعذيب و التشريد، كانوا لهم بِ المرصاد، إذْ تمَّ اصطيادهم واحدا واحدا في ملاجئهم حيث اقتصَّت العدالة الإنسانية منهم بِ القتل لَ طالما هم لم يفعلوا، و بِ المقابل نجد كيف أنَّ هتلر، هذا العريف النمساوي الذي أصبح الحاكم المطلق لِ الرايخ الألماني الثالث، و الذي تسبَّب في مقتل 17 مليون جندي و 18 مليون مدني في حربه المجنونة التي دمَّرت دولا و مدنا بِ الكامل، و بِ صرف النظر عمَّا تسبَّبَ به، فَ هناك موقف الرجل الفارس المقاتل النبيل، إذ أنه في  30/ نيسان/ 1944 تزوج عشيقته إيفا براون و قتلها بِ السم ثم أطلق في فمه طلقا ناريا، و في المخبأ نفسه وضع غوبلز السم لِ إمرأته و أطفاله الستة قبل أن ينتحر هو شخصيا بِ السم ذاته، و ينتحر هملر الذي أسره البريطانيون بِ السم أيضا. إنه( هتلر) كان صادقا و وفيا مع ذاته و فلسفته و نازيته، و كان قد قال  يوما: " إذا خسرنا الحرب فَ إنَّ على الأمة أن تهلك. هذه إرادة القدر. لا فائدة من السعي إلى أية عملية من عمليات الإحياء حتى أكثرها بدائية... إن الأفراد الذين سَ يبقون بعد نهاية الحرب سَ يكونون مخلوقات متخلفة منحطة، ذلك لأن النخبة سَ تنتحر".

بِ الطبع هذا يأخذنا إلى العراق و صورة قادته بعد خسارتهم الحرب أمام جيوش الحلفاء، إننا رأينا كيف تحوَّلوا إلى شخصياتهم الحقيقية بِ جلاليبهم و دشاديشهم و شماغاتهم و منطقهم الشرقي البدوي العصابي، و رأينا المشهد المخزي لِ الرئيس صدَّام حسين ( رحمة الله عليه ) حين أخرجوه من جحره مغبرا موسَّخا، و كيف أنه ظهر مشوَّشا أثناء الكشف الطبي الذي أجراه عليه الطبيب الأمريكي. حقيقةً، أنا تأثَّرتُ كثيرا لِ ذاك المشهد، و وجدتني متعاطفا إنسانيا مع الرجل في حالته البائسة تلك، و تساءلت فيما بعد، ألم يكن أفضل له لو أنه تصرَّف كَ زميله النازي المخلص لِ عقيدته؟؟.

سَ أترك المقارنة بينه و بين هتلر قائما، لا بل أضيف صورة أخرى إليها، و هي من أفغانستان، فَ طالما شَنَّت حكومة الطالبان الحرب على أعظم و أقوى دولة في العالم في 11/ سبتمبر/2001 بِ الهجوم الهمجي الغادر على المدنيين و قتل أكثر من 3000 مدني لا ناقة لهم و لا جمل في حربهم المقدَّسة، و حين ردَّت أمريكا على الطالبان هجومهم و احتلوا أفغانستان و فكَّكوا دولتهم الدينية و نظامهم الظلامي الإرهابي، لم يقدموا على الانتحار، لا بل لم يقرّوا بِ الهزيمة، و راحوا ملتجئين إلى مغاور و كهوف تورا بورا و إقليم وزيرستان المنفلت من القانون و النظام، هنا أيضا أقول: أين نبلهم و فروسيتهم و إخلاصهم لِ عقيدتهم مقارنة مع الطاغية هتلر؟؟؟.

أما إذا أخذنا رؤساءهم و طغاتنا – عفوا رؤساءنا-، فَ في حرب الفوكلاند بين انكلترا و الأرجنتين التي اندلعت و في منطقة محدودة، هي جزر الفوكلاند في ثمانينات القرن المنصرم، طبعا البوارج البريطانية هي التي ربحت الحرب، و النتيجة كانت سقوط الحكومة في الأرجنتين بِ سبب خسارتها الحرب، و في أمريكا، خسر الحزب الجمهوري الرئاسة بِ سبب العقبات و العثرات التي واجهت القوات الأمريكية في العراق، و في فرنسا، لقد فاز ساركوزي بِ الرئاسة بِ سبب هزيمة جاك شيراك و مَن يمثِّل أمام الإرهابيين في الداخل، و بِ سبب ميوعة مواقفه و إدارته مع الحكومات و الميليشيات الخارجة على القانون الدولي؛ أمَّا رؤساءنا

/ أطال الله بِ أعمارهم / فَ إنهم يزدادون صلابة و شعبية بعد كلّ هزيمة في الحرب، فَ المرحوم جمال عبد الناصر، و بعد هزيمة حزيران 1967 أمام دولة إسرائيل، تقدم إلى الشعب بِ الاعتذار و الاستقالة، لكن هيهات، فَ متى يترك هذا الشعب الأبيِّ قائده الملهم أن يتنحَّى عن الحكم؟ و لذلك هبَّ الشعب فَ خرج بِ الملايين إلى ساحات و شوارع القاهرة متوسلين بِ آهاتهم و دموعهم ألاَّ يترك الحكم، و أجبروه ( يا سلام، الشعب يجبر الرئيس!!) على العودة إلى الحكم، و أنا بِ دوري سَ أترك ذاك الحدث التاريخي لِ الأخوة المصاروة لِ يقرِّروا فيما إذا كانت مسرحية مخابراتية متقنة، أم كانت حقيقة الرغبة الشعبية العفوية على قبول الهزيمة و ابتلاع الإهانة لِ أجل عيون القائد؟!.

و لاستكمال نتائج حرب أل 1967 هناك شقّ يتعلق بنا نحن أيضا في سوريا، فَ الهزيمة استبدلناها بِ النكسة، و الحكومة لم تسقط، و إنَّما قامت بِ تصحيح خطّها و مسارها في 1970 استعدادا لاسترداد الكرامة الوطنية، و كرامة الأمة، و ردّ الصاع صاعين لِ دولة إسرائيل، و كان ذلك اليوم التاريخي و ذاك الوعد الصادق في 6 / تشرين / 1973 حيث هجمت الجيوش العربية من المحيط إلى الخليج هجمة الأسد الهصور على الكيان الصهيوني الغاصب، و تمَّ الانتصار التاريخي الساحق على هذا العدو، هكذا قالوا لنا، و هكذا يفعلون إلى هذا اليوم في ذكرى حرب تشرين التحريرية، و رحنا نتساءل ماذا حرَّرنا، و أيّ أرض حرَّرناها بِ قوة السلاح، ثم إذا كنا فعلا ألْحقنا هزيمة بِ إسرائيل في 1973 فَ لماذا كانت اتفاقيات كمب ديفيد، و كيف بقيت السيناء و الجولان تحت الاحتلال إلى ما بعد أل 73؟ إذن ماذا حرَّرنا قبل كمب ديفيد و واي ريفر، و على ماذا نجري اتصالات سرية و غير مباشرة مع إسرائيل؟.

 و لِ نذهب إلى لبنان الجريح، و نعدِّد انتصاراته على العدو الإسرائيلي، فَ في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم انتصر لبنان بِ طرده قوات الاحتلال الإسرائيلي من العاصمة بيروت التي كانت قد احتلتها تحت أنظار قواتنا الباسلة، و أنظار ضباط و مخابرات دولة الخميني المنتشرين في لبنان و خاصة في كانتون حزب الله في الجنوب / أمَّ حقيقة الأمر، إنهم انسحبوا من تلقاء ذاتهم و وفقا لِ مصالحهم الاستراتيجية/، و الانتصار الثاني كان ( إنْ لم أكن مخطئا ) في بداية القرن الواحد و العشرين، حين انسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب تنفيذا لِ قرار الأمم المتحدة، بِ الطبع نحن رحنا نؤلف ملاحم و بطولات و أساطير و أناشيد حول ذاك الانسحاب الذي حوَّلناه إلى هزيمة لِ الجيش الإسرائيلي و انتصارا لِ ميليشا حزب الله، أمَّا الانتصار الثالث، فَ كان في 2006، حين شَنَّت إسرائيل الحرب على كل لبنان، بعد هجوم حزب الله على جنوده و قتله بعضهم و أسر البعض الآخر. في الانتصار الإلهي الذي أصرَّ السيد حسن بِ أنه قد حصل فعلا، و الذي أكَّده الرئيس الإيراني السيد أحمدي نجاد، و الخامينائي مرشد الثورة، حاول العالم معرفة المسافة و المساحة التي احتلتها ميليشيا ولاية الفقيه خلف حدود لبنان، أي في العمق الإسرائيلي، و أيضا حاولوا إحصاء عدد القتلى و الأسرى الإسرائليين لدى حزب الله، لكن، و لِ العجب، فَ نحن رأينا قوات اليونيفيل على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، و شهدنا إجلاء (و لن أقول طرد ) مقاتلي حزب ولاية الفقيه إلى العمق اللبناني و مُنِع رمي حتى الحجارة من هذه الحدود على شمال إسرائيل، أي أن ميليشيا الحزب حُرِم من الحدود مع دولة إسرائيل (رخصة سلاحه ومقاتليه أمام اللبنانيين ). هذا هو النصر الإلهي الذي سَ يُدَرَّس في مناهج كتائب و ألوية حزب الله، و مناهج العقيدة العسكرية لِ الأنظمة الاستبدادية العقائدية و القومجية المسيطرة على شرقنا الحبيب، فَ هذه الثقافة العُصابية النرجسية هي التي تخلق أجيالا مشوَّهة مشلولة  مخبولة في أدمغتها، و نشِطة في جذعها السفلي، هذه الثقافة بِ ذاتها هي التي حوَّلت و تحوِّل أصحابها إلى مجرَّد كائنات حيَّة تعيش كَ غيرها من الأنواع الأخرى على حاجتين غريزيتين لا أكثر، و هي الجنس و الطعام، التوالد و الاستهلاك، أمَّا ما يتعلق بِ العقل و الخيال و الروح و العاطفة و الابداع، فَ لا علاقة لنا بِ كلِّ تلك الترهات، فَ هي جميعها تدخل في الخطة الاستعمارية الغربية الخبيثة لِ دَفْعِ أنظمتنا إلى المزالق، و تخريب ثقافتنا و القضاء على تراثنا و تاريخنا و عاداتنا و تقاليدنا، فَ إلى الجحيم رؤساءهم، و إلى النعيم و الأبدية طغاتنا.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها