الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

فهان كيراكوس * سوريا * 

  Mvw55hl@gmail.com

لبنان أخطأ في العنوان

سوريا* 31/01/2008

 

و لأن العنوان خطأ يا عشق الروح، فَ الأحلام أمسَتْ كوابيس تقضُّ المضاجع، و تحرم العيون من الدفء و الأمان، فَ الإله قد أنزلكِ  في المكان الخطأ بعد أن أرسل أنبياءه العنيفين المقاتلين إلى هذه الجغرافيا المنكوبة المبتلية بِ البارانويات و الفوبيات، بِ هرمون الفزع و الرعب و الغضب و العنف، بِ ثقافة الحقد و الكراهية و العنصرية، ثقافة الموت و القتل و الجنس المباح. لقد أخطأ الله حين أعاد جلجامش من غاباتكِ و ظلال أرزكِ المقدَّس خائبا حزينا، و خاصة بعد أن قَبَضَ على روح صديقه أنكيدو و جعله يتأمل جثمانه المسجَّى على العشب و هو مَيْتٌ، و عندها صرخ بِ أعلى صوته موجها كلامه إلى السماء:" الأرزاء تأكل أحشائي، ألا أكون مثل أنكيدو...؟!!!"

بالطبع لم يسمح له الله بِ أخْذِ عشبة الخلود معه، و لا حتى ابتلاعها لحظة الحصول عليها، و جعل الأفعى تأكلها لِ تُعَمِّر طويلا و تجدَّد لبوسها كل عام مرة واحدة؛ لقد أخطأ الله حين قضى على شقائق النعمان في سهول و حقول لبنان، حين دَمَّر مسرح فينيق و منع الاحتفال بِ كرنفالية  أدونيس العاشق الحبيب المتجدِّد المجدِّد للحياة، لقد أخطأ حين دفع هذه العروس إلى أحضان، بل إلى أنياب الغزاة و سمح لِ هؤلاء الهمج بِ انتهاك حرمتها و إطفاء شمعتها، و تدنيس ثيابها و عتبات مخدعها المقدَّس.

لبنان، يا حبَّ الحبِّ، يا فرح الحبِّ و حبَّ الفرح، يا روح اللحن و صوت الروح، يا غناء السلام و سلام القلب، أنتِ نَفَسُ الرب و روحه،أنتِ هواء الأرض و السماء، و رطوبة الضباب و ندى الربيع؛ يا لبنان يا طفلة الرب، يا لحن السماء، يا ضوء العيون؛ أنتِ بللورات السماء التي تجمَّعَت معبدا لِ العشَّاق و محرابا لِ المحبين في ساحات هذا الشرق المظلم، الشرق الذي أطفأ كلَّ شموع الشعراء و كسَّرَ كلَّ قيثارات العازفين، حرق كتب الفلاسفة و المفكرين و المبدعين؛ كيف سَ يُسْمَحُ لكِ بِ البقاء و الاستمرار و أنتِ الهَرَم الكريستاليِّ الذي يعكس ضوء الشمس من مبدأ شروقه حتى آخر نقطة في حمأة الطين الذي ينزل فيها هذا الشمس البائس. وجودكِ سَ يجعل الضوء سائدا و الظلام غائبا و الضواري هاربا( لِ ضرورات القوافي)؛ كيف لكِ أن تبقين منارة وسط هذا الظلام و الظلاميين الذين يكرهون الضوء، وسط حفَّاري القبور و جزَّازي الرؤوس، كيف لكِ أن تكوني الأبواب و النوافذ المشرعة على نقاء الهواء و نور النهار في هذه المجتمعات المغلقة الحاقدة الكارهة لِ الجمال و النقاء و العقل و الحياة، المجتمعات التي تتطفل على الحياة لِ تقتلها تماما كما المايكروبات و الجراثيم و الطفيليات، تعيش على جسد و دماء الآخرين و تقتلهم في النهاية، و تكون هي قد أُشْبِعَت من دماء الضحية.

لقد أخطأ الله حين لم يسمح لِ ( العروبة) و الإسلام بِ القضاء المبرم على بعلبك و تراث جبران و الرحابنة، حين لم يسمح لهم بِ استئصال حنجرة المبدعة العزيزة هبة قوَّاص و سفيرتنا العزيزة إلى السماء فيروز الغالية، و المرحوم نصري شمس الدين، و قَتْلِ حنَّا السكران؛ لقد أخطأ في عدم السماح لهم بِ حَرْقِ كتب  أبو ماضي و سعيد عقل؛ أخطأ في عدم السماح لهم بِ إمحاء لبنان من الحياة كَ حجر عثرة في طريق الاجتياح الأكبر، الغزوة الكبرى. إني أشكُّ في ممانعته لهم بِ حَرْقِ هذه الصفحة البيضاء و إطفاء هذه الشعلة المقدَّسة، أعتقد  بِ أنه  متواطئٌ معهم و مع جيرانهم ( بنو إسرائيل)، و إلاَّ لماذا أخذ عشبة الخلود من جلجامش، بعد كلّ ذاك التعب و الشقاء، و أعطاها لِ الأفعى؟!، أليست الأفعى هي أمة إسرائيل كما يقولون في الأحاديث و الخطب و التكيات و الندوات، أليس بِ سبب تلك العشبة تتجدَّد إسرائيل و تجَدِّد لباسها، و نحن نؤكد ذلك حين نقول عنهم أولاد الأفاعي و القردة؟!! 

إنَّ الله متآمر مع العروبة و الإسلام و اليهود لِ إطفاء شعلة المحبة و التسامح و الحياة، متآمر لأن وجود و بقاء لبنان المنارة، لبنان الرسالة، لبنان المحبة و المدنية تفضح إدعاءات جيراننا و أولاد عمومتنا اليهود، بِ أن لا أحد يتقبل الآخر، و لا أحد يتسامح مع الآخر، و لا يلتزم بِ القانون المدني و حقوق الإنسان و حرية الفكر و الرأي و العقيدة سوى دولة إسرائيل، و من جهة أخرى تفضح هؤلاء الظلاميين العروبيين الإسلاميين الذين لم يوفِّروا صوتا حرَّا، و فكرا نيِّرا إلاَّ و اغتالوه. إنهم غَزَوا  معابد عشتار و بعل و آدون، و خنقوا كلَّ صوت يرفض الإذعان لِ الاستعمار العروبي، و تمهيدا لِ إبادتهم، راحوا يطلقون الشعارات القومجية الأصولية العنصرية بدءاً من قائد العروبة و ثورتها الناصرية، السيد الرئيس المرحوم جمال عبد الناصر، الذي خرج من تحت عباءة الإخوان المسلمين، هو و نائبه السيد الرئيس المرحوم أنور السادات،  متهمينهم بِ الإنعزالية و الطائفية و العمالة و الخيانة، في حين أن السبب الحقيقي هو في تشبُّثهم بِ أصولهم الأثنية و الثقافية كَ كلِّ قوم على وجه الأرض. إنَّ النهج الأصولي العنصري الشوفيني ظلَّ مطبَّقا على اللبنانيين، بل على المسيحيين منهم، في عهد الوصاية السورية على لبنان، النهج الذي أدَّى ( و كما كان مخططاً من قِبَل هذه الأمة ) إلى تهميش و تهجير المسيحيين من بلادهم، و إلى التغيير الديموغرافي الرهيب، و ذلك من خلال تجنيس مئات الآلاف من المسلمين على حساب المسيحيين.

إنَّ الله متآمر معهم، لأن إسرائيل سَ تكون هي الدولة المنارة في هذا الشرق المظلم، و أمة العروبة و الإسلام سَ تكون هي الدولة المتخمة بِ المناسف و المناكح ( هنا على الأرض، و هناك عند الله ).

أعتقد بِ أني أخطئ حين أقول بأنه ( = الله)  متآمر معهم، و لسبب بسيط و هو أنه الإله الوحيد لِ الطرفين النقيضين ظاهريا و الشريكين الحميمين جوهريا، ألسنا نردِّد، أو بِ الأحرى، ألا تردِّد أمة الإسلام و العروبيين، و إلى هذا اليوم:( لا إله إلاَّ الذي تعبده بنوا إسرائيل)، ألم تردِّد هذه الأمة الغارقة في السبات السبعيني، إنَّ الأنبياء من سلالة بني إسرائيل؟!، و سوف يبقون يردِّدونها و معها أيضا ( أنهم شعب الله المختار) إلى يوم القيامة، و سيبقون يعاندون و يجاكرون الحياة بِ ترديدهم هذا الشعار العنصري ( كما اليهود):" بِ أنهم خير أمة أُخرجت للناس/ شعب الله المختار"!!!!

إنَّ هذه الشعارات، أو الإدِّعاءات، إنْ هي إلاَّ شعارات عنصرية، مولِّدة لِ الحقد و الكراهية تجاه المختلف، فَ اليهود يعتبرون الشعوب الأخرى من الغوييم، منزلتهم كَ منزلة البهائم، و ممنوع على الغوييم ( الآخر، أي نحن)

الزواج من فتاة يهودية، و اليهودي إذا تزوَّج من فتاة من الغوييم، فَ بِ الضرورة و الحتم أن تتهوَّد و بِ التأكيد الأولاد سَ يكونون يهودا، و نفس هذه العنصرية و الحكاية هي لدى الإسلام، و يضاف إليها جرعة زائدة من العنصرية، و هي أن غير المسلم / الآخر، أي ( و بكلِّ أسف ) نحن/ هو نجس،  و إلاَّ ماذا يعني أن تمنع السعودية دخول غير المسلم إلى مكة و يثرب ( المدينة)؟؟!!، و أنهم تعاملوا مع رئيس و زعماء و قادة الأحزاب المسيحيين بِ هذه العنصرية حين أجبروهم على إبرام إتفاقية الطائف في الطائف و ليس في مكة أو يثرب، و هنا نطرح السؤال التالي، لماذا الحوار بين المسلمين يتم في مكة، كَ الذي رعته المملكة بين فتح و حماس، أما إذا كان أحد الأطراف مسيحيا، فَ يُحَدَّد لهم مدينة غير مكة و يثرب؟؟!!.

هناك عرف و عادة لدى كل الأمم، بِ أن يأخذوا الضيف إلى أعظم و أقدس مكان يفتخر به أهل البلاد، كَ أن يزور ضيوف  سورية كنيسة يوحنا في قلب دمشق التاريخ، و الذي حوَّله الإسلام إلى ( الجامع الأمويِّ )، فَ إذا كانت مكة عزيزة و مقدَّسة لدى أهل البلاد، و كانت مبعث فخر و اعتزاز لدى ملك البلاد، فَ لماذا لم يأخذ ضيوفه ( ملوك و رؤساء مسيحيين) إلى مكة لِ يروا الكعبة المقدَّسة؟؟!!!، لو لم تكن المسألة كذلك، لما كنا شاهدنا هذا العار الذي لحق بِ الإنسانية، حين أقدمت جماعة الطالبان على تدمير إحدى رموز و أوابد و تراث الإنسانية ( التمثال العملاق لِ بوذا المحبّ الرائع و المسالم ).  ألم يكن عارا علينا، و على الإنسانية حين مَرَّرَت تحطيم تمثال بوذا العملاق في كهوف تورا بورا المظلمة في مشهد احتفاليٍّ لِ لأمة من جاكرتا إلى غزة ؟!!!!!

 ألم تروا كيف أن هذه الأمة العتيدة اجتمعت على تلك البقعة المضيئة (= لبنان ) في ظلام هذه الجغرافية الخاوية لإطفاء جذوتها تحت حجج ثيوقراطية عنصرية؛ أودّ أن أذكّر الذين سوف يستنكرون هذه الرؤية المخالفة لما هو سائد في الخطاب الأحادي الرؤية، بما قاله الثوروي قائد و زعيم دولة إسلامية ـ العقيد القذافي ـ ودون خجل- في بداية الثمانينات من القرن المنصرم " إن المسيحيين في لبنان يخطؤن بِ الاستقواء بِ الغرب، فأمامهم طريقين، إما أن يعتنقوا الإسلام أو أن يرحلوا ".
ماذا كانت ستفعل هذه الأمة  لو أن هذا الخطاب العنصري الاستئصالي صدر من طرف مسيحي؟

 

و اليوم، ها هو السيد حسن نصر الله، قائد جيش الله و حزبه المقاتل، يعلنها صراحة و بالفم الملآن، بِ أنه سيبني دولة دينية في لبنان، فَ لا غرابة في أن يعمل السيد حسن مع سيِّده وليّ الفقيه الفارسي، و منذ الثمانينات على التغيير الديموغرافي و بناء الإمارة كَمرحلة أولى في الجنوب، إذْ أنه نجح إلى الآن في بناء مجتمع و نظام و جيش، و محاكم و سجون و استخبارات، و شبكة إتصالات، و اقتصاد، و ودائع و أموال إسلامية، و كلّ ذلك تمَّ و يتمُّ تحت شعار المقاومة؛ هذه الميليشيا المذهبية التي كدَّسَت السلاح و المال و المقاتلين و الاستخبارات الفارسية، إنما تفعل ذلك لِ تنفيذ مخططات ولاية الفقيه الفارسي، و ليس لِ مقاومة إسرائيل، أو إزالتها من الوجود

( كما يقول السيد أحمدي نجاد). إن حزب الله هو في سباق مع الزمن لِ الانقضاض على ما تبقَّى من لبنان لِ استكمال دولته الدينية، و هذه المسألة ليست سرّأ، لأنه أعلنها بِ الصوت و الصورة قبل أشهر حين قال مخاطبا الدولة و الحكومة اللبنانية:" حين تصبحون دولة تعالوا و تحدَّثوا معي".

أمَّا تكتيك وليِّ الفقيه في هذه المرحلة من الصراع المصيري في لبنان أتجه نحو التلطِّي و الاختباء خلف حليف مسيحي، لِ يتبرَّأ من تدمير الدولة اللبنانية، و بالتالي لِ استكمال و إعلان ولادة الإمارة في الجنوب تمهيدا لِ تفتيت الدولة اللبنانية.... فَ هل سَ ينجح الفرس ثانية في السيطرة على الشرق، و هل سَ نسمع بِ كورش و قمبيز مجدَّدا لِ إعادة اليهود مرة أخرى من الشتات إلى دولة إسرائيل؟؟؟؟ 

 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها